«كارثة طبيعية» الحلقة 9.. محمد سلام يقرر بيع كليته لمساعدة أولاده    خبير مناخ: استمطار إسرائيل للسحب يؤثر على نهر العاصي    قانون العمل الجديد | زيادة سنوية بنسبة 3%.. تعرف على ضوابطها    عاجل.. قائمة الأهلي لمواجهة الجيش الملكي في دوري أبطال إفريقيا    اللجنة العامة بالمطرية تنتهى من استلام نتائج اللجان الفرعية تمهيدا للإعلان عنها    فيروس بالمخ وإغماء ولا أتذكر ما حدث قبلها، محمد صبحي يروي تفاصيل وعكته الصحية (فيديو)    دعاء جوف الليل| اللهم يا شافي القلوب والأبدان أنزل شفاءك على كل مريض    محمد صبحي يكشف تفاصيل إصابته ب«الوسواس القهري»    دراسة تكشف عن 3 مخاطر من إيقاف أدوية إنقاص الوزن قبل الحمل    انتخابات مجلس نواب 2025، الحصر العددي في لجنة مدرسة القباب الكبرى بدكرنس بالدقهلية    بروسيا دورتمنود يمطر شباك فياريال برباعية نظيفة    بيان رسمي.. الاتحاد السكندري: لم ننسحب من نهائي مرتبط السلة    الخلافات تخرج إلى العلن، زامير يشكو لنتنياهو "ظلم" وزير الدفاع يسرائيل كاتس    مصرع وإصابة 4 أشخاص في حادث تصادم سيارتين بحدائق أكتوبر    ب8 سيارات إطفاء.. السيطرة على حريق مصنع تدوير القطن والأقمشة بالقليوبية| صور    القبض على 3 متهمين بسرقة مصوغات ذهبية من شقة في الطالبية    ضبط مدير مبيعات وطالب جامعي يديران مركزًا طبيًا غير مرخص في بولاق الدكرور    مصرع طفل دهسه قطار أثناء عبوره شريط السكة الحديد بالعياط    الأمن يفحص منشور بتحرش سائق بطفلة بمدرسة خاصة في التجمع    ترتيب دوري أبطال أوروبا.. تشيلسي يقترب من المربع الذهبي وبرشلونة ال15    محمد صبحي: لدي رقيب داخلي.. وأبحث أولاً عن الرسالة في أي عمل فني    محمد صبحي يكشف عن طفولته وطموحه وتجربته مع الوسواس القهري    في ملتقى الأقصر الدولي للتصوير| الألماني «بهايدن» عاشق العزف والرسم.. والجوافة!    مروى جوهر «مؤلفة الرواية المخيفة»: استلهمت «القربان» من الجريمة البشعة!    مؤمن سليمان: فارق الإمكانات سبب فوز الهلال ضد الشرطة فى دورى الأبطال    الرئيس الفلسطينى: غزة جزء لا يتجزأ من فلسطين    السعودية: شراكتنا مع الولايات المتحدة استراتيجية على كافة الأصعدة    بعد تصنيف بعض فروع الإخوان كمنظمات إرهابية.. الفقي: ترامب يبعث برسالة غير مباشرة لحماس    الفقي: نجاح البرلمان لن يتحقق إلا بوجود معارضة قوية ورجل الأعمال لا يصلح للسياسة    جامعة المنيا: اعتماد استراتيجية الابتكار والأمن السيبراني    رئيس البرازيل السابق جايير بولسونارو يبدأ تنفيذ حكم بالسجن 27 عاما بتهمة التخطيط لانقلاب    بمشاركة مرموش.. السيتي يخسر على ملعبه أمام ليفركوزن في دوري الأبطال    افتتاح الدورة الثانية من مهرجان الفيوم الدولى لأفلام البيئة بحضور نجوم الفن    لجنة السيدة زينب تعلن محاضر فرز اللجان الفرعية للمرشحين بانتخابات النواب    بالصور.. جنات تُشعل افتتاح مهرجان شرم الشيخ للمسرح الشبابي بأغنية "وحشتينا"    كريم الدبيس: أي حد أفضل من كولر بالنسبالى.. وجالى عرضين رسميين للاحتراف    اتحاد الكرة يعلن حكام مباريات الخميس والسبت فى دور ال32 بكأس مصر    مصرع طفل 15 سنة في تصادم دراجة وسيارة نقل خلال حفل زفاف غرب الأقصر    المستشار حازم بدوي: العملية الانتخابية جرت في مناخ حقيقي من الديمقراطية    "الوطنية للانتخابات": تلقينا 221 شكوى على مدار يومي التصويت بانتخابات النواب 2025    سرايا القدس تعلن استشهاد اثنين من عناصرها في جنين ونابلس    إطلاق مشروع الطريق الأخضر لعالم أكثر أمانًا بقنا بتعاون بين الإنجيلية والبيئة و"GIZ"    الصحة: ضعف المناعة أمام الفيروسات الموسمية وراء زيادة حدة الأعراض    تطوير 5 عيادات صحية ومركز كُلى وتفعيل نظام "النداء الآلي" بعيادة الهرم في الجيزة    محافظ الإسماعيلية يتفقد المقار الانتخابية بمدرستيِّ الشهيد جواد حسني الابتدائية وفاطمة الزهراء الإعدادية    «النقل» تكشف حقيقة نزع ملكيات لتنفيذ مشروع امتداد الخط الأول لمترو الأنفاق    مدبولي يلتقي نائب رئيس "المجلس الوطني للمؤتمر الاستشاري السياسي للشعب الصيني".. صور    خصوصية الزوجين خط أحمر.. الأزهر يحذر: الابتزاز والتشهير محرم شرعا وقانونا    ما حكم عمل عَضَّامة فى التربة ونقل رفات الموتى إليها؟ أمين الفتوى يجيب    نائب رئيس حزب المؤتمر: وعي الشعب أسقط حملات الإخوان لتشويه الانتخابات    وزير التعليم الإيطالى: أشكر مصر على الاهتمام بتعليم الإيطالية بالثانوية والإعدادية    رئيس الوزراء والوزير الأول للجزائر يترأسان غدا اجتماع اللجنة العليا المشتركة    مواجهة نارية في دوري أبطال أوروبا.. برشلونة وتشيلسي لايف    وزير الصحة: مصر وتركيا شريكان استراتيجيان في بناء أمن صحي إقليمي قائم على التصنيع والتكامل    باسل رحمي: نعمل على مساعدة المشروعات المتوسطة والصغيرة الصناعية على زيادة الإنتاجية والتصدير    قمة آسيوية نارية.. الهلال يلتقي الشرطة العراقي والبث المباشر هنا    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 25-11-2025 في محافظة قنا    دعاء وبركة | أدعية ما قبل النوم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الرواية التفاعلية فى الميزان
نشر في الأهرام اليومي يوم 24 - 05 - 2019

بدأ الاهتمام النقدى بالرواية التفاعلية أو النص التشعبى فى أخريات الألفية الثانية ومطلع الألفية الثالثة، وصدرت فى ذلك كتب عديدة، منها نظرية النص التفاعلى «Hyper text theory» ل «جورج لاندو»، وفضاء الكتابة «writing space»، ل «ديفيد بوتلر»، ومقالات عديدة منها ما نشره مارتن رايدر، ومن تلاهم.
وعلى غير العادة، وربما لتطور وسائل الاتصال، تزامن الوعى العربى مع الغربى، فقد عرض نبيل على للأمر فى كتابه «العرب وعصر المعلومات» الصادر فى تسعينيات القرن الماضى، ثم جاءت كتب حسام الخطيب «آفاق الإبداع ومرجعيته فى عصر المعلوماتية»، ثم «الأدب والتكنولوجيا وجسر النص المتفرع»، وأحمد فضل شبلول فى كتابه «أدباء الإنترنت، أدباء المستقبل»، وسعيد يقطين كتابه «من النص إلى النص المترابط» وهو محاولة تنظيرية للتعامل مع النص الإلكترونى مع ربطه بمستجدات نظرية «التناص»، وفاطمة البريكى فى كتابها «مدخل إلى الأدب التفاعلى»، وأخيرا كتاب سعيد الوكيل «من النص الرقمى إلى نص الحداثة الرقمية»، إضافة إلى مقالات عبير سلامة ومحمد سناجلة وسعيد الوكيل وأحمد فضل شبلول وحسن سليمان ومعظمها على الإنترنت.
وجميع هذه الكتب والدراسات والمقالات كان يدور حول ذلك الوارد الجديد «الكتابة الإلكترونية، والنص الإلكترونى» مع اختلاف المسميات بين: النص التفاعلى، النص المترابط، النص التشعبى، النص الإلكترونى، النص الفائق، النص المتفرع.. إلخ من المسميات التى تم اقتراحها أو المتوقع صياغتها على عادة الثقافة العربية فى الاختلاف حول المصطلح، إذ نادرا ما يتم استقرار مصطلح فى الفكر النقدى العربى منذ القرن العشرين.
لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل تجاوزه إلى منح درجات علمية (ماجستير ودكتوراه) فى الجامعات العربية حول النص التفاعلى والنص الرقمى والرواية التفاعلية والنص الإلكترونى.. إلخ.
والسؤال:
هل تشكل بالفعل اتجاه للكتابة الرقمية أو التفاعلية وأصبح له وجود عبر الشبكة المعلوماتية بما يجعلنا نستطيع التواصل معه أو نتفاعل معه بمنطق لغة المروجين له؟
هل توجد بالفعل نصوص رقمية أو تفاعلية تمثل الجانب التطبيقى لهذا التنظير العظيم والسباق الذى أسس لهذا النوع من الأدب قبل وجوده بالفعل؟
هل هناك احتمالية شبهة أن يكون المقصود بالنص الرقمى فى وعينا العربى بأنه النص المكتوب عبر أحد برامج الكتابة الإلكترونية (word, pages, html,..etc)، وليس المقصود به النص المترابط التفاعلى كما حاول الغرب أن يؤسس له ولم تكتمل نماذجه حتى الآن هناك؟
والأهم:
هل نحن نتحدث عن أدب رقمى وأدب تفاعلى بمعنى أنه رقمى أو تفاعلى التقنية والموضوع بالمفهوم العالمى، أم نتحدث عن خطابات تفاعلية فى القصة والرواية والشعر على مستوى الموضوع الأدبى؟
وهل يمكن للنقد المتخصص أن يقدم لنا قائمة بروايات رقمية أو تفاعلية بخلاف محاولات محمد سناجلة فى روايتيه شات وصقيع، وعبدالواحد استيتو فى رواية طنجيو؟
وهل قرأ النقد بالفعل هذه النصوص الأدبية المسماة تفاعلية وبالتالى يستطيع الحكم عليها مطمئنا بأنها كذلك (أى أنها نصوص أدبية يتحقق فيها المعيار الأدنى لكونها نصا أدبيا ولو بمفهوم الأدبية، وأنها تحتكم لحبكة سردية مثلا أو خيال شعرى يستقبله المتلقى ويتفاعل معه أدبيا)؟
ومن المعروف أن:
التفاعلية تقتضى تركيزا على العنصر الثالث من عناصر عملية التواصل (المرسل والرسالة والمتلقى أو المستقبل)، إذ يكون هو المتحكم فى صياغة النص وتحديد مساراته، ويتحول دور المؤلف (الذى ظل سنوات محتكرا ومهيمنا على مصائر الأشخاص) إلى منسق وميسر coordinator, facilitator يطلق الشرارة الأولى، ويتابع مسارب الحكى، ويتدخل بوصفه واحدا من المتلقين وليس بوصفه متحكما، ويعود ليطلق حركة سردية جديدة.
المتحدثون عن الأدب الرقمى والأدب التفاعلى فى ثقافتنا العربية يتكلمون بمنطق المبشرين.. لماذا؟
يبدو أن أزمة النقد المعاصر وانغلاقه على الأكاديمية المنهجية التى لم تعد صالحة للتداول العام من جهة، وعدم قدرته على مواكبة أو فهم تيارات الكتابة المتعددة الراهنة فى غرامها بالتجريب وسعيها وراء انفتاح النص من جهة ثانية، يبدو أن ذلك ما جعل بعض النقاد يختارون الطريق الأيسر بالبحث عن خروج من المأزق الضيق، وكان الرهان على الأدب الرقمى والتفاعلى هو المخرج، إذ إنه سيحقق سبقا لحجز مقعد وثير فيما هو قادم، وسيقدم خطابا متسعا يمكن لهم الإسهام فى التنظير لأبعاده من جهة ثانية.
ويبدو أنه كان موقفا متعجلا بعض الشيء ربما لمواكبة سرعة وتطور التكنولوجيا نفسها وعدم انتظارها لمن سيتوقف قليلا ليتأمل.. لماذا؟
لأنهم لم يكلفوا أنفسهم عناء البحث المستقصى احترازا من الوقوع فى بعض المشكلات ومنها:
الخطأ فى المفهوم الذى يبدو أنه ناتج عن اختلاف الثقافات بين الغرب والشرق، بين الغرب المنتج للتكنولوجيا والمهتم بمحو الأمية التكنولوجية، وبين الشرق المستهلك للتكنولوجيا والمعنى بمحو الأمية القرائية، وما يترتب على ذلك من اختلاف فى الوعى وطرق تداول الأدب والفكر والثقافة.
إغفال وإزاحة حركات تجريب أخرى عديدة (شكلية وموضوعية) شهدتها وتشهدها الرواية العربية والسرد العربى عموما، وبخاصة ما يتشاكل مع السينما ويحاكى العولمة، أو ما يمزج بين السينما والمسرح والسرد والفنون السبعة عموما، أو ما يعبر حدود الأنواع الأدبية إجمالا ليتشاكل مع حقول معرفية بعيدة مثل الفيزياء وبخاصة فيزياء الكم، والكيمياء والعلوم البينية.. إلخ.
الخلط فى المفاهيم بين الخطاب التفاعلى والأدب التفاعلى (ومنه الرواية) من جهة، وبين النص الرقمى والنص المتحدث عن الرقمية (التكنولوجيا ببرمجياتها وأبعادها) من جهة ثانية.
فكيف نرى الأعمال الأدبية التى يكون موضوع الحكى فيها هو التكنولوجيا وتطبيقاتها مثل روايات حارس الفيس بوك، وكل أسبوع يوم جمعة، وإيميلات تالى الليل، وحرية دوت كوم، وطنجيو.. إلخ؟
هل هذه الأعمال نصوص تفاعلية أم نصوص تتحدث عن التقنيات التفاعلية (التكنولوجيا وتطبيقاتها)؟
ألم يتميز أدب الخيال العلمى science fiction عن غيره من أنواع الأدب بموضوعه وخطابه؟ بالاعتماد على تطبيقات العلوم مع إضافة الخيال لما لا وجود له بعد (مثل حرب الكواكب، وآلة الزمن، وعبور الثقب الأسود.. إلخ)، ثم فى تطوره المعاصر تمثل فى روايات الزومبى والآفتار وما بعد الآفتار سوى أنها من باب الخيال العلمى.
واحترازا:
فإننا لا ننفى دور وأثر التكنولوجيا على الإبداع الأدبى، بل نؤكد أن التكنولوجيا تتحكم الآن فى آلية اشتغال عقل المبدع سواء على مستوى وسائط إنتاج النص (بالتشاكل مع التقنيات) وفتح باب التجريب على مصراعيه مما جعل الأديب ينتقل من فكرة الانتماء إلى مدرسة أو جماعة أو جيل إلى فكرة كونه مؤسسة فردية قائمة بذاتها لها الحق فى الابتكار والاختراع، أو على مستوى الجماليات الجديدة التى يتم إقرارها تبعا لذائقة التلقى وإن كانت لذلك مخاطره، أو على مستوى توسيع دائرة منتجى ومتلقى النصوص الأدبية كما هو حادث.
وإن كان المطلب فى ذلك جميعه هو محاولة الانطلاق من استقراء واقع النصوص لرصد حركة الأدب وبالتالى توقع أفق مستقبله، وعدم إغفال ظواهر أخرى لا تقل أهمية مثل المدونات والمنتديات الأدبية، وغيرها، وبمعنى آخر التأسيس لوعى عربى منطلق من واقع المنتج النصى العربى وليس انطلاقا من تنظير غربى تغريبى لا وجود لتطبيقاته على أرض الواقع.
وأخيرا:
هل يمكن النظر إلى التفاعلية على أنها إعادة إنتاج للنص عبر وسيط التكنولوجيا، مما يجعلها ستصدق على النصوص المنتجة حاليا، أو القديمة التى إذا وضعت عبر وسيط التكنولوجيا وسمحت للقارئ بالتفاعل معها وتغيير مساراتها وإعادة إنتاجها على مستوى التلقى؟
وماذا عن ورش عمل السيناريو التى تدخلت فى نصوص نجيب محفوظ لإعادة إنتاجها، مثل حديث الصباح والمساء، وأفراح القبة، وغيرها مما سمح لكتاب السيناريو بإعادة إنتاج النص عبر وسيط السينما، هل يدخل ذلك فى إطار التفاعلية، أم ماذا؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.