رسالة كمبالا: مروة توفيق إذا أردت ان ينتبه إليك محدثك, وأن يمتلأ وجهه بالسعادة, وتأسر عقله وقلبه فعليك ب الأبقار فثراء الرجل في أوغندا يقاس بكم القطيع الذي يمتلكه, كما أنه رمز الثروة في التراث. هذا بالضبط ماحدث معي عندما التقيت بالرئيس الأوغندي يوري موسيفيني قبل عامين بقصر رئاسة عنتيبي في زيارتي الأولي لأوغندا, فما ان ذكرت له سيرة الأبقار وجدته شخصا آخر, فهو يتحدث عنها كأنها من أفراد عائلته, حتي انه لا يحتفظ بصور لأبنائه بل يملأ جدران القصر بصور أبقاره العزيزة علي قلبه, لذلك فقد أخذني من يدي لرؤيتها, ووعدني ان ازور مزرعته في المرة الثانية. وها هو أنا اليوم في كمبالا بدعوة من الرئيس للمشاركة في احتفالات أوغندا بمرور50 عاما علي الاستقلال للمرة الثانية. ما سبق يفسر الاهتمام غير المسبوق الذي يوليه الرئيس الأوغندي للمشروع الذي تقيمه مصر ببلاده تحت رعايته, وهو إقامة أكبر مجزر آلي في الشرق الأوسط لتوريد اللحوم للخارج باستثمارات مصرية تقدر ب81 مليون دولار وسيبدأ الانتاج والتصدير لمصر من يناير المقبل علي أن يكون سعر الكيلو ب32 جنيها, حيث من المتوقع أن يصل الانتاج50 طنا في اليوم بصورة مبدئية. الرئيس الأوغندي لأول مرة في تاريخ العلاقات بين البلدين يتحدث في المؤتمر السنوي للبرلمان عن المشروع الذي تقيمه مصر, قائلا: إن المصريين ارسلوا جميع المعدات والأجهزة الخاصة بتشغيل المجزر بما فيها اسطول لنقل اللحوم الي ميناء مومباسا. أهمية هذا المشروع تكمن في انه سيحدث نقلة نوعية في توفير الأمن الغذائي وسينعكس علي النمو الاقتصادي وسيمكن أوغندا من توظيف الثروة الحيوانية الهائلة المتوافرة بكثرة لكنها غير مستغلة, فالرئيس الأوغندي لم يترك مناسبة محلية أو دولية إلا ويتحدث عن اللحوم, اقرب مثال علي ذلك قمة التيكاد الشراكة بين افريقيا واليابان أثناء تغطيتي القمة باليابان منذ سنوات فوجئت بالرئيس موسيفيني يقول في كلمته: عندما وصلت قيل لي ان كيلو اللحم ب250 دولارا, فقلت أي نوع من اللحوم هذه! فردوا علي بانها ليست انواعا عادية فإنها أبقار تشرب الخمور, وتخضع للمساج, وضحك موسيفيني قائلا: لماذا لا تأتوا إلي أوغندا, وتجلبوا اللحوم فهي لا تتعدي دولارين للكيلو. وبالطبع مشروع ضخم كهذا واجهته العديد من العقبات بدءا من تملك الأرض مرورا بصلاحية اللحوم والنقل الي آخره من تحديات يمكن ان تواجه المستثمر. في البداية, يوضح المهندس حسن فتح الله ان مشروع المجزر الآلي واجه عقبات وقد تعرض لها بالفعل فبعد ان حصل علي وعود من المسئولين بتملك الأرض وجئنا بجميع المعدات لاقامة مجزر آلي ومصنع للحوم, ومصنع آخر للأعلاف من خوارج اللحوم, فوجئت بالبيروقراطية لكنني لم أيأس, وأصررت علي مواصلة المشوار, فأوغندا محتاجة صبر. فقد سبقني لاقامة هذا المشروع الكثيرون لكنهم فشلوا جميعا, لكنني واثق من النجاح, ففور أن علم الرئيس ان المستثمر المصري يواجه عقبات قام بجمع وزرائه وكلفهم بتذليل أي مشكلات للبدء في التنفيذ. ويضيف فتح الله ان الرئيس موسيفيني قام بتعيين مستشار لحل أية عقبات تواجه المستثمرين الأجانب بعد هذه الواقعة, واعلن ان أي مستثمر يتعرض لعراقيل بسبب أي مسئول سيكون مصيره السجن مهما تكن مكانته, كما سيقوم الرئيس الاوغندي بوضع حجر الأساس للمجزر, فقد سعت مصر منذ عام2008 لاقامة هذا المشروع غير أنني مكثت عاما ونصف العام في أوغندا بين الفلاحين, عرفت طباعهم وعاداتهم ولم اعتمد علي شخص آخر في عملي لذلك فهم يعتبرونني اليوم واحد منهم. وعن كيفية النقل وضمانات صلاحية اللحوم حتي لا نفاجأ بمنع دخولها مصر, أوضح فتح الله أن لجنة خماسية من وزارة الزراعة المصرية المسئولة عن الصحة البيطرية ستأتي الي كمبالا لمعاينة العجول قبل ذبحها للتأكد من خلوها من أي أمراض. ويؤكد أن النقل سيكون أما برا عن طريق ميناء مومباسا أو جوا, وهناك نوعان من اللحوم إما مبردة أو مجمدة, وأهم ما يميز اللحوم الاوغندية أنها اورجانيك أي طبيعية تتربي علي المراعي الطبيعية, لذلك فنسبة الدهون بها لا تتعدي7%, وهي علامة علي أنها لحوم عالية الجودة. ويوضح المستثمر المصري ان المجزر لا يقتصر فقط علي تلبية احتياجات أوغندا ومصر من اللحوم, وإنما سيفتح مجالات أخري للتجارة بين البلدين.