يعكف الدكتور كمال الجنزوري رئيس مجلس الوزراء حاليا, بالاشتراك مع المجموعة الوزارية الاقتصادية, علي وضع اللمسات الأخيرة للبرنامج الوطني للاصلاح الاقتصادي, الذي سيتم اقراره خلال الأيام المقبلة للبدء في تنفيذه. يستهدف البرنامج في الأساس حل مشكلة السيولة التي يواجهها الاقتصاد المصري حاليا والحفاظ علي قيمة الجنيه المصري من الانهيار, حتي لا يتم الدخول في دوامة من التضخم, بالإضافة الي استقرار سعر الصرف, والحفاظ علي الاحتياطي النقدي من التآكل.. كما يستهدف البرنامج الالتزام بالعدالة الاجتماعية من خلال الاستمرار في دعم مزارعي القطن وقصب السكر والقمح والتحول الي نظام الكوبونات في توزيع البوتاجاز في المحافظات للوصول للمستفيدين, ووقف الدعم المهدر الحالي, كذلك تتضمن سياسات العدالة الاجتماعية بناء200 ألف وحدة سكنية سنويا للمواطنين وبإجمالي مليون وحدة. صرح بذلك الدكتورة جودة عبدالخالق استاذ الاقتصاد ووزير التموين والتجارة الداخلية للأهرام, وكشف عن اعداد قائمة حاليا بسلع سيتم حظر استيرادها لفترة محدودة وبما لا يخالف قواعد منظمة التجارة العالمية وبما يستهدف أيضا الحفاظ علي موارد النقد الأجنبي والاحتياطي النقدي. بداية يشرح الدكتور جودة عبدالخالق خلفية وأسباب اعداد البرنامج الوطني للاصلاح الاقتصادي, فيقول: نحن كحكومة ورثنا أوضاعا اقتصادية شديدة السوء وعلي خلفية الثورة, فإن جانب الايرادات لم تحدث به زيادة كبيرة في حين أن النفقات حدثت فيها زيادة كبيرة وبالتالي فإن عجز الموازنة من المتوقع أن يصل ل6,9% من الناتج, هذه التوقعات العام المالي الحالي2011 2012 وهذه النسبة قابلة للزيادة أو النقص, فنحن نتعامل مع وضع اقتصادي متغير إلا أن هناك عزما داخل الحكومة علي التعامل مع عجز الموازنة بتخفيض الانفاق بما لا يمس الانفاق الاجتماعي الضروري مثل التعليم أو الصحة. ويضيف جودة عبدالخالق, نحن نستهدف في البرنامج الوطني السيطرة علي عجز الموازنة حتي لا يتجاوز6,9%, وذلك لتحاشي الضغط علي قيمة الجنيه.. وفي هذا الصدد فإنني أشير أيضا الي أن تدفقات النقد الأجنبي دخولا وخروجا هي أحدي القنوات الأساسية للضغط علي الجنيه, فزيادة الدولارات الداخلة وتقليل الدولارات الخارجة يحمي قيمة الجنيه ويعزز الاحتياطي.. وفي هذا الصدد أشير الي أن مصر تواجه حصارا اقتصاديا قد يصل لمرحلة الخنق من الأطراف الإقليمية والدولية, فإخواننا العرب في الخليج اغرقونا بوعود ولم يتحقق منها شئ حتي الآن, وحتي شراكة دوفيل والمبالغ التي تم الإعلان عنها في مايو2011 لم يتحقق منها شيئ. احتواء التضخم بالسيطرة علي عجز الموازنة وسعر الصرف ويكشف جودة عبدالخالق أن البرنامج الوطني للاصلاح الاقتصادي يستهدف مواجهة التضخم من خلال السيطرة علي عجز الموازنة وسعر الصرف, فسعر العملة والحفاظ عليه هو واحد من أهم محددات السيطرة علي التضخم, باعتبار أن مصر تستورد نصف احتياجاتها الغذائية من الخارج.. بالإضافة الي مستلزمات الانتاج والسلع وبالتالي فإن كل تراجع في قيمة الجنيه يعني زيادة أسعار الاستيراد, وبالتالي زيادة فاتورة الدعم وزيادة الأسعار في الاقتصاد بالنسبة للسلع المستوردة والتي ليست جزءا من الدعم, وفي محاولة من الحكومة لاحتواء التضخم فنحن نقوم بالسيطرة علي عجز الموازنة من ناحية وعلي سعر العملة من ناحية أخري, وبالنسبة لعجز الموازنة فهناك إجراءات لتقليل الانفاق بنسبة3%, الانفاق الحالي في بنود الموازنة المختلفة وبما لا يؤثر علي الدعم والخدمات الاجتماعية. زيادة تدفقات النقد الأجنبي وفي إطار السيطرة علي سعر العملة يتم حاليا العمل علي زيادة تدفقات النقد الأجنبي للداخل وتعتبر الأداة الأمنية مهمة جدا, خاصة بالنسبة لاستعادة السياحة وبالتالي زيادة حصيلة النقد الأجنبي, كذلك فاستقرار الأمن من شأنه زيادة الصادرات وذلك بالنظر لوجود مصانع متوقفة حاليا بسبب النقد الأجنبي أو الخلل الأمني, خاصة في العاشر من رمضان حيث سرقت البضائع أو تعرض العمال لمشكلات في أثناء نقلهم وبالتالي فعودة تلك المصانع للعمل مع الاستقرار الأمني تساعد علي التصدير وبالتالي زيادة متحصلات النقد الأجنبي, كذلك الأمر بالنسبة لعودة السياحة مع الاستقرار الأمني, وأيضا حل مشكلات المستثمرين خاصة ما يتعلق منها ببعض العقود موضع الخلاف مع الدولة. كل ذلك يؤدي لزيادة تدفق متحصلات النقد الأجنبي للداخل, أما بالنسبة للنقد الأجنبي الخارج فقد اتخذنا قرارات بوضع قيود بجدول زمني علي عدد من بنود الواردات في إطار التزامنا مع منظمة التجارة العالمية, وتلك السلع في حكم الواردات الكمالية حيث يحق للبلد العضو طبقا لاتفاق منظمة التجارة العالمية في بعض الحالات التي يتعرض فيها ميزان مدفوعاته لمشكلات أن يتخذ مثل تلك الإجراءات, ومن المنتظر أن تشمل القائمة الكافيار علي سبيل المثال, والمأكولات الموجهة للحيوانات وبما لا يتجاوز هذا الي بعض السلع الأخري, وبما لا يخل بانتظام الانتاج خاصة بالنسبة لصناعات التجميع وحتي لا يتعطل الانتاج في الداخل. وبالإضافة لذلك هناك موضوع صكوك المصريين بالخارج والتي تتيح سيولة بالنقد الأجنبي, وبالإضافة لذلك سنطرح أراضي لهم لاقامة مساكن لهم مقابل نقد أجنبي, وهي آليات للحصول علي النقد الأجنبي بتكلفة معقولة وبما يخفف الضغط علي الجنيه المصري, وكل تلك العناصر محاور في البرنامج الوطني للاصلاح الاقتصادي, وفي نفس الوقت سيتم التقليل من عجز الموازنة من خلال زيادة الايرادات. ويقول جودة عبدالخالق: يعتمد البرنامج الوطني للاصلاح علي زيادة تدفقات الداخل والتقليل من الخارج, وبما يمنع تآكل احتياطي النقد الأجنبي ويستهدف زيادة وتعزيز الاحتياطي حتي نحقق درجة من الاستقرار لقيمة الجنيه المصري, في هذا السياق تأتي قضية الاستدانة من الخارج, فالواقع الاقتصادي لمصر حاليا وضرورة حماية الاحتياطي النقدي الأجنبي للحفاظ علي سعر الجنيه, كلها تستلزم البحث عن موارد أخري حتي لو بالاستدانة. الاستمرار في دعم مزارعي القصب والقطن ويؤكد وزير التموين أن الاستمرار في دعم المزارع هو أحد محاور البرنامج الوطني للاصلاح الاقتصادي, والالتزام بالعدالة الاجتماعية ليست كشعار ولكن كتطبيق من خلال وصول الدعم لمستحقيه, لذلك سنستمر في دعم منتجي القطن المصري بعد فترة طويلة من الاهمال, كذلك القمح وقصب السكر وبما يحقق العدالة الاجتماعية. إن السياسات الخاصة بالعدالة الاجتماعية هي جزء من البرنامج الوطني, لذلك تقرر وضع مخصصات دعم بما يحمي مستوي معيشة الفئات المستحقة في المجتمع سواء بالنسبة للخبز أو السلع التموينية أو البوتاجاز.. وبالنسبة للأخير فإن الوضع متقلب نتيجة عشوائية النظام فنحن طرحنا من أغسطس الماضي التحول لنظام الكوبونات لتحقيق ميزة استبعاد الصناعات التي تستخدم البوتاجاز مثل الألومنيوم والطوب, اما بتوصيل الغاز الطبيعي لها بحيث أن أقصر استخدام البوتاجاز علي الاستهلاك المنزلي أو التجاري.. والميزة الثانية هي اتاحته للمواطن بدون مشقة, هذا وسوف يتيح نظام الكوبونات توفير من30 الي40% من دعم البوتاجاز والبالغ14 مليار جنيه, إن واحدا من عناصر البرنامج الوطني التحول لنظام الكوبون وبالإضافة لذلك فهناك مشروع الاسكان الاجتماعي والذي قوامه إنشاء مليون وحدة خلال خمس سنوات وبواقع200 ألف وحدة في السنة, وهو معدل غير مسبوق قبل ذلك, بل ان فكرة الاسكان الاجتماعي لم تكن مطروحة وبالتالي فهي نقلة اجتماعية علي مستوي تحقيق العدالة الاجتماعية. ..ويظل التساؤل حول المفاوضات الحالية مع صندوق النقد والبنك الدوليين ومستقبل المديونية المصرية.