بينما تتكرر وعود كل وزير تولي حقيبة الإعلام خلال الفترة الماضية بالتطوير الشامل لجميع قطاعات( ماسبيرو) إلا أنه بمرور الأيام ترتفع الديون المستحقة عليها حتي وصلت إلي ما يزيد علي18 مليار جنيه. لتستمر أزمة الإعلام الحكومي وتتصاعد من سيء إلي أسوأ لأسباب عديدة تحتاج إلي وزير علي درجة( طبيب جراح) يتخذ قرارات جريئة لاستئصال( أورام خبيثة) عاشت لسنوات طويلة في جسد قطاعاته وأوشكت علي القضاء عليه وقبل فوات الأوان يتصدي خبراء الإعلام للمهمة ورصدوا أماكن المرض الخبيث ووضعوا لعلاجه( روشتة) عاجلة لإنقاذه قبل السقوط وحتي لا يلفظ أنفاسه الأخيرة. يؤكد د.حسن عماد عميد كلية الإعلام بجامعة القاهرة عضو مجلس أمناء اتحاد الإذاعة والتليفزيون أن الإنهيار الذي يعاني منه الإعلام الحكومي ترجع أسبابه إلي عمل المسئولين عنه برؤية واحدة مصدرها وزير الإعلام فقط والذي تتركز توجيهاته في جعله إعلاما للحكومة وصوتا للسلطة وليس للشعب ومجلس أمناء اتحاد الإذاعة والتليفزيون مجرد ديكور لأن كل القرارات يتم إتخاذها بدون التشاور مع أعضائه الذين يمثلون كفاءات وخبرات إعلامية ولوقف تدهور الإعلام الحكومي يجب التخلص من تبعيته للسلطة حتي يثق فيه المصريون وتحريره من القيود المالية والإدارية واللوائح القديمة والاستفادة من الكوادر المتميزة المتوافرة مع اتباع مبدأ الثواب والعقاب والإهتمام بالتقنيات التكنولوجية الحديثة لتجميل الصورة بأفكار برامجية تقوم علي الاختلاف في الرأي واختيار من يجيد تقديمها والتركيز علي توفير العناصر البشرية المحترفة في التسويق لجلب الإعلانات للخزانة الخاوية, ثم يتساءل: لماذا لا تتحول الفضائيات المتخصصة إلي التبعية المالية للوزارات لتخفيف الأعباء عن ماسبيرو فتنفق وزارة التعليم علي التعليمية والثقافة علي الثقافية والرياضة علي الرياضية علي أن يكون توزيع أرباحها بالمناصفة؟ ولماذا لا يتم إلغاء الموجة الإذاعية القصيرة التي لم يعد أحد يستمع إليها والإكتفاء بموجة الإف إم فقط؟ ولماذا لا يتم إيقاف بث الإذاعات الموجهة الضعيفة مهنيا والتي لا تلقي قبولا ممن يتم توجيهها إليهم؟ ولماذا لا تنفق المحافظات علي القنوات والإذاعات الإقليمية؟! ويقول الإعلامي محمود سلطان عضو مجلس أمناء اتحاد الإذاعة والتليفزيون: إن القيود التي تحاصر الإعلام الحكومي تجعله مهزوما أمام نظيره الخاص لأن الأيدي المرتعشة عاجزة عن إصلاح أخطاء السنوات الماضية التي نتج عنها ديون بمليارات الجنيهات وأهمها تعدد القطاعات المتشابهة مثل الإنتاج ومدينة الإنتاج الإعلامي وصوت القاهرة وجميعها تهدف إلي الإنتاج الدرامي وهو نفسه ما يحدث في قطاعي صوت القاهرة والإقتصادي اللذين يعملان في التسويق والإعلانات مما يفرض عملية الدمج التي سوف توفر أموالا طائلة تضيع حاليا في الميزانية المستقلة لكل منها, ومن المتوقع بعد دمجها أن يكون الناتج الدرامي والإعلاني مفاجأة بحق من حيث جودة الدراما وعائد الإعلانات بما يعني تحقيق الربح بدلا من الخسارة خاصة إذا تم ترشيد النفقات وتوقف مسلسل البذخ في القطاعات الأخري. أما د.صفوت العالم أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة فيري أن ماسبيرو يشهد عملية إهدار للمال العام يجب إيقافها فورا لأنه من غير المعقول أن يتم بث ثلاث إذاعات للأغاني( نغم وميجا وهيتس) تحت مسمي شبكة راديو النيل غير التابعة لقطاع الإذاعة الذي يبث إذاعة أغاني إف إم لمنافسة إذاعة أغاني واحدة خاصة بالإضافة إلي قناة صوت الشعب التي تعرض أغاني وطنية منذ توقف جلسات مجلس الشعب بدلا من الاستفادة من إرسالها في تغطية مناقشات الدستور أو عرض برامج نوعية لقطاع الأخبار, كما أن فوضي اللجان في ماسبيرو تستنزف ميزانيته بلا عائد حقيقي حيث يوجد ما يزيد علي30 لجنة متخصصة جميع توصياتها شكلية تذهب في الهواء وتجتمع عددا لا نهائيا من المرات طوال العام ويتقاضي عنها أعضاؤها مبالغ طائلة, وهي صورة لإهدار المال العام يجب إلغاؤها, مثلما يجب إختيار قيادات ماسبيرو من أصحاب الرؤية الإبداعية بدلا من الموظفين الذين علي درجة رؤساء قطاعات نقلوا( عدوي) الأداء الوظيفي إلي مرؤوسيهم فاختاروا( الإستسهال) سلوكا لأداء العمل بلا ابتكار. ويحدد د.حمدي عبد العظيم أستاذ الاقتصاد بأكاديمية السادات الطريق الذي يجعل ماسبيرو قادرا علي تحقيق الأرباح فيقول: يجب تقسيم اتحاد الإذاعة والتليفزيون إلي مجموعة من الشركات التي تتولي كل منها إدارة عدد من القطاعات النوعية أو القنوات الفضائية أو الأرضية أو الإذاعات النوعية المتشابهة في الشكل والمضمون ويتم تطبيق حسابات الخسارة والمكسب عليها واعتبارها كيانات اقتصادية فيتم عمل هيكلة مالية لها بحيث تكون كل منها مسئولة عن تمويل نفسها علي أن يتولي خبير إقتصادي إدارة كل منها وتكون جميعها تحت إشراف جهاز إعلامي يحل محل وزارة الإعلام مهمته وضع السياسات وتطبيقها في الوقت الذي يجب أن يتخلص فيه( ماسبيرو) من الديون في مقابل أصول يمتلكها لكي يتم شطبها بفوائدها مما يحقق انتعاشة تفرض علي المسئولين الاقتصاديين الجدد توجيه الإنفاق في اتجاهات مهمة منها تطوير أدوات الإنتاج وتجويد ما تقدمه جميع الشركات حتي يستحق ما تنتجه الدخول في منافسة رابحة مع الإعلام الخاص والتفوق عليه وتحقيق الأرباح.