خلال الأسابيع الماضية، بدت الصين مثل ملاكم تلقى ضربات ساحقة من خصمه، فأفقده توازنه، وكلما حاول رد الضربة عاجله الخصم بضربات جديدة تركته عاجزا عن التفكير السليم ووقف النزيف الذى يتعرض له جسمانيا ونفسيا وعقليا. لم تترك إجراءات الرئيس ترامب العقابية ضد بكين، سواء زيادة التعريفات الجمركية على السلع الصينية بمئات مليارات الدولارات، أو إدراج عملاق الاتصالات هواوى على القائمة السوداء، مجالا بأن ما يحدث ليس فقط حربا تجارية بل استراتيجية عمدية لوقف الصعود الصينى وتهديده لأمريكا سياسيا وتكنولوجيا واقتصاديا وعسكريا. ولأنه كان فى حالة مترنحة، فإن رد الملاكم الصينى كان عشوائيا تراوح بين ضربة هنا وهناك، وتحذير للملاكم العملاق من استمرار الضرب. وبالطبع لم يلتفت العملاق لهذه الأمور ماضيا فى طريقه ومعه جمهور أمريكى كثير يصفق له ويقول هل من مزيد. لهذا استنتج الملاكم الصينى أن اعتقاده السابق بأن الضربات ستتوقف وأن العملاق سيفقد شهيته وينصرف إلى خصم آخر كان خاطئا، فبدأ يغير إستراتيجيته، لتخرج تقارير تفيد بأن الصين تستعد لوقف صادرات المعادن النادرة لأمريكا والمستخدمة فى الأجهزة الإلكترونية الحديثة وتستحوذ بكين على 90% من إنتاجها العالمي. وزار الرئيس الصينى مصنعا لانتاج هذه المعادن فى إشارة إلى ما يعتزم فعله. كما امتلأ الإعلام الرسمى برسائل تهديد مبطنة بأن بكين لن تقبل اطفاء شعلة التنمية،وأننا قلنا لكم ذلك مرارا حتى لا تقولوا إننا لم نحذركم من قبل. ما هى أوراق القوة لدى بكين؟ أعتقد أنها كثيرة بالنظر إلى حجم وقوة ونفوذ الصين فى عالمنا، لكنها كانت ترى أنه ليس من المصلحة مناطحة أمريكا حاليا، لأن واشنطن قادرة على استيعاب أية ضربة ورد الصاع صاعين، ولأنها كانت ترغب فى مواصلة طريق الصعود للقمة دون أن ينغص عليها أحد. المشكلة أن بلطجيا خرج لها واعترض طريقها واستمرأ اللعبة.. ماذا تفعل؟ الصمت لم يعد حلا والتحذير ليس كافيا.. الأزمة تجاوزت الخسائر الصغيرة إلى إعاقة نهوض أمة والنيل من كرامتها. العالم ينتظر رد الملاكم الصيني. [email protected] لمزيد من مقالات عبدالله عبد السلام