سارت الحياة بصورة طبيعية في مختلف أنحاء السودان، وانتظم العمل في المنشآت والمرافق والمؤسسات والهيئات على مستوى الجمهورية، اليوم الاثنين، تزامنا مع دعوات لعصيان مدني، أطلقها مجموعة من النشطاء عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وأعلنت أحزاب وقوى سياسية وحركات مسلحة تأييدها لها. وقال وزير الصحة السوداني بحر إدريس أبوقردة إن كافة المستشفيات والمراكز الطبية على مستوى الجمهورية تعمل بكامل طاقتها، والتزم الأطباء وأطقم التمريض والعاملون بمواعيد عملهم، وتقديم الخدمة الصحية للمواطنين دون أدنى تقصير. ومن جانبها، أكدت وزارة التربية والتعليم السودانية، في بيان، انتظام الدراسة اليوم بجميع المدارس بمختلف المراحل، وأن معظم الطلاب والمعلمين انتظموا بمدارسهم، وجاءت نسبة الغياب حول معدلاتها المعتادة. ومن جهته، قال رئيس الهيئة الفرعية لعمال وسائقي الحافلات بولاية الخرطوم شمس الدين عبدالباقي إن حركة المواصلات بالخطوط داخل ولاية الخرطوم تسير بصورة طبيعية وكما هو المعتاد، مؤكدًا أنه لايوجد وسط قواعد الهيئة أي حديث عن إضراب أو اعتصام، موضحًا أن الضباط التنفيذيين للهيئة والبالغ عددهم 107 ضباط ينتشرون في كافة وحدات الولاية لتسهيل عملية حركة المواصلات. وبدورهم أكد مراقبون وشهود عيان أن الحياة في كافة الولايات السودانية تسير بصورة طبيعية، لافتين إلى التزام حافلات وسيارات النقل الجماعي العام والخاص ببرنامج رحلاتها اليومية العادية، ومنها التي تخرج من الميناء البري بالخرطوم، مؤكدين انتظام الموظفين في أعمالهم بمختلف المصالح الحكومية والبنوك والمطارات وغيرها والمؤسسات الخاصة، منذ الصباح الباكر. وأطلقت مجموعة من نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي بالسودان، دعوات لتنظيم عصيان مدني، اليوم، وهو اليوم الذي يتزامن مع ذكرى إعلان استقلال السودان من داخل البرلمان في 19 ديسمبر 1955. ووجدت هذه الدعوات تأييدا ودعما من بعض القوى السياسية السودانية المعارضة، من بينها أحزاب سياسية وحركات مسلحة، واشترك بعضهم في الدعوة إلى العصيان، ومن بينها الحزب الشيوعي وحزب المؤتمر السوداني وقوى نداء السودان "حركة تحرير السودان، وحزب الأمة القومي، حركة العدل والمساواة، الحزب الاتحادي الديمقراطي، ومبادرة المجتمع المدني، إضافة إلى بعض الحركات مثل "حراك" و"الهدف". وعزا الداعون للعصيان المدني ومؤيدوه دعوتهم إلى القرارات الاقتصادية التي اتخذتها الحكومة مؤخرا ونتج عنها ارتفاع في أسعار المحروقات وبعض السلع. وفي غضون ذلك، أعلن عدد غير قليل من الأحزاب والقوى السياسية الرئيسة في السودان، رفضهم لدعوات العصيان،مؤكدين أن الحوار الوطني وما نتج عنه من مخرجات، وضع حلولا لكافة القضايا على مختلف الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها، وأنه لا بد من التوحد والعمل والإنتاج والسلام، حتى يستطيع السودان مواجهة مشكلاته وتحقيق الرفاهية لمواطنيه والانطلاق نحو مصاف الدول المتقدمة. وأكدت قيادات حزب المؤتمر الوطني الحاكم في السودان، أن الداعين للعصيان يهدفون لإثارة الفوضى، مشددين على وعي المواطن السوداني وحسن تقديره للموقف السياسي والاقتصادي الراهن، لإفشال دعاوى العصيان وعدم الاستجابة لها. وقال مساعد الرئيس السوداني نائب رئيس حزب المؤتمر الوطني الحاكم المهندس إبراهيم محمود "إن المشكلة الاقتصادية التي تواجهها البلاد لن يحلها الإضراب والاعتصام وإنما الانتاج"، مضيفا "إن الحكومة لن تسمح بأن تصبح البلاد كالبلدان التي أحالتها الفوضى الخلاقة إلى خراب"، داعيا المواطنين لعدم الالتفات للتحريض للفوضى التي دمرت العديد من الدول". وأكد محمود أن حل المشكلة الاقتصادية في الإنتاج، وزاد "التمويل أصبح متاحا من خلال المشاريع لكل شرائح المجتمع لينتج ويصنع"، مبرزا أن الناتج القومي قبل حكم نظام الإنقاذ الحالي، كان 10 مليارات جنيه، وأصبح الآن 60 مليار جنيه، وانعكس ذلك على شبكات الطرق والكهرباء التي وصلت حتى دارفور، وقال "كل ذلك يجب أن يدعم العمل والإنتاج لمواجهة التحديات التي تمر بها البلاد". ومن جانبه، أكد مجلس أحزاب حكومة الوحدة الوطنية، في بيان، تمسكه بوحدة السودان باعتبارها الهم الأساسي الذي يتطلب أن يعمل الجميع من أجله، داعيا الشعب السوداني، إلى نبذ العنف والشتات والدعاوى التي تقود إلى زعزعة الأمن والاستقرار، وبناء وطن ممتد تسوده وتظله رايات السلام والوفاق. ومن جهته، قال الأمين العام لحزب المؤتمر الشعبي إبراهيم السنوسي إن كل من يعارض الحوار الوطني إنما يعارض أن يكون في السودان استقرار، مبينا أن قبولهم بالجلوس للحوار لمنع الحروب والاقتتال بالبلاد والمصير الذي آلت إليه بعض الدول العربية والإفريقية. وبدوره، قال عضو آلية متابعة تنفيذ مخرجات الحوار تاج الدين بشير نيام إن أي محاولة لزعزعة الاستقرار باسم عصيان مدني أو انقلاب أو ثورة لا تفيد ولا تؤدي إلى تغيير، مبينا أن التغيير هو التحول الديمقراطي التدريجي الشامل القائم على التوافق. ومن جانبه، قال الأمين السياسي لحزب العدالة بشارة جمعة أرو أن المرحلة القادمة ستفضي إلى حكومة وفاق وطني، مضيفًا أنه يجب على الجميع التوافق مع هذا التغيير من أجل الوصول إلى التغيير المنشود ، مؤكدا أن الحوار مشروع وطني كبير يجب العمل على تعظيمه. ومن جهته، أكد نائب رئيس تحالف قوى المستقبل للتغيير - الذي يضم 41 حزبا سياسيا - الدكتور عبد القادر إبراهيم أن الشعب السوداني لن يستمع إلى الدعوات الداعية للعصيان، مبينا أن الشعب قال كلمته بأنه مع الحوار ومع التغيير وفق مخرجاته. وبدورها، أكدت بعض الحركات الدارفورية الموقعة على السلام - حركتا تحرير السودان القيادة التاريخية والعدل والمساواة جناح دبجو- رفضها القاطع لدعاوى العصيان المدني، وقالت إن الشعب السوداني شعب واع ويعرف أين مصلحته، متوقعين اتساع دائرة الرفض من الحركات والقوى السياسية الحريصة على مصلحة الوطن لهذا العصيان. ومن جهتها، رفضت هيئة علماء السودان، والحركة الإسلامية السودانية، دعوات العصيان المدنية، داعية المعارضين للالتحاق بالوثيقة الوطنية التي تمخض عنها الحوار الوطني السوداني، مع ضرورة محاربة الفساد وحل المشكلات الاقتصادية.