أكتب لك مستشيرا في مشكلتي والتي اكتشفت انها مشكلة العديد من الرجال مع اختلاف الأسباب.أنا رجل أبلغ من العمر50 عاما, تزوجت في سن ال25 من فتاة تصغرني بعامين, وحيث إنني كنت ملتزما دينيا, فقد أردت أن أظفر بذات الدين. وفقني الله تعالي ورزقني بزوجة صالحة رقيقة أحببتها من كل قلبي, وكانت لي بمثابة الزوجة والأم, حيث توفيت أمي قبل زواجي بعشر سنين. وأنعم الله علينا وأكمل سعادتنا ورزقني بولدين وبنت, والولد الأكبر20 عاما, أتعبني وأتعب زوجتي وكل من حوله منذ ولادته حتي اكتشفنا انه مضطرب نفسيا, ويحتاج إلي معاملة خاصة لتلافي طباعه السيئة حسب تشخيص الأطباء وتعليماتهم. ولك أن تتخيل ياسيدي ما عشناه منذ ولادته حتي بلغ العشرين من عمره, الخصها لك في انه أخذ كل وقت زوجتي ووقتي وأعصابنا جميعا حتي صار محور حديثنا يوميا, ماذا قال, ماذا فعل, مع من تشاجر, في أي مشكلة أوقعنا اليوم, وهل هناك توابع لها, وماذا يخطط غدا, حتي إنه أنساني أن لي أبناء آخرين يحتاجون مني لرعاية, وقول طيب(13 و9 سنوات), فأصبحت عصبيا وأيضا زوجتي بعد أن كانت ملاكا رقيقا, حتي شقيقيه أصبحا لا يطيقان تصرفاته, فأصبح الشجار بينهم يوميا علي مدي الساعة, فضلا علي الاستنزاف المالي في العلاج النفسي الذي لا طائل من ورائه والذي كان يكفي لزواج أحد الأولاد. كل هذه الضغوط تحملتها وتحملتها زوجتي أكثر مني, حيث إنها لا تعمل ومتفرغة للأولاد. أما عن علاقتي بزوجتي فهي مازالت متينة وقوية ولله الحمد, أحبها وأشفق عليها, لأنها إنسانة رقيقة لا تحتمل هذه الضغوطات, ولكنها أصيبت بالسكر وهو منتشر في عائلتهم وكذلك الضغط, وأنا أيضا أعاني بعضا من المشاكل الصحية في مثل سني, ولكني محتملها والحمد لله أكثرها نتيجة الإرهاق في العمل والضغط العصبي. ولعلك ياسيدي تتساءل أين المشكلة؟ المشكلة ياسيدي انه مع هذه الضغوط النفسية داخل البيت وضغوط العمل وانشغال زوجتي الدائم بالأولاد, خاصة عند بلوغ الولد سن المراهقة وانشغالي أنا بتحصيل الرزق, بدأت مشكلتي منذ نحو10 سنوات عندما أصبحت لا أجد مكانا لي في وقت وجهد زوجتي, وقد قلت اللقاءات الزوجية بشكل ملحوظ نظرا لعدة أسباب, إما لاستنزاف جهدها مع الأولاد طوال النهار, ومن ثم حين عودتي أجدها مجهدة وتنتظرني فقط لتجهيز العشاء ثم تتركتي وتنام, وأحيانا أخري بسبب عودتي متأخرا من العمل المسائي نحو الساعة12 مساء فأجدها مستعدة للنوم, حتي إذا رأتني واطمأنت أني قد أكلت دخلت في النوم, حتي وصل الروتين اليومي إلي انها كانت تترك لي العشاء قبل نومها بجوار السرير فأتناول عشائي ثم أنام بجوارها, وأنا أتمني لو كانت مستيقظة. لم أعد أحتمل وناقشنا الأمر كثيرا محاولا لفت نظرها لضرورة عودة علاقتنا الزوجية إلي طبيعتها, وتم الاتفاق علي أيام محددة, ولكن هيهات أن تنتظم, فإما أن يكون عندها رغبة في النوم فتقاومها وتمر الليلة وأنا أشعر أنها تجاملني أو يحدث في ليلة انتصرت علي نومها أن نفاجأ بصراخ وخناقات الأولاد ليلا, فتهب لفض الاشتباك قبل أن يقتحموا علينا غرفتنا فتمر الليلة بلا متعة أو بأقل القليل منها!! فأصبحت ياسيدي حتي هذه اللقاءات الشحيحة لاتحقق لي الاكتفاء والسعادة, فضلا عن إهمالها لجسدها حتي ترهل مما سبب لي عزوفا عن الاستمرار في هذه العلاقة الروتينية, وبقي الحب والاحترام والإشفاق من جانبي. أصبح لقاؤنا الروتيني مرة كل شهر, استمر هذا الحال3 سنوات وأنا أصبر وأحاول الإصلاح والنصح, ولكن في نفس الوقت أشفق علي حبيبتي من مجهودها الذي تضيعه يوميا ولا تستطيع ترك شيء لي. صبرت ياسيدي3 سنوات عجاف, ثم لف الشيطان حبائله علي وأوقعني في المعصية والتي بدأت بمشاهدة الصور الخليعة, ثم التصرف كالمراهق وإن نجاني الله من ارتكاب أي كبيرة. استمر هذا الحال7 سنوات من المعصية تقطع فيها قلبي كثيرا حزنا علي نفسي وخوفا من ربي, وتبت فيها كثيرا إلي الله ونكست التوبة كثيرا, وكنت أجد دائما لنفسي العذر أن زوجتي هي السبب, ولمحت لها كثيرا بحكايات عن أزواج انحرفوا نتيجة عدم الاهتمام باللقاء بين الزوجين, ولم أمل طوال هذه السنوات من محاولات الإصلاح منها ومن نفسي لكي نجعل حياتنا أجمل, ولكن للأسف كلام الليل مدهون بزبدة. ثم جاءت الطامة الكبري وأوشكت أن أقع في المعصية الكبري مع امرأة كنت أنوي الزواج بها فزين لي الشيطان وسولت لي نفسي أن آخذ بعض حقوقي قبل الزواج بها, كل هذا حدث ياسيدي وأنا محافظ علي صلاتي مما ساعدني علي سرعة العودة وطلب المغفرة من الله وتبت إلي الله, وأسأله أن يغفر لي ويردني إلي الدين ردا جميلا. ولم تدم توبتي كثيرا وإن كنت الآن متوقفا عن هذه الفعلة, لأنني بعد تفكير عميق ووقفة مع النفس أيقنت انه لا عذر لي, فباب الحلال مفتوح, لماذا لا أتزوج بأخري تملأ هذا الفراغ النفسي والغريزي فأنا يا سيدي إنسان رقيق المشاعر أحب الناس جميعا واحتاج إلي من يحبني ويهتم بي, وقد فكرت في الزواج من أخري منذ فترة ولكن يمنعني حبي لزوجتي وخوفي علي شعورها, ولقد أقلعت والحمد لله عن مشاهدة الصور منذ سنين بعد إحساسي بالندم الشديد وعذاب الضمير, ولكني أخشي علي نفسي الفتنة والوقوع في الكبائر مرة أخري أو الاستمرار هكذا فأهلك. قد تسألني عن الاستطاعة المادية والجسدية, أظن والحمد لله انني أستطيع وقد وفقني الله عن طريق أحد أصدقائي إلي معرفة امرأة صالحة أرملة منذ20 عاما تصغرني ب3 أعوام ولها ابنة واحدة علي وشك الزواج وليس لها أقارب, إنسانة مهذبة وحنونة وملتزمة ومحافظة علي قوامها, وقد تفهمت مطالبي وظروفي, وقد اتفقنا انه لابد من إخبار زوجتي أولا. والآن ياسيدي أنا بين اختيارين إما أن أحافظ علي شعور زوجتي واستمر في إغضاب الله بارتكابي لما حرم, ومن ثم فإن مصيري جهنم, وبئس القرار وإما أن أتخذ قرارا بالزواج بأخري, وأفعل الحلال وأتوب إلي الله توبة نصوحا, وسيؤدي هذا إلي حزن زوجتي بالطبع, وهذا يؤلمني كثيرا, ومما يعذبني أكثر انها إذا سألتني لماذا تريد الزواج بأخري؟ هل أقول لها السبب الحقيقي؟ أم ماذا أقول؟ فأنا أخشي علي شعورها وأخشي أن يزداد عليها السكر. أتذكر دائما قول النبي صلي الله عليه وسلم( من ابتغي رضا الناس في سخط الله سخط الله عليه وأسخط عليه الناس ومن ابتغي رضا الله في سخط الناس رضي الله عنه وأرضي عنه الناس) فماذا أفعل؟ أرجو ألا تقسو علي بما فعلت من معاص فقد هزمني الشيطان في هذه المعركة وأنام باكيا كل ليلة أرجو عفو ربي, فأرجو منك إعطائي النصيحة في كيفية التصرف في هذا الموقف, وكذلك نصح الزوجات بضرورة الاهتمام باللقاء الزوجي, حيث عرفت أن كثيرا من الرجال الذين أهملتهم زوجاتهم يفعلون كما فعلت من تصرفات صبيانية تحاشيا للوقوع في الكبائر, وهذه والله مصيبة ظننت اني الوحيد الذي وقع فيها.. * سيدي... بعض الأصدقاء عندما يرسل لي يحب ان يسمع مني رأيا واحدا يوافق هواه وما يقتنع ويريد, فيحاول ان يكون أمينا وموضوعيا وهو يسرد صفات الطرف الآخر الطيبة, ويؤكد المحبة المستمرة والتقدير الدائم لعطائه, ثم يذهب الي ما قاله الله في كتابه الحكيم أو في الأحاديث النبوية والتي تدعم رغبته. ولانه لا أحد يستطيع مخالفة ما أمرنا به الله ورسوله, أو يحرم ما أحل الله أو يحلل ما حرمه, فإنه من الطبيعي أن أرد عليك وأقول لك, اذهب وتزوج كما تشاء فأنت هنا لا ترتكب معصية, وإن قلت لك غير ذلك فكأني أحرضك علي الخطيئة... فإذا كان الأمر بكل هذا الوضوح واليسر, فلماذا أنت متردد في قرارك ولماذا أرسلت لي وأنت تعرف حاجتك ومشكلتك وحلها؟! سيدي... بعيدا عما أحل الله ونعرفه جميعا, وما حرمه ونعرفه أيضا, دعني أعترف لك بأني متعاطف تماما مع زوجتك الفاضلة, لأني أتخيل زوجة وأما لثلاثة أبناء, أحدهم مريض نفسيا شفاه الله وأراها كما تصفها صابرة متحملة, لا تنام الا اذا أعدت لك العشاء, متجاوزة عن أمراضها التي ظهرت عليها بعد الزواج والإنجاب, وعن غيابك الطويل عن البيت منذ الصباح وحتي منتصف الليل.. هل تساءلت ياسيدي كيف تعيش هذه الزوجة بين جدران البيت مع أبنائك الثلاثة وحدها مع مشكلاتهم ومشاجراتهم ودراستهم, وملابسك وطعامك وهمومك وغيابك؟ تعمل ياسيدي, واصلا النهار بالليل حتي توفر لأسرتك حياة كريمة, وأصبحت عصبيا, حلت بك بعض الأمراض بسبب مشكلات ابنك وخلافاته مع شقيقيه, فكيف ستكون الحياة مع زوجة أخري لها متطلبات واحتياجات؟ هل لديك وقت ياسيدي وصحة لتمنحها لامرأة أخري؟ هل ستتزوجها فقط من أجل العلاقة الزوجية؟ وهل نحن نتزوج وفي مثل هذا العمر من أجل هذه اللحظات فقط, وماذا عنك وعن حياتكما الجديدة بعد أن تنتهي؟ سيدي.. تعرف جيدا أثر مثل هذا القرار علي أم أولادك, شريكة عمرك المريضة, وعلي ابنك المريض وشقيقيه.. وتعرف انك ستهرب مؤقتا بالزواج من أخري, ولكنك لن تنجو أبدا من جحيم المشكلات التي ستتفاقم وتنفجر في بيتك الكبير, فإما أن تعود بعدها ولن تجد ما تركته علي ما كان عليه, وإما ان تفر بعيدا متجردا من كل مسئولياتك كزوج وأب. سيدي... ماذا سيحدث لو استثمرت هذا الوقت المتاح لديك للاهتمام أكثر بأولادك ومشاركة زوجتك فيما تتحمله, فربما يمنحها هذا الوقت الفرصة للاهتمام بنفسها وبصحتها وجمالها ومن ثم الاهتمام بك. إن الابناء ياعزيزي هم زينة الحياة الدنيا, أما متع العلاقات الزوجية فهي مؤقتة وستنطفئ تدريجيا, فلا تختزل سعادتك في تلك العلاقة التي عشتها كثيرا, فالسعادة حولك في أشياء أخري عديدة, في بيتك, في فراشك مع زوجتك الصبورة المتفانية, في حبك وأبنائكما, حاول معها مرة ومرات فهي تستحق, وأتمني ان تستجيب لك وتفهم ان استقرار حياتها وكيان هذه الأسرة مسئوليتها أيضا, وهذه المسئولية تفرض عليها ان تهتم بك كما تهتم بأولادها, وأن حب الأولاد والتضحية بالزوج باسمهم يهدد نجاح أي علاقة زوجية, وأكبر خطأ ترتكبه الزوجة هو ان تعتقد في اكتفاء رجلها بما جناه من سعادة في العلاقة الخاصة عبر سني الزواج الأولي, فالرجل كلما كبر في العمر ازداد احتياجه الي هذه العلاقة نفسيا أكثر منه احتياجا جسديا, والمرأة الذكية هي التي تستطيع ان توازن ما بين عطائها للبيت وللأبناء وبين احتوائها لشريك عمرها, زوجها أبو أولادها, قبل أن يذهب بعيدا بحثا عن امرأة أخري سواها لعله يجد لديها ما افتقده في بيته ومن عمره! وإلي لقاء بإذن الله..