فاطمة الدسوقي الابن الضال ضاعت مني كل سنوات العمر في انتظار الولد.. سرق مني10 سنوات محفوفة باللهفة والحنين ابتلعتني خلالها الوحشة والأشواق لمن سيكون عصاتي التي اتوكأ عليها ومن سيحمل نعش عند مماتي ويحمل اسمي ويخلد ذكراي بعد الرحيل.. دفعت كل زهرة عمري وشبابي ثمنا للترقب والانتظار ضاعت خلالها الفرحة وتاهت الضحكة كان انتظاري للولد قدر معلق بأنفاس ورفيقي أينما ذهبت حتي انتزعتني سنوات الإنتظار من جذور آدميتي وتساقطت كل أحلامي صرعي في بحر انتظار الولد ولم يدر بخلدي ان ذلك المخلوق سوف يسطر بيديه الآ ثمتين نهاية رحلتي في الحياة. بشفاة ترتعد وقلب ينفطر من الحسرة والالم سرد العجوز حكاية يندي لها الجبين وتقعشر لها الأبدان قصة نذالة الولد الذي سرق منه اجمل سنوات العمر ثم رماه في أكفان المرارة والضياع وقال سيدي القاضي أطلب القصاص من فلذة كبدي ابني الوحيد باتت صورته تفزعني في احلامي وتثقب انتمائي للادمية.. فقد رماني الولد مسفوحا علي عتبات القهر والالم ولم يرحم شيخوختي ودهسني بنعال حذائه فأنا ياسيدي أنتمي لعائلة ثرية بمحافظة الشرقية وورثت عن ابي وأمي واملك من المال والجاة الكثير وتزوجت من إحدي قريباتي وهي الأخري من عائلة ثرية ووهبتنا الاقدار خمس بنات كن غرسي وفرحة حصادي.. فلم أرلهن ضلعا أعوج ولم اصادف اي عوج في سلوكهن وكن الضحكة الشفافة والعيون اللامعة والوجه البرئ الذي لم تلوثه قسوة الايام ولكن ابتسم داخلي الحنين لانجاب الولد ولم يعد بداخلي شعور غير اللهفة والشوق للذكر وسرقتني الاشواق عشر سنوات حتي زفت إلي زوجتي البشري انها حامل وكثيرا ما رأت في منامها أن ما يتحرك بين أحشائها ذكر وجاء يوم مولده تسابقت خطوات مع خطواتي كثيرة من الأهل و الاصدقاء في طريقنا الي المستشفي الكل يلهث حملوني معهم في وادي الازدحام تدفعني انفاس ترمقني نظرات.. تجذبني كلمات طيبة في لون كلمات أمي.. حتي رن في اذني صوت الولد هرولت إليه كالمجنون ولممت شتات نفسي ورشفت النظرة الاولي علي جسده الطاهر لأيتقن انه ذكر وانسابت دموع الفرحة ولم يدر بخلدي أن تلك الدموع هي حداد علي سنوات عمري التي ضاعت في انتظار الابن الضال. سكت العجوز برهة وراح يقلب في نفسه اوراق الذكري وقال سيدي القاضي لقد اطفأ ابني الوحيد بريق الامل في نفسي فقد رحلت عني زوجتي وهو لم يبلغ العاشرة من العمر وتزوجت شقيقاته وأقسمت ان اكون له مثل الخادمة ورفضت أن تحل أي امرأة أخري مكان أمه وأفنيت سنوات عمري في رعايته حتي التحق بالجامعة وتزوج وانجب ثلاثة من الابناء وتربع علي عرش ثروتي وانشغل عني بزوجته وابنائه.. وذات يوم سيدي القاضي تيقنت انني نسيت حق الله واخذتني الايام والاحلام وتناسيت أن العمر لحظة وأن ملك الموت يمكن ان يطرق بابي في اي وقت وانا املك من المال الكثير وتساءلت لماذا لا أبني مسجدا. فأنا امتلك من الاراضي الكثير والاموال لاحصر لها واسرعت إلي فلذة كبدي ازف له البشري وكانت اللحظة التي زلزلت وجداني واصابتني بخيبة في الاعماق.. وبابتسامة ساخرة مرسومة بلون الحقد والأنانية نهرني الولد متسائلا هاتصرف فلوسك علي بناء جامع المثل بيقول اللي يعوزه بيتك يحرم علي الجامع وتسمرت خطواتي وانحشرت الكلمات في حلقي وحاولت أن ألملم شتات نفسي المبعثرة وأخبرته ان شقيقاته كدن يطرن من الفرحة عندما زففت اليهن الخبر وباركن تلك الخطوة ورد الولد وما شأن شقيقاتي فهذه الاموال والاطيان ملك لي واولادي ووقعت كلماته علي كالصاعقة عندما علمت أنه ينوي ايضا حرمان شقيقاته من الميراث. وسكت العجوز برهة ونظرات ندم محفوفه بالحيرة تشع من عينيه وقال سيدي القاضي أعلم أن ما فعلته قد يكون حراما ولكني ارتكبت ذلك لاقف في وجه ابني الطماع الاناني فقد وزعت تركتي بما يرضي الله بين ابنائي خشية علي بناتي بعد رحيلي من جشع شقيقهم الوحيد وعندما علم ابني بذلك طار عقله وفقد صوابه وخاصة عندما بدأت في بناء بيت الله فاسرع الي المحكمة واقام دعوي حجر علي واتهمني بالجنون وها أنا اقف بين عدالتكم فإذا رأيتم أنني مختل وسفيه ومجنون كما ذكر زهرة عمري وشبابي ألقوا بي في مستشفي الامراض العقلية واسلبوني آدميتي وحريتي وحقي في الحياة وأنا راض بقضاء الله ثم عدالتكم.. وبعد مداولات قضت محكمة استئناف الشرقية للأحوال الشخصية برئاسة المستشار حاتم جعفر برفض دعوي الابن وقبول دعوي العجوز بحقه في الحياة.