لا يمكن أن تكون هناك دولة تفرط في مواردها وإمكاناتها مثل مصر التي لدي إيمان عميق لا يهتز بأن لديها موارد وإمكانات ضخمه وهي إما أهملت وإما تعرضت للنهب والسرقة.. ومن بين ما يدخل في باب الإهمال, تأتي قناة السويس التي لم يخضع إقليمها لأي تطوير اقتصادي وتركت منذ حفرها الأجداد بالسخره علي ما هي عليه كممر مائي عالمي يربط الشمال بالجنوب ويهدد بين حين وآخر بمشروعات منافسة من دول مجاورة او غير مجاورة كما ترك جانبها الشرقي صحراء جرداء مطمعا لكل من هب ودب ندفع ثمنه الآن ومن ناحية أخري تركت مدن القناة الثلاث كما هي منذ حفر أجدادنا القناة وياليتها بقيت كما هي, فقد وقعت في دائرة المسخ والعشوائيات بورسعيد الباسلة التي دافعت وواجهت العدوان الثلاثي علي مصر ببطولة عام1956 ودفع ابناؤها ثمنا غاليا وتكرر هذا مرة اخري عام1967 وما تعرضت له من تدمير وتهجير وعذاب لأهلها ثم بعد النصر العظيم وإعادة افتتاح قناة السويس تم تحويل بورسعيد إلي مدينة حرة اعتبارا من أول يناير1976 وجري لها ما جري ولم تسلم من العشوائيات والفقر ولم تستفد من موقعها العبقري الذي يؤهلها لأن تكون واحدة من أعظم الموانيء في البحر المتوسط ولا يقل عن ميناء سنغافورة او روتردام وتمر امامها السفن حاملة ملايين الحاويات ولا يكون لها منها إلا النزر اليسير, حتي ان بورسعيد التي أصابها الكساد الآن قد راح وضاع تاريخها الطويل في أنواع مختلفه من التجارة وخدمات السفن التي اشتهرت بها واستسلمت للوضع الذي وجدت فيه نفسها الآن وضاعت عليها وعلي مصر فرص هائلة. والثانيه: الإسماعيلية التي تفتقر بطبيعتها إلي الموارد ومن ثم صار نشاطها الرئيسي هو العمل بمقر هيئة القناه والمصالح الحكومية كما أنشئ بها مصنع لتجميع التليفزيون مثل عشرات المصانع التي شهدتها الستينيات وإن كانت قد أنشئت بها منطقة صناعية واستمرت معالم المدينة الأساسيه من حدائق أو أندية بحرية علي ما كانت عليه منذ أنشأتها شركة قناة السويس أما ما أضيف إليها فلم يكن علي المستوي نفسه كما اتسعت المدينة عشوائيا ربما لظروف الحرب والتهجير فمثلا ما الذي يمنع من استغلال شط القناه علي الجانبين في إنشاء قري سياحية وأنشطة بحرية يهرع إليها سياح أوروبا علي وجه الخصوص وكذا زراعة الصحراء امامها ونشر التصنيع الزراعي والبحري بها, ودروس نشأة المدن وخلق موارد اقتصادية لها من العدم ليست ببعيدة أو مستحيلة؟! والمدينة الثالثة السويس معقل البطولة والوطنية والصناعات البترولية ولا يختلف وضعها الاقتصادي في الإهمال عن سابقتيها ومهما نالت من اهتمام فإنه لايرقي إلي الممكن أو الذي يجب أن يكون فلديها امكانات لديها ما تؤهلها للنهضة. هذا مجمل الأوضاع باختصار عن منطقة القناه وهي جوهرة ينبغي أن نعرف كيف نحقق التنمية بها وما دمنا قد طرحنا هذا السؤال الذي طرح من قبل وجاءت الإجابة عنه في عشرات الدراسات والبحوث فإن الطرح يعاد من جديد بمناسبة تصريح السيد وزير الإسكان من ان الأتراك والصينيين قادمون للاستثمار في القناه وفي تصورنا أن هذا سيؤدي إلي العشوائية وعلينا أن نهدأ قليلا وألا نتسرع ومن المتصور أن يتم الإعلان عن طرح مسابقة عالمية مفتوحة ترصد لها جوائز كبيرة وذلك لتطوير إقليم القناة وإكتشاف فرص الإستثمار لنتعرف علي الفكر العالمي في هذا الشأن وهو كثير وغني بتجارب العديد من الدول التي حولت مدنها إلي مدن عملاقة مالية وصناعية عندئذ نطرح تلك الفرص امام كل المستثمرين بقواعد, إن أولي خطوات النهضة أن نعرف قيمة ما نمتلكه ونبدأ من حيث انتهي الآخرون. المزيد من مقالات عصام رفعت