لا يوجد شخص تعرض للانتقاد والإساءة والتطاول علي مدي أربعة عشر قرنا من الزمان مثلما تعرض أشرف الخلق محمد صلي الله عليه وسلم.. وقد تنوعت وسائل الرد عليه حسب ظروف كل عصر وحسب الأدوات المتاحة فيه ابتداء من الخطباء المفوهين مرورا بالكتابات العقلانية التي أبدعها كبار المفكرين في كل العصور حتي الآن.. وانتهت الردود في عصرنا إلي الرد عبر الفضائيات الدينية التي تخاطب العرب المسلمين بلغتهم دون أن تهتم كثيرا بتوصيل صوتها إلي غير المسلمين في العالم بلغاتهم.. من هنا تأتي أهمية التعرف علي ملامح الرد العصري علي صور التطاول والإساءة التي تجاوز عمرها قرونا طويلة فكيف نرد عليها بشكل قوي بعيدا عن الأساليب التي يستخدمها الإعلام الغربي لوصف المسلمين بأنهم إرهابيون دمويون. وقد تسابق مفكرو وعلماء الإسلام عبر كل العصور في التصدي للحاقدين فأصدر عباس محمود العقاد¢ عبقرية محمد ¢ وألف محمد حسين هيكل ¢حياة محمد¢ وأبدع الشيخ محمد الغزالي كثيراً من المؤلفات للرد علي المستشرقين وبيان حقيقة السيرة. في البداية دعا الدكتور جعفر عبدالسلام.. الأمين العام لرابطة الجامعات الإسلامية إلي تبني مشروع إسلامي متكامل يتضمن استخدام كل وسائل الإعلام والاتصال الحديثة في التعريف بالإسلام ورسوله صلي الله عليه وسلم بطريقة مبسطة تعي عقلية الشعوب لأن ما يقدم لشعوب الشرق يجب أن يختلف عما يقدم لشعوب الغرب لاختلاف الميراث التاريخي عن الإسلام ورسوله صلي الله عليه وسلم وكذلك اختلاف موقف الإعلام في كل من الشرق والغرب من الإسلام حيث يعد أكثر عداء في الغرب عن الشرق. جهل وحقد أوضح الدكتور جعفر انه إذا كان العالم قد تحول بفعل الإعلام إلي قرية صغيرة إلا أن الإنسان عدو ما يجهل وكثير من أنواع الإساءة للإسلام والمسلمين سببها الحقيقي في عالم اليوم الجهل المغلف بالأحقاد والأكاذيب التاريخية التي روج لها المستشرقون ورجال الدين المسيحي وحاخامات اليهود منذ ظهور الإسلام حتي الآن وإدخال ذلك في مناهج التعليم الغربية وهذا الميراث الكاره لكل ما هو إسلامي لن يتم تغييره وتصحيحه في يوم وليلة وإنما سوف يستغرق ذلك سنوات بل ربما يمتد للأجيال القادمة ويتوقف ذلك علي ما نتخذه من خطوات جادة لتصحيح المسار وبيان حقيقة الإسلام وبيان الجوانب المختلفة لشخصية الرسول صلي الله عليه وسلم لمن يجهلون ذلك وكذلك بيان الحق لمن يعادون الإسلام عن جهل لأن هذه مسئوليتنا أمام الله. وكشف الدكتور جعفر عبدالسلام عن تبني رابطة الجامعات الإسلامية لفكرة حوار أتباع الأديان والحضارات والثقافات علي مستوي الجامعات والمؤسسات الثقافية الغربية لتفعيل مبادرة اليونسكو لإزالة المغالطات التاريخية من المناهج الغربية ضد الإسلام ورسوله صلي الله عليه وسلم وقد تم انجاز العديد من الخطوات الايجابية مع الجامعات الايطالية والفرنسية والانجليزية وغيرها من الجامعات الأوروبية والأمريكية وهذا يتوافق مع ما يدعو اليه الإسلام حيث قال تعالي ¢ادْعُ إِلَي سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ¢ اية 125 سورة النحل. دعا الدكتور جعفر المجتمع الدولي وخاصة المنظمات التابعة للأمم المتحدة إلي اتخاذ الإجراءات الكفيلة بإيقاف الاستمرار في الإساءة إلي رسل الله وعقائد البشر - بصرف النظر عن رأينا فيها- واستصدار ميثاق دولي رادع يجرّم الإساءة إلي الأديان عامة ورسل الله خاصة بزعم حرية الإبداع والتعبير لأنه يجب ألاّ تستغل هذه الحرية في الإساءة للآخرين والاعتداء علي عقائدهم وحرماتهم المقدسة لأن حريتك تتوقف عند حريات الآخرين بوجه عام فما بالنا إذا كان هذا متعلقا بالأديان الراسخة في نفوس أتباعها ومما يجعلهم مستعدين للتضحية من اجلها بالغالي والنفيس لأن الدين اغلي ما يملكه أي إنسان متدين. الرد الأمثل وعن تفسيره لهذه الموجة من الإساءات المستمرة لرسول الإسلام قال الدكتور محمد عبداللطيف قنديل الأستاذ بكلية الدراسات الإسلامية للبنات بالإسكندرية :هذه الأقوال الظالمة والإساءات الفاجرة ليست غريبة بل تكشف حقيقة الآخرين تجاه رسولنا صلي الله عليه وسلم وقد بدأ هذا منذ فجر النبوة وقد طال هذا رسول الله صلي الله عليه وسلم في حياته وبعد مماته وللأسف أن هناك من يحاول إخفاءها رغم قول الله سبحانه و تعالي ¢قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر¢ وقوله¢وَدَّ كَثِيرى مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهم الْحَقُّ¢ آية 109 سورة البقرة. وطالب الدكتور محمد قنديل باستخدام كل الوسائل الثقافية الحديثة للدفاع عن رسول الله صلي الله عليه وسلم ليس من خلال الكتاب والموسوعات المكتوبة فقط بل يجب أن يتم ذلك من خلال وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة بالإضافة إلي استثمار ثورة تكنولوجيا الاتصال مثل الانترنت في التعريف برسول الإسلام صلي الله عليه وسلم بمختلف اللغات التي ينطق بها البشر في مشارق الأرض ومغاربها باعتبار ذلك جزءاً من تبليغ بالإسلام وفي نفس الوقت الرد علي خصومه وتصحيح الصورة المشوهة عنه وخاصة أن الحرب علي رسول الإسلام ودينه الحق لن تتوقف إلي يوم القيامة لقوله تعالي ¢وَلا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّي يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرى فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ¢ آية 217 سورة البقرة. وقوله أيضا: ¢وَلَنْ تَرْضَي عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَي حَتَّي تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ¢ آية 120 سورة البقرة. وطالب الدكتور قنديل مختلف المؤسسات الإسلامية الكبري في العالم بالتعاون المشترك فيما بينها ووضع استراتيجية متكاملة للرد العقلاني الحكيم عن الإسلام والرسول الكريم صلي الله عليه وسلم باستخدام احدث الوسائل الحديثة التي لن يستفيد منها إلا ذوو العقول المتفتحة القادرة علي التواصل المراكز مراكز صنع القرار والمؤسسات الثقافية التي تتصف بالشفافية والإنصاف في الغرب لتعلن تضامنها معنا وقت حدوث أي إساءة للإسلام أو ضد عقيدة المسلمين. المقاطعة والتصحيح رفض الدكتور إسماعيل عبدالرحمن عميد كلية الشريعة والقانون بدمنهور - جامعة الأزهر أن تأخذ الاحتجاجات علي الإساءة للرسول صلي الله عليه وسلم من خلال الأفلام المسيئة أو غيرها طابعا عنيفا مثلما حدث في العديد من العواصم العربية والإسلامية التي شهدت محاولات اقتحام وإحراق وتدمير السفارات الأمريكية والأوربية الإعلان عن الفيلم المسئ لأن الإعلام الغربي يتخذ من ذلك وسيلة فعالة لمزيد من التشويه للإسلام ورسوله صلي الله عليه وسلم ولكن الأفضل اتخاذ ردود عقلانية مثل المقاطعة الاقتصادية للدول التي ترعي القائمين بالإساءة وكذلك الشركات التي لها علاقة بهم لأن سلاح المقاطعة اثبت جدواه في فترة من الفترات لدرجة جعلت أصحاب الإساءات أو القائمين برعايتهم يتراجعون ويعتذرون سواء بشكل مباشر أو غير مباشر مثلما تم مع الشركات الدنمركية عقب أزمة الرسوم المسيئة ومن المعروف أن الرأسماليين الغربيين يعبدون الدولار واليورو من دون الله بعد أن انتشر بينهم الإلحاد أو أصبح الدين علي هامش حياتهم. حذر الدكتور إسماعيل من الربط بين تلك الإساءات الممنهجة التي تقع في الغرب والتعامل مع المسيحيين داخل مصر أو خارجها لأن هذه سيكون سببا في الفتنة الطائفية وهذا ما يسعي منتجو الأعمال المسيئة للإسلام والمسلمين إلي تحقيقه في إطار تنفيذهم لمخطط ¢ فرق تسد ¢ فهل يعي المسلمون الدرس ويحسنون التعامل مع مثل تلك الأزمات لأنه ليس بالتدمير والتخريب يتحقق الدفاع الحقيقي عن رسول الله صلي الله عليه وسلم. قال الدكتور إسماعيل عبدالرحمن: شتان بين الإساءة للأديان كلها خاصة ما يتعلق بالأنبياء والرسل وبين حرية النقد و التعبير عن الرأي التي يتشدق بها القائمون بالإساءة ولهذا لابد من تشريعات رادعة ضد كل من يزدري الإساءة للأديان عامة لأن هذا فيه إساءة للمشاعر الدينية وإذا كان - حسب عقيدتنا- ليس من المقبول تمثيل الرسول محمد صلي الله عليه وسلم أو احد الأنبياء أو الرسل في صورة أو تمثال أو أي شكل آخر يؤدي إلي تقديسه فما بالنا بمن يسيئون إليهم من خلال الأفلام أو الكتابات. أضاف هذا الفيلم المسيء لرسولنا محمد صلي الله عليه وسلم هو جزء من الهجمة البربرية الصهيونية التي جندت وتحالفت مع بعض شياطين الإنس. ومصانع الكذب في الغرب ممن يضمرون الشر للمسلمين ويحرضون علي تفجير المجتمعات من الداخل من خلال المساس بمكانة الرسول عليه الصلاة والسلام. وكذلك نشر الأكاذيب التي لا أصل لها ولا وجود لها إلا في العقل المريض والقلب الحاقد علي انتشار الإسلام السريع في كل مكان. لاشك ان عرض هذا الفيلم السافر من شأنه أن يأجج مشاعر نحو ربع سكان العالم من المسلمين بالإضافة إلي عقلاء العالم من الأديان الأخري ومن شأنه أن يُحدث شروخا في العلاقات الإسلامية الغربية ويأجج الكراهية ويثير القلاقل والاضطرابات ويهدد الأمن والاستقرار في العالم. ولابد أن يتكاتف الجميع لترسيخ مفاهيم ومبادئ الحوار ونشر ثقافة التعايش وعقد مؤتمر دولي لبحث دراسة سبل التحرك لسن قانون دولي يمنع إزدراء الأديان أو الإساءة للرموز والمقدسات الدينية وبالتالي منع نشر مثل هذا الفيلم المسئ ومنع تكرار مثل هذا العمل المشين. لن تنال منا أفلام الدنيا كلها لو اجتمعت علينا ولابد للولايات المتحدةالأمريكية بوقف عرض هذا الفيلم ووقف بثه علي موقع ¢اليوتيوب¢ في كل دول العالم فورا ومحاكمة المتسببين فيه فورا وتقديم اعتذار واضح وصريح لكل المسلمين.