التصريحات المتناقضة من المسئولين بشأن رفع الدعم جزئيا عن الخبز والوقود تضر أكثر مما تنفع, وفضلا عن كونها تعكس تخبطا لدي متخذي القرار, فإن هذا التضارب ستكون له عواقب وخيمة عند فرض أي زيادة في أسعار السلع الأساسية. وإذا سألت أي طالب في كلية التجارة سيقول إن السيطرة علي عجز الموازنة والحد من تفاقم الدين العام هما من بين الشروط الأساسية لنجاح أي خطط تستهدف إنعاش الاقتصاد وزيادة معدل النمو لتحسين معيشة الناس وتوفير فرص العمل, وسيقول أيضا إنه لا سبيل لخفض عجز الموازنة إلا بترشيد الدعم الذي يصل الآن إلي 137 مليار جنيه أي ما يزيد علي ربع موازنة الدولة الحالية, وهذا وضع لا يمكن استمراره.. إذا كنا ننشد الإصلاح. مأزق الدكتور مرسي وإدارته الجديدة يكمن في أن الإصلاح الاقتصادي له تكاليفه الاجتماعية الذي يخشي من عواقبه, غير أن التأخر في بدء إجراءات الإصلاح سوف تكون له عواقبه الاقتصادية الوخيمة, وستكون آثاره الاجتماعية أخطر وأشد ألما علي الجميع.. فما العمل؟ المسألة الاقتصادية باتت من الدقة والحرج بحيث لم يعد ممكنا تجاهلها, وفي ظل حالة التشرذم والتربص الراهنة فلا سبيل أمام الحكومة والدولة سوي العمل علي إبعاد المشكلة الاقتصادية عن أجواء المزايدة الدائرة الآن بين الأحزاب والقوي السياسية وأن توفر لعلاجها مناخا يتوافر فيه الإجماع والرؤية الفنية لما يجب اتخاذه من إجراءات مؤلمة وغير شعبية, وربما يكون في إنشاء مجلس أعلي للشئون الاقتصادية يتم اختيار أعضائه وفق معايير الخبرة والحيادية والنزاهة بعيدا عن الانتماءات الحزبية بحيث يتولي هذا المجلس اعادة بحث المسألة الاقتصادية ومايتوفر من خيارات لحلها, والاختيار من بينها الأنسب لتحقيق هدف الخروج من المأزق الاقتصادي بأقل تكلفة اجتماعية ممكنة, وبعد ذلك اقناع الناس بأهمية التعاون في تنفيذ هذه الاجراءات وتحمل آلامها. وبغير ذلك فسيكون علي الرئيس والحكومة الحالية تحمل تبعات ارتفاع تكلفة المعيشة علي المصريين الذين يتظاهرون الآن لزيادة الأجور وتحسين أحوالهم المتردية.. وهذا هم يفوق قدرة النظام الوليد علي احتماله بمفرده. المزيد من أعمدة عماد غنيم