أنا شاب في الثلاثين من عمري نشأت في اسرة متوسطة وعرفت الكفاح منذ صغري فاعتمدت علي نفسي ووفقني الله في دراستي والتحقت بهيئة كبيرة وادخرت علي مر الايام مبلغا لابأس به يساعدني علي الزواج. وتعرفت علي فتاة من المنطقة التي اسكن بها وقد جذبتني اليها بهدوئها ومظهرها الذي يدل علي حسن اخلاقها وحدثت اهلي بشأنها فوافقوني علي اختياري ورتبت زيارة لاسرتها واتفقنا معهم علي كل شئ في وقت قياسي واعلنا الخطبة وخلال أسابيع أثثت منزل الزوجية ولم تواجهني أي عراقيل بل وجدت تجاوبا كبيرا معي في تسهيل الامور وبدا لي الوضع علي ما يرام.. واطمأننت الي انهم اناس طيبون يريدون سعادة ابنتهم مع من ارتاحت اليه.. وكان ذلك مبعث سعادتي وارتياحي.. وزاد من حبي لها ذلك الخجل البادي علي وجهها دائما وحان موعد الزفاف واقمنا حفلا جميلا عمت فيه اجواء الفرحة وفي آخر الليل اختليت فطلبت مني أن امهلها بعض الوقت لأنها في شدة الخجل مني ومر يومان ثقيلان وكلما حاولت الاقتراب منها ابتعدت عني حتي امسكت بها وجذبتها الي واذا بي اكتشف المصيبة الكبري التي جعلتني ابكي بحرقة واندب حظي ونصيبي في الدنيا واصبحت انسانا هائما علي وجهه لايدري ماذا يفعل بعد ان اكتشفت هذه الطامة.. أتدري ماذا اكتشفت ياسيدي؟.. لقد وجدت انها ليست عذراء!! ونظرت اليها في ذهول وانعقد لساني فلم استطع الكلام.. وهممت خارجا من الشقة فأمسكت بي وقالت انها لم تفعل شيئا ولم ترتكب هذه الخطيئة التي اظنها ولابد ان الامر فيه شئ لاتعرفه ورجتني ان احافظ علي سرها وألا افضحها فهي لم تفعل ما اتصور انها وقعت فيه.. وتحاملت علي نفسي ولملمت اجزاء جسمي التي تبعثرت من هول الموقف واشترطت عليها الاحتكام الي الطبيب لتكون له الكلمة النهائية في أمرها.. هل اخطأت ام لا؟ وذهبنا الي طبيب شرعي وطلبت منه ان يكتب لي تقريرا رسميا بحالتها ففعل وجاء فيه ان زوجتي ثيب ومفضوض غشاء بكارتها منذ فترة طويلة يتعذر تحديدها!! وهنا عاودتني حالة الهستيريا من جديد واستدعيت أهلها واخبرتهم بأمر ابنتهم فاذا بهم علي علم تام بما حدث لها بل وفهمت من ثنايا الكلام أنهم يعرفون ماحدث لها! ووجدتني مسالما صامتا فلم اشأ ان ادخل معهم في صراعات ومساجلات وعدت الي منزلي وتدبرت امري وانتهيت الي ان ارفع عليهم قضية غش وتزوير فردوا علي بقضية يطلبون فيها تسليمهم قائمة الزواج واعطاءها نفقة والحصول علي مؤخر الصداق.. وكانت المفاجأة المذهلة ان المحكمة حكمت لمصلحتها في جميع القضايا التي رفعتها ضدي وهكذا طلقتها ودفعت لها المؤخر والنفقة وسلمتها كل اثاث المنزل.. أما أنا فلم احصل علي حقي منها لانه ليس هناك قانون يبطل عقد الزواج القائم علي الغش والتزوير.. فأستأنفت الحكم ولكنه صدر لمصلحتها أيضا وجاء في نصه العذرية بالنسبة للزوجة ليست شرطا من شروط صحة عقد الزواج حتي لو اثبت فيه انها بكر وعذراء! ويبدو اننا من كثرة ما نادينا بحقوق النساء من الرجال المخادعين نسينا وضع قانون يحفظ حقوق الرجال من النساء المخادعات؟.... أليس كذلك؟ وأقول لكاتب هذه الرسالة: من حق كل رجل وكل سيدة الإنصاف وأن يحصل كل ذي حق علي حقه, بحيث تحصل الزوجة المطلقة علي حقوقها كاملة إذا ثبت أن سبب الطلاق يرجع إلي الزوج الذي أخطأ في حقها بالفعل المشين الذي تستحيل معه العشرة, والعكس أيضا فيتم إعفاء الزوج من دفع مستحقات الزوجة إذا ثبت فساد أخلاقها أو أنها ليست عذراء كما في حالتك, فالأمر هنا يتعلق بالشرف, ومن المستحيل أن تستقيم الحياة مع زوجة بدأت حياتها بالكذب والخيانة. وإنني لا ألومك علي موقفك منها وانفصالك عنها لأسباب عديدة, أهمها أنك لن تنسي لها علاقاتها السابقة, وقد تنتابك الوساوس القهرية التي تدمر حياتك كلما تذكرتها, أو قد تشك في نسب أولادك منها, بمعني أنك إذا استمررت في هذا الزواج فسوف تحيا حياة بوهيمية خالصة, ولن تعرف طعم الحب والاستقرار, وسوف تتحول حياتك إلي جحيم لا يطاق, وربما تؤدي بك الهواجس إلي ارتكاب جريمة تدفع ثمنها غاليا. وإذا كنت قد خسرت ماديا نتيجة الالتزامات التي ترتبت علي تطليقك لها, فإنك كسبت نفسك, وأدركت الطريق من أوله قبل أن تواصل السير فيه, فلقد وضعت النقاط علي الحروف, ولم تترك هذه المسألة الخطيرة سداح مداح, فالطلاق هو المصير المؤلم لمثل هذه الزيجة طالت أم قصرت. نعم ياسيدي قرارك بالانفصال سليم, وإلا تحولت حياتك إلي عذاب مستديم وعشت في بيت راكد تختلط فيه الأمور, وتتضارب العادات والرغبات والأهواء, وهذا هو ثمن المحافظة علي الزواج بأي طريقة وأي ثمن! وعليك أن تعي أن الزوجة الفاضلة أغلي وأعظم من كنوز الدنيا, وأن البيت يبني علي المرأة, وهي مفتاحه, فتحكم في شعورك بالألم والسرور, ولا تدعهما يتحكمان فيك, فإذا نجحت في ذلك ستصبح سيد الموقف. إن اليأس نار تأكل جذور الأمل, ولا حياة مع اليأس, فعليك أن تنسي كل ما مررت به من آلام, وتطلع إلي الدنيا بعين جديدة غير تلك العين اليائسة. وأخيرا فإنه يجب سد ثغرات قوانين الأحوال الشخصية فيحصل كل من الرجل والمرأة علي الحقوق الكاملة مقابل الالتزام التام لكل منهما تجاه الآخر, فالمرأة ليست مجنيا عليها طوال الوقت, والرجل ليس جانيا علي طول الخط, وإنما هناك نوع من التشابك في علاقتيهما, ولا بديل عن أن يفصل القانون بينهما بما أنزل الله:.. ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون.