الري: 17 تجمعا تنمويا و556 منشأ للحماية من أخطار السيول لخدمة أهالي سيناء    محافظ الجيزة يهنئ الرئيس السيسي بالذكرى ال42 لعيد تحرير سيناء    رئيس الأساقفة يهنئ السيسي بعيد تحرير سيناء    مفاجأة جديدة في أسعار الذهب اليوم الخميس 25 -4 -2024 بعد تباين السعر محليا وعالميا    تغيير ساعة المترو.. العمل بالتوقيت الصيفى يبدأ الجمعة    تراجع أسعار البيض اليوم الخميس 25-4-2024.. «طبق الأبيض ب140 جنيها»    محافظ قنا: 88 مليون جنيه لتمويل المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر خلال العام الحالي    غدا.. انقطاع المياه عن بعض مناطق القاهرة    ارتفاع عدد ضحايا الحرب في قطاع غزة إلى 34305 قتيلًا و77293 جريحًا منذ 7 أكتوبر الماضي    احتجاجات بالجامعات الأمريكية.. الشرطة تقمع المتظاهرين المناهضين لعدوان الاحتلال الإسرائيلي على غزة    ارتفاع ضحايا العدوان الإسرائيلي على غزة إلى 34 ألفا و305 شهداء    مواجهات نارية في نصف نهائي بطولة الجونة للإسكواش.. ومصر تضمن لقب الرجال    سيدات يد الأهلي يواجه بترو أتلتيكو بنصف نهائي كأس الكؤوس الإفريقية    "لو أمامي لن يقول ذلك".. المدير التنفيذي لفيوتشر يتهم نجم الزمالك بالكذب    مصرع وإصابة 10 أشخاص إثر تصادم سيارتين في البحيرة    رسائل تهنئة شم النسيم 2024: إشاعة البهجة والفرح في الأجواء الربيعية    حظك اليوم وتوقعات الأبراج 25 أبريل 2024: مكاسب مالية في الطريق ل«الحوت»    الصحة: فحص 6 ملايين و389 طفلًا ضمن مبادرة الرئيس للكشف المبكر وعلاج ضعف وفقدان السمع    بعثة الزمالك تغادر مطار القاهرة استعدادا للسفر إلي غانا لمواجهة دريمز    فرج عامر: لم نفكر في صفقات سموحة حتى الآن.. والأخطاء الدفاعية وراء خسارة العديد من المباريات    وزير النقل يشهد توقيع عقد تنفيذ أعمال البنية الفوقية لمشروع محطة الحاويات تحيا مصر 1 بميناء دمياط    «الأرصاد»: انكسار الموجة الحارة اليوم.. والعظمى على القاهرة الكبرى تسجل 36 درجة    مواعيد المترو بعد تطبيق التوقيت الصيفي.. اعرف جدول تشغيل جميع الخطوط    الشواطئ العامة تجذب العائلات في الغردقة هربا من الحر.. والدخول ب20 جنيها    نشرة مرور "الفجر ".. سيولة بمحاور القاهرة والجيزة    طرح محال وصيدلتين ومخبز واستغلال أماكن انتظار مركبات بالعبور بالمزاد العلني    «الإسكان» تسترد 9587 متر مربع من الأراضي المتعدى عليها بالسويس الجديدة    بيع لوحة فنية للرسام النمساوي جوستاف كليمت بمبلغ 30 مليون يورو في مزاد بفيينا    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس25-4-2024    أمر عجيب يحدث عندما تردد "لا إله إلا الله" في الصباح والمساء    هل يوجد فرق بين صلاتي الاستخارة والحاجة؟ أمين دار الإفتاء يوضح    باريس سان جيرمان يتحرك لضم نجم برشلونة في الميركاتو الصيفي    هيئة الرعاية بالأقصر تعلن رفع درجة الاستعداد تزامنا مع خطة تأمين ذكرى تحرير سيناء    الصحة: 3.5 مليار جنيه لإنجاز 35 مشروعا خلال 10 سنوات في سيناء    احتجاجات طلابية في مدارس وجامعات أمريكا تندد بالعدوان الإسرائيلي على غزة    لأول مرة .. أمريكا تعلن عن إرسالها صواريخ بعيدة المدى لأوكرانيا    في حماية الاحتلال.. مستوطنون يقتحمون باحات المسجد الأقصى    أستاذ دراسات دولية: الصين تسعى لتهدئة الأوضاع في الحرب الروسية الأوكرانية    الكنيسة الأرثوذكسية تحتفل بجمعة ختام الصوم غدا| تفاصيل وطقس اليوم    إصابة 9 أشخاص في تصادم سيارتين بأسيوط    حبس المتهم بإنهاء حياة شخص بسبب الخلاف على المخدرات بالقليوبية    تفاصيل اجتماع أمين صندوق الزمالك مع جوميز قبل السفر إلى غانا    علماء بريطانيون: أكثر من نصف سكان العالم قد يكونون عرضة لخطر الإصابة بالأمراض التي ينقلها البعوض    الأكثر مشاهدة على WATCH IT    مشاجرات خلال اعتقال الشرطة الأمريكية لبعض طلاب الجامعة بتكساس الرافضين عدوان الاحتلال    بسبب روسيا والصين.. الأمم المتحدة تفشل في منع سباق التسلح النووي    بالصور.. نجوم الفن يشاركون في تكريم «القومي للمسرح» للراحل أشرف عبد الغفور    الفندق عاوز يقولكم حاجة.. أبرز لقطات الحلقة الثانية من مسلسل البيت بيتي الجزء الثاني    المنيا.. السيطرة على حريق بمخزن أجهزة كهربائية بملوى دون خسائر في الأرواح    الاحتفال بأعياد تحرير سيناء.. نهضة في قطاع التعليم بجنوب سيناء    هل يجوز قضاء صلاة الفجر مع الظهر؟.. «الإفتاء» تحسم الجدل    رئيس «الطب النفسي» بجامعة الإسكندرية: المريض يضع شروطا قبل بدء العلاج    تقسيط 30 عاما.. محافظ شمال سيناء يكشف مفاجأة عن أسعار الوحدات السكنية    توجيهات الرئيس.. محافظ شمال سيناء: أولوية الإقامة في رفح الجديدة لأهالي المدينة    مش بيصرف عليه ورفض يعالجه.. محامي طليقة مطرب مهرجانات شهير يكشف مفاجأة    اسكواش - ثلاثي مصري جديد إلى نصف نهائي الجونة الدولية    الزكاة على أموال وثائق التأمين.. الإفتاء توضح أحكامها ومتى تجب    فريد زهران: نسعى لوضع الكتاب المصري في مكانة أفضل بكثير |فيديو    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بابا.. جاى
نشر في الأهرام اليومي يوم 15 - 06 - 2019

21 يونيه.. عيد الأب.. يوم الأصالة والانتماء وامتداد الجذور والفروع والطرح من بدرى ومتأخر، واسم العائلة وفحوى اللقب وفصيلة الدم ووشائج النسب وشعاب العشيرة واللون واللغة والجنس وإنت ابن مين فى البلد؟! وأبًا عن جد، والعرق يمد لسابع جد.. وأبويا راح وأبويا جاى والله وكيلى وأبويا وكيلى وروح كلم أبويا الكلمة كلمته والقولة قولته والشورة شورته رجل البيت سيد الدار عامود الخيمة والوتد، وأهل أبويا من الصعيد ياكلوا الحديد، وإن كبر ابنك خاويه واسم النبى حارسه وضمنه البِكرى حسين ومحمد آخر العنقود وفاطمة الزهراء أم أبيها وبيت أبويا وعز أبويا وحِكمة أبويا وتبحره فى الدين يُجلسه فى نظر طفولتى فى مقام الصحابة والخلفاء الراشدين.. وأبويا كان فتى العصر يلوى الشلن الفضة فى كلوة يده وإيده طرشة الله يرحمه يقول فين يوجعك. أبويا كان جبل.. صخرة.. ملجئًا وملاذًا.. يحجّم كل معتد وفى حياته لم يمد كائنًا ما كان رِجله فى غير موضع يحدده له، أو ينبس ببنت شفه خارج حدود قانونه الوضعى. الكل يعمل له ألف حساب. يدخل ويقفل الباب وفين يوجعك وسيبونى أربيه.. وأكبر فى كنف أبى فى رباية أبى على صيت أبى حتى ينال أبى التعب، ومال الولد للوالد «وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقُل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما واخفض لهما جناح الذُل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربيانى صغيرا».. وأعظم البر بهما الإنفاق عليهما إذا ما احتاجا للنفقة وكان الأبناء قادرين وذلك لقول النبى عليه الصلاة والسلام: «إن أطيب ما أكل الرجل من كسبه وإن ولده من كسبه» و«أنت ومالك لأبيك» ولا يحق للولد أن ينفق من مال والده إلا بإذنه، ويعد عقوق الابن والتهاون فى حقوق الأب من الكبائر، ومن حقوقه على ولده بعد وفاته الذِكر والصلاة والصيام، وإذا ما زوَّج الوالد ولده الصغير مع فقره، فالمهر عهدة على الوالد.. وإبراهيم النبى قال لابنه إسماعيل إنى أرى فى المنام أنى أذبحك فانظر ماذا ترى؟ رد إسماعيل «يا أبت افعل ما تؤمر ستجدنى إن شاء الله من الصابرين».. «وفديناه بذبح عظيم».. ويزوره فى غيابه ليلقى امرأته شكاءة نكدية فيأمره بتغيير عتبته، ويسمع إسماعيل النصيحة ويتزوج بأخرى شاكرة حامدة.. ونوح عليه السلام سمع نداء ربه «واصنع الفُلك بأعيُننا ووحينا».. وفار التنور.. «واركبوا فيها باسم الله مجريها ومرساها»، «ونادى نوح ابنه وكان فى معزل يا بنى اركب معنا ولا تكن مع الكافرين قال سآوى إلى جبل يعصمنى من الماء، قال لا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رَحِم.. وحال بينهما الموج فكان من المغرقين وقضى الأمر».. «ونادى نوح ربه فقال رب إن ابنى من أهلى وإن وعدك الحق وأنت أحكم الحاكمين.. قال يا نوح إنه ليس من أهلك. إنه عمل غير صالح فلا تسألن ما ليس لك به عِلم إنى أعظُك أن تكون من الجاهلين»..
الرئيس الأب يحتضن أبناء الشهداء يضعهم فى العين والقلب وبؤرة الاهتمام..
{ ويُنادى الرب عبده زكريا من الملأ الأعلى ويعجل له البُشرى «إنا نُبشرك بغلام اسمه يحيى لم نجعل له من قبل سميا» لينفرد يحيى بالاسم والصفة التى لم ترد سوى مرة واحدة بكتاب الله ليكون الأوحد الذى نسب إليها.. إلى حنان من وراء العقل لأنه «حنانا من لدنا».. يحيى من أتى به الخالق معجزة للخلق من أب تجاوز المائة «وهن العظم منى واشتعل الرأس شيبا».. حياة من بعد موات. «كذلك قال ربك هو علىّ هين وقد خلقتك من قبل ولم تك شيئا»، ويُذبح الابن يحيى ويفصل الرأس الكريم عن الجسد ليقدم على طبق من فضة فى بلاط ملك ظالم مقابل رقصة آثمة، ومن قبل ذُبح الأب زكريا فى المحراب الذى نادته فيه الملائكة وذنبه أنه لم يرشد إلى طفله الرضيع ليذبح ضمن آلاف الرضع بعدما توهم هيرودس خطرًا من ميلاد طفل سينازعه ملكه كما قالت النبوءة .
{ «إذ قالوا ليوسف وأخوه أحب إلى أبينا منا ونحن عصبة إن أبانا لفى ضلال مبين».. واجتمع رأيهم «اقتلوا يوسف أو اطرحوه أرضا يخل لكم وجه أبيكم وتكونوا من بعده قوما صالحين».. «وجاءوا على قميصه بدم كَذِب قال بل سولت لكم أنفسكم أمرًا فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون».. «وابيضت عيناه من الحزن فهو كظيم».. و..ارتد له البصر بعدما مسح وجهه بقميص يوسف «اذهبوا بقميصى هذا فألقوه على وجه أبى يأت بصيرًا وأتونى بأهلكم أجمعين».. «فلما دخلوا على يوسف آوى إليه أبويه وقال ادخلوا مِصر إن شاء الله آمنين».. ورغم قسوة الأبناء خاف عليهم الأب من عين الحسود «وقال يا بَنىَّ لا تدخلوا من باب واحد وادخلوا من أبواب متفرقة».
{ وكان قد جاوز الستين التى فيها فقد أبناءه وبناته ولم يبق له سوى فاطمة.. ولقد مضت سنوات عشر من بعد وفاة خديجة وزواجه من عائشة وسائر أمهات المؤمنين ولم يعقب.. محمد صلى الله عليه وسلم من أنجبت له مارية القبطية المصرية الابن إبراهيم ليؤنس قلبه ويزيّن حياته ويزداد تعلقًا به كلما أشرقت ابتسامة البراءة فى وجه النبى لتعمق وشائج الرحمة حتى ليمر كل يوم بدار أمه يغذى النفس بضمه إلى صدره بمشاعر الأبوة الفياضة عطفًا لا عطف بعده، وتأخذ الغيرة أمهات المؤمنين لهذا الحب الذى رفع أم إبراهيم عن مقام السرارى إلى مقام الزوجات، ويخرج بهن الغضب إلى ما لم يعوّدنه فلا يصرفه ذلك عن لقاء الإشراقة والضحكة والضمّة والرؤية والثغاء والمداعبة لصغيره الذى ينمو ليزداد شبهًا به فيحمله بين ذراعيه إلى عائشة يطلعها على مدى الشبه فتُنكره بقولها: كل من سقى ألبان الضأن سمن وأبيض.. ولم تدم أيام الهناء.. إبراهيم يمرض.. يسرع به المرض فى طريق الخطر لتذبل نضارته ويبهت لونه ويشتد الألم بأبيه فيتساند فى مسيرته على عبدالرحمن بن عوف من المدينة إلى النخل بجوار العالية من ضواحى المدينة، حيث تقيم مارية تمرض ابنها وتُعينها أختها سيرين.. ويرى النبى صغيره الذاوى فى حجر أمه فيملأ الألم قلبه وتذرف بالدمع عيونه، ويجلس بجوار مارية الملهوفة وهو أشد ما يكون وجلا وخوفًا وجزعًا.. يتناول منها إبراهيم إلى حِجره ناظرًا إليه بلوعة قائلا: «إنّا يا إبراهيم لا نغنى عنك من الله شيئا» ولا توقظ الطفل فى سكرة الموت صرخة الأم ولا دمع أبيه الحار «يا إبراهيم تدمع العين ويحزن القلب ولا نقول إلا ما يرضى الرب وإنّا يا إبراهيم عليك لمحزونون»، ويواسى الرسول مارية وأختها فيذكر لهما أن لإبراهيم مرضعًا فى الجنة، ويقوم ومعه عمه العباس وطائفة من المسلمين يشيعون إبراهيم بعدما غسلوه وحملوه على سرير صغير للبقيع، حيث صلى عليه الرسول وسوى على قبره بيده بعد دفنه وحين رش الماء على القبر وعلّم عليه بعلامة قال: «إنها لا تضر ولا تنفع، ولكنها تقر عين الحى وإن العبد إذا عمل عملا أحب الله أن يتقنه»، ويغادر الناس البقيع بعد موت إبراهيم فإذا الشمس تكسف وإذا النهار يمحى فيحسبونها معجزة شارك الكون بها رسول الله فى حزنه، ويسمعهم صلى الله عليه وسلم فيقول: «إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا تخسفان لموت أحد ولا لحياته، فإذا رأيتم ذلك فافزعوا إلى ذِكر الله بالصلاة».. ويزور الرسول البقيع عشرات المرات. يأتى إليه كلما مات له صاحب يُصلى عليه ويقف حتى يوارى جثمانه التراب.. وكان يأتى وحده أو مع أصحاب له للصلاة على من فى البقيع والاستغفار لهم ومناجاتهم، وكثيرًا ما ناجى أنصاره الذين استشهدوا فى سبيل الله، وكانت آخر زيارة فى مرضه الأخير عندما أرق فى ليله فخرج ومعه مولاه أبو مويهبة وذهب للبقيع ليقف بين المقابر يخاطب أهلها: «السلام عليكم يا أهل المقابر» فقد كان يرى أن الذى ينتقلون من بيننا يبقى اتصالهم بنا حتى ليسمعوننا وإن كانوا لا يستطيعون أن يجيبونا.
{ ويكاد نزار قبانى لا يصدق موت أبيه:
أنا لا يموت أبى..
هنا رُكنه تلك أشياؤهُ. جريدته. تبغُهُ. مُتَّكأهُ
كأن أبى بعدُ لم يذهبِ
وصحن الرماد وفنجانه
على حاله بعدُ لم يشرَبِ
ونظارتاه أيسلو الزُجَاجُ
عيونا أشفَّ من المغرب
بقاياه فى الحجرات الفِساح
بقايا النسور على الملعب
أجولُ الزوايا عليه فحيثُ
أمرُّ.. أمرُّ على مُعشِبِ
أشد يديه.. أميل عليه
أصلىِّ على صدره المُتعب
أبى.. لم يزل بيننا
حديث فالحكايا الحُبال توالد من ثغره الطيب
أبى خبرًا كان من جنةٍ
ومعنى من الأرحب الأرحب
وعينا أبى.. ملجأ للنجوم
فهل يذكر الشرق عينَى أبى؟
بذاكرة الصيف من والدى
..كرومٌ وذاكرة الكوكب
أبى يا أبى.. إن تاريخ طيبٍ
..وراءك يمشى فلا تعتبِ
حملتك فى صحو عينىّ حتى تهيأ للناس
أنى أبى.. أشيلك حتى بنبرة صوتى
فكيف ذَهبت.. ولازلت بى؟
فتحنا لتموز أبوابنا
ففى الصيف لابدَّ يأتى أبى..
ويأتى ذِكر شجرة عائلة نزار على لسان شقيقه الدبلوماسى صباح فى مذكراته «من أوراق العمر» حيث كان هاجس التأسيس يتملك العائلة جيلا من بعد جيل. الجد أحمد خليل القبانى مؤسس المسرح الغنائى العربى فى الشام ومصر.. والأب توفيق الذى أتى إلى مصر فى الخامسة عشرة ليمكث على أرضها خمسة وعشرين عاما من 1894 حتى 1919 ليتعلم فيها الكثير ومنه صناعة الملبس والنوجا والشيكولاتة لينقلها لأهل الشام الذين كانوا لا يعرفون من الحلوى سوى الملبن والملضمينا، فيقيم معملا حديثًا فى دمشق.. ونزار الابن مؤسس المدرسة الشعرية الحديثة التى كانت نسيجا وحده بلغتها وتراكيبها وموضوعاتها.. وصباح مؤسس التليفزيون السورى بعد مرور مائة عام على تأسيس أبوخليل لمسرحه.. ومن مصر يقتبس الأب الدمشقى من السياسيين المصريين الأعيان هندامهم وطراز ملابسهم فسرعان ما يتخلى عن القمباز الشامى الذى أتى به إلى مصر ليظل مرتديًا البذلة والكرافتة والطربوش الأحمر ويمشى بخيلاء بقامته الرشيقة فى الأسواق لتنهال عليه التحيات ويسرع التجار لتقبيل يده، وكان معمل الملبس يقع فى أحد أحياء دمشق القديمة فى نقطة وسط ما بين المدرسة خلف سوق البزورية وبين بيت الأسرة فى حى مئذنة الشحم، وفى غدو ورواح الأنجال معتز ونزار ورشيد وهيفاء وصباح ما بين البيت والمدرسة كان لابد والمرور بالمعمل لتقبيل يد الوالد ثم التجوال الفضولى بين أوعية المواقد وتذوق أصناف الحلوى، وفى إجازة الصيف كان نزار يساعد فى تقطيع النوجا تحت إشراف الوالد إلى قطع صغيرة داخل ألواحها منتظمة الطول والعرض، أما صباح فكانت مهمته السهلة لف قطع الشيكولاتة بالورق الذهبى المقصب أو النوجا بورق السلوفان.. وظل الأب مؤمنًا طيلة حياته بأن الشيكولاتة لابد وأن تصنع يدويًا تحت إشراف صبور، ومن هنا تفخر محلات الشيكولاتة الراقية فى عواصم العالم وخاصة باريس بأن بضاعتها مصنوعة يدويًا خصيصًا لزبائنها الذوّاقة.. وتتزايد الإضرابات وتضيق السلطات الفرنسية بنشاط الوطنيين السوريين فتلقى القبض على الكثيرين ليداهم زوار الفجر بيت توفيق الحلوانى فى صيف 1939 لينقل فى سيارة مصفحة لمعتقل «تدمر» ليحكم عليه بالأشغال الشاقة، ولا يتم الإفراج عن المعتقلين إلا بعد انهيار فرنسا أمام الألمان فى الحرب العالمية الثانية، ويعلن الجنرال ديجول فى يونيو 1941 إنهاء الانتداب الفرنسى واستقلال سوريا ولبنان..
{ ويُرثى أحمد شوقى أباه عليًا عام 1897 وكأن قطعة منه قد ذاقت الموت وبقى ما على قيد الحياة كالأموات:
أنا من مات ومن مات أنا لقى الموت كلانا مرتين
نحن كنا مهجةٍ فى بدنٍ ثم صرنا مهجةً فى بدنين
ثم عدنا مهجة فى بدن ثم نُلقى جثَّة فى كفنين
ثم نحيا فى عليِّ بعدنا وبه نبعث أولى البعثتين
انظر الكون وقلْ فى وصفه قل هما الرحمةُ فى مرحمتين
ما أبى إلاّ أخ فارقته وأماتَ الرُّسْلَ إلا الوالدين
طالما قمنا إلى مائدة كانت الكسرة فيها كسرتين
وشربنا من إناءٍ واحدٍ وغسلنا بعد ذا فيه اليدين
وتمشينا يدى فى يده من رآنا قال عنّا أخوين
يا أبى والموت كأس مُرّة لا تذوق النفس منها مرتين
أشربتَ الموت فيها جُرعة أم شربتَ الموت فيها جُرعتين
لا تخفْ بعدك حُزنًا أو بكًا جمدت منِّى ومنك اليوم عين
أنت قد علمتنى ترك الأسى ليت شعرى هل لنا أن نلتقى
وإذا متُّ وأودعت الثرى أنلقى حُفرةً أم حفرتين
ولقد لمحت ما بين السطور فى مذكرات حسين بن أحمد شوقى تلك المسألة الشائكة.. المضفرة بالحساسية البالغة ما بين الأب وابنه.. استشعرت بعضًا من غيرة ضمتها حنايا صدر الابن تجاه غريب الدار الذى يفضله الوالد عليه.. حسين الابن الأصغر للشاعر أحمد شوقى لسعته نيران الغيرة من محمد عبدالوهاب الذى اختاره شوقى ربيبًا يقربه ويشجعه ويعتنى بصحته وأناقته ومزاجه وإطاره، ويكتب له بالفصحى وبالعامية أغانيه ويصحبه معه فى أسفاره ويقدمه فى صحبته الملتصقة لمجتمعات الأبهة والرفاهية والثقافات الرفيعة فى مصر والبلاد العربية وأوروبا، ولا ندرى إذا ما كان عبدالوهاب قد غنى لحسين شوقى فى الثلاثينيات مقطوعة «سهرت منه الليالى ما للغرام ومالي/ إن صدّ عنى حبيبى فلست عنه بسالى/ يطوف بالحب قلبى/ فراشة لا تبالى» على سبيل المهادنة والرثاء لحاله بسبب عدم اعتراف الأب الشاعر بشاعرية ابنه، وهناك الواقعة التى تثبت ذلك والتى أوردها حسين بنفسه فى مذكراته وكان شاهدًا عليها الشاعر حافظ إبراهيم: «كنا نذهب إلى مقهى صغير منعزل أمام فندق ميناهاوس فى عصبة بوهيمية مرحة كثيرة الصخب من أدباء وفنانين، وكان يحضر معنا فى هذه الرحلات المرحوم حافظ بك إبراهيم الذى كانت صحبته جد مسلية، غير أنه كان يضايقنى بالسيجار الذى كان يفرض علىّ تقديمه له وكان الواحد منه بثلاثين قرشًا.. سألنى حافظ بك مرة فى أثناء إحدى هذه الرحلات، وكنا قد فرغنا من تناول الطعام وشرعنا نتمشى فى الطريق المؤدى من الهرم الأكبر إلى أبى الهول قائلا: أتقول الشعر يا حسين؟ فأجبته: أجل ولكن قليلا.. فقال: إذن قل شيئًا فى الهرم أو فى أبى الهول، فقلت: أيا هرمى مصر سلام عليكما.. ولم أتمكن من تكملة البيت، عندها فكر حافظ إبراهيم لحظة ثم قال: سلام مشوق منذ خمس إليكما.. وهو يقصد بالخمس، السنوات الخمس التى قضيناها مع والدى فى المنفى قبل عودتنا.. كما أنشدته بضعة أبيات كنت نظمتها فى مناسبة أخرى، فالتفت إلى أبى وقال: أتعلم يا شوقى أن ابنك يرجى منه؟! عليك أن تتعهده ليصير شاعرًا مطبوعًا. فأجاب أبى: إنى أفضل أن يعنى هو بالنثر لا بالنظم، لأن الشِعر لا يتحمل الوسط، وحسين لا يبلغ فيه القمة، فقال حافظ بك موجهًا إلىّ الخطاب: لا تطع مشورة أبيك يا حسين، إنه يقول ذلك لأنه غيران منك إذ يخشى أن تسبقه فى يوم من الأيام! فقال أبى فى مرارة: لماذا بربك تريد أن يكون المسكين شاعرًا؟ لماذا؟! أليشقى مثلنا ويحرق أعصابه؟!» ولم يغلق شوقى على حسين فقط أبواب الشِعر، ولكنه أوصدها أيضًا بالضبّة والمفتاح فى وجه (على) الابن الأكبر منذ لحظة مولده ليبقى وحده شاعر الشوقيات، ولم يفته أن يشير فى تلميحة ذكية إلى أن أيًا من أبنائه لن يكون وريثه فى الشِعر، فالعبقرية لا تورث، وأن الله سبحانه وتعالى هو الذى هيأ شوقى فقط لهذه المهمة:
رزقت صاحب عهد وتم لى النسل بعدى
إن يحسدونى عليه ويغبطونى بسعدى
ولا أرانى ونجلى سنلتقى عند مجد
وسوف يعلم بيتى أنى أنا النسل وحدى
فيا (على) لا تلمنى فما احتقارك قصدى
وأنت منى كروحى وأنت من أنت عندى
فإن أساءك قولى كذّب أباك بوعد
{ و..عندما قام طه حسين بتوديع جيل الأبناء جاء قوله «أودعكم بقليل من الأمل وكثير من الألم»، فهل كان يقصد ابنه مؤنس ممثلا لهذا الجيل الذى كان يودعه.. لقد اختار د. مؤنس طه حسين (1921 2003) الغربة وطنًا فى باريس، واستبدل بلسانها العربى لسانًا آخر باللغة الفرنسية، وليس صحيحًا أن والده ذائع الشهرة والصيت قد أطفأه بوهجه، بل حاول طه حسين مع مؤنس الكثير ومنها دفعه إلى دارسة تأثير الآداب الإسلامية فى الأدب الفرنسى ليظل مرتبطًا بمصريته وشرقيته وآداب عروبته، لكنه اختار الغياب هناك على الحضور هنا، وكتب مذكراته باللغة الفرنسية ليموت فى بلد السين عن عمر يناهز 82 سنة، وكان الأب قد خاطب الابن صبيًا بقوله: «لقد تعوّدت ألا ترانى إلا باسمًا لك، ولكنك ستنمو وترى أن ابتسام الآباء لأبنائهم كثيرًا ما يخفى اكتئابًا وحزنا. وستعلم أن ما كنت أمنحك من الابتسام والرضى، وما كنت آتى معك من ضروب اللعب والدعابة، لم يكن خالصًا كابتسامتك ورضاك، ولا صفوًا كلعبك ودعابتك، وإنما كان يخفى من ورائه حزنًا واكتئابًا ما كان لك أن تراهما صبيًا، وما ينبغى أن تجهلهما رجلا، وما أسعد الأب حين يثق بأن ابنه يحبه عندما يكون محزونًا مظلم النفس كما يحبه مسرورًا مشرق الفؤاد»، وحول اكتئاب الأب يذكر الابن: «كان أبى مغرقًا فى التشاؤم وتنتابه أطوار من القنوط، وحدثته نفسه بالانتحار أحيانًا، وكانت تنتابه ثورات يأس لا قبل لأحد بأن يكون له فيها عونا ولا حتى زوجته، وقد هم ذات مرة بوضع كتاب اختار له عنوان «الجهد الضائع».. وكان أبى يدرك تمامًا حُسن صوته، ولم يكن يفوته أن يزهو به رغم تواضعه، وقد يبدو أنى ورثت عنه هذا الصوت، وحدث يومًا أن قال لى أحدهم فى حضور أبى إن صوتى جميل، فما كان من هذا إلا أن رد بشىء من الخبث: هذا صحيح ولكن صوته ليس فى جمال صوتى؟!».. ومثلما ابتعد ونأى مؤنس أيضًا تناءت الابنة أمينة عن الأب الضرير الذى يرسل لها يتوسل إليها يطلب منها أن يرق قلبها، ولا تسمح لمشاغل الحياة أن تنسيها المخلصين لها: أمها وأبيها.. فى 11 يناير 56 يرسل لها «ماذا أقول؟! ماذا أفعل؟! لا شيء سوى ضرب الرأس فى الجدار والتزام الصمت والغليان فى السر.. والدتك لم تستقبل أى شىء منك، ومازلت أنت الوحيدة التى لم تقل لها كلمة عزاء لوفاة أمها.. جدتك.. اكتبى إليها.. أتوسل إليك ولست فى حاجة أن أطلب منك أن تكونى (حنينة) فأنت تعلمين هذا جيدًا، يكفى أن أقول لك إنها يوم فقدانها والدتها بكت على كتفى وهى تقول بنبرات لن أنساها: (لم يبق لى سواك أنت والأبناء)».
{ وعلى عكس «أمينة» المشحوت حنانها من قبل أبوين بذلا مالا يتحمله بشر، كانت «نهى حقى» ابنة الأديب الكبير يحيى حقى صاحب قنديل أم هاشم الذى لم يذق طعم السعادة الزوجية سوى ثلاثة أشهر فقط لتترك وفاة الزوجة بعدها فى نفسه حسرة لا تنقضى.. نهى التى اشتق اسمها من معنى الآية القرآنية (لأولى النُهى) كانت لأبيها بمثابة الغيث والبلسم والابنة والأخت والصديقة التى يخاف عليها ويقلق قلقًا شديدًا لو تأخرت عن موعد ذهابها إليه بعد زواجها فتجاوز حضورها ربع ساعة مما يشعره بأن شيئا قد حدث، فيتصل ببوليس النجدة والإسعاف يسأل إن كانت حادثة قد وقعت فى الطريق، بل كان يقف فى الشارع بالروب فى انتظارها..!
وفى أحد خطاباته المتبادلة بتاريخ السبت 18 يونيو 1960 يكتب: «أمامى 4 أيام ثقيلة جدًا ابتداء من يوم الاثنين إذ لابد أن أحضر اجتماعات مجلس الاتحاد القومى فى الجامعة بالجيزة من الصبح لنصف الليل وأكثر، وليس عندى عربية ولا أدرى ماذا أفعل.. شاهدت فيلم شارع الحب يوم الخميس وهو فيلم طويل جدًا ويوم الجمعة فيلم بين الأطلال، وسأذهب اليوم لأرى الفيلم الخامس، أظن تقولين يا بخته ويا ريتنى أنا مطرحه ولكن تأكدى أننى أشرب هذه الأفلام كشربة الملح الإنجليزى والعياذ بالله. الدنيا حر جدًا هنا، وقد كتبت قصة قصيرة اسمها (السرير النحاس) مش عارف أنشرها فين ولا أديها للإذاعة، لما نشوف.. كيف تقضى الوقت وأين تتفسحين، وأوصيك يا نهى يا بنتى يا حبيبتى يا ستى يا عاقلة يا ذوق إنك لا تتعبى ستك فهى لا ترد لك طلبًا.. أبوك يحيى الذى يقبلك ألف مرة ومرة».
{ وحول علاقة ابن الريف بوالده يذكر الكاتب الكبير خالد محمد خالد أن السفر إلى الزقازيق كان متعة وأمنية فى الصغر كالسفر للقاهرة خلال العشرينيات والثلاثينيات: «وكان من مظاهر عطف أبى اصطحابى معه فى أسفاره إلى الزقازيق، ولم يكن يقضى الرحلة صامتًا، بل متحدثًا إلىّ فى كل شىء وعن كل شيء.. فإذا مررنا عبر الطريق بشجرة منتشرة الفروع قال لى: هذه شجرة الجميز، وشجرة أخرى تتدلى فروعها المزدانة بورق مزركش أشبه ما يكون بحلى المرأة الذى نسميه (الكردان) قال لي: وهذه شجرة الصفصاف.. ثم يشرح لى الفارق بين الشجرتين بصوت مرتفع ليغطى على صوت القطار، وهكذا مع كل الأشجار والزروع والثمار، ثم ينهى حديثه بهزة دهش وعجب يختلج بها رأسه ذات اليمين وذات الشمال، وهو يقول: سبحانه.. قادر على كل شيء.. وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها.. تَعِسَ من كفر بالله! نعم تعس من كفر بالله! عبارة يرددها عشرات المرات كل يوم حين يرى، أو يسمع، أو يدير خواطره حول أى من آيات الله العلى العظيم ومن مظاهر قدرته وحِكمته، ومجالى عطائه ونعمته..! وكانت وسيلة المواصلات أيامها بين القرية والزقازيق (الركوبة) حمار مطهم تغطى ظهره (بردعة) ويتدلى من جانبها (ركاب) تستقر فيهما قدما الراكب. وينعكس عليها نعمة وبهاء، أو تقشفا وشظفا حظ صاحبها من النعماء أو البؤس! كما تشى بالحس الجمالى لصاحب الركوبة.. وأشهد أن أبى كان حفيا بكل ما هو حسن ورائق وشيق وجميل.. وكان يتمثل دائما الحديث الشريف القائل: «إن الله يحب أن يرى أثر نعمته على عبده».
.. وأنا أبويا مات ومن له أب مثل أبى.. ألف رحمة ونور عليه.. اليُتم ليس فقط فى الصغر وواجب تقديم العزاء لى من كل البشر.. اليُتم مشاعر نشعر بها حتى ونحن على حافة القبر.. اليتيم ليس من غاب عنه الملاذ.. الأب حاجة كبيرة وأنا لما راح والدى وأنا كبيرة انحسرت. انهد حيلى وانكسرت.. العالم من حولى وقع. وقفت متخشبة يتخللنى الهواء.. أنا من بعد أبويا اسمى انفصم لقبى انكسر قلبى انحسر وسطى انخلع ضهرى هجرنى وأهالوا على الجثمان التراب والسلسلة الفقرية بقت من غير نخاع أنا واحدة مكسورة الجناح.. أنا كنت أقول له نِفسى يا بابا رايحة للعنب فى غير أوانه يروح يغيب ويرجع لى مفرهد مغضن قاطع النفس وفى كفه عنقود العنب. أنا أبويا مات وباقى لى منه الصح والغلط والحرام والحلال والجنة والنار واللقمة الهنية تكفى ميّه والكرامة وعزّة النفس الأبيّة وربك جميل يحب الجمال، وباقى لى منه السبحة وكتب التراث والراديو بالايريال المكسور على إذاعة المصحف المرتل وسورة يس وعلبة محفورة بالصدف مبطنة بالساتان فيها شهادة ميلاد أمى وقسيمة زواجها بأبى.. أنا أبويا مات وكل عجوز أقول له يا أبى ولما تعيقه الخطوات يسند على كتفى أنتعش وأزحف معه للأمام تاتا تاتا كى نبغى المراد.. وتسألونى عن أجمل مشهد رأته عيونى كان فى الطواف ابن يحمل أباه العجوز على ظهره، والآلاف يبتغون الثواب يدفعون العجلات المباركة براكبيها المسنين.. و..فى يوم العيد وقف أبوالشهيد ابنه سنده الوحيد.. الواجهة صلبة صلدة تبدو متماسكة بينما الداخل تداعى ركامًا من جراء الحادث الجلل.. والصغار.. أبناء الشهداء.. ملائكة الرحمن يلهون بملابس العيد يتحاشون التطلع لعيون الأمهات حتى لا ينفجر السؤال!! أبويا مات والكل حيموت إلا الشهداء وحدهم أحياء عند ربهم يُرزقون..
[email protected]
لمزيد من مقالات سناء البيسى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.