إذا كان قدر مصر أن تخرج إلي مواقع حياتية جديدة فإن الزراعة في المناطق المقترحة الجديدة هي واحدة من أهم عوامل الجذب السكاني وقد اقترحت الدراسة التي يقودها د.أبوزيد راجح مقرر مجلس العلوم الهندسية بأكاديمية البحث العلمي بتزاوج الزراعة والصناعة والنقل بإنشاء زراعات بيئية في مناطق الساحل الشمالي وشمال سيناء ومنخفض القطارة وإقامة صناعات صغيرة علي هذه الزراعات وإنشاء منظومة نقل بينها. إلا أن الدراسة ألقت الضوء علي واحدة من الزراعات التي تنمو بالفعل في أراض مصرية ويمكن أن تنقل مصر نقلة صناعية هائلة فيما يسمي بالصناعات القائمة علي التكنولوجيا الحيوية. إن نحو ربع الأدوية العالمية تحضر من نباتات طبية وأن ثلاثة أرباع عمليات التداوي علي مستوي العالم طبقا للصحة العالمية يتم باستخدام الأعشاب الطبية.. هذا النوع من الأدوية بدأ في الانتشار في العالم بمعدلات عالية جدا, ولأن هذه النباتات لا تزرع ولكن تم جمعها من مصادرها البرية, فقد بدأ العالم يقلق من تدميرها رغم أنها ثروة بيولوجية وجزء من التراث العلمي للتنوع البيولوجي.. وقد ارتفع حجم الأموال المرتبطة بهذا النشاط إلي550 مليار دولار, سنويا وارتفع عام2008 إلي900 مليار دولار تحتل الصين الريادة في هذه الصناعة ثم الهند حيث تعتمد هذه الدول علي الثروات الطبيعية المتوافرة بالإضافة إلي خبرة آلاف السنين من استخدام هذه العلاجات. ولكن لم تتوقف عند هذه الخبرات بل انشئت مراكز بحثية لتعظيم الاستفادة منها. وتملك مصر مقومات جيدة لدخول هذا المجال حيث تم رصد2000 نبات طبي مختلف ينمو في أرض مصر وصحاريها.. منهما1000 نبات علي بعد30 كم من الساحل الشمالي سواء في شمال الصحراء الغربية أو شمال سيناء.. كما تتركز أنواع كثيرة من هذه النباتات في منطقة سانت كاترين في قلب سيناء نظرا للتنوع المناخي في هذه المنطقة, كما أن لدينا أيضا خبرات متراكمة علي مر العصور, حيث إن العالم يؤرخ لبدء التداوي بالأعشاب منذ ظهور البرديات التي توثق ذلك.. ولذلك فإن استثمار هذه النباتات الحيوية سوف يحقق دخلا هائلا للبلاد, وذلك يقتضي إنشاء مراكز بحثية في هذا المجال بالقرب من مناطق الساحل الشمالي وشمال سيناء وشرم الشيخ.. وربط هذه المراكز بصناعات صغيرة وتنمية هذه المناطق عمرانيا.. وسوف يقتضي الأمر التوسع في استزراع هذه النباتات التي تنمو بصورة برية حيث يمكن التوسع في عمليات استخراج المواد الفعالة منها ثم التوسع في صناعات الدواء الذي يعتمد علي التكنولوجيا الحيوية. وتأتي أهمية دراسة الزراعات والمحاصيل والأعشاب التي يمكن تنميتها في المناطق الصحراوية خطوة هائلة للانتشار السكاني المطلوب لمصر الآن.. ولذا لابد من تجديد المناطق والأراضي القابلة للاستصلاح في المناطق الصحراوية وترشيد مياه الري والمحاصيل الحقلية والأعشاب الطبية والعطرية والصناعات التي تقوم علي هذه المحاصيل في المواقع الحياتية الجديدة المقترحة.