ابتعدوا عن المحرمات والشبهات، وأقلعوا عن الخطايا والموبقات.. لله در تلك الأفواه الصائمة، والجباه الساجدة، والقلوب الخائفة والواجفة، والأيادى المتصدقة المحسنة، والألسن الشاكرة الذاكرة، هم كما أخبر عنهم ربهم «الذين آمنوا وكانوا يتقون»، واليوم يأتى يوم مكافأتهم، فالعيد مكافأة للصائمين وجائزة للطائعين، وصدق الله العظيم إذ يقول «قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ». أوضح الدكتور سعيد عامر أمين عام اللجنة العليا للدعوة بالأزهر، أن عيد الفطر هو يوم الجائزة للطائعين، تصافح فيه الملائكة المؤمنين، هو عيد فى الأرض وجائزة فى السماء، تقف الملائكة على أبواب الطرق فتنادى: اغدوا يا معشر المسلمين إلى رب كريم يمن بالخير ثم يثيب عليه الثواب الجزيل، لقد أمرتم بقيام الليل فقمتم، وأمرتم بصيام النهار فصمتم، وأطعتم ربكم فاقبضوا جوائزكم، فإذا فرغ المصلون من صلاتهم نادى عليهم مناد (ألا إن ربكم قد غفر لكم فارجعوا راشدين إلى رحالكم). وفى هذا اليوم، ينبغى ألا ينقطع الإنسان عن ربه باعتبار أن رمضان قد ولى، فبعد انقضاء شهر الخير والبركة، علينا أن نواصل الطاعة والعبادة وأن نكثر من الدعاء بأن يتقبل الله منا الصيام والقيام وأن يتجاوز عن تقصيرنا. فهذا يوم الجائزة للمقبولين فقط، قال تعالى: (فلا تعلم نفس ما أخفى لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون). ومن أجمل ما نستقبل به أعيادنا التوسعة على الأهل والتواصل والتراحم والتكافل، فالله يأمرنا بصلة الأرحام، والبر والإحسان إليهم، والعيد فرصة عظيمة لصلة الأرحام، حتى وإن كان رحمك مقاطعا لك، فخيركما البادئ بالسلام والمصالحة، وصدق رسولنا الكريم حين يقول «ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل الذى إذا قطعت رحمه وصلها». فما أجمل الأعياد حين تجمع الأشتات وتلتف الأسر على مائدة واحدة، يأكلون ويشربون ويتجاذبون أطراف الحديث، فصلة الرحم تزيد فى العمر وتبارك فى الرزق. والعيد أيضا مناسبة لنبذ التشاحن والخصام، وإعادة الوصال والود والتراحم، والتسامح، بين الأهل والجيران والأقارب والأصدقاء، لاسيما التسامح بين الزوج وزوجه. ويقول الدكتور وجيه محمود أستاذ الدراسات الإسلامية بجامعة المنيا، إن يوم العيد هو يوم فرحة، ومرح وسرور، وأسعدنا الله فى هذه الأيام المباركة، وينبغى لنا أن نسعد، ونسعد أبناءنا وذوينا وأن يكون العيد دائما يوما للتقارب، والتحابب والتعاون وصلة الأرحام لتقوى الأواصر، وتشتد العلاقات ويقوى الارتباط، فنكون الأمة الواحدة ويتحقق فينا قول الله عز وجل: (وإن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون). وأضاف د.وجيه أن للعيد فى حياة البشر أهميّة عظيمة، وله آثاره النفسية على الأفراد والمجتمعات، والأعياد الإسلامية طاعة لله وعبادة متصلة فى الوقت ذاته بمظاهر الفرح، والسعادة، والسرور من غير تفريط، وهذا ما يميز الأمة الإسلاميّة ورسالتها العظيمة. وللعيد فى الإسلام قيمة متميّزة فى سبل الاحتفاء به وبمقاصده، فبعد مواسم العبادة تحتاج النفس لشيء من الترويح، والاحتفال المشروع بأداء الطاعات والعبادات، لذلك حثّ الإسلام على الاحتفاء بالعيد، وحرّم صيام يوم العيد حرصاً على الإبقاء على البهجة والسرور، والتخفيف المشروع عن النفس. العادات السيئة وقال الدكتور حامد ابوطالب الاستاذ بجامعة الأزهر ان من العادات السيئة فى العيد زيارة المقابر فالعيد فرح وسرور وقد حدد رسول الله صلى الله عليه وسلم «أيامنا هذه أيام أكل وشرب وذكر لله تعالى فكيف نحول العيد إلى يوم هم وغم ومعصية» وزيارة القبور فى حد ذاتها مندوب إليها من أجل العظة والاعتبار وتذكر الاخرة، لكن بعض النساء تتخذ من الزيارة فى تلك المناسبات مواقف لتجديد الاحزان وهذا كله يتنافى مع الدين. ومن سلبيات العيد أيضا كما تقول الدكتورة أمانى محمود عبد الصمد الباحثة فى الشريعة الإسلامية بكلية دار العلوم: السهر لوقت متأخر ليلة العيد فيتأخر فى الاستيقاظ لصلاة العيد ولا يستطيع حضور صلاة العيد، بالإضافة إلى التقاعس عن الصلاة وهجر صلاة الجماعة، فمعظم المساجد فى العيد تشكو قلة مرتاديها، رغم أن الأصل أن الفرح والعيد لا ينبغى ان يكون على حساب الطاعة والعبادة، فالعيد ما كان عيدا إلا بالطاعة وفى الطاعة، ولم يشرع إلا للطاعة والانقياد لأمر الله بالصيام. ولا ينبغى تجاوز الحد فى الاحتفال بالعيد واللهو بما هو غير مباح من الآداب. ومما يجب مراعاته فى العيد تحقيق البهجة والفرح لدى الأطفال بشكل عام والأيتام منهم خاصة، بالإضافة إلى تذكّر الفقراء والمساكين ومحاولة تقديم يد المساعدة لهم فذلك يجلب المحبَّة ويبعد الحقد وينشر روح التعاون بين أفراد المجتمع. تقارب القلوب وأضاف الدكتور عبد الراضى رضوان عميد كلية دار العلوم جامعة القاهرة ان فى العيد تتجلى الكثير من معانى الإسلام ففى العيد تتقارب القلوب على الود ويجتمع الناس بعد افتراق ويتصافون بعد كدر. وفى العيد تذكير بحق الضعفاء فى المجتمع الإسلامى حتى تشمل الفرحة بالعيد كل بيت وتعم النعمة كل أسرة وهذا هو الهدف من تشريع «صدقة الفطر فى عيد الفطر.