بداية لنتفق على أمرين, الأول هو أن تسدد ثمن سلعة تحصل عليها أو خدمة تُؤدى لك فهو أمر منطقى لا غبار عليه بشرط أن يكون ثمن هذه السلعة معقولًا وليس مغالى فيه وإلا أصبح الأمر غير منطقى ودخل إلى نطاق آخر يستدعى التعامل معه بصورة مغايرة. الأمر الثانى أن يكون تدخل جهاز حماية المستهلك مقصورا على حل مشكلة تتعلق بجهاز: غسالة أو ثلاجة أو ما شابه أمرًا أراه منقوصًا، إذ يجب أن يشمل هذا التدخل حماية المواطن فى أى تعامل مع أى جهة حتى فى تعامله مع مطعم أو مقهي!. إذا لم يكن هذا الأمر ضمن مسئوليات الجهاز التى ينظمها القانون, فإنه يجب تعديله ليشملها, حفاظًا على العلاقات التى تجمع أفراد المجتمع وبالتالى الحفاظ على السلام الاجتماعى بينهم سواء كانوا مستهلكين أو مقدمى الخدمة، إذ أن كلا من مقدم الخدمة أو المستهلك هذه المرة قد يتبادلان موقعيهما فى أى مرة مقبلة. السطور السابقة تتعلق بما تداوله رواد مواقع التواصل الاجتماعى على مدى أيام من تعليقات تتعلق بفاتورة حساب تناول السحور بالمطعم المملوك لإحدي نجمات البرامج التليفزيونية وشقيقها.. وسخر الجمهور من القيمة العالية للفاتورة، وهو ما أراه غير ذلك إذا نظرنا إلى هذه القيمة التى تتعلق بطلبات 4 أشخاص إلا أن الأمر يختلف تماما إذا نظرنا إلى بنود هذه الطلبات وأسعارها المبالغ فيها تماما!. أعلم أننى أتحدث عن مقهى ومطعم قالت عنه صاحبته إنه مطعم سياحى أكثر منه مقهى، وكأنما تعتقد أن هذه الصفة تجيز لها ولشقيقها فرض أسعار مبالغ فيها أو أن «تعبير سياحى» يجيز استغلال رواده، وأعلم أيضًا أننى أتحدث عن مقهى أومطعم يقع فى ضاحية مصر الجديدة بالقاهرة وليس على بحيرة لوزان بسويسرا، اللهم إلا إذا كانت صاحبته تفرض ضرائب على مرتادى المكان باعتبار أنهم يتناولون سحورهم فى مقهى تمتلكه نجمة سوبر!. قد تعلو أصوات لتؤكد أن من هو قادر على تحمل قيمة الوجود فى هذا المكان, الذى لا يدخله سوى المشاهير على حد قول أصحابه, فعلى الرحب والسعة، ومن هو غير القادر، فالمطاعم التى تقدم أسعارا لا يمكن مقارنتها بهذا الغلو كُثر ومنتشرة فى كل مكان.. غير أن هذا المنطق مغلوط تمامًا إذ أنه يقنن عمليات نهب المواطن حتى ولو كان من الأثرياء، فالأمر يتعلق بالمبدأ أولًا وأخيرًا!. إذا نظرنا إلى بنود ما تضمنته هذه الفاتورة المثيرة فسنجد أن ثمن رغيف الخبز الذى يباع حرًا فى الأسواق، بعيدا عن رغيف التموين، لا يتعدى سعره فى أكثر المناطق ثراء جنيهين بينما قفز سعره فى مقهى النجمة إلى 8 جنيهات أى 400% .. كما أن البيضة الواحدة التى لا يتعدى سعر الكرتونة 45 جنيها ل30 بيضة, قد بلغ ثمنها فى هذه المقهى 25 جنيها لمجرد سلقها فى الماء لمدة 3 دقائق, اللهم إذا كانت هذه الدقائق تستهلك نصف احتياطى حقل كامل من الغاز , لتطير عاليا لتصل إلى 35 جنيها إذا ما جرى دحرجتها فى ملعقة سمن أو زبد!. الفاتورة تتضمن بنودًا استفزازية أخرى جاءت اسعارها موحدة كما لو كان مبلغ 35 جنيها حدًا أدنى لها وهى طبق فول أو جبنة بالطماطم أوعلبة زبادي، ويبدو أن الأخيرة هذه تمثل قيمة إدرار بقر مزرعة كاملة من اللبن وجرى تصنيع هذا الزبادي!. من جانبه قال شقيق النجمة وأحد مالكى المطعم إنه جرى تصنيف مطعمه «4 نجوم» كما أن جميع الأطعمة والأغذية والمشروبات المقدمة لرواد مطعمهم صحية وآمنة.. كما لو كان من المفترض أن تقدم المطاعم أغذية وأطعمة فاسدة وغير آمنة!. اللافت للنظر أن النجمة حاولت التنصل من مسئوليتها تمامًا وإلقاء الكرة فى ملعب شقيقها تارة ووزارة السياحة تارة أخرى إذ قالت: لست موجودة فى المطعم طوال الوقت، بسبب عملى فى الإعلام، ولكن شقيقى هو من يُدير المطعم .. وأن المطعم تابع لغرفة السياحة التى تضع الأسعار وليس تابعًا للحى .. وهنا تحاول النجمة إخلاء مسئوليتها عن الأسعار المبالغ فيها لمطعمها!. على كل فإن ذاكرة الرأى العام لا تزال محتفظة بالحادث المؤسف الذى جرى فى شهر فبراير 2017 فى كافيه آخر بذات المنطقة «مصر الجديدة» إذ قُتل شاب على يد أحد العاملين بالمقهى بتحريض من مالكه بعد خلاف على «الحساب» عقب انتهاء مباراة المنتخب الوطنى ونظيره الكاميرونى فى نهائى كأس الأمم الإفريقية!. فى النهاية يبدو أنه على الذى يرغب فى تناول سحوره أو إفطاره أن يجرى العديد من التحريات الأمنية ليتأكد من أن مالكته ليست نجمة تليفزيونية - موسمية - فى شهر رمضان من كل عام فقط.. وبالهنا والشفا على أى مغامر! لمزيد من مقالات عبد العظيم درويش