جاءت الرسوم الكاريكاتورية التي نشرتها إحدي الصحف الفرنسية بعد أيام قليلة من أزمة الفيلم المسئ للرسول صلي الله عليه وسلم, لتؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن الشجب والاستنكار لم يعد كافيا. ولتضع المؤسسات الإسلامية الدينية والإعلامية أمام مسئولياتها, ولأن وسائل الإعلام كانت آداة تلك الحملة العدائية ضد الإسلام والمسلمين, فان علماء الدين والمفكرين يطالبون بردود إسلامية علمية لا تكتفي بالشجب والاستنكار, تبدأ بتعميق دور الإعلام العربي والإسلامي, والديني منه علي وجه الخصوص, وتوجيهه إيجابا لخدمة الإسلام ونشر سماحته ووسطيته, وشددوا علي ضرورة خروج الأزهر بفضائية أو قنوات دينية يتولي الإشراف عليها للقيام بهذا الدور, خاصة أن هناك مشروعات قوانين وخطوات اتخذت في هذا الصدد. كما طالبوا بتبني إستراتيجية إعلامية إسلامية موحدة لرد الإساءة عن النبي وتصحيح صورة الإسلام في الخارج والاهتمام بالبعثات الإسلامية بالدول الغربية وتأهيلها تأهيلا جيدا حتي تصبح قادرة علي مخاطبة الغرب وتصحيح الصورة الخاطئة لديهم عن الإسلام. وأوضح الدكتور محمد مهنا عضو مجمع البحوث الإسلامية وعضو المكتب الفني لشيخ الأزهر أن هناك مشروعا حاليا يعده الأزهر لإطلاق فضائية خاصة به, ووافق علي ذلك مجمع البحوث, وتم تكوين لجنة منبثقة عن الأزهر للقيام بالإعداد لهذا المشروع, وقال ان هناك خطوات عملية تم اتخاذها في هذا الشأن, غير أن الدعم المادي لا يزال يمثل عقبة في سبيل الانتهاء من هذا المشروع وإخراجه للنور. ويطالب المفكر اللبناني يحيي أحمد الكعكي, بوضع إستراتيجية إعلامية إسلامية داخل كل مجتمع إسلامي, تتجاوز أي خلافات سياسية أو فقهية أو مذهبية. خاصة أن بعض وسائل الإعلام الغربية دأبت خلال العقود الأخيرة علي الانحياز ضد القضايا الإسلامية والعربية وعملت علي تقديم صورة للإسلام تربطه بالإرهاب وتصفه بالتشدد الديني والتزمت. كما طالب الكعكي بضرورة الإسراع بإطلاق قنوات فضائية بإشراف الأزهر الشريف ورابطة العالم الإسلامي بلغات وألسنة الشعوب الغربية.. وإنشاء مركز معلومات عالمي يهتم بمتابعة الحملات علي الإسلام والمسلمين ورصد كل ما يتعلق به سلبا أو إيجابا. في السياق نفسه طالب الدكتور محمد وهدان, الأستاذ بجامعة الأزهر, بإنشاء مراكز بجميع المؤسسات والمنظمات الإسلامية للرد علي الشبهات التي تثار ضد الإسلام والقرآن الكريم ورسول الإسلام محمد صلي الله عليه وسلم وتفنيدها تفنيدا علميا مقنعا.. والتوسع في إنشاء قنوات تليفزيونية ومواقع إلكترونية, تقتحم الدول الغربية وتخاطبهم بلغاتهم وأسلوبهم الذي يقتنعون به, مشيرا إلي أنه يمكن تمويل تلك القنوات من صدقات المسلمين وتبرعات رجال الأعمال في ربوع الوطن وما أكثرهم,مع الاستعانة في ذلك بخريجي كليات اللغات والترجمة والدراسات الإنسانية بجامعة الأزهر. وأشار وهدان إلي ضرورة الاتجاه إلي عقد مؤتمرات دولية في دول الغرب التي تصدر عنها تلك الشبهات, مطالبا بالبدء بعقد المؤتمر السنوي القادم للمجلس الأعلي للشئون الإسلامية في أي من الدول الكبري بأوروبا مثل فرنسا أو البرازيل أو غيرها, وأن يتم تخصيص موضوعه لنصرة النبي صلي الله عليه وسلم. من جانبه طالب الدكتور زكي محمد عثمان, أستاذ الثقافة الإسلامية بجامعة الأزهر, بتخصيص وقفيات لتوفير الدعم اللازم لإطلاق قناة للأزهر التي تأخر انطلاقها طويلا, وأن يتم بثها بلغات مختلفة تخترق بها الغرب وترد علي أكاذيبهم وافتراءاتهم, كما طالب بتفعيل مركز السيرة النبوية بالأزهر الشريف وتنشيط دور كل ما يتحدث باسم الأزهر أو الإسلام داخليا أو خارجيا, مثل رابطة العالم الإسلامي, والرابطة العالمية لخريجي الأزهر التي تتوسع حاليا في إنشاء فروع لها بالخارج فيجب استغلال وجود هذه الرابطة في نشر سماحة الإسلام والتعريف به وبيان جمالياته من خلال مؤتمرات وندوات تعقد في الغرب لعرض الإسلام بالمنهج الأزهري الوسطي المعتدل الذي تحرص عليه الرابطة برعاية الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب. تطوير التعليم الأزهري وأشار زكي عثمان إلي أن حجر الأساس في التعريف بالإسلام والذود عنه بالداخل والخارج هم علماء الأزهر ودعاة وزارة الأوقاف, الأمر الذي يقتضي الاهتمام بالتعليم الأزهري وتطويره بما يعين خريجي الأزهر الذين هم بدورهم دعاة الأوقاف ومبعوثوه للخارج أيضا علي الذود وتفنيد كل شبهة ضد الإسلام ورموزه, والذين يجب أن يسند إليهم الدور في العمل بفضائيات أو قنوات يشرف عليها الأزهر حتي لا يتخطف تلك القنوات التي نتطلع إليها دعاة ومتحدثون باسم الإسلام ربما يسيئون إليه أكثر مما يحسنون. كما طالب بتحسين صورة الإسلام ورموزه في الإعلام وإصلاح ما أفسده الإعلام المصري والعربي بشكل عام عقودا طويلة, ذلك الإعلام الذي طالما سخر وتهكم بقصد أو دون قصد علي الإسلاميين وعلي اللغة العربية ومعلميها, وتصويرهم في صورة لا تليق بما حباهم الله من عزة وتشريف. أما الدكتور علوي أمين خليل الأستاذ بكلية الشريعة بالأزهر فيري أن الإساءات المتكررة في حق سيدنا رسول الله صلي الله عليه وسلم مجرد خزعبلات, لن تؤثر في رسول الله..فالله عز وجل يعصمه من الناس وقد كفاه سبحانه المستهزئين, أما نحن فما ينبغي أن يشغلنا هو أن نتبع منهجه ونطبقه في كل شيء في حياتنا. ويشير د.علوي إلي أن هذه الهجمة الشرسة ضد الإسلام ورسوله لن تنتهي وستزداد ما دام المسلمون بدأوا صحوتهم الإيمانية من جديد..فقد كان تخطيط أعدائنا دائما أن يبقي الإسلام في المسجد فقط, لكن عندما أصبح الإسلام مسجدا وبيتا وعملا, وحياة, ونجحت ثورات الربيع العربي في دفع العجلة نحو تطبيق الشريعة الإسلامية, انطلقت تلك الإساءات لتشغل المسلمين عما هم ماضون فيه. وطالب بتفعيل دور المراكز الإسلامية بالخارج, والعمل علي زيادة عددها ونشرها في شتي ربوع العالم.. وأن يسهم في سبيل ذلك كل مسلم غيور علي دينه ورسوله, بما يستطيع من إمكانات, مشيرا إلي أنه لا ينبغي أن نلقي بالدور كله علي الأزهر وحده, فالأزهر منذ ألف عام وهو يحافظ علي سيرة رسول الله وعلي القرآن الكريم والسنة المطهرة, والمسألة الآن ليست إطلاق فضائية هنا أو هناك وإن كان ذلك بالفعل لكننا نعلم أن إمكانات الأزهر محدودة..فضلا عن أننا يجب أن ندرك جيدا أن كل مسلم في كل بقاع الدنيا سفير للإسلام للتعريف به وبرسوله الكريم صلي الله عليه وسلم, فكل منا عليه أن ينشر ويدعو إلي ذلك بعلمه وجهده وماله وسلوكه, فنحن نريد أن يعرف العالم كله من هو رسول الله, وأن نسخر في سبيل ذلك ما لدينا من إمكانات وتكنولوجيات متطورة.