جوهانسبرج- محمود النوبي: هل هناك علاقة بين تعزيز الديمقراطية في الدول الافريقية وزيادة حجم التجارة المتدنية بين الدول الافريقية وبعضها البعض ؟ بالطبع توجد علاقة وثيقة, حيث يعد الجانب التشريعي في القارة الافريقية من أقل الجوانب تطورا في مؤسسات الحكم في الدول, حيث يظل يواجه مقاومة شرسة من السلطة التنفيذية, علي ضوء هذا التحدي تبرز الحاجة الماسة التي توجب مواصلة الجهود في رعاية وتحسين الديمقراطية البرلمانية عبر تقوية المؤسسات التشريعية وتعزيز التعاون بين البرلمانات الوطنية والإقليمية والقارية في إفريقيا ومن ثم اقرار قوانين وتشريعات تسهم في تذليل العقبات التجارية ومن ثم تنشيط التجارة البينية. توضح تجربة البرلمان الافريقي حجم الصراع المستعر بين السلطتين التنفيذية والتشريعية التي ظهرت بوضوح في عملية تحول البرلمان الأفريقي من جهاز استشاري إلي مؤسسة ذات دور تشريعي في مجالات معينة. البرلمان الافريقي حسب تكوينه الراهن يمارس سلطات استشارية فقط مما يحد بدرجة كبيرة من قدرته علي التمثيل الفعال لرغبات وأماني الشعوب الافريقية. لاشك أن الدور التشريعي للبرلمان وفقا لما جاء في مشروع برتوكول إنشاءه المعدل ليس دورا مطلقا وسوف يعمل بعد تحوله لبرلمان تشريعي سوف يظل يعمل جنبا إلي جنب البرلمانات الوطنية والإقليمية بطريقة لا تنتقص من سلطات أو من السيادة الوطنية.. وفي حقيقة الامرووفقا للخبراء فإن وجود برلمان إفريقي بسلطات تشريعية سيكون بمثابة محور دعم قوي لتقوية عمل البرلمانات الوطنية والإقليمية في كافة دول القارة الإفريقية. لقد أتاحت اجتماعات البرلمان الافريقي منذ تأسيسه فرصة لإرساء شراكة قوية حول عدد من المسائل الخاصة بالبرامج التنموية في القارة بهدف تفعيل النمو الاقتصادي في الدول الإفريقية. أن هناك العديد من الحقائق الاقتصادية التي تجعل من التجارة البينية في إفريقيا ضرورة ملحة ومنها أن إفريقيا لاتزال أكثر القارات تشرذما, حيث تضم55 دولة ذات حدود كثيرة ومتداخلة, وقد اشارت تقارير منظمة التجارة العالمية إلي التدني الشديد في التجارة البينية الإفريقية, حيث بلغت نسبتها في العام الماضي حوالي10% فقط مقارنة ب70% في أوروبا و52% في الدول الآسيوية و40% في أمريكا الشمالية و26% في أمريكا الجنوبية. الغريب كما يقول بيثيل أمادي رئيس البرلمان الإفريقي إننا نجد أن أكبر شريك تجاري لأي دولة إفريقية إما أن تكون دولة آسيوية أو أوروبية أو أمريكية, حيث يشكل تدني التجارة البينية الإفريقية فرصة مهدرة نحو تحقيق التنمية والنمو. التقارير الاقتصادية تشير إلي أنه إذا تمكنت الدول الإفريقية من زيادة حصتها في التجارة العالمية بنسبة2% فقط, فإن هذا يعني زيادة إجمالي الناتج القومي الإفريقي بحوالي200 مليون بليون دولار سنويا وهذا يساوي تقريبا خمسة أضعاف ما تتحصل عليه الدول الإفريقية من المانحين والشركاء الأجانب علي هيئة منح ومساعدات تنموية سنوية. بالتأكيد تكامل القارة اقتصاديا يحتاج إلي إعداد التشريعات القانونية لتيسير حركة المواطنين والعمال وانسياب السلع عبر كافة أرجاء القارة, كما أن تعزيز التجارة البينية سوف يوجد مزيدا من فرص العمل للشباب الإفريقي. ووفقا لبيانات وإحصائيات البنك الدولي فإن ثلاثة من كل خمسة عاطلين عن العمل في إفريقيا من الشباب, وفي المتوسط فإن حوالي72% منهم لايتجاوز دخلهم اليومي2 دولار فقط, وهم يشكلون60% من إجمالي العاطلين عن العمل. معوقات التجارة تشير تقارير البنك الدولي إلي أنه بالرغم من الالتزامات والاتفاقيات الإقليمية العديدة لفتح أسواق السلع الغذائية إلا فإن التدخل الحكومي أدي إلي عدم الاستفادة من السياسات الإقليمية لتحقيق النمو الزراعي والأمن الغذائي. ومحدودية التبادل التجاري في المواد والمحاصيل الغذائية الأساسية. يبلغ حجم التبادل التجاري في المواد الغذائية الأساسية في القارة حوالي50 مليون بليون دولار سنويا ومن المتوقع أن يبلغ حجم التبادل التجاري في محصول الأرز فقط8 بلايين دولار بحلول عام2025 ولكن5% فقط من هذه التجارة تتم علي المستوي الإقليمي بينما يتم استيراد الباقي من خارج إفريقيا. إضافة إلي إرتفاع تكلفة النقل وعبور الحدود والتي قد تبلغ حوالي40% من السعر النهائي للسلعة. وهذه تساوي الضعف مقارنة بالدول الأوروبية. النائب السيد حزين عضو مجلس الشوري ورئيس لجنة الزراعة بالبرلمان الأفريقي أكد اهمية التكامل الاقتصادي بين الدول الافريقية مشيرا إلي أن هناك صعوبات تواجه هذا التكامل منها البنية التحتية وتشابه السلع وعدم تنوعها وعدم توافر التكنولوجيا التي تحول المواد الخام إلي سلع وسيطة أو نهائية وعدم وجود التشريعات التي تشجع علي التجارة البينية فضلا عن عدم توافر الإرادة السياسية. أوضح أن هناك الكثير من الفرص منها وجود الأراضي الصالحة للزراعة التي لم تستغل بعد, وجود مخزون كبير من المعادن والغاز الطبيعي والبترول وتوافر الايدي العاملة إضافة إلي وجود تجمعات إقليمية اقتصادية يمكن الاعتماد عليها في الوحدة الاقتصادية. يقول السيد حزين رئيس لجنة الزراعة ان المطلوب توافر الإرادة السياسية وقيام البرلمان الافريقي بدور تشريعي لتذليل كل العقبات التي تقف في وجه الوحدة الاقتصادية. ومن جهته اوضح الدكتور أحمد توفيق عضو لجنة العلاقات الخارجية بالبرلمان الافريقي أن لجنة التعاون الدولي هي إحدي اللجان المنبثقة عن الاتحاد الافريقي وتضم من15 إلي20 عضوا يمثلون الدول الافريقية. ويعتقد توفيق أن القارة الافريقية بها الكثير من النزاعات والحروب والقلاقل التي تحول دون تحقيق الاستقرار وهو ما يحتاج إلي جهود كثيرة لمنع هذه النزاعات لتحقيق الاستقراروالأمن والسلام. يؤكد النائب توفيق طه أن المشكلات الافريقية لن يحلها إلا الأفارقة أنفسهم باعتبار أن أهل مكة أدري بشعابها ونوعية مشكلاتها.