الأوقاف عن فيديو المشاجرة داخل المسجد: حفظ هيبة بيوت الله واجب شرعي ووطني    ننشر تفاصيل اجتماع رئيس الوزراء مع أعضاء اللجنة الاستشارية لتنمية الصادرات    جيش الاحتلال يقر باغتيال الصحفي حسن إصليح بخطة مسبقة مع الشاباك    الدوري المصري، فوزي الحناوي يتوج رجلا لمباراة حرس الحدود والبنك الأهلي    الشباب والرياضة ببنى سويف تحتفل باليوم العالمى للصحافة    إخلاء سبيل نجل خالد النبوي في اتهامه بدهس نجل موظف    مي فاروق تشوق الجمهور لحفلها في دار الأوبرا: «هستناكم علشان وحشتوني»    أثناء تكريمه.. «دي نيرو» يهاجم ترامب من مهرجان كان: «عدو للفنون»    وربيرج: نسعى لنكون شريكًا أساسيًا وندرك حرية دول المنطقة    فتحى عبد الوهاب: العلاقة تاريخيا ملتبسة بين الإخراج والإنتاج ويشبهان الأب والأم    هل تعليق الصور في البيوت يمنع دخول الملائكة؟.. أمين الفتوى يحسم    من بين 80 غزوة.. علي جمعة يكشف عدد الغزوات التي شارك فيها النبي؟    فى بيان حاسم.. الأوقاف: امتهان حرمة المساجد جريمة ومخالفة شرعية    قرار بتعديل تكليف خريجي دفعة 2023 بالمعهد الفني الصحي بقنا إلى المستشفيات الجامعية    احذر- علامات تدل على نقص فيتامين ه بجسمك    الصين صدرت 242 ألف سيارة تجارية في الربع الأول من 2025    وزير التعليم يستقبل الممثل المقيم لصندوق الأمم المتحدة للسكان لبحث سبل تعزيز التعاون    محافظ جنوب سيناء خلال لقاؤه «الجبهة»: المواطن السيناوي في قلب الأولويات    وكيل الصحة بالمنوفية يتفقد القومسيون الطبي لبحث تطوير الخدمات    وزير خارجية سوريا: رفع ترامب العقوبات عن بلادنا نقطة تحول محورية    التقنية الحيوية ومستقبل مصر.. رؤية من جامعة القاهرة الأهلية    د. أسامة السعيد يكتب: ساعات فى رحاب المجد    محافظ الدقهلية: 1457 مواطن استفادوا من القافلة الطبية المجانية بقرية الخليج مركز المنصورة    الصحة العالمية تحذر من عجز أعداد الممرضين في إقليم شرق المتوسط    إلهام شاهين تشارك جمهورها صورًا من على شاطئ البحر في لبنان    وكيل وزارة الصحة يعقد اجتماعًا مع لجنة المعايشة بمستشفى سفاجا المركزي    رئيس الاتحاد الدولي للشطرنج يشكر مصر على استضافة البطولة الإفريقية    المرأة الوحيدة في استقبال ترامب.. من هي الأميرة السعودية ريما بنت بندر؟    "فخور بك".. كريستيانو يحتفل بأول ظهور لنجله مع منتخب البرتغال (صور)    جامعة برج العرب التكنولوجية تنظم الملتقى الثاني لكليات العلوم الصحية التطبيقية    رئيس الوزراء يستعرض جهود تعزيز استدامة جهاز تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة    سن الأضحية من الخروف والماعز والبقر.. يكشف عنها الأزهر للفتوى    انطلاق مسيرة دعم وتمكين فتيات «ريحانة» بمركز شباب أبنوب بأسيوط    ننشر الصورة الأولى لشاب ألقى بنفسه في ترعة الإسماعيلية    «كان يا ما كان في غزة» ينطلق في عرضه العالمي الأول من مهرجان كان السينمائي    "نيويورك تايمز": قبول ترامب للطائرة الفاخرة يتجاوز حدود اللياقة.. ومعلومات عن اطلاق عملة مشفرة لتمويل مؤسسته    النقل: وسائل دفع متنوعة بالمترو والقطار الكهربائي للتيسير على الركاب    انطلاق المسابقة العالمية للقرآن الكريم بمديرية أوقاف كفر الشيخ    قرار عاجل من المحكمة في إعادة إجراءات محاكمة متهمين بأحداث شغب السلام    الصحة العالمية: نصف مليون شخص فى غزة يعانون من المجاعة    فرص عمل بالإمارات برواتب تصل ل 4 آلاف درهم - التخصصات وطريقة التقديم    براتب 87 ألف جنيه.. تعرف على آخر موعد لوظائف للمقاولات بالسعودية    كشف ملابسات فيديو يتضمن تعدى شخصين على سيدة بالضرب في الدقهلية    بالصور- مصادرة مكبرات صوت الباعة الجائلين في بورسعيد    مصدر ليلا كورة: لا توجد أزمة في خروج حسام عبد المجيد لأداء امتحان ثم عودته    وزير الثقافة يزور الكاتب صنع الله إبراهيم ويطمئن محبيه على حالته الصحية    المشدد سنة ل3 أشخاص بتهمة حيازة المخدرات في المنيا    «بتهمة تزوير معاينة بناء».. السجن سنتين لمهندس تنظيم بمركز مغاغة في المنيا    تحديد موعد مشاركة الجفالي في تدريبات الزمالك    الأكاديمية الطبية العسكرية تفتح باب التسجيل ببرامج الدراسات العليا    استلام 145 ألف طن من القمح المحلى بمواقع التخزين بالصوامع والشون فى بنى سويف    رئيس «اقتصادية قناة السويس»: توطين الصناعة ونقل التكنولوجيا هدف رئيسي باستراتيجية الهيئة    جدول مواعيد امتحانات الترم الثاني 2025 في محافظة أسيوط جميع الصفوف    كييف تعلن إسقاط 10 طائرات مسيرة روسية خلال الليل    مصرع شاب غرقا فى حوض مياه بالشرقية    موعد مباراة الأهلي والترجي التونسي في نهائي كأس السوبر الافريقي لكرة اليد    ولي العهد السعودي في مقدمة مستقبلي ترامب لدى وصوله إلى الرياض    وزير الخارجية الباكستاني: "المفاوضات مع الهند طويلة الأمد وضرباتنا كانت دفاعًا عن النفس"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«الأهرام» يفتح ملف تعاملات المواطنين مع المصالح الحكومية..
لدينا موظف لكل 17 مواطنا.. والنسبة العالمية موظف لكل 80
نشر في الأهرام اليومي يوم 19 - 06 - 2019

* النحاس : قانون الخدمة المدنية قضى على الوساطة والمحسوبية .. والأزمة فى كثرة طلب الوظائف
* الجهاز الإدارى تعرض لضغوط فى الماضى لتعيين أبناء العاملين دون شروط
* حكاية أم تربى أيتاما مع تأمينات «الألفى» لتصحيح خطأ الكمبيوتر وصرف المعاش دون جدوى



عندما تدخل أى مقر حكومى تابع لأى وزارة أو مؤسسة بالدولة تجد زحاما لا يطاق وموظفا يلتف حوله عدد كبير من المواطنين ربما يعلو صوت أحدهم غاضبا بسبب انشغال الموظف أو عدم قدرته على انهاء المطلوب منه هذا المشهد يتكرر فى بعض المستشفيات الحكومية والادارات التعليمية والسجل المدنى وغيرها، واذا حالفك الحظ وذهبت لانهاء مصلحة على سبيل المثال بمقر التأمينات الاجتماعية بشارع الالفى وسط القاهرة ، ستجد نفسك محشورا داخل مبنى ضخم يتكون من 10 طوابق، به بهو واسع، ضاق من كثرة المترددين عليه، حيث الزحام على منافذ خدمة المواطنين الذين تتداخل أصواتهم مع صراخ الموظفين فى وجوههم لكثرة عددهم وطلباتهم ، وليس أمامهم سوى الصبر والانتظار وتحمل كل ما يحدث ، ثلاثية متكررة يتعرض لها يوميا كل من يذهب الى مصلحة حكومية الزحام ، الاهمال، الموظف الكسول، فضلا عن نقص عدد الموظفين فى بعض المصالح الخدمية.
«الاهرام» تفتح ملف الموظفين والمواطنين بعد توقف التعيينات منذ سنوات ، أملا فى ايجاد حلول بديلة لانهاء المعاناة فى المصالح الحكومية، ومن ثم انهاء طلبات المواطنين .
نشير أولا الى ان كثيرين يتفهمون دوافع الحكومة أخيرا عندما اتخذت قرارها بمنع التعيينات الجديدة، بموجب القانون لتخفيف العبء عن كاهل الموازنة ووقف حالة الانهيار المالى فى معظم القطاعات ، وحسب الدكتور صفوت النحاس رئيس الجهاز المركزى للتنظيم والادارة ، وأمين عام مجلس الوزراء الاسبق فإن الجهاز الادارى للدولة كان يعين موظفا لكل 13 مواطنا قبل 25يناير، وأصبح حاليا يوجد موظف لكل 17 مواطنا ولا يزال لدينا فائض كبير جدا بالجهاز الادارى للدولة لان النسبة المتعارف عليها عالميا موظف لكل 80 مواطنا تقريبا .
خطأ الكمبيوتر
ورغم أهمية ما قاله الدكتور النحاس، الا أن المشاهد فى بعض الاماكن تبدو مختلفة فها هى المرأة الستينية جاءت لتبحث عن حل فى مكتب التأمينات الرئيسى لتصحيح خطأ كمبيوتر لا ذنب لها فيه، فهى اعتادت على صرف معاشها الشهرى منذ ثلاثين عاما برغم أنه بسيط ولا يكفى متطلبات حياتها هى وأربعة أبناء أيتام .. ذهبت للصرف من مكتب تأمينات التبين بحلوان وبعد انتظار طويل أكد لها الموظف انه تم تغيير حالتها الاجتماعية من أرملة لعزباء نتيجة خطأ من الكمبيوتر، فعليها التوجه لشارع الالفى لتصحيح الخطأ، لم تنتظر كثيرا، ذهبت من الصباح الباكر وبمجرد وصولها انتظرت دورها أكثر من ساعتين لتفاجأ بعطل فى النظام الالكترونى «السيستم» ، وعادت فى اليوم التالى لتفاجأ بطابور أطول وانتظار اكثر الى ان جاء دورها، فاذا بالموظف يطلب منها الذهاب للازبكية لتعديل شهادة الميلاد ، وبالفعل ذهبت وعادت مرة اخرى لمكتب التأمينات فى يوم جديد بطابور جديد وزحام مختلف، ليخبرها الموظف بأن اوراقها تحتاج الى ختم من الدور السابع، فتصعد للدور المذكور ويبلغها الموظف بضرورة النزول للدور الثالث ، وبعدها يطلب منها الرجوع الى الارضى لتقف فى طابور جديد ، وبمواجهتها للموظف المنزعج من ضغط الطابور وكثرة المواطنين لم يفهم طلبها وقام بتعطيلها و(توزيعها ) على حد قولها بعد صراخه فى وجهها، ولم يكن أمامها سوى العودة لتحديث بياناتها فى أقرب وقت .
بعض المصالح الحكومية بحاجة لمزيد من الموظفين تصوير أحمد عارف
مشاهد معاناة المواطنين والموظفين معا لا تنتهى نتيجة كثرة العمل وقلة العدد فى بعض المصالح الحكومية ففضلا عن عدم إلمام الكثير منهم بالمهارات المطلوبة للكمبيوتر، وبالتالى تتكرر الأعطال وكما تقول هالة أحمد الشابة المطلقة من عدة اشهر ولا تعمل وتسعى للحصول على معاش والدها المتوفى منذ ثلاث سنوات، والتى توجهت لمكتب التأمينات واكد لها الموظف ان اوراقها ستنتهى بالمبنى الثانى ، وحين ذهبت حسبما اكد الموظف فاذا بالموظف الآخر يخبرها بان اجراءاتها ستنتهى من المبنى الذى جاءت منه بالدور السابع ، وبالفعل ذهبت لتجد الموظف يخبرها بالنزول للدور الثالث لتتفاجأ بموظفة تقول لها ( مش فاضيين لك ) اجراءاتك ستنتهى من الدور الارضي، لتصاب بإحباط شديد نتيجة أفعال الموظفين وهكذا .
وباستياء شديد يقول مصطفى حسن بالمعاش : ما ذنبنا فى قلة عدد الموظفين بالمصالح الحكومية فنحن نعانى ضغوطا كثيرة ونتحمل مشقة المواصلات وانتظار الطوابير، و لا نحصل على خدمة تليق بأعمارنا ولا نجد من يلبى احتياجاتنا برفق ، مؤكدا ان ذلك لا يحدث فى التأمينات الاجتماعية وحدها وانما بكل المصالح الحكومية .
سبب الأزمة
وبسؤال الدكتور صفوت النحاس حول سبب الازمة: هل يعود الى القانون حاليا ، أم سوء توزيع الموظفين على المصالح؟! فأجاب : القانون 81 لسنة 2016 قضى على التعيينات العشوائية فى الجهاز الادارى للدولة ، ووضع قواعد شفافة دون تمييز او محاباة خاصة بالتعيين ،أما فى السابق فقد كانت التعيينات تتم وفقا للقانون 47 لسنة 78، حيث تحدد الجهة الدرجات الخالية بها وتأخذ موافقة الجهاز المركزى للتنظيم والادارة ، ثم ينشر الاعلان فى احدى الصحف الكبرى ، ثم تأخذ موافقة على التعيين مؤقتا لمدة عام ، ثم صدر تعديل ثان بالقانون بمد الخدمة للمؤقتين بأكثر من سنة ، ثم صدر تعديل ثالث بأن المؤقت يتم تثبيته اذا استمر ثلاث سنوات ، فكان بمثابة باب خلفى لتعيين اقارب العاملين فلا يطالبون جهاز التنظيم والادارة بتعيينات دائمة لانها كانت تتم وفق ضوابط محددة ، وتلك الضوابط كانت تمنع المواطنين من تعيين اولادهم، فكان هناك ظواهر غريبة حاولنا القضاء عليها ، لان الموظفين العاملين بادارات شئون العاملين يقومون بتعيين ابنائهم وهم طلاب بالجامعة سواء بالثانوية العامة او بشهادة متوسطة لحين انتهاء دراستهم يتم تعيينهم بالمؤهل الأعلى ، وهو ما أدى الى احتقان شديد لدى المتفوقين الذين يتم استبعادهم .
ويكمل النحاس لذلك كان لابد من التدخل لوقف سيل التعيينات المؤقتة التى تتحول لدائمة دون ضوابط، فالقانون الجديد 81 لسنة 2016 حدد الوحدات التى تتقدم لجهاز التنظيم والادارة ويتم تجميع طلباتها والاعلان على الموقع الالكترونى للجهاز مرة او مرتين بالعام، بعد موافقة مجلس الوزراء ثم يتقدم الراغبون بالتعيين، ويتم عمل امتحان الكتروني، ويتم التعيين وفقا لنتيجة الامتحان ، وهذا القانون أحدث تغييرا شاملا فى اسلوب التعيينات.
ويرى انه من الممكن نقل بعض الموظفين من اماكن مكدسة الى اخرى ، ولتبدأ كل جهة بعمل دراسة حول عدد الموظفين لديها حسب تخصصاتهم ، ولكن بشروط اذا كان بنفس المجموعة والمسمى الوظيفى ، ولا يمكن نقله قصرا أى لابد ان يكون موافقا على حسب مكان العمل من محل سكنه، فالموظف له الحق الكامل فىالاعتراض.
سألت الدكتور صفوت النحاس بحكم خبرته هل توجد لدينا أزمة فى التعيينات ؟ قال : ليس لدينا ازمة بالتعيينات بالجهاز الادارى للدولة انما هناك طلب على التعيين والجهاز ليس لديه اماكن خالية للتوظيف، فالوظائف مشغولة ولا يوجد اخرى ممولة وخالية ، فالازمة ليست بجهة العرض انما بجهة الطلب، فالطلب كبير جدا ، والسياسة التى انتهجها رئيس الجمهورية بشجاعة هى معالجة المشكلات المزمنة التى أدت الى انهيار المرافق والاهمال والتسيب ، فاتخذ اجراءات حاسمة ولكن ليس هناك ما يمنع من التعيينات حسب القانون، والدليل أن هناك معيدين يتم تعيينهم بالجامعات وهناك تعيينات بالقطاع الطبى كله، فالذى يتخرج فى الجامعات الخاصة او الحكومية يتم تكليفه بالجهاز الادارى للدولة من اطباء اسنان ، وممرضين وصيادلة والخريجون من كليات العلاج الطبيعى يتم تعيينهم كل عام نظرا للحاجة اليهم، لذلك الازمة فى الطلب فخريجو بعض الكليات يطلبون التعيينات لكن لا يوجد وظائف لتخصصاتهم.
مشكلات تراكمية
وبحسب الدكتور ماهر الصواف استاذ الادارة العامة بأكاديمية السادات للعلوم الادارية، يعانى الجهاز الإدارى للدولة فى مصر مشكلات عديدة تراكمت منذ سنوات طويلة ، ولعل أخطرها ما يتعلق بترهل هذا الجهاز نتيجة السياسات الاشتراكية التى أضعفت فرص الاستثمار الخاص، وفرص العمل ، وأدت الى التوسع فى التعيين بالأجهزة الحكومية دون دراسة للاحتياجات الفعلية من العاملين كما ونوعا، ودون الالتزام بقاعدة الشخص المناسب فى المكان المناسب، وارتفعت نتيجة لهذه السياسات نسبة العمالة الفائضة (أو البطالة المقنعة)، فى غالبية الأجهزة الحكومية ، بل و أصبح هذا الوضع المعيب إداريا أكثر حدة وأوسع نطاقًا بعد 25 يناير، فقد زاد عدد موظفى الجهاز الإدارى للدولة مليون موظف بسبب تعيين الأقارب فى هذه الفترة و الوساطة، وهكذا بلغ عدد العاملين بالجهاز الحكومى ما يزيد على 6ملايين ونصف المليون، واصبح لكل 13 مواطنا موظف، فى حين ان المتوسط العالمى هو موظف لكل 75 مواطنا ، وفى فرنسا بلغت النسبة موظف لكل 114 مواطنا، وفى تقديرى والكلام ما زال للدكتور ماهر ، هذا الوضع جعل الدولة غير قادرة على تحسين أجور العاملين بالجهاز الحكومي، بما يتواكب مع الظروف الاقتصادية الحالية لما قد يشكله ذلك من عبء كبير على الموازنة العامة ، وأدى ذلك بدوره إلى ارتفاع مستوى عدم رضاء الموظف العام، وتفشى ظواهر الإهمال والفساد والاشتباكات اليومية بالمصالح الحكومية .
واوضح ان هناك جهودا حكومية عديدة وجادة لمواجهة تضخم الجهاز الإدارى للدولة، بدأت بعد ثورة 30 يونيو2013 ،حيث تم تعديل قانون العاملين المدنيين رقم 47 لسنة 1978، والذى كان يجيز للوحدات الحكومية أن تعلن عن الوظائف الخالية بها فى صحيفتين يوميتين ويعطى الحرية كاملة للوحدات لتحديد الوظائف التى يكون شغلها بامتحان ، وتلك التى تشغل بدون امتحان طبقا للمادة 17 ، فضلا عن ترك الباب مفتوحا للتعاقد المباشر مع الأفراد للعمل بالصناديق الخاصة التى تنشئها الوحدات الحكومية ، والذين تم تعيينهم بعد ذلك فى وظائف دائمة - ولا ننسى ان هذه الحرية غير المنضبطة للسلطة المختصة بالوحدات الحكومية تعرضت لضغوط لتعيين ابناء العاملين والأقارب ، وخاصة ضغوط من بعض المسئولين والنواب وأقاربهم، وذلك دون الالتزام بضوابط وشروط التعيين الموضوعة واحترام مبدأ تكافؤ الفرص والمساواة بين المواطنين، لذا جاء قانون الخدمة المدنية ليقيد ذلك حيث نص على انه على الوحدات الحكومية إعداد جدول للوظائف ، ويختص رئيس الجهاز المركزى للتنظيم والإدارة باعتماده ومراجعة حجم الموارد البشرية اللازمة لكل منها، فى ضوء احتياجاتها الفعلية ، كما انه نص بوضوح تام بأن يكون التعيين على أساس الكفاءة والجدارة دون محاباة ، أو وساطة من خلال إعلان مركزى على موقع بوابة الحكومة المصرية، متضمنا البيانات المتعلقة بالوظيفة وشروط شغلها على نحو يكفل تكافؤ الفرص والمساواة بين المواطنين، ويكون التعيين فى تلك الوظائف بامتحان ينفذه الجهاز من خلال لجنة للاختبار ، ويشرف عليه الوزير المختص، على أن يكون التعيين بحسب الأسبقية الواردة فى الترتيب النهائى لنتيجة الامتحان ( مادة 12) .
التعاقد المباشر
وردا على مايطالب به البعض بالتوسع فى التعاقدات لتلبية احتياجات المؤسسات قال الصواف :لقد قيد قانون الخدمة المدنية سياسة التعاقد المباشر مع بعض الأفراد للعمل بالوحدات الحكومية - التى استخدمت كأسلوب ملتو للتعيين والتهرب من الإعلان عن الوظائف الشاغرة - حيث اشترط القانون ان يكون ذلك فى حالات الضرورة، ومن ذوى الخبرات فى التخصصات النادرة ، ووفقا للشروط والضوابط التى حددها القانون، وبالنسبة للتعيين فى الوظائف القيادية فقد نص قانون الخدمة المدنية على أن التعيين فى الوظائف القيادية والإدارة الإشرافية عن طريق مسابقة يعلن عنها على موقع بوابة الحكومة المصرية ، ويكون التعيين من خلال لجنة للاختيار لمدة أقصاها ثلاث سنوات.
واعتقد أن قضية إصلاح الجهاز الإدارى والحد من ترهله، وزيادة قدرته وكفاءته أمر بالغ الأهمية، لتحقيق التنمية المرغوبة. فرغم محاولات الإصلاح وتطوير الجهاز الإدارى فى مصر، إلا انه من الأهمية مراجعة الهياكل التنظيمية للوحدات الحكومية، وعدد الوظائف بكل منها ، وتحديد الاحتياجات الفعلية من القوى البشرية سواء من حيث الكم أو الكيف، وبما يتوافق مع الأهداف المرسومة وحجم الأعمال ،والتعرف على العمالة الزائدة والنظر فى حسن استخدامها بشكل أفضل فى وحدات إنتاجية أو خدمية أو عسكرية بعد إلحاقهم بدورات للتدريب التحويلي.
وقبل أن نختتم هذا الموضوع كنا نود أن نضيف وجهة نظر المسئولين بوزارة التخطيط ، لكن أكثر من مسئول رفضوا الحديث وقالوا إن المتحدث الإعلامى للوزارة هو المنوط به التحدث الى الصحفيين ، ورغم تواصلنا مع الأستاذ رامى جلال المتحدث الرسمى لوزارة التخطيط، الا أنه لم يرد ولم يتجاوب لمدة تقترب من أسبوعين .
انتهى التحقيق وتبقى المشكلة قائمة، فمصالح حكومية خاوية وأخرى مكدسة بالعاملين ، بينما المواطنون يعانون فهل تبحث الحكومة عن حل ؟ .

ماهر الصواف : إعداد تصميم جديد للوظائف تدريجيا
يطالب الدكتور ماهر الصواف استاذ الادارة العامة بأكاديمية السادات بضرورة البدء بدراسة الوضع الحالى لعدد الوظائف وإعداد تصميم جديد للوظائف ( إعادة الهندسة ) تدريجيا ، بحيث تشمل كل وظيفة عددا واضحا من الأنشطة والواجبات والمهام المحددة والكافية للاستغلال الجيد لساعات العمل اليومية، مع مراجعة بيانات بطاقات الوصف المتاحة حاليا بالوحدات الحكومية التى أصبحت لا تتفق مع الواقع العملي، ولا شك أن ذلك سيسهل تقويم أداء شاغلى الوظائف ومحاسبتهم بشكل موضوعى عند التقصير فى أداء واجباتهم المحددة ببطاقات الوصف ،
ويرى أن أحد أهم عقبات تطبيق إعادة الهندسة الإدارية للوحدات الحكومية ، أن هناك أعدادا كبيرة من الإدارة العليا بالوحدات الحكومية لم يصدر لهم قرار بالتعيين فى الوظائف العليا ، ومكلفون بالقيام بأعمال هذه الوظائف القيادية لتيسير الأعمال ، ومن ثم فهم غير محفزين لتحمل مسئولية تطوير الأعمال أو حتى متابعة مرءوسيهم وحثهم على تحسين الأداء.
ويطالب بتطبيق كل ما جاء بقانون الخدمة المدنية، فيما يتعلق بنظام التعيين للوظائف القيادية وغيرها من الوظائف التنفيذية أو الإشرافية، وفق خطة معلنة إعلاميا والكترونيا ، مع حسن اختيار أساليب الامتحانات المركزية بما يضمن تحقيق المساواة وتكافؤ الفرص و تجنب الضغوط المجتمعية ، مع ملاحظة أن نجاح أى خطوات تهدف إلى تطوير العمل الحكومى يحتاج لدعم الإدارة العليا ، والاقتناع بأهمية الحد من ترهل الجهاز الإدارى ، لذا يجب العمل على شغل الوظائف القيادية الشاغرة منذ سنوات طويلة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.