يخطئ من يظن أن مصر تنتهج سياسة منحازة لفريق على حساب فريق آخر فى تعاملها مع الأزمتين الليبية والسودانية, فالذى يهم مصر أن تعود إلى ليبيا والسودان الإرادة الحرة دون خوف ودون قلق من المغامرين والمتآمرين المرتبطين بأجندات خارجية, خصوصا ما يتعلق بالحالة الليبية التى تواجه زحفا إرهابيا مصنوعا ومدبرا اتخذ من طرابلس ومصراتة وكرا شريرا يهدد أمن وسلامة الوطن والناس. ولعل ما يضاعف من صعوبة وخطورة الأوضاع الراهنة فى البلدين الشقيقين المجاورين تماما للحدود المصرية غربا وجنوبا أن هناك عناصر فى طرابلس ومثلها فى الخرطوم تساعد بإدراكها أو ضعف إدراكها على إطالة أمد الفوضى وعدم الاستقرار فى كلا البلدين لحسابات ضيقة، حتى لو كان الثمن فى اعتلاء السلطة رهن الإرادة السياسية للوطن لحساب القوى الأجنبية الطامعة فى نهب ثروة البلدين. إن الذين يتكلمون الآن عن الدولة المدنية فى السودان يرددون نفس الألفاظ التى تحتمى خلفها السلطة القائمة فى طرابلس، وذلك بالدق على نغمة مشروخة اسمها «رفض حكم العسكر» بالتناغم مع ما تردده فضائيات الفتنة والتحريض التى تبث سمومها من الدوحة واسطنبول ولندن.. ومعنى ذلك أن هناك محاولات مستميتة لإعادة استنساخ سنوات الفوضى التى دهمت المنطقة قبل 8 سنوات بمسمى خادع ومضلل أطلقوا عليه اسم «الربيع العربى» ولم تحصد المنطقة كلها من ورائه سوى الخراب والدمار والفوضى والنزوح الجماعى للملايين بحثا عن مأوى آمن فى أى بقعة خارج الحدود المنكوبة! ومن الطبيعى أن تكون الأوضاع فى ليبيا والسودان أولوية مطلقة فى حسابات الأمن القومى العربى بشكل عام والأمن القومى بشكل خاص، ولكن دون أن تكون مصر – كما يشهد لها تاريخها – طرف صراع فى أى دولة عربية شقيقة أو لاعبا مناورا لنصرة فريق على آخر، لأن مصر تؤمن بأن أمنها وقوتها مرتبطة أساسا بأمن وقوة العالم العربى وتحديدا أمن وقوة أقرب الجيران لها فى السودان وليبيا على وجه الخصوص. وأكرر مجددا أن أمن مصر واستقرارها مرتبط ارتباطا وثيقا بأمن ليبيا والسودان، وتزداد أهمية ما أتحدث عنه فى الظروف الراهنة مع تصاعد الحرب ضد الإرهاب الذى يبحث لنفسه عن رئة جديدة فى دول الجوار بعد اندحاره على أرض سيناء! خير الكلام: من الحماقة أن تبوح بكل ما تعلم وأن تصدق كل ما تسمع! [email protected] لمزيد من مقالات مرسى عطا الله