في ظل التحديات الاقتصادية الإقليمية والدولية المتلاحقة، شكلت التجربة المصرية في الإصلاح والتنمية نموذجًا لافتًا لاقتصاد استطاع أن يعيد ترتيب أولوياته ويطلق طاقاته عبر مسارات متعددة ومتكاملة. فعلى مدار السنوات الماضية، مضت مصر بخطى ثابتة نحو تنفيذ برنامج شامل للإصلاح الاقتصادي، بالتعاون مع صندوق النقد الدولي، لم يكن طريقًا سهلاً، لكنه أدى إلى نتائج ملموسة على الأرض. وبمناسبة الاحتفال بذكرى ثورة 30 يونيو، التي انتفض فيها الشعب، ضد حكم جماعة الإخوان الإرهابية، نلقي الضوء على أبرز النتائج الاقتصادية التي تحققت خلال الأعوام الماضية. اقرأ أيضًا| صندوق النقد يعلن استكمال المراجعة الخامسة لقرض مصر ويرحب بالجهود الإصلاحية من جانبه، أكد وليد جاب الله عضو الجمعية المصرية للاقتصاد والإحصاء والتشريع، أن استراتيجية التنمية المصرية استهدفت إعادة اكتشاف القوة الكامنة للاقتصاد المصري، والتي كان لها محورين، المحور الأول كان من خلال برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي تم بالتعاون مع صندوق النقد الدولي والذي تحمل المواطن المصري تبعاته بثقة في قيادته التي لم تخذله. وأضاف أن نتائج هذا البرنامج، أنه تم القضاء على السوق السوداء للدولار، وعودته للبنوك فتم القضاء على المُضاربة وتكوين احتياطي وصل إلى نحو 45 مليار دولار في فبراير 2020، ومكنت الإجراءات التي قامت بها وزارة المالية من تعزيز القُدرات المالية للدولة الأمر الذي حسن من تصنيفات مصر الائتمانية، وتزايد ت الثقة فيها من مؤسسات التمويل. وأشار «جاب الله» إلى أن المحور الثاني للتنمية، هو تحفيز النشاط الاقتصادي والذي أدى إلى انخفاض نسبة البطالة. وأكد أن بداية المشروعات القومية من قناةالسويس، فهي جانب اقتصادي، ووطني في ذات الوقت، موضحًا أن القناة ترتبط بعواطف المصريين، فكانت المرحلة الأولى هي ازدواج القناة، ثم جاءت المرحلة الثانية بالافتتاح المُتتابع للأنفاق التي تربط سيناء بالداخل، وبصورة مُعاصرة كان يتم تنفيذ البنية الأساسية للمنطقة الاقتصادية للقناة، وتطوير الموانئ المُرتبطة بها، وتشمل «موانئ شرق بورسعيد غرب بورسعيد العريش الطور العين السخنة الأدبية»، بالإضافة إلي 4 مناطق صناعية وتنموية "العين السخنة - شرق بورسعيد وادي التكنولوجيا القنطرة غرب. اقرأ أيضًا| معيط: 40% من سكان العالم يعيشون بدول تسدد ديونها على حساب التعليم والصحة - التشييد والبناء أساس التنمية وأوضح أن قطاع التشييد والبناء قاد التنمية باعتباره أكثر القطاعات تشغيلاً، وأقلها حاجة للمكون الأجنبي، فضلاً عن دوره في امتصاص الطلب العقاري المُتنامي، فتم البدأ في إنشاء أكثر من 20 تجمعًا عمرانيًّا جديدًا في شتى أنحاء الجمهورية منها: "العاصمة الإدارية الجديدة - العلمين الجديدة - المنصورة الجديدة - شرق بورسعيد - ناصر بغرب أسيوط - غرب قنا - الإسماعيلية الجديدة رفح الجديدة - مدينة الجلالة - الفرافرة الجديدة العبور الجديدة - توشكى الجديدة شرق العوينات – سفنكس الجديدة – بئر العبد الجديدة – أسوان الجديدة"، ومن المخطط أن تستوعب التجمعات العمرانية الجديدة، عند اكتمال جميع مراحلها، نحو 15 مليون نسمة، وتوفر حوالي 6 ملايين فرصة عمل دائمة. - مشروع المليون وحدة سكنية وأشار عضو الجمعية المصرية للاقتصاد إلى أنه تم الانطلاق في مشروع المليون وحدة سكنية للإسكان الاجتماعي للمواطنين ذوي الدخل المنخفض في كافة المحافظات، فضلاً عن خطة القضاء على العشوائيات التي تم من خلالها تنفيذ عدد من المشروعات وصل إلى ما يقرب من 1000 مشروع بتكلفة تصل ل 100 مليار جنيه، موضحًا أن الدولة العديد من مشروعات الإسكان، التي تتناسب مع الفئات محدودة ومتوسطة الدخل، من خلال إقامة 300 ألف وحدة إسكان اجتماعي و25 ألف وحدة إسكان متوسط. اقرأ أيضًا| صندوق النقد يختتم المشاورات مع السلفادور وتنزانيا وتابع «كما تم الانطلاق في تطوير قطاع النقل، وخلال 6 سنوات، تحولت مصر من أكثر الدول خطورة في الطرق، إلي وصولها للترتيب ال 45 عالميًا في مجال جودة وأمان الطرق، نتيجة المشاريع التنموية العملاقة التي حدثت في مجالي الطرق والكباري والأنفاق، حيث تم تنفيذ ما يقرب من 400 مشروع، لاستيعاب حجم حركة النقل المتزايدة مع تحقيق السيولة المرورية». وتابع «علاوة على خدمة المشروعات القومية وفتح أفق جديد للاستثمار وسحب الكثافة السكانية للمناطق الجديدة، فضلاً عن خطط أخري تم تنفيذ مراحل منها لتطوير السكة الحديد ومترو الأنفاق، وقطاع الموانئ، والمطارات وقد تم إنشاء مطارات فى العاصمة الإدارية الجديدة، ومطار البردويل الدولي «المليز» ومطار سفنكس الدولي. وجار تنفيذ مطارات برنيس ورأس سدر، فضلاً عن رفع كفاءة وتطوير المطارات الموجودة حاليا مثل مطار: «القاهرة – شرم الشيخ – الغردقة – الأقصر – أسوان – مرسى علم – مرسى مطروح – برج العرب». - القطاع الصناعي وتطرق، عضو الجمعية المصرية للاقتصاد، للقطاع الصناعي، موضحًا أنه تم إنشاء العديد من المدن والمشروعات التنموية العملاقة منها مدينة الروبيكي للجلود، ومدينة الأثاث بدمياط، ومجمع الصناعات البلاستيكية بمرغم، والمنطقة الصناعية بوسط سيناء. كما تم افتتاح العديد من المصانع ذات الصناعات الثقيلة والمصانع الإنتاجية الكبرى في العديد من محافظات مصر. اقرأ أيضًا| صندوق النقد الدولي يخفض توقعاته لنمو اقتصاد سويسرا في 2025 و2026 - قطاع التعليم وأوضح «جاب الله» أنه تم تنفيذ مشروعات متنوعة في قطاع التعليم منها إنشاء أكثر من 3 آلاف مدرسة، وإطلاق نظام التعليم المصري الجديد "EDU2"، وإنشاء 5 جامعات جديدة، إلى جانب أنه تم إنشاء 6 جامعات أهلية دولية و5 جامعات تكنولوجية، كما تم إنشاء 7 مُجمعات تكنولوجية بالجامعات، لتنجح مصر في أن تشغل المركز رقم 59 في مؤشر التعليم العالي بمؤشر المعرفة العالميّ للعام 2018. - قطاع الصحة وأكد أن وشهد قطاع الصحة شهد العديد من المبادرات أقربها للمواطن مُبادرة 100 مليون صحة للقضاء على فيروس "سي"، وإجراء 75 ألف عملية جراحية، ضمن المبادرة الرئاسية للقضاء على قوائم الانتظار، وإنشاء 40 مستشفى نموذجيّا وتجهيزها، وتحقيق الاكتفاء الذاتي من الأنسولين محلي الصنع، وتوطين صناعة أدوية الأورام والأدوية الحيوية وبعض الأمصال واللقاحات، كما أطلقت الدولة تطبيق منظومة التأمين الصحي الشامل، بدأتها من محافظة بورسعيد. وأشار عضو الجمعية المصرية للاقتصاد والإحصاء والتشريع، إلى أن الإنجازات كبيرة في كل القطاعات، والطموحات أكبر، وربما تتأثر المُستهدفات في الفترة القادمة بتداعيات فيروس كورونا على مصر والعالم بالكامل، لكن الاقتصاد المصري قادر في ظل قيادة السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي على العبور من تلك الأزمة بأقل الخسائر، والعودة للانطلاق. وفي السياق، كشف محمد الشوادفى، أستاذ الإدارة والاستثمار، أن مصر شهدت إطلاق عدد من المشروعات القومية الكبرى، إلى جانب التوسع في إنشاء الطرق والكباري، وتطوير البنية التحتية بشكل غير مسبوق. كما تم القضاء على نسبة كبيرة من مناطق السكن العشوائي، وتم استبدالها بوحدات سكنية آمنة ولائقة. وتابع: "أما عن الإنجازات التي شهدتها البلاد بعد ثورة 30 يونيو، فقد تشكل علامة فارقة في مسيرة الدولة المصرية، إذ انطلقت عقبها جهود مكثفة لتطوير مؤسسات الدولة وتحقيق التنمية المستدامة، وتحفيز معدلات النمو والإنتاج. وقد تضمنت تلك الجهود مجموعة من الخطوات المحورية". - بنية تحتية قوية وأكد أن أول هذه الخطوات تمثل في بناء بنية تحتية قوية تُمكن الاقتصاد المصري من الانطلاق نحو مستقبل تنموي واعد. شمل ذلك العمل على تأسيس بنية تشريعية ملائمة، وتجديد شامل لمصادر الطاقة بمختلف أنواعها، سواء الكهربائية أو طاقة الرياح أو الطاقة الشمسية، باعتبارها المقوم الأساسي لأي نهضة اقتصادية، مشيرًا إلى أنه تم تنفيذ خطة كبرى لتطوير شبكة الطرق والموانئ، لتعويض الفجوة الكبيرة التي كانت تعاني منها مصر في هذا المجال. وقد نتج عن ذلك إنشاء عدد كبير من الموانئ، ومد آلاف الكيلومترات من الطرق وفقًا لأعلى معايير الجودة العالمية. - القضاء علي العشوائيات وأوضح أستاذ الإدارة والاستثمار، أن التحدي الثالث، فقد تجسد في مواجهة أزمة العشوائيات، حيث كانت الدولة تعاني من انتشار واسع لهذه المناطق غير المخططة، حيث نجحت الحكومة في وضع خطة متكاملة للقضاء عليها واستبدالها بمدن سكنية حديثة. ولم تقتصر جهود التنمية على المناطق الحضرية فحسب، بل امتدت لتشمل كافة ربوع الدولة، حيث نُفذت مبادرة "حياة كريمة" لتطوير القرى، إلى جانب مشروعات تنموية في شبه جزيرة سيناء وغيرها من المناطق، تجسيدًا لفلسفة تنموية شاملة لا تستثني منطقة ولا قطاعًا. - الاندماج الفاعل في الاقتصاد العالمي وأضاف أنه على صعيد السياسات الاقتصادية، كان من الضروري تبني إصلاحات جوهرية لإعادة هيكلة المنظومة الاقتصادية بما يؤهل مصر للاندماج الفاعل في الاقتصاد العالمي. وقد أسفرت هذه الإصلاحات عن تحويل الاقتصاد من نموذج ريعي قائم على استنزاف الموارد الطبيعية، إلى اقتصاد إنتاجي قائم على التصنيع والإبداع.، موضحًا أنه في هذا الإطار، أولت الدولة اهتمامًا خاصًا بإعادة تشغيل الأصول غير المستغلة، وعلى رأسها المصانع المتوقفة عن العمل، والتي تجاوز عددها أربعة عشر ألف مصنع، كان من الضروري إعادة تأهيلها وتشغيلها ضمن خطة شاملة لتعظيم الاستفادة من الموارد الوطنية. وكشف "الشوادفي" عن أن الدولة المصرية قامت بتقليص عدد المصانع المتوقفة عن العمل، وتطوير آليات تشغيلها بما يتناسب مع متطلبات الاقتصاد الحديث. وفي هذا السياق، ظهرت وثيقة "ملكية الدولة" وسياسة ملكية الدولة"، اللتان هدفتا إلى بحث سبل تشغيل الأصول غير المستغلة من خلال تعزيز الشراكة مع القطاع الخاص. - تطوير السياسات المالية والنقدية وأكد أن المحور الثاني، فقد ركّز على تطوير السياسات المالية والنقدية، إذ كانت هذه السياسات تُشكّل في السابق عائقًا كبيرًا أمام الاستثمار والنمو الاقتصادي. فتم تعديل السياسات المالية بما يحفز بيئة الأعمال، وتحديث السياسات النقدية لتتلاءم مع طبيعة الاقتصاد الحر وتعزز من كفاءته. وفي المحور الثالث، أولت الدولة أهمية كبيرة لتوفير فرص العمل أمام الشباب من خلال دعم المشروعات الحقيقية، إذ أُطلقت مبادرات رئاسية تستهدف المشروعات الصغيرة والمتوسطة ومجالات ريادة الأعمال، باعتبارها رافدًا حيويًا للنمو والتشغيل. وتابع: "أما المحور الرابع، فقد تمحور حول الصناعة، بتقسيمها إلى صناعات استراتيجية وأخرى ترتكز على توطين التصنيع داخل الدولة، وإنشاء مجمعات صناعية متطورة، مع الاهتمام باستغلال الموارد البيئية والحرفية، تعزيزًا للاعتماد على الإنتاج المحلي.. كما شمل المحور الزراعي خطة طموحة لاستصلاح أربعة ملايين فدان، وقد تم بالفعل استصلاح ما يزيد على مليون ونصف فدان منها، إلى جانب تطوير جودة الإنتاج الزراعي كما ونوعًا، لدعم الأمن الغذائي وتحقيق قيمة مضافة". وواصل: "وفيما يخص المحور الخامس، فقد تركز على السياحة، من خلال تأسيس منتجات سياحية جديدة تستهدف جذب أنماط سياحية عالية الجودة، مثل مشروع الشراكة الإماراتية-المصرية في الساحل الشمالي، الذي يعكس التعاون بين الدولة والقطاع الخاص لتطوير القطاع السياحي وتعزيز قدرته التنافسية". وأوضح أن التنمية الاقتصادية شملت تطوير الإجراءات المصرفية، بالاعتماد على الشمول المالي والتحول الرقمي، مما أتاح تدفقًا ماليًا أكثر سلاسة داخل الدولة وخارجها دون قيود بيروقراطية. أما المحور السادس تمثل في ترسيخ الشمول المالي ومبادئ الحوكمة، لضمان أن يكون الاقتصاد المصري أكثر تنافسية، وملتزمًا بالشفافية ومصداقية الأداء، بما يرسّخ ثقة المستثمرين والمؤسسات الدولية.