تدل ردود الفعل التى تلقيتها على الاجتهاد المنشور فى 10يونيو الجارى، تحت عنوان إدمان الانترنت، على وجود خلاف بشأن تقييم حال الأشخاص الذين يستخدمون الشبكة العنكبوتية ساعات طويلة كل يوم. وهذا خلاف طبيعى، لأن الأمر يتوقف على نوع هذا الاستخدام، ومدى الحاجة إليه. ولذا، أتفق مع الرأى القائل إن عبارة إدمان الانترنت تبدو مطاطة، لأنها لا تميز بين استخدامات ضارة، وأخرى نافعة. ولذا ربما تكون عبارة إدمان الألعاب الإلكترونية أدق، وخاصة بعد أن قررت منظمة الصحة العالمية فى مؤتمرها السنوى، الذى عُقد فى جنيف فى آخر مايو الماضى، إضافة هذا النوع من الإدمان إلى التصنيف الدولى للأمراض. وشخصت المنظمة أعراض إدمان الألعاب الإلكترونية فى الولع الزائد عن الحد بها، وإعطائها أولوية متزايدة على الأنشطة اليومية الأخرى، والضعف تجاهها، وعدم قدرة الشخص على مقاومة إغرائها. وقد لوحظ أن هذا التشخيص لا يختلف عن وصف المنظمة نفسها لحال إدمان القمار. غير أن إدراج إدمان الألعاب الإلكترونية فى قائمة التصنيف الدولى للأمراض مازال موضع خلاف بدوره. وليس صانعو الألعاب الإليكترونية وحدهم الذين يرفضون اعتبارها اضطراباً مرضياً، على أساس أنه لا يستند على أدلة قوية. المتخصصون فى مجال الصحة العقلية مختلفون فيما بينهم، إذ يرى من يقللون خطر الولع بالألعاب الإليكترونية أن إدراجه ضمن الأمراض سابق لأوانه، لأن الأمر يتطلب بحثاً علمياً صارماً وشفافاً وقائماً على معايير واضحة. ولهذا السبب، ليس واضحاً بعد هل الولع بالألعاب الإليكترونية يُمَّثل اضطراباً مرضياً قائماً بذاته، أم أنه يحدث نتيجة اضطرابات أخرى. وربما يرجع انحياز منظمة الصحة العالمية إلى الاتجاه الذى يرى أن هذا الولع يُسبَّب إدماناً، ويُمثَّل اضطراباً مرضياً، إلى خطر بعض أعراضه مثل العزلة الاجتماعية، والانفصال عن الواقع، بحيث يصبح النجاح فى لعبة الكترونية تعويضا عن فشل فى العمل، أو عدم قدرة على التكيف مع الظروف، أويؤدى إلى شعور بالقوة والنشوة يفتقرهما الشخص فى حياته، ومن ثم الهروب من مشكلات وهموم فى الواقع إلى عالم مثير ومُبهج يعيش فيه. لمزيد من مقالات د. وحيد عبدالمجيد