في الوقت الذي أكد فيه الرئيس محمد مرسي أمس احترامه الكامل السلطة القضائية, تصاعدت أزمة النائب العام, وشهد ميدان التحرير اشتباكات بين أعضاء من جماعة الإخوان, ومتظاهرين من القوي السياسية الثورية. ففي الإسكندرية شدد الرئيس مرسي علي أن صدور أحكام لا تنال رضا الشعب, لا يعني أن القاضي ظالم, وأوضح أن القاضي يتعامل مع أدلة وأوراق, وأكد مجددا علي أن حقوق الشهداء والجرحي أمانة في عنقه, وأن من أجرموا في حق الوطن والشعب سوف ينالون عقابهم وفقا للقانون, ودون أي إجراءات استثنائية. جاء ذلك في كلمة ألقاها الرئيس عقب صلاة الجمعة بمسجد سيدي جابر أمس, وسط حشد جماهيري كبير, وأبدي مرسي استعداده للتوجه إلي جميع المحافظات, والاجتماع بجميع القوي السياسية بهدف إعادة ترتيب أوراق البيت, ومحاربة الفساد, وأشاد الرئيس بدور القوات المسلحة وكفاءتها, واستعدادها لحماية الوطن. جاء ذلك في الوقت الذي أعلن فيه أحمد عبدالعاطي مدير مكتب الرئيس أمس, أن النائب العام عبدالمجيد محمود علم بالقرار, ووافق عليه, وأبلغ بتكليفه بمهمة أخري تنفيذية, هي تعيينه سفيرا لدي الفاتيكان, وقال: إن المستشار عبدالمجيد محمود وافق علي المنصب الجديد, ولم يبد أي اعتراض, وكشف عبدالعاطي عن صدور قرار جمهوري بذلك, واعتبره صحيحا من الناحية القانونية. وأضاف أن أحد مساعدي النائب العام سوف يتولي مهامه إلي حين صدور قرار جمهوري بتعيين نائب عام جديد. غير أن النائب العام أوضح في تصريحات ل الأهرام, أنه علم بقرار عزله من منصبه عبر وسائل الإعلام, ونفي بصورة قاطعة اتصال أي مسئول من رئاسة الجمهورية به قبل تسريب هذا الخبر لأجهزة الإعلام, وأشار المستشار عبدالمجيد محمود إلي أن القانون لا يسمح لرئيس الجمهورية بعزل النائب العام, أو إعفائه من منصبه, ووصف قرار استبعاده من منصبه بأنه محاولة لهيمنة السلطة التنفيذية علي القضاء, وهو ما يرفضه جميع قضاة مصر. وتعبيرا عن تضامنهم معه, زار مئات القضاة وأعضاء النيابة العامة, المستشار عبدالمجيد محمود بمنزله فجر أمس, وبقوا معه حتي الساعات الأولي من الصباح, ومن المتوقع احتشاد القضاة أمام مكتب النائب العام اليوم, تعبيرا عن مساندتهم له, وتأكيد حرصهم علي الاستقلال الكامل للسلطة القضائية. وتأكيدا منهم لهذا الموقف, يعقد نادي قضاة مصر جمعية عمومية طارئة غدا, لبحث الآثار المترتبة علي قرار رئيس الجمهورية بشأن النائب العام, ووصف المستشار أحمد الزند رئيس النادي, القرار بأنه إهانة للقضاة والقضاء في مصر, ودعا رئيس الجمهورية إلي إظهار كتاب الاستقالة, وطالبه بإيضاح أسباب الإقالة للشعب المصري. وصرح المستشار زكريا شلش رئيس محكمة الاستئناف وجنايات الجيزة, بأن الجمعية العمومية الطارئة سوف تبحث غدا اتخاذ جميع الإجراءات التصعيدية الممكنة لإجهاض قرار رئيس الجمهورية, وأوضح أن هذه الإجراءات سوف تتعدي تعليق الجلسات والعمل بمحاكم الجمهورية, وسوف تصل إلي حد تقديم القضاة استقالات جماعية إذا لزم الأمر, وهدد شلش بتصعيد الأزمة إلي المنظمات الدولية أيضا. وبينما تدور هذه المعركة السياسة بين الرئاسة والقضاة, شهد ميدان التحرير أمس معركة موازية بين أنصار الرئيس ومعارضه, وهاجم مئات من أنصار جماعة الإخوان المسلمين منصة أقامتها القوي السياسية الليبرالية بالميدان, وحطموها بالكامل, ثم طاردوا متظاهرين إلي شارع محمد محمود, وضربوهم بالعصي, ورشقوهم بالأحجار, وكانت القوي الشبابية والسياسية قد دعت إلي مليونية بالميدان لمحاسبة رئيس الدولة علي إنجازات المائة يوم الأولي من حكمه.