5 دول لن تشهد انتخابات مجلس الشيوخ.. سوريا والسودان وإسرائيل أبرزهم    محافظ القليوبية يتابع أعمال النظافة ورفع الإشغالات بالخصوص    الرئيس الإيراني يبدأ زيارة رسمية إلى باكستان السبت لتعزيز التعاون الثنائي    ملك المغرب يعطي تعليماته من أجل إرسال مساعدة إنسانية عاجلة لفائدة الشعب الفلسطيني    الرئاسة الفلسطينية: مصر لم تقصر في دعم شعبنا.. والرئيس السيسي لم يتوان لحظة عن أي موقف نطلبه    فرنسا تطالب بوقف أنشطة "مؤسسة غزة الإنسانية" بسبب "شبهات تمويل غير مشروع"    القوات الأوكرانية خسرت 7.5 آلاف عسكري في تشاسوف يار    البرلمان اللبناني يصادق على قانوني إصلاح المصارف واستقلالية القضاء    تقرير: مانشستر يونايتد مهتم بضم دوناروما حارس مرمى باريس سان جيرمان    عدي الدباغ معروض على الزمالك.. وإدارة الكرة تدرس الموقف    خالد الغندور يوجه رسالة بشأن زيزو ورمضان صبحي    راديو كتالونيا: ميسي سيجدد عقده مع إنتر ميامي حتى 2028    أبرزهم آرنولد.. ريال مدريد يعزز صفوفه بعدة صفقات جديدة في صيف 2025    مصر تتأهل لنهائي بطولة العالم لناشئي وناشئات الإسكواش بعد اكتساح إنجلترا    جنوب سيناء تكرم 107 متفوقين في التعليم والرياضة وتؤكد دعمها للنوابغ والمنح الجامعية    تحقيقات موسعة مع متهم طعن زوجته داخل محكمة الدخيلة بسبب قضية خلع والنيابة تطلب التحريات    محافظ القاهرة يقود حملة لرفع الإشغالات بميدان الإسماعيلية بمصر الجديدة    نيابة البحيرة تقرر عرض جثة طفلة توفيت فى عملية جراحية برشيد على الطب الشرعى    مراسل "الحياة اليوم": استمرار الاستعدادات الخاصة بحفل الهضبة عمرو دياب بالعلمين    مكتبة الإسكندرية تُطلق فعاليات مهرجان الصيف الدولي في دورته 22 الخميس المقبل    ضياء رشوان: تظاهرات "الحركة الإسلامية" بتل أبيب ضد مصر كشفت نواياهم    محسن جابر يشارك في فعاليات مهرجان جرش ال 39 ويشيد بحفاوة استقبال الوفد المصري    أسامة كمال عن المظاهرات ضد مصر فى تل أبيب: يُطلق عليهم "متآمر واهبل"    نائب محافظ سوهاج يُكرم حفظة القرآن من ذوي الهمم برحلات عمرة    أمين الفتوى يحذر من تخويف الأبناء ليقوموا الصلاة.. فيديو    ما كفارة عدم القدرة على الوفاء بالنذر؟ أمين الفتوى يجيب    القولون العصبي- إليك مهدئاته الطبيعية    جامعة أسيوط تطلق فعاليات اليوم العلمي الأول لوحدة طب المسنين وأمراض الشيخوخة    «بطولة عبدالقادر!».. حقيقة عقد صفقة تبادلية بين الأهلي وبيراميدز    النزول بالحد الأدنى لتنسيق القبول بعدد من مدارس التعليم الفني ب الشرقية (الأماكن)    لتسهيل نقل الخبرات والمهارات بين العاملين.. جامعة بنها تفتتح فعاليات دورة إعداد المدربين    محقق الأهداف غير الرحيم.. تعرف على أكبر نقاط القوة والضعف ل برج الجدي    وزير العمل يُجري زيارة مفاجئة لمكتبي الضبعة والعلمين في مطروح (تفاصيل)    هيئة الدواء المصرية توقّع مذكرة تفاهم مع الوكالة الوطنية للمراقبة الصحية البرازيلية    قتل ابنه الصغير بمساعدة الكبير ومفاجآت في شهادة الأم والابنة.. تفاصيل أغرب حكم للجنايات المستأنفة ضد مزارع ونجله    الشيخ خالد الجندي: الحر الشديد فرصة لدخول الجنة (فيديو)    عالم بالأوقاف: الأب الذي يرفض الشرع ويُصر على قائمة المنقولات «آثم»    تمهيدا لدخولها الخدمة.. تعليمات بسرعة الانتهاء من مشروع محطة رفع صرف صحي الرغامة البلد في أسوان    ليستوعب 190 سيارة سيرفيس.. الانتهاء من إنشاء مجمع مواقف كوم أمبو في أسوان    تعاون مصري - سعودي لتطوير وتحديث مركز أبحاث الجهد الفائق «EHVRC»    كبدك في خطر- إهمال علاج هذا المرض يصيبه بالأورام    محافظ سوهاج يشهد تكريم أوائل الشهادات والحاصلين على المراكز الأولى عالميا    الوطنية للصلب تحصل على موافقة لإقامة مشروع لإنتاج البيليت بطاقة 1.5 مليون طن سنويا    وزير البترول يبحث مع "السويدى إليكتريك" مستجدات مجمع الصناعات الفوسفاتية بالعين السخنة    هشام يكن: انضمام محمد إسماعيل للزمالك إضافة قوية    ضبط طفل قاد سيارة ميكروباص بالشرقية    حملة «100 يوم صحة»: تقديم 23 مليونًا و504 آلاف خدمة طبية خلال 15 يوماً    انطلاق المرحلة الثانية لمنظومة التأمين الصحي الشامل من محافظة مطروح    SN أوتوموتيف تطلق السيارة ڤويا Free الفاخرة الجديدة في مصر.. أسعار ومواصفات    خبير علاقات دولية: دعوات التظاهر ضد مصر فى تل أبيب "عبث سياسي" يضر بالقضية الفلسطينية    بدء الدورة ال17 من الملتقى الدولي للتعليم العالي"اديوجيت 2025" الأحد المقبل    يديعوت أحرونوت: نتنياهو وعد بن غفير بتهجير الفلسطينيين من غزة في حال عدم التوصل لصفقة مع الفصائل الفلسطينية    تنسيق الجامعات 2025.. تفاصيل برنامج التصميم الداخلي الإيكولوجي ب "فنون تطبيقية" حلوان    وزير الصحة يعلن تفاصيل زيادة تعويضات صندوق مخاطر المهن الطبية    طارق الشناوي: لطفي لبيب لم يكن مجرد ممثل موهوب بل إنسان وطني قاتل على الجبهة.. فيديو    أمانة الاتصال السياسي ب"المؤتمر" تتابع تصويت المصريين بالخارج في انتخابات الشيوخ    حالة الطقس ودرجات الحرارة المتوقعة اليوم الخميس 31-7-2025    فوضى في العرض الخاص لفيلم "روكي الغلابة".. والمنظم يتجاهل الصحفيين ويختار المواقع حسب أهوائه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نحن أمام ثورة شعرية ستغير الكثير مما توارثناه
نشر في صوت البلد يوم 20 - 09 - 2017

ثمة خلط يعتري الحديث عن القصيدة التفاعلية الرقمية، فليست كل قصيدة تنشر من خلال الفضاء الإلكتروني هي قصيدة تفاعلية رقمية بالضرورة، وإنما التفاعلية في الشعر الرقمي لها عدد من السمات التي تفتقدها جل القصائد العربية المنشورة إلكترونيا.
يتفق النقاد على أن القصيدة الرقمية التفاعلية بشكلها المتكامل المعتمد على الوسائط الإلكترونية المتعددة في إبداع النص الشهري تكاد تكون غير موجودة في الأدب العربي كتجربة ناضجة باستثناء تجارب قليلة، فيما لا تعد القصائد التي يعج بها الفضاء الإلكتروني ممثلة للتجربة الرقمية في الشعر.
منبر حر
الكاتب والناقد المغربي عزيز العرباوي يرى أن القصيدة الرقمية العربية المعاصرة بدأت تفرض نفسها على الساحة الأدبية في السنوات الأخيرة بأقلام شباب مبدع خلاق لم يجد إلا الفضاء الإلكتروني كوسيلة للتعبير والإبداع والكتابة دون أن يفكر في جودة ما يكتبه.
فبعد أن أغلقت في وجهه أبواب الوسائل الأخرى كالإصدارات الورقية ودور النشر، نظراً إلى صعوبة إقناعها بإنتاجه الشعري، لجأ إلى الفضاء الإلكتروني الذي لم يجد فيه من يمنعه من النشر والإطلالة على القارئ أو يحدُّ من حقه في التعبير والإبداع.
ويشير إلى أن الفضاء الإلكتروني أصبح اليوم منبراً حراً للتعبير والرأي والتفاعل الثقافي والبحث والتنقيب عن الأفكار والآراء المختلفة، واليوم نشاهد تأثير المبدع والمثقف العربي مساهماً في هذه التفاعلية الرقمية من خلال إصداره للعديد من الإصدارات والمجموعات الأدبية المختلفة، ونذكر منها على سبيل المثال المجموعة الشعرية العربية الأولى في العالم العربي “تباريح رقمية لسيرة بعضها أزرق” للشاعر الدكتور مشتاق عباس معن الذي استطاع أن يبدع في إخراجها وتصديرها.
القصيدة العربية الرقمية أو التفاعلية، كما يقول العرباوي، أضافت الكثير إلى الشعر العربي، بل ساهمت في إخراج الشعر العربي من نخبويته إلى عموم القراء والمتلقين وذلك من خلال الوقوف على أهم القضايا الاجتماعية والإنسانية التي تهمهم ومن خلال الإطلالة عليهم عبر مواقع يمكن للعموم متابعتها وقراءة محتوياتها بما فيها باب الشعر بالخصوص.
يقول الناقد “ما يمكننا أن نقوله في هذا الموضوع هو أن هذه الثورة المعلوماتية القيمة والتي خلقت تبادلاً فكرياً وأدبياً عالمياً وتمكنت من ترويج الثقافة العربية في العالم كله وترجمة إبداعات عالمية إلى اللغة العربية وإبداعات عربية إلى لغات عالمية أخرى، واستطاعت أن تكون ثورة رقمية وعلمية تفوقت على نظيرتها من الثورات العلمية والفكرية والاقتصادية في تاريخ البشرية”.
الشاعر الفلسطيني موسى حوامدة يعتقد أن الفضاء الإلكتروني وسَّع أبواب التلقي وفتح طريقاً سهلاً لمعرفة جزء من ردود الفعل حول النصوص المنشورة، بل ساهم في التكثيف أحياناً، لكنه من باب آخر فتح أبواب النشر بشكل أوسع من قدرتنا على مواكبة ذلك، وصار النشر متاحاً للجميع، موهوبين وغير موهوبين، وأعطى النشر الإلكتروني انطباعاً لدى البعض منهم أنهم وصلوا إلى الكمال، وأنهم يقدمون تجارب جدية، كما أن إغراء النت وحيويته، جعلت الكثيرين يتوهمون بأهمية بعض الأسماء، ودفعهم لكي يغلقوا حواسهم عن متابعة تجارب سابقة أو موازية.
والحقيقة أن هذا الوهم ساهم في تخريب الكثير من الذائقة المشوهة أصلاً، وفي انحسار تأثير الشعر، وفي تمييع عملية التواصل، لكن هناك بعض الفوائد مثل كسر احتكار الصحف والمجلات، في نشر المواد الأدبية، وهذه ميزة قد تساعد في بروز مواهب حقيقية، لكن انتشرت كتابات تعجّ بالركاكة والرداءة.
يتابع حوامدة “على كل نحن أمام ثورة حقيقية ستغير الكثير مما توارثناه، وربما ستشطب أخطاء أو خراب ما توارثنا، أو قصور نظرتنا تجاه الحياة والأدب والفن عموماً، وقد تفرز أنماطاً من الإبداع لا نعرفها، وربما يأتي جيل يعتبرنا نحن الذين ولدنا وعشنا وكتبنا قبل زمن الإنترنت كلاسيكيين وعديمي فائدة”.
مخاضات التجريب
الناقد الأردني عبدالرحيم مراشدة يلفت إلى أن ثورة الاتصالات أثرت على مسارات الحدث الإبداعي، وتحولات العصر المتسارعة، ولا سيما مع الحداثة وما بعد الحداثة، تلك التحولات باتت تستدعي ناقدا مختلفا، وقارئا مختلفا، حيث أصبح الناقد والقارئ أمام مجرة وأفلاك تتحرك وتتحول باستمرار، وتبقى القصيدة الرقمية والشعر الرقمي في حالة من المخاضات المرجأة والعصية على الضبط والتصنيف والثبات.
يضيف الناقد “لقد ذهب الكثير من المشتغلين بما يسمى ‘الأدب الرقمي‘ إلى فهم الرقمية من المرجعية الاقتصادية، ومن فهم الرقم كمرجعية رياضية في الأدب، في حين أن الأمر غير ذلك، ومعاجم اللغة القديمة أوردت كلمة الرقم والرقيم بمعنى الكتابة والنقش”.
يوضح مراشدة أن الشعرية ليست في الرقمية فقط، وليست في الأدوات وتشكلاتها، من هنا لا بد من الوعي بمفهوم القصيدة الرقمية، ولكي نضع لهذا النمط المعايير الضابطة يمكن أن نجد في مكونات القصيدة الرقمية، والنص الرقمي عددًا من المهيمنات منها: ارتفاع منسوب الشكل على حساب المضامين، وذلك لوجود نصوص موازية للنص الأساس، ولا سيما استثمار ثقافة الصورة واليوتيوب والمحسنات البرمجية، والأبعاد العتباتية، بمفهوم جيرار جنيت.
فضلًا عن أن القارئ الضمني، المضمر في ذهنية منشئ النص، يختلف عن القارئ الضمني في النص المكتوب الذي يتم إلقاؤه أمام الجمهور. وتتحول الشخصية الكاتبة من شخصية ورقية متخيلة إلى شخصية هلامية، افتراضية، حاضرة وغائبة في آن.
الناقد العراقي ناظم ناصر القريشي يشير إلى أن القصيدة الرقمية رغم أنها وليدة التكنولوجيا الحديثة هي بالأساس عمل أدبي يعتمد نجاحها على هذه العوامل، وأيضا على قيمة العمل كإبداع، وما يحمله من مضامين.
إذا نظرنا إلى القصيدة الرقمية على اعتبارها هي أيضا عالما افتراضيا وذهبنا بهذا الاتجاه سنجد أنها تحتوي على حياة موازية للحياة التي أنتجتها، وما يميزها هو هذه البنيوية الجديدة بوجود عناصر صوتية وصورية تدخل بدينامكية حركية في بنية النص الشعري، وإن هذا النص لا تمكن متابعته إلا من خلال شاشة العرض الإلكترونية.
ويتابع القريشي “في اعتقادي القصيدة الرقمية العربية لا تزال ترتدي ثوب التجريب ولم تبلغ إلى الآن مرحلة النضوج عدا بعض التجارب القليلة ومن ضمنها تجربة الشاعر مشتاق عباس معن في ‘تباريح رقمية لسيرة بعضها أزرق‘ وهو الرائد للقصيدة الرقمية”.
الناقد المصري حسام عقل يرى أن القصيدة الرقمية تجربة لم تحظَ بالاستقرار في فضاء الإنترنت مثلما هو الحال مع الرواية الرقمية التي قدمت تجارب أكثر استقرارًا فيما لا تزال التجربة الشعرية تتحسس طريقها في ضوء التجريب والمخاض.
رغم هذا، يشير عقل إلى أن فضاء النت أضفى على الشعر بعض السمات من أبرزها الاهتمام بمزج مستويات عدة من الأداء اللغوي، وتقليص حجم القصيدة كي يتناسب مع القراءة بشكل أسرع، فضلًا عن الاهتمام بالقضايا الراهنة والموضوعات اليومية بشكل أكبر.
ثمة خلط يعتري الحديث عن القصيدة التفاعلية الرقمية، فليست كل قصيدة تنشر من خلال الفضاء الإلكتروني هي قصيدة تفاعلية رقمية بالضرورة، وإنما التفاعلية في الشعر الرقمي لها عدد من السمات التي تفتقدها جل القصائد العربية المنشورة إلكترونيا.
يتفق النقاد على أن القصيدة الرقمية التفاعلية بشكلها المتكامل المعتمد على الوسائط الإلكترونية المتعددة في إبداع النص الشهري تكاد تكون غير موجودة في الأدب العربي كتجربة ناضجة باستثناء تجارب قليلة، فيما لا تعد القصائد التي يعج بها الفضاء الإلكتروني ممثلة للتجربة الرقمية في الشعر.
منبر حر
الكاتب والناقد المغربي عزيز العرباوي يرى أن القصيدة الرقمية العربية المعاصرة بدأت تفرض نفسها على الساحة الأدبية في السنوات الأخيرة بأقلام شباب مبدع خلاق لم يجد إلا الفضاء الإلكتروني كوسيلة للتعبير والإبداع والكتابة دون أن يفكر في جودة ما يكتبه.
فبعد أن أغلقت في وجهه أبواب الوسائل الأخرى كالإصدارات الورقية ودور النشر، نظراً إلى صعوبة إقناعها بإنتاجه الشعري، لجأ إلى الفضاء الإلكتروني الذي لم يجد فيه من يمنعه من النشر والإطلالة على القارئ أو يحدُّ من حقه في التعبير والإبداع.
ويشير إلى أن الفضاء الإلكتروني أصبح اليوم منبراً حراً للتعبير والرأي والتفاعل الثقافي والبحث والتنقيب عن الأفكار والآراء المختلفة، واليوم نشاهد تأثير المبدع والمثقف العربي مساهماً في هذه التفاعلية الرقمية من خلال إصداره للعديد من الإصدارات والمجموعات الأدبية المختلفة، ونذكر منها على سبيل المثال المجموعة الشعرية العربية الأولى في العالم العربي “تباريح رقمية لسيرة بعضها أزرق” للشاعر الدكتور مشتاق عباس معن الذي استطاع أن يبدع في إخراجها وتصديرها.
القصيدة العربية الرقمية أو التفاعلية، كما يقول العرباوي، أضافت الكثير إلى الشعر العربي، بل ساهمت في إخراج الشعر العربي من نخبويته إلى عموم القراء والمتلقين وذلك من خلال الوقوف على أهم القضايا الاجتماعية والإنسانية التي تهمهم ومن خلال الإطلالة عليهم عبر مواقع يمكن للعموم متابعتها وقراءة محتوياتها بما فيها باب الشعر بالخصوص.
يقول الناقد “ما يمكننا أن نقوله في هذا الموضوع هو أن هذه الثورة المعلوماتية القيمة والتي خلقت تبادلاً فكرياً وأدبياً عالمياً وتمكنت من ترويج الثقافة العربية في العالم كله وترجمة إبداعات عالمية إلى اللغة العربية وإبداعات عربية إلى لغات عالمية أخرى، واستطاعت أن تكون ثورة رقمية وعلمية تفوقت على نظيرتها من الثورات العلمية والفكرية والاقتصادية في تاريخ البشرية”.
الشاعر الفلسطيني موسى حوامدة يعتقد أن الفضاء الإلكتروني وسَّع أبواب التلقي وفتح طريقاً سهلاً لمعرفة جزء من ردود الفعل حول النصوص المنشورة، بل ساهم في التكثيف أحياناً، لكنه من باب آخر فتح أبواب النشر بشكل أوسع من قدرتنا على مواكبة ذلك، وصار النشر متاحاً للجميع، موهوبين وغير موهوبين، وأعطى النشر الإلكتروني انطباعاً لدى البعض منهم أنهم وصلوا إلى الكمال، وأنهم يقدمون تجارب جدية، كما أن إغراء النت وحيويته، جعلت الكثيرين يتوهمون بأهمية بعض الأسماء، ودفعهم لكي يغلقوا حواسهم عن متابعة تجارب سابقة أو موازية.
والحقيقة أن هذا الوهم ساهم في تخريب الكثير من الذائقة المشوهة أصلاً، وفي انحسار تأثير الشعر، وفي تمييع عملية التواصل، لكن هناك بعض الفوائد مثل كسر احتكار الصحف والمجلات، في نشر المواد الأدبية، وهذه ميزة قد تساعد في بروز مواهب حقيقية، لكن انتشرت كتابات تعجّ بالركاكة والرداءة.
يتابع حوامدة “على كل نحن أمام ثورة حقيقية ستغير الكثير مما توارثناه، وربما ستشطب أخطاء أو خراب ما توارثنا، أو قصور نظرتنا تجاه الحياة والأدب والفن عموماً، وقد تفرز أنماطاً من الإبداع لا نعرفها، وربما يأتي جيل يعتبرنا نحن الذين ولدنا وعشنا وكتبنا قبل زمن الإنترنت كلاسيكيين وعديمي فائدة”.
مخاضات التجريب
الناقد الأردني عبدالرحيم مراشدة يلفت إلى أن ثورة الاتصالات أثرت على مسارات الحدث الإبداعي، وتحولات العصر المتسارعة، ولا سيما مع الحداثة وما بعد الحداثة، تلك التحولات باتت تستدعي ناقدا مختلفا، وقارئا مختلفا، حيث أصبح الناقد والقارئ أمام مجرة وأفلاك تتحرك وتتحول باستمرار، وتبقى القصيدة الرقمية والشعر الرقمي في حالة من المخاضات المرجأة والعصية على الضبط والتصنيف والثبات.
يضيف الناقد “لقد ذهب الكثير من المشتغلين بما يسمى ‘الأدب الرقمي‘ إلى فهم الرقمية من المرجعية الاقتصادية، ومن فهم الرقم كمرجعية رياضية في الأدب، في حين أن الأمر غير ذلك، ومعاجم اللغة القديمة أوردت كلمة الرقم والرقيم بمعنى الكتابة والنقش”.
يوضح مراشدة أن الشعرية ليست في الرقمية فقط، وليست في الأدوات وتشكلاتها، من هنا لا بد من الوعي بمفهوم القصيدة الرقمية، ولكي نضع لهذا النمط المعايير الضابطة يمكن أن نجد في مكونات القصيدة الرقمية، والنص الرقمي عددًا من المهيمنات منها: ارتفاع منسوب الشكل على حساب المضامين، وذلك لوجود نصوص موازية للنص الأساس، ولا سيما استثمار ثقافة الصورة واليوتيوب والمحسنات البرمجية، والأبعاد العتباتية، بمفهوم جيرار جنيت.
فضلًا عن أن القارئ الضمني، المضمر في ذهنية منشئ النص، يختلف عن القارئ الضمني في النص المكتوب الذي يتم إلقاؤه أمام الجمهور. وتتحول الشخصية الكاتبة من شخصية ورقية متخيلة إلى شخصية هلامية، افتراضية، حاضرة وغائبة في آن.
الناقد العراقي ناظم ناصر القريشي يشير إلى أن القصيدة الرقمية رغم أنها وليدة التكنولوجيا الحديثة هي بالأساس عمل أدبي يعتمد نجاحها على هذه العوامل، وأيضا على قيمة العمل كإبداع، وما يحمله من مضامين.
إذا نظرنا إلى القصيدة الرقمية على اعتبارها هي أيضا عالما افتراضيا وذهبنا بهذا الاتجاه سنجد أنها تحتوي على حياة موازية للحياة التي أنتجتها، وما يميزها هو هذه البنيوية الجديدة بوجود عناصر صوتية وصورية تدخل بدينامكية حركية في بنية النص الشعري، وإن هذا النص لا تمكن متابعته إلا من خلال شاشة العرض الإلكترونية.
ويتابع القريشي “في اعتقادي القصيدة الرقمية العربية لا تزال ترتدي ثوب التجريب ولم تبلغ إلى الآن مرحلة النضوج عدا بعض التجارب القليلة ومن ضمنها تجربة الشاعر مشتاق عباس معن في ‘تباريح رقمية لسيرة بعضها أزرق‘ وهو الرائد للقصيدة الرقمية”.
الناقد المصري حسام عقل يرى أن القصيدة الرقمية تجربة لم تحظَ بالاستقرار في فضاء الإنترنت مثلما هو الحال مع الرواية الرقمية التي قدمت تجارب أكثر استقرارًا فيما لا تزال التجربة الشعرية تتحسس طريقها في ضوء التجريب والمخاض.
رغم هذا، يشير عقل إلى أن فضاء النت أضفى على الشعر بعض السمات من أبرزها الاهتمام بمزج مستويات عدة من الأداء اللغوي، وتقليص حجم القصيدة كي يتناسب مع القراءة بشكل أسرع، فضلًا عن الاهتمام بالقضايا الراهنة والموضوعات اليومية بشكل أكبر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.