ليس هناك من دعامة راسخة لحماية أى وطن سوى دعامة الاستقرار الداخلى لأنه فى غيبة هذه الدعامة لن يكون هناك وطن ولن تكون هناك دولة ولن يكون هناك سوى الفتنة والانقسام والفوضى والتشرذم السياسى والاجتماعي. ولعل ما يدفعنى إلى المغامرة بالحديث فى مثل هذه القضايا الشائكة والحساسة هو زيادة اليقين فى داخلى بأنه ليس هناك أمة بحاجة إلى ترسيخ دعائم الاستقرار فى أوطانها سوى أمتنا العربية التى تتهدد معظم أقطارها مخاطر المحاولات الصبيانية لبعض المراهقين السياسيين من هواة أو محترفى العبث بالاستقرار فى أوطانهم لخدمة أهداف ومطامع حزبية وسلطوية زائفة! ونظرة على ما يجرى فى السودان الشقيق بعد نجاح الحراك الشعبى فى إزاحة نظام البشير مدعوما بتأييد صريح من المجلس العسكرى السودانى توحى للأسف الشديد بأن بعض المراهقين السياسيين فى الخرطوم بدأوا فى تجاوز حدود التجاذب السياسى فى الداخل إلى دعوات لنشر الفوضى والعصيان المدنى وشل الحركة فى وطن يعانى من حزمة هائلة من المشكلات الاقتصادية والاجتماعية. وفى اعتقادى أن الذين يسعون إلى شحن الأجواء وزيادة الاحتقان فى الشارع السودانى بدعوات العصيان المدنى لجأوا إلى هذا الطريق المعبأ بالمخاطر بدافع الخشية من أن تنجح جهود الاحتواء والوفاق بعد المحادثات التى أجراها رئيس الوزراء الإثيوبى فى الخرطوم مبعوثا من الاتحاد الإفريقي. ولست أتحرج من القول بأن الذين يلعبون بالنار فى الساحة السودانية هم الأعداء الحقيقيون للاستقرار فى هذا البلد الشقيق لأن أحدا لا يجادلهم فى رفع رايات الحرية والتغيير أو فى ضرورة وضع جدول زمنى لتسليم السلطة إلى حكومة مدنية منتخبة التزم المجلس العسكرى بالوفاء بها، وإنما لأن ملابسات ومعطيات الاستعجال فى التصعيد التى شملت ضمن ما شملت محظورات مرعبة من نوع المطالبة برفع مساحة العصيان إلى درجة إحداث الشلل التام فى كافة مؤسسات الدولة السودانية. بوضوح شديد أقول: إن هناك محاولة غير مسئولة لخلط الأوراق فى المشهد السودانى من أجل أن تتوه الحقيقة وتتبخر الآمال العريقة التى بناها الشعب السودانى ارتكازا على وحدة الرؤية المستقبلية بين الجيش والشعب من أجل سودان أفضل قادر على مجاراة العصر تحت رايات الإيمان بأن الاستقرار فى أى وطن هو طوق الحماية والنجاة للجميع وأنه إذا تعرض الاستقرار لأى خطر تبدأ الأزمة الكبرى والتى تتضاءل إلى جوارها كافة الأزمات الفرعية الأخري.. واللهم احفظ السودان من شرور الأشرار! خير الكلام: إذا اعتزل العظماء نعموا براحة أنفسهم وإذا اعتزل الأدعياء ارتاح الناس منهم! [email protected] لمزيد من مقالات مرسى عطا الله