مؤسسات مالية هندية تبحث الاستثمار فى منطقة قناة السويس 50 شركة هندية فى مصر.. والاستثمارات 3٫3 مليار دولار
تميزت العلاقات المصرية الهندية بالرسوخ والمودة على مدار التاريخ، لدرجة أن هناك شوارع فى مصر تحمل أسماء زعماء ومفكرين هنود مثل غاندى ونهرو، وهناك من أسموا أبناءهم «غاندي» أيام بزوغ حركة عدم الانحياز، كما يوجد فى البلدين شغف للتعرف على ثقافة الآخر، ومن أبرز الأدلة على ذلك أفلام السينما والدراما الهندية التى تحظى بجماهيرية كبيرة بين المصريين. هذا عن الماضي، والتاريخ، ولكن إذا تحدثنا بلغة الحاضر، فسنجد أن متانة العلاقات لها أشكال أخرى. ولمعرفة ما وصلت إليه العلاقات بين مصر والهند كان الحوار مع السفير الهندى بالقاهرة راهول كولشيرات:
بداية .. نريد منكم أن تطلعونا على رؤيتكم للعلاقات المصرية الهندية فى الفترة الحالية؟ تتمتع مصر والهند بعلاقات تاريخية ذات جذور عميقة، وتجمع بين البلدين روح الصداقة والمودة والنوايا الحسنة وسعى الشعبين للتقدم والازدهار، وقد كان لمصر والهند دور رائد فى قيادة حركة عم الانحياز تحت زعامة جمال عبد الناصر ونهرو، ونحن سعداء باستمرار علاقات الصداقة وروح المودة والتفاهم والتعاون المشترك بين بلدينا، أما الآن، وبفضل التعاون بين الرئيس عبد الفتاح السيسى ورئيس وزراء الهند ناريندرا مودي، فقد تحولت علاقات البلدين إلى علاقات مشاركة جديدة لمرحلة جديدة تتميز بالتعاون السياسى والاقتصادى والأمني، وكذلك التعاون فى مجال العلوم والتكنولوجيا، وتوجد لدى البلدين رؤية للعلاقات الثنائية، ونحن على طريق التقدم لتحقيق الأهداف فى المستقبل، مستندين إلى ماض عريق. ماذا عن العلاقات الاقتصادية والتجارية فى الفترة الماضية تحديدا، وما أحدث الأرقام المتعلقة بالاستثمارات الهندية الحالية فى مصر والاستثمارات الهندية المقبلة؟ قيمة الاستثمارات الهندية فى مصر حالياً تبلغ أكثر من 3.3 مليار دولار أمريكي، وتشمل قطاعات متنوعة تضم أكثر من 50 شركة هندية تعمل فى مجال التصنيع والبناء، وتعد الهند من بين أكبر المستثمرين الأجانب فى مصر فى القطاع غير البترولي، حيث توفر فرص عمل لنحو 35 ألف مصري، وتسهم بشكل كبير فى الصادرات المصرية من خلال خطوط الإنتاج الخاصة بتلك الشركات، كما توفر أيضا عملات أجنبية لمصر. وتعمل الشركات الهندية فى مختلف القطاعات، بما فى ذلك قطاع الزراعة والملابس وقطع غيار السيارات والمواد الكيميائية والغذاء والضيافة والدهانات والورق والأدوية والبلاستيك ونقل الطاقة والطاقة المتجددة وتجارة التجزئة وغيرها، وفى حين تدرس بعض هذه الشركات خطط التوسع فى السوق المصرية، فإن بعض الشركات الهندية الأخرى تبحث عن فرص استثمارية جديدة فى مصر، وفى الوقت نفسه، يسرنا قيام ثلاث شركات مصرية بالاستثمار فى الهند، ورسالتنا إلى مجتمع الأعمال المصرى هى ضرورة القيام باستكشاف الفرص فى الهند، والتى تمثل واحدة من أسرع الاقتصادات نمواً فى العالم، كما أن البعد التجارى مهم أيضا، فخلال الفترة من أبريل 2018 إلى يناير 2019 (السنة المالية الهندية تبدأ فى أبريل وتنتهى فى مارس)، بلغ حجم التجارة بين الهند ومصر نحو 3.91 مليار دولار أمريكي، وبلغت قيمة الصادرات المصرية إلى الهند نحو 1.5 مليار دولار، ومن دواعى الرضا أن التجارة الثنائية بين الهند ومصر آخذة فى الانتعاش وتسير فى اتجاه تصاعدي. ماذا عن المنطقة الصناعية الهندية المقترحة فى منطقة قناة السويس الاقتصادية؟ فى الواقع، تتمتع منطقة قناة السويس بإمكانات كبيرة للتطور، ويمكن أن تصبح مركزًا عالميًا للتصنيع والأعمال، وهناك اتحاد مؤسسات مالية هندى يعقد مناقشات مع هيئة قناة السويس من أجل إنشاء منطقة صناعية فى منطقة قناة السويس، وقد سررنا للغاية بمشاركة وفد من منطقة قناة السويس الاقتصادية فى المؤتمر الرابع عشر لاتحاد الصناعات الهندى وبنك الصادرات والواردات الهندى حول الشراكة بين الهند وإفريقيا، الذى عقد فى مارس الماضي، وحضر الوفد أيضًا جلسة عمل نظمها اتحاد غرف التجارة والصناعة الهندية، والتى شملت اجتماعات مع الشركات الهندية. وماذا عن التعاون فى مجال الدواء؟ التعاون فى هذا المجال واعد، وهناك شركتان هنديتان تنتجان الدواء فى مصر، ويعمل الجانبان المصرى والهندى على تذليل العقبات وحل المسائل الإجرائية المتعلقة بعمل الشركتين، وشاركت 26 شركة هندية فى معرض للأدوية فى مصر أخيرا، وبلغت صادرات الأدوية الهندية إلى مصر 100 مليون دولار. خلال اجتماع قمة منتدى الهند وإفريقيا الذى عقد فى دلهى 2015، أعلنت الحكومة الهندية حزمة من المساعدات الاقتصادية التى تتضمن تقديم خط ائتمان لمشروعات القارة الإفريقية. هل يمكن لكم إطلاعنا على تفاصيل خط الائتمان هذا، وما إذا كانت مصر من بين تلك الدول الإفريقية التى تستفيد من هذا الخط؟ تتضمن شراكتنا مع إفريقيا تنفيذ 180 خطا ائتمانيا بقيمة نحو 11 مليار دولار أمريكى فى أكثر من 40 دولة إفريقية، وفى القمة الأخيرة لمنتدى الهند وإفريقيا، التزمت الهند بخط ائتمانى ميسر بقيمة 10 مليارات دولار أمريكى و600 مليون دولار كمنح ومساعدات، ويمكّن الخط الائتمانى البلدان المتلقية من إقامة مشروعات تنموية فى مجموعة متنوعة من القطاعات من خلال الحصول على التقنيات الهندية المناسبة والقابلة للتكييف والميسورة التكلفة وبناء القدرات، بالإضافة إلى فترة السداد الطويلة وسعر الفائدة المنخفض، والأهم من ذلك، كما أكد رئيس وزرائنا، أن إفريقيا تمثل إحدى أولوياتنا، وخلال تعميقنا لمشاركتنا مع إفريقيا، ستسترشد شراكتنا الإنمائية بأولويات إفريقيا، كما سنعمل عن كثب مع وزارة الاستثمار والتعاون الدولى المصرية على بعض المشروعات المرتقبة. تتخذ الهند موقفا طويل الأمد وتقدم دعما ثابتا للقضايا الفلسطينية والعربية منذ عهد غاندى وحتى الآن، ما رؤية الهند المتعلقة بإيجاد حل شامل لعملية السلام فى الشرق الأوسط، نظرا لعلاقات نيودلهى الممتازة مع جميع الأطراف فى منطقة الشرق الأوسط؟ للسياسة الهندية تجاه فلسطين ثلاثة أبعاد أساسية: التضامن مع الشعب الفلسطيني، دعم القضية الفلسطينية، والشراكة فى جهود بناء القدرات الفلسطينية، ولا تزال القيادة الهندية، عبر مختلف الأطياف السياسية، تتبنى موقفا ثابتا وراسخا من دعمها للقضية الفلسطينية، وتتطلع الهند إلى أن ترى شعب فلسطين يعيش داخل حدود آمنة ومعترف بها، جنبا إلى جنب مع إسرائيل وفى سلام معها، وفقا لمبادرة السلام العربية، وخريطة طريق اللجنة الرباعية والقرارات ذات الصلة الصادرة عن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، كما أكد رئيس الوزراء مودى خلال زيارته الرسمية لفلسطين فى فبراير 2018، أن الهند «تأمل بشدة فى تحقيق السلام والاستقرار فى هذه المنطقة، ونعتقد أنه يمكن التوصل لحل دائم لقضية فلسطين فى نهاية المطاف من خلال المفاوضات والتفاهم، والذى يمكن من خلاله الوصول إلى التعايش السلمي، ويمكن أن تساعد الدبلوماسية المكثفة والحكمة وحدها فى التحرر من دائرة العنف هذه ومن عبء التاريخ»، لقد قدمت الهند، كما تعلمون، كل الدعم لجهود فلسطين الرامية لبناء الدولة الفلسطينية، وخلال السنوات الخمس الماضية، وبموجب شراكة تنمية بين الهندوفلسطين، تم توقيع 17 اتفاقية فى مجالات الزراعة والرعاية الصحية وتكنولوجيا المعلومات وشئون الشباب والشئون القنصلية وتمكين المرأة والإعلام، وتم تقديم نحو 70 مليون دولار من الدعم المالى والمساعدات لإنشاء مشروعات مثل: إنشاء الحديقة التكنولوجية الهندية - الفلسطينية فى رام الله، إقامة مستشفى تخصصى بسعة 100 سرير فى بيت لحم، إنشاء كرسى دراسات هندية فى جامعة القدس، بناء معهد فلسطين للدبلوماسية فى رام الله، إنشاء مطبعة وطنية، وإنشاء مركز تراثى لتمكين المرأة والشباب، ومن الجدير بالذكر أيضًا أن الهند زادت مساهمتها المالية السنوية لوكالة الأممالمتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا» بمقدار خمسة أضعاف، وذلك من مليون دولار فى عام 2016 إلى خمسة ملايين دولار فى عام 2018. والهند ملتزمة أيضًا بالمساهمة بمبلغ خمسة ملايين دولار فى عام 2019.