اعتماد قواعد قبول طلاب الثانوية والشهادات المعادلة بالجامعات والمعاهد    المستشار محمود فوزي: لدينا إصلاحات ولن نخالف الدستور و"تقلنا على المشرع "    اعتماد تنسيق الثانوي العام والفني بالفيوم للعام الدراسي 2025/2026    رئيس «العربية للتصنيع» يشهد تخرج دفعة جديدة من برامج تنمية القدرات الرقمية    حركة تجارية نشطة بميناء دمياط واستقرار مخزون القمح    ثورة 30 يونيو.. مصر تتقدم في المؤشرات العالمية بفضل خطط التنمية    5 شهداء بنيران جيش الاحتلال قرب مراكز المساعدات شمالي رفح الفلسطينية    وزير الأوقاف يجتمع بقيادات وزارة شئون المسلمين بالفلبين    عمدة هيروشيما: تصريحات ترامب لا تمت بصلة لواقع القنبلة الذرية    تعرف على جدول مباريات ريال مدريد في الدوري الإسباني    الزمالك يقترب من الإعلان عن صفقة مهاجم فاركو    وزير الرياضة يلتقي رئيس الاتحاد الدولي للخماسى الحديث    خروج 14 مصابًا من حادث غرق حفار بترول بجبل الزيت    لإنقاذ الغرقى.. توزيع هيئة الإشراف والمنقذين على شواطئ مدينة العريش    المهرجان الختامي لفرق الأقاليم المسرحية يقدم عروضًا مجانية حتى 5 يوليو    «أدهالي أول ما طلبتها».. رامي صبري يكشف كواليس تعاونه مع حسام حبيب    ندوة أدبية ب«روض الفرج» تحتفي بسيد درويش شاعرًا    تعاون بين الصحة وجامعة المنصورة لتنفيذ الخطة السكانية العاجلة 2025-2027    محافظ أسوان يتابع تشغيل منظومة التأمين الصحي الشامل    أطعمة تساعد على تحسين جودة النوم    الذكاء الاصطناعي في صدارة أعمال المؤتمر الدولي التاسع لعلوم البيئة بجامعة قناة السويس    حزب الوعي يرحب بالجدول الزمني لانتخابات الشيوخ    "إعلام المنوفية" تفوز في مسابقة الإبداع الاعلامي وتناقش مشاريع تخرج الدفعة 2025/2024    "الزراعة" تستعرض تقريرا حول الجهود البحثية والخدمية والميدانية ل"بحوث الصحراء" خلال يونيو    محافظ الشرقية يتابع أعمال سحب تجمعات مياه الأمطار من شوارع الزقازيق    مواصلة الجهود الأمنية لتحقيق الأمن ومواجهة كافة أشكال الخروج على القانون    استرداد 79 فدانا من أراضي أملاك الدولة في الأقصر    ترامب يهدد زهران ممداني بالاعتقال ويشكك في جنسيته.. والأخير يرد: هذا ترهيب سياسي    الجيش الإسرائيلي: القبض على خلية "إرهابية" تديرها إيران في جنوب سوريا    «التعليم» تصدر تعليمات تنظيمية بشأن تحويلات طلاب المرحلة الثانوية للعام الدراسي    كواليس موت "دنيا" في سوهاج.. خلاف بين شقيقتين ينتهي بجريمة قتل على يد الأم    مصرع سيدة إفريقية صدمتها سيارة بالتجمع الأول    المصرية للاتصالات تنتهي من عمليات الإنزال ومسارات العبور الخاصة بالكابل البحري SEA-ME-WE-6 في مصر    كامل الوزير يلتقي نائب رئيس الستوم لمتابعة آخر مستجدات الخط السادس للمترو    تفاصيل لقاء حزب الوعي وفدَ سفارة الولايات المتحدة الأمريكية في القاهرة    تامر حسني: "في عمر وسلمى 4 ليلى زاهر أمي وملك زاهر خالتي"    وزير الإسكان يعقد اجتماعاً لمتابعة الموقف التنفيذي لمشروع حدائق تلال الفسطاط    الإفتاء توضح حكم صيام يوم عاشوراء منفردًا.. مكروه أم جائز؟    مصدر ليلا كورة: عمر الساعي ينتقل إلى المصري على سبيل الإعارة    جمال عبدالحميد يهاجم إمام عاشور ويُعلق على رحيل زيزو    البورصة تواصل الصعود في منتصف تعاملات اليوم    تكريم خاص من الزمالك.. عقد شيكابالا يُصرف بالكامل في حال الاعتزال    في 13 أسبوع عرض.. إيرادات سيكو سيكو تصل ل188 مليونا و423 ألف جنيه    عالم سعودي يكشف عن 4 مراتب لصيام عاشوراء: المرتبة الأولى الأفضل    «التضامن» تمنح دور الحضانة ترخيصًا موقتًا لمدة ستة أشهر لحين توفيق أوضاعها    إعلام الاحتلال عن مصدر: المقترح الجديد لا يتضمن تعهدا واضحا بإنهاء الحرب    تعرف على مكافآت لاعبى الهلال بعد التأهل التاريخى فى مونديال الأندية    تحتوي على مواد قابلة للاشتعال.. إزالة مخازن مخالفة تشكل خطراً على المواطنين بالجيزة    رئيس جامعة المنيا يفاجئ مستشفيات الجامعة بعد منتصف الليل للاطمئنان على انتظام العمل    رويترز: الجيش الإيراني أجرى استعدادات لزرع ألغام في مضيق هرمز    آخر ما كتبه المطرب أحمد عامر قبل وفاته بساعتين    وزارة البترول: تفعيل خطة الطوارئ فور انقلاب بارج بحري بخليج السويس    "بوليتيكو": الولايات المتحدة توقف بعض شحنات الصواريخ والذخائر إلى أوكرانيا    التشكيل الرسمي لمباراة بوروسيا دورتموند ومونتيري في مونديال الأندية    رأسية جارسيا تقود ريال مدريد للفوز على يوفنتوس والتأهل لربع نهائي كأس العالم للأندية    من دعاء النبي.. الدعاء المستحب بعد الوضوء    أمين «البحوث الإسلامية»: الهجرة النبويَّة تأسيسٌ لمجتمع قيمي ينهض على الوعي    هل يحق للزوجة طلب مسكن مستقل لضمان استقرار؟.. أمين الفتوى يجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحق فى مقاطعة الاحتلال
نشر في الأهرام اليومي يوم 01 - 06 - 2019

كان المهاتما غاندى ولا يزال الرمز الأبرز لمقاومة الاحتلال بالطرق السلمية، فلقد ابتكر غاندى قبل ما يقرب من قرن من الزمان أسلوب المقاطعة الاقتصادية لبضائع الاحتلال من أول الملح حتى المنسوجات القطنية، وألحقت مقاطعته خسائر فادحة ببريطانيا حتى اضطرت للانسحاب من الهند فى عام 1947. ألهم أسلوب غاندى العديد من الحركات التحررية لاحقا، وأصبح نموذجا مشرّفا درَسناه ودرّسناه لكيفية حصول الشعوب على استقلالها دون إراقة الدماء. لم يقل أحد يوما عن حركة غاندى إنها كانت حركة عنصرية ولا وصفها أحد بأنها معادية للمذهب البروتستانتى أو الدم الأزرق، فما بال هناك اليوم من يصف حركة مقاطعة بضائع إسرائيل بمعاداة السامية؟
فى السابع عشر من هذا الشهر وافق البرلمان الألمانى بالأغلبية على المشروع الذى تقدمت به الأحزاب الأربعة الكبرى ويقضى باعتبار حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات(BDS) حركة معادية للسامية، ومقتضى ذلك ألا تحصل على أى دعم مالى من الحكومة الفيدرالية الألمانية وألا يحّق لها استخدام الفضاء العام من أجل وضع منشوراتها وممارسة نشاطها. واستند المشروع إلى أن شعار لا تشترى الذى تستخدمه حركة (BDS) إنما يشبه شعار لا تشترى من اليهود الذى كان يرفعه النازيون. وكان العام الماضى قد شهد تعبئة سياسية فى عدد من الولايات الألمانية - بما فيها العاصمة برلين - من أجل وصم حركة (BDS) بمعاداة السامية، على أساس أنها تنكر حق إسرائيل فى الوجود وتصف دولة إسرائيل ككل بالعنصرية، بل أكثر من ذلك قيل إن الحركة تضر بالمصالح الاقتصادية الألمانية لأنها تدعو لمقاطعة البضائع الإسرائيلية وبعضها مستورد من ألمانيا.
عقب قرار البرلمان الألمانى أصدر ستون مثقفا إسرائيليا ويهوديا من دول مختلفة بيانا مهما تحت عنوان ال BDS لا تعنى معاداة السامية، فهذا البيان ينطبق عليه القول الشهير وشهد شاهد من أهلها. فى البيان يبدى الموقعون قلقهم من صعود ظاهرة نمو العنصرية والتعصب فى ألمانيا ويدعون الحكومة والبرلمان لمواجهتها، لكن فى الوقت نفسه فإنهم يحذرون من تزايد الاتجاه لتصنيف مؤيدى الحقوق الفلسطينية باعتبارهم معادين للسامية، ويرفضون الخلط بين نشاط الحركة ومعاداة السامية، لأنه يحمل تهديدا للنظام الديمقراطى الليبرالى فى ألمانيا. ويحرص الموقعون على توضيح أن لهم مواقف مختلفة من حركة ال BDS فمنهم من يؤيدها ومنهم من يعارضها، لكن جميعهم يرفض تصنيفها كحركة معادية للسامية ويدافعون عن حق كل فرد أو منظمة فى تأييدها. ويزيد الموقعون بالقول إن إسرائيل والمجتمع الدولى يصران على ألا يستخدم الفلسطينيون العنف لرفع مطالبهم، وحركة ال BDS هى حركة غير عنيفة ترفض كل أشكال العنصرية ومعاداة السامية وتنشط من أجل وقف الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان الفلسطينى وتطبيق القانون الدولى. وأخيرا يدعو الموقعون الأحزاب الألمانية صاحبة المشروع للتراجع عن موقفها، ويأملون فى عدم حرمان حركة (BDS)والمنظمات المؤيدة لها من الدعم الحكومى. جدير بالذكر أن المعنى نفسه الذى تضمنه البيان عبرت عنه كاتبة إسرائيلية فى مقال نشرته جريدة هاآرتس وترجمته جريدة الشروق المصرية قبل عدة أيام.
البيان السابق كما هو واضح يرفض تحميل مسئولية تصاعد معاداة السامية لحركة (BDS)، وهو محق فى ذلك، لأن معاداة السامية هى إحدى نتائج صعود التيارات اليمينية فى مختلف أنحاء العالم، فتلك التيارات تكره الأجانب: اليهود منهم وغير اليهود حتى وإن حملوا جنسياتها، وليس أدّل على ذلك من تزايد العداء تجاه المسلمين واستهدافهم بسلسلة من الاعتداءات أبشعها اعتداء نيوزيلندا الأخير، هذا من جهة. من جهة ثانية فإن حركة (BDS) تدافع عن ثلاثة أهداف رئيسية هى إنهاء الاحتلال لأراضى 1967 وعودة الفلسطينيين المُهجّرين بعد 1948 وإنهاء كل مظاهر التمييز والعنصرية ضد الفلسطينيين، وجميع تلك الأهداف محكوم بعدد معتبر من القرارات الدولية، وتسعى الحركة لتحقيق أهدافها باستخدام أدوات، أبرزها أداة المقاطعة الاقتصادية وهى نفس الأداة التى يستخدمها الاتحاد الأوروبى بحظره شراء منتجات المستوطنات الإسرائيلية. وهكذا فإننا إذا سلّمنا بأن حركة (BDS) هى حركة معادية للسامية لكان علينا أن نُسّلم بأن الاتحاد الأوروبى هو الآخر معاد للسامية، فهذه مقاطعة وتلك مقاطعة، ولافتة لاتشترى تُرفَع على الجانبين، فاتساق المواقف مطلوب.
إن حركة (BDS) تعد واحدة من أهم مكونات حركة المقاطعة الفلسطينية، وهى حركة عابرة للحدود والأيديولوچيات السياسية، وقد نجحت رغم عمرها القصير فى أن تثبت نفسها على الساحة الدولية رغم الآلة الإعلامية الجبارة للوبى الصهيونى التى تعمل فى مواجهتها، ومن تابع منا المعركة التى خاضتها الحركة قبل أسبوعين ضد إقامة مهرجان الأغنية الأوروبية فى إسرائيل يدرك ذلك جيدا، فلقد استماتت الحركة لمنع استضافة إسرائيل هذا المهرجان، وحوّلت المسألة إلى قضية رأى عام على المستوى العالمى، ومع أنها لم تتمكن من منع إقامة المهرجان فى إسرائيل إلا أن بعض كبار الفنانين وبعض الفرق الموسيقية المشهورة رفضوا المشاركة، ورُفِعَت شعارات فى عدة عواصم أوروبية تدعو لعدم مكافأة سياسات الاحتلال ولا مساعدتها على تجميل وجهها. فبأى منطق نُجرّم هذا النشاط ونصفه بمعاداة السامية؟ إذا كان من حق اليهود أن يستحضروا ذكرى المحرقة فى كل مناسبة ويفرضوا على ألمانيا وكل أوروبا ممارسة جلد الذات، فمن حق كل المؤمنين بعدالة القضية الفلسطينية أن يتمسكوا بأن دولة يهودية القومية هى دولة عنصرية بامتياز.
لمزيد من مقالات د. نيفين مسعد


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.