سعر الذهب اليوم وعيار 21 الآن في بداية الأسبوع السبت 11 مايو 2024    انخفاض أسعار الدواجن لأقل من 75 جنيها في هذا الموعد.. الشعبة تكشف التفاصيل (فيديو)    هشام إبراهيم لبرنامج الشاهد: تعداد سكان مصر زاد 8 ملايين نسمة أخر 5 سنوات فقط    مندوب مصر لدى الأمم المتحدة: ما ارتكبته إسرائيل من جرائم في غزة سيؤدي لخلق جيل عربي غاضب    الطيران المروحي الإسرائيلي يطلق النار بكثافة على المناطق الجنوبية الشرقية لغزة    الإمارات تستنكر تصريحات نتنياهو حول دعوتها للمشاركة في إدارة مدنية بغزة    مأ أبرز مكاسب فلسطين حال الحصول على عضوية الأمم المتحدة الكاملة؟    على طريقة القذافي.. مندوب إسرائيل يمزق ميثاق الأمم المتحدة (فيديو)    حكومة لم تشكل وبرلمان لم ينعقد.. القصة الكاملة لحل البرلمان الكويتي    الخارجية الفرنسية: ندعو إسرائيل إلى الوقف الفوري للعملية العسكرية في رفح    البحرين تدين اعتداء متطرفين إسرائيليين على مقر وكالة الأونروا بالقدس    هانيا الحمامى تعود.. تعرف على نتائج منافسات سيدات بطولة العالم للإسكواش 2024    أوباما: ثأر بركان؟ يحق لهم تحفيز أنفسهم بأي طريقة    تفاصيل جلسة كولر والشناوي الساخنة ورفض حارس الأهلي طلب السويسري    «كاف» يخطر الأهلي بقرار عاجل قبل مباراته مع الترجي التونسي (تفاصيل)    جاياردو بعد الخماسية: اللاعبون المتاحون أقل من المصابين في اتحاد جدة    مران الزمالك - تقسيمة بمشاركة جوميز ومساعده استعدادا لنهضة بركان    نيس يفوز على لوهافر في الدوري الفرنسي    ضبط المتهم بقتل صديقه وإلقائه وسط الزراعات بطنطا    أنهى حياته بسكين.. تحقيقات موسعة في العثور على جثة شخص داخل شقته بالطالبية    الجرعة الأخيرة.. دفن جثة شاب عُثر عليه داخل شقته بمنشأة القناطر    حار نهاراً.. ننشر درجات الحرارة المتوقعة اليوم السبت فى مصر    مصرع شخص واصابة 5 آخرين في حادث تصادم ب المنيا    غرق شاب في بحيرة وادي الريان ب الفيوم    «آية» تتلقى 3 طعنات من طليقها في الشارع ب العمرانية (تفاصيل)    «عشان ألفين جنيه في السنة نهد بلد بحالها».. عمرو أديب: «الموظفون لعنة مصر» (فيديو)    عمرو أديب عن مواعيد قطع الكهرباء: «أنا آسف.. أنا بقولكم الحقيقة» (فيديو)    حج 2024.. "السياحة" تُحذر من الكيانات الوهمية والتأشيرات المخالفة - تفاصيل    تراجع أسعار الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم السبت 11 مايو 2024    سيارة صدمته وهربت.. مصرع شخص على طريق "المشروع" بالمنوفية    طولان: محمد عبدالمنعم أفضل من وائل جمعة (فيديو)    رؤساء الكنائس الأرثوذكسية الشرقية: العدالة الكاملة القادرة على ضمان استعادة السلام الشامل    حظك اليوم برج الجوزاء السبت 11-5-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    حلمي طولان: «حسام حسن لا يصلح لقيادة منتخب مصر.. في مدربين معندهمش مؤهلات» (فيديو)    هل يشترط وقوع لفظ الطلاق في الزواج العرفي؟.. محام يوضح    تراجع أسعار النفط.. وبرنت يسجل 82.79 دولار للبرميل    محمد التاجى: اعانى من فتق وهعمل عملية جراحية غداً    الإبداع فى جامعة الأقصر.. الطلبة ينفذون تصميمات معبرة عن هوية مدينة إسنا.. وإنهاء تمثالى "الشيخ رفاعة الطهطاوى" و"الشيخ محمد عياد الطهطاوى" بكلية الألسن.. ومعرض عن تقاليد الإسلام فى روسيا.. صور    وظائف جامعة أسوان 2024.. تعرف على آخر موعد للتقديم    جلطة المخ.. صعوبات النطق أهم الأعراض وهذه طرق العلاج    إدراج 4 مستشفيات بالقليوبية ضمن القائمة النموذجية على مستوى الجمهورية    أخبار كفر الشيخ اليوم.. تقلبات جوية بطقس المحافظة    زيارة ميدانية لطلبة «كلية الآداب» بجامعة القاهرة لمحطة الضبعة النووية    لتعزيز صحة القلب.. تعرف على فوائد تناول شاي الشعير    مادلين طبر تكشف تطورات حالتها الصحية    شهادة من البنك الأهلي المصري تمنحك 5000 جنيه شهريا    لماذا سمي التنمر بهذا الاسم؟.. داعية اسلامي يجيب «فيديو»    نقاد: «السرب» يوثق ملحمة وطنية مهمة بأعلى التقنيات الفنية.. وأكد قدرة مصر على الثأر لأبنائها    "سويلم": الترتيب لإنشاء متحف ل "الري" بمبنى الوزارة في العاصمة الإدارية    آداب حلوان توجه تعليمات مهمة لطلاب الفرقة الثالثة قبل بدء الامتحانات    حسام موافي يكشف أخطر أنواع ثقب القلب    5 نصائح مهمة للمقبلين على أداء الحج.. يتحدث عنها المفتي    فضائل شهر ذي القعدة ولماذا سُمي بهذا الاسم.. 4 معلومات مهمة يكشف عنها الأزهر للفتوى    نائب رئيس جامعة الزقازيق يشهد فعاليات المؤتمر الطلابي السنوي الثالثة    بالصور.. الشرقية تحتفي بذكرى الدكتور عبد الحليم محمود    واجبنا تجاه المنافع المشتركة والأماكن العامة، الأوقاف تحدد موضوع خطبة الجمعة القادمة    محافظة الأقصر يناقش مع وفد من الرعاية الصحية سير أعمال منظومة التأمين الصحي الشامل    دعاء الجمعة للمتوفي .. «اللهم أنزله منزلا مباركا وأنت خير المنزلين»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تغريدات (8)
نشر في الأهرام اليومي يوم 04 - 05 - 2019

من يحيا ليُمجد سلطان العقل كأعز ما وُهب الإنسان وأن لا إمام غيره كما عند أبى العلاء المعرى، فقد ظلم نفسه، فالعقل إنما خُلق ليكون أداة للحياة الدنيا ووسيلة لحفظها وبقائها ورقيها، لكنه عاجز كل العجز أن يرسم بريشته عالم الغيب المجهول وكم من حجرات مغلقة لم نعط مفاتيحها.. ولقد ظل المعرى طويلا يدور فى مرحلة إعمال العقل وحده، وعندما استعرض أفكاره وأقواله.. ماذا رأى؟!.. رأى تناقضًا فى الفِكر، وفى القول، حيث يسلمه التفكير يومًا إلى الشىء أنه أبيض فيعلنه، ثم يسلمه يومًا آخر إلى أنه أسود فيعلنه، فإذا هو آخر الأمر يعلن أنه أسود وأبيض معًا.. ومحال ذلك.. أيهما الحق؟!.. أهو أسود أم أبيض.. لابد وأن يكون أسود فقط أو أبيض فقط.. أما أسود وأبيض معًا فضلال مبين.. وما هذا العقل الذى يسلم إلى شيء ونقيضه؟!! عند هذه النقطة صرخ المعرى من أعماق نفسه فى كتابه الوسيط بأنه حائر لم يوفق، ضال لم يهتد: «العقل الذى أسلمت له قيادى لم يسلِّم لى قياده وآمنت به كل الإيمان وفضلته على كل الأديان وجعلته نبيًا من الأنبياء، ونورًا يلمع فى الظلماء، فلم يؤدّ رسالة، ولم يشف لى غليلا، فلأكفر به كما كفرت بغيره، ولأنكر سلطانه كما أنكرت كل سلطة، ولأكسر قيثارتى التى غنيت عليها فى مدحه، ولأضع أناشيد أخرى فى ذمه، فهذا هو الجزاء الوفاق لمن وفيت له فلم يفِ لى، وأكبرت من شأنه فأصغر من شأنى، وركنت إليه فحيرنى، ولقد جربت النقل فلم أطمئن إليه وجربت العقل فلم أطمئن إليه وأصبحت أقول:
سألت عقلى فلم يخبر وقلت له
سَل الرجال فما أفتوا ولا عرفوا
وفى كتابه «الوسيط» يقول:
سألتمونى فأعيتنى إجابتكم
من ادّعى أنه دارٍ فقد كذبا
وكان أبو العلاء إذا ما عاد إلى حظيرة الدين يكتب مكذبًا الشك:
أفملّة الإسلام ينكر منكر
وقضاء ربك صاغها وأتى بها
وفى إيمانه بالوحى والأنبياء يقول:
أم الكتاب إذا قوّمت محكمها
وجدتها لأداءِ الفرض تكفيكا
لم يشف قلبَكَ فرقان ولا عظة
وآية لو أطعت الله تشفيكا
وفى كتابه «الطويل» يؤكد إيمانه بخالقه:
له العزّ لم يشركه فى المُلك غيره
فيا جهل إنسان يقول لى المُلك
وقد أراد أبوالعلاء أن يضم إلى إيمانه بقلبه إيمانه بعقله فلم يستطع، ولو نام شعوره وانتبه عقله لألحد مستريحًا، ولو نام عقله وانتبه شعوره لآمن مستريحًا، ولو صحا عقله وشعوره ورسم حدوده، وعرف لكلّ دائرة اختصاصه لاستراح أيضًا، ولكنه أراد أن يصل إلى ما ليس يمكنه بالعقل فلم يفلح، وقلق واضطرب مثل كل من خرج على قوانين الطبيعة وطبائع الأشياء، لأن الدين يغذى حاجة من حاجات النفس لا غنى لها عنه، وهذا هو السبب فى أن أبا العلاء عندما نقد المجتمع نجح، وعندما نقد الأخلاق نجح، لكنه عندما نقد الدين فى صحيحه لم ينجح ليصدق عليه قول جوتة عن فاوست: «إنه عقل طغى على القلب فأشقى صاحبه»، فالدين فى القلب لا فى العقل، وإذا ما بحث الدين بالعقل المجرد لم تكن النتيجة دينًا ولا فلسفة، وإنما شىء هامشى اسمه (علم الكلام).
ويمين الله كنت أشعر على الدوام دونما أجهزة طبية ورسوم بيانية وتحليلات معملية وأشعات وموجات وقياسات ضغط وسونار ومسح ذرى بأن الذى يفكر بداخلى وينفعل ويحزن ويفرح ويصفق ويزغرد ويرقص ويئن ويبكى ويحبط ويذوى وينكمش وينكسر وينشرخ ويتجاوب ويطنش ويجارى ويستشعر ويتجاوب ويسلم ويستسلم ويفتح أبوابه ويوصدها ويطرب غبطة ويموت كمدًا ويفكر بصوت عال فتتسارع الدقات على جانبيه فى البطين الأيمن والأيسر هو القلب وليس العقل، وبالأمس فقط أتانى التصديق على كلامى فى البحث العلمى الدينى الموثق لأستاذة علم الأعصاب د. يسرية الطويل جامعة الزقازيق فى عرضها بأن هناك أبحاثًا تدور عالميا عن دماغ موجود فى القلب يتألف من 40000 خلية عصبية، أى أن ما نسميه «العقل» موجود فى مركز القلب وهو الذى يقوم بتوجيه الدماغ لأداء مهامه، ولذلك فإن الله تعالى جعل القلب وسيلة نعقل به.. قال تعالى فى سورة الحج: «أفلم يسيروا فى الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها أو آذان يسمعون بها فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التى فى الصدور»، وقال جلّ جلاله فى سورة الأنعام: «لهم قلوب لا يفقهون بها»، أى أن القرآن قد حدد مركز الإدراك لدى الإنسان وهو القلب، وهو ما يكتشفه العلماء اليوم.. وقال تعالى فى سورة البقرة: «ثم قست قلوبهم من بعد ذلك فهى كالحِجارة أو أشد قسوة»، وهنا حدد القرآن صفة من صفات القلب وهى القسوة أو اللين، ولذلك قال عن الكافرين فى سورة الزمر «فويل للقاسية قلوبهم من ذِكر الله أولئك فى ضلال مبين»، وفى المقابل عن المؤمنين: «ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذِكر الله».. إن كل خلية من خلايا القلب تشكل مستودعًا للمعلومات والأحداث، ولذلك بدأوا يتحدثون عن ذاكرة القلب، ولذلك فإن الله تعالى أكد لنا أن كل شىء موجود فى القلب، وأن الله يختبر ما فى قلوبنا، فقد جاء فى قوله تعالى فى سورة آل عمران: «وليبتلى الله ما فى صدوركم وليمحص ما فى قلوبكم والله عليم بذات الصدور».. وحول الخلل الكبير فى نظام عمل القلب الذى يؤدى إلى فقدان السمع جاء فى سورة الأعراف قوله تعالى: «ونطبع على قلوبهم فهم لا يسمعون»، ولأن للقلب دورًا مهمًا فى العلم والمعرفة، وهو الذى يؤثر على خلايا المخ ويوجهه فإن القرآن قد ربط بين القلب والعلم، وذلك فى قوله تعالى فى سورة التوبة: «وطبع الله على قلوبهم فهم لا يعلمون»، وإذا ما كان مركز الكذب فى منطقة الناصية بأعلى ومقدمة الدماغ فإن المعلومات الصادقة وحدها هى التى يختزنها القلب، ومن هنا فإن الإنسان يكذب بلسانه ويقول عكس ما يختزنه قلبه، ولهذا يقول تعالى فى سورة الفتح: «يقولون بألسنتهم ما ليس فى قلوبهم»، فاللسان هنا يتحرك بأمر من الناصية فى الدماغ، ولذلك وصف الله هذه الناصية فى سورة العلق بأنها: «ناصية كاذبة خاطئة»، ولأن الإيمان بالقلب وليس بالدماغ يقول سبحانه فى سورة المائدة: «يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون فى الكُفر من الذين قالوا آمنا بأفواههم ولم تؤمن قلوبهم».. وتلك الرجفة المتجاوبة فى القلب عند ذكر الله جاءت فى قوله تعالى فى سورة الأنفال: «إنما المؤمنون الذين إذا ذُكر الله وجلت قلوبهم وإذا تُليت عليهم آياته زادتهم إيمانًا وعلى ربهم يتوكلون»، وكذلك جعل المولى سبحانه مكان الخوف والرعب هو القلب أيضًا فيقول تعالى فى سورة الحشر: «وقذف فى قلوبهم الرعب».. وأنه لأفضل دواء للقلب واستقرار دقاته صوت التلاوة المباركة التى يقول عنها تعالى فى سورة الرعد: «الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذِكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب» أو ليس أجمل دعاء يثبت قلوبنا على الإيمان، ويعيد أصحاب سلطان العقل إلى الصواب وعدم ترديد قول أبى العلاء المعرى عن العقل بأنه نبى صادق من اتبعه رشد ومن صدّ عنه غوى:
أيها الغُرُّ إن خُصِصْتَ بعقلٍ فاسألنه فكل عقل نبىّ
إنه الدعاء الذى يقول: «ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب»، وفى حديث رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم «إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم ولكن ينظر إلى قلوبكم».
(هو وهى)
رغم مضى خمسة وثلاثين عامًا على مسلسل «هو وهى» بطولة سعاد حسنى وأحمد زكى الذى قمت بكتابة قصصه القصيرة فى قالب التغريدات، فإن المعروض منه لم يتجاوز السبع حلقات فقط، بينما كان المقدر له أن يستغرق شهر رمضان وقتها بأكمله بثلاثين حلقة، خاصة وأن هناك سيناريوهات كانت قد أعدت، وديكورات شُيّدت، وأغانى تم تلحينها.. لكن المخرج يحيى العلمى الذى بدأ هادئًا متفائلا مطاوعًا صبورًا وقتها قام بهدم المعبد بعدما أفقدته البطلة أعصابه من شدة تدخلها فى العمل، وأبدًا لم يطاوعه قلبه رغم دموعها للعودة للمعترك.. ومع روايح رمضان واستمرار عرض المسلسل التاريخى على الفضائيات أجدنى ملزمة بنشر بعض القصص التى كان قد تم إعدادها وقتها للشاشة والتى قال عنها أحمد زكى «لو أننى مكثت أقوم ببطولة حلقات (هو وهى) بتعدد أدوارى فيها طيلة حياتى لما رغبت فى عمل فنى آخر»..
وأنا أودعه
رائحة هذا المكان. أبخرته. مآذنه. قدسيته. سحر التراث. هندسة فنون إسلامه. أصوات البشر بين طرقاته. ذكرياته على جدران التاريخ. قاهرة الفاطميين من خلال المشربية. حى الحسين. أعشق نبض رمضان فى دروبه.. أردت أن يكون وداعنا على أرض حقيقية لم يذهب جفاف قلب المدينة بسحر شرقها وإشعاعات إيمانها.
بين انعكاسات مرايا المطعم جلستُ أمامه على مائدة إفطار فى الليلة قبل الأخيرة لسفره فى بعثة إلى بعيد.. لن يتم ارتباطنا حتى يعود بلقب وشهادة. شهر زاد لن تكمل حكايتها، والخوف ألا يبقى حب الاستطلاع عند مولاها سنين.. لست ابنة السلطان التى وضع أبوها شروطًا لمن يتقدم يطلب يدها بأن يعبر وادى الشوك وغابة العفاريت وبحر الدم وجبال النار ويتسلل فى غفوة الغول ليأتى بالياقوتة.. أريدك كما أنت.. أريدك كما تريد أن تكون.. شطحات خيالى ترسم على جبينك بمداد غيرتى عبارات لا تراها سوى النساء ذهبيات الشَعر خضر العيون ملتويات اللسان هناك حيث تحط الرحال.. أريد أن أخط على جبينك: كنز مفتاحه مع بنت بلده. ناى لا يعزف إلا على شاطئ النيل. عصفور من الشرق ليس فى هجرة إلى بلاد الشمال. محجوز مسبقًا.. عَيِّنة ليست للبيع. قادم والقلب مشغول بساكنته.. لونه المفضل خمرية البشرة وعيون فى طرفها حَوَرٌ... عندما اخترت هداياك من خان الخليلى امتصت مقلتاى دموعى خوف ضعف تساقطها أمامك. بين هداياك ما كان للنساء. هل سيدخلن عالمك؟! يزلزلنى حلم أسود أن تهبط فى عودتك على أرض المطار تعلق فى يدك زوجة أجنبية وصغار خضر العيون ذهبيو الشعر اللعنة على شطحات خيالى. أنت أمامى.. هنا.. تحبنى.. أحبك.
العد التنازلى لا يُبقى لانتفاضات العقارب سوى دقائق. بعدها لن يعرفَ قائد طائرتك من سيأخذ منى بعيدًا. يدوى صوت القيام فى صدرى. يغلق بيننا باب ويزال سلم صعد بك وتجرى عجلات على أعصابى وتذوى فى نقطة تتلاشى فى السماء طائرتك.. وأذوب على رجع صوت أم كلثوم: حطيت على القلب إيدى وأنا بودع حبيبى.
ليتنا أبناء الأمس. أُنجبنا قبل قرن من الزمان. درنا فى طفولتنا وراء المسحراتى نغنى وحوى يا وحوى بالفوانيس. نطرق الأبواب نلم العادة ونحصى الدراهم. نشب وبيننا عهد ووعد. ضياء نورك وسط عقد الرجال على بساط إفطار وسحور. ألقى عليك منديلى المعطر. ترفع عيونك إلى مشربيتى. نلتقى تحت الياسمينة. أشغلُ لك طاقية بخيوط الذهب. على صدرك وشم صورتى. أتعرف على وقع خطى حصانك على الدرب بجلجلة أجراس سرجه. أسبح مع ترانيم حبك فى بُخارِ مَغْطس. أشدو يا ليل ويا عين وأمان يا لالالى. مهرى دنانير. نسيج ثوب ليلة الحنة من بر الشام. قلادة صدرى من شهبندر التجار. أسير إليك فى هودجى. صندوق جهازى من خشب الكافور. أبخّر الزير وأدوس فى قبقاب صدف وترهف الآذان لرنة الخلخال. أصنع لك حلوى فالوذج وأحشو القطايف بحبات القلب والصنوبر وأصبّ على كفيك ماء الورد وأشعل جذوة النرجيلة.. فى صحن دارنا فسقية عجب وشجرة تمر حنة. نزهتنا شراع مركب يتهادى فى الخليج. الولد أدهم والبنت جلنار. يأتى ليل السلام نسهر على ضىّ القناديل ونغلق عيوننا مع صحوة نداء يقظة الجند على باب النصر وزويلة والفتوح وباب الخلق.. ألف ليلة وليلة نقرأها منسوخة بمهارة اليد. الصحة من أعشاب الطبيعة. غناء البشارف على أوتار العود موهبته حنجرة تسيطر على الجمع. القمر أساطير ووجه حبيب يبتهل الأطفال للساحرات بدقاتهم على أسطح الصفيح ألا يختنق فى ليل كماله. السماء شمس فجر وغروب وسحابة صيف وحبات مطر لا يمرق فيها سوى نجم بذيل نلاحقه بالأمنيات. الأرض ينبتها صبر السواقى وناى الشادوف. الحياة على مهل والثياب والتوابل والعطور تأتى بها القوافل على إبل تسير الهوينى.. الوظائف سقا ومنادى وحامل أختام وقاضى قضاة وكاتب مراسيل الغرام.
سيمضى رمضان.. ورمضان.. ورمضان.. وتقبل مع إطلالة عيد.. ليت الزمان يتوقف حتى يعود الأمير ليزرع فى الشعر وردة فتدب الحياة وكأن بُعدًا لم يكن... أمام مسجد الحسين توقفت خطواتنا. قرأنا الفاتحة. أهديته مصحفًا. عهدنا إخلاص.. صدورنا ابتهالات.. دعاؤه أن يحفظنى الخالق من كل سوء. دعائى عودته، وطاقة إعجاز لصبر أيام الغياب.
عودة الصبية
من قلب الريف أتت لتعمل منذ طفولتها شغالة فى المدينة الصاخبة.. خرطت فدان ملوخية وغسلت جبال هدوم وغيرت لأكثر من دستة مواليد ومسحت أرض البسيطة ولمّعت زجاج نوافذ حى بأكمله، وعلمتها بنات الأسر أسماء قصات الهدوم الدرابيه والديكولتيه والإيفازيه، وتطريز غرزة البتى بوان، وحفظت أسماء النجوم، وأتقنت صنع المايونيز والباشاميل والإسباكيتى والإكسبريسو والكريم كراميل.. عرفت أعيادًا أخرى غير العيد الصغير والكبير وعاشوراء، فهناك أعياد ميلاد بهابى بيرث داى، والكريسماس أبوشجرة بجلاجل ورأس السنة عندما تطفأ الأنوار وتطرقع القبلات.. أصبحت لهلوبة فى استخدام جميع الأجهزة الكهربائية ولها خبرة مشهود لها فى التفريق ما بين مزايا باقات الموبايل.. فى السوبر ماركت تدفع العربة لتنتقى للهانم الصغيرة شيكولاتة دايت وللست الكبيرة كرفس مستورد لشوربة الدوفولاى.. عرفت أن الأرض كرة بتدور والقمر أرض بور وقبة البرلمان تحتها ناس بتتخانق وليست ضريحًا لأحد الأولياء، وتعلمت أن البكاء من غير سبب سببه عقدة نفسية والحقنة البلاستيك أأمن من المغلية، ومع الأسر الثرية طلبت رقم خدمة الغرف فى الفندق الكبير..
فجأة.. حضر أبوها من الكفر وأعلن أنه قرأ فاتحتها منذ عامين على ابن العم صاحب القيراطين والفرح بعد جُمعتين، ولطمة بالكف الغليظ قطعت فى زورها صرخة رفضها.. غطى راسك وفوتى قدامى.. ودعت المدينة لتساق إلى دارٍ جدرانها طين وسقفها سعف نخيل ودورة المياه فى الزريبة من غير شطاف سخن وساقع، والثلاجة زير ورغيف العيش ينضج فى فرن تقيد ناره أقراص روث البهائم.
ساعة العصارى تقف مهزومة فى مهب الريح فى انتظار عودة زوج ممتطيًا حمارته بساقين نهايتهما مَداس موحل بطين البِرك.. يرفع إلى فمه بعد الغموس قلة ماء تكركر ويتجشأ بصوت مرتفع ويتمطأ كفحل الجاموس.. لحظتها بالذات تتذكر ما كانت تمليه عليها إحدى هوانم المدينة من تعليمات قبل ما يغرّد جرس موسيقى الضيوف.. الشوكة على الشِمال والسوتيه حوالين الدندى وبورسيون اللحم بعد تقديم البوشيه.. و..ضرورة وضع ملعقة صغيرة بجوار المستردة!
أودة البواب
فى الحفل الساهر راقَصَ زوجة المدير وابنة المدير وزوجات ضيوف المدير، وهمس فى الآذان المعطرة من خلال الأقراط الماسية بكل ما أسعفه لسان أطلقه الشراب فطغت على الموسيقى ضحكات أنثوية مدربة دغدغتها خفة الدم وحضور البديهة رغم غياب العقول.. وفى آخر الليل انصرف بعدما ضغط فى سلامه أكثر من خد ويد.. ولما لم تستجب أزرار الأسانسير لنداء أصبعه هبط الدرجات المظلمة يتذكر ما جرى فوق فيزداد رأسه دوارًا مع لفّات الدرابزين.. الباب الخارجى للعمارة مغلق بالمفتاح. قفص البواب فى بئر السلم يتسرب من بين اعوجاج ألواحه الخشبية ضوء خافت يتراقص. طرق بشدة بكلتا يديه فانفتحت فوهة انبعثت منها أبخرة أنفاس وحموضة طعام فقير. ذبالة ضوء لمبة الجاز ترعش هالة الشَعر المشعث التى تحيط رأس امرأة. انحنت تبحث بين الأغطية المهترئة عن المفتاح بين رءوس أطفال ليس بينها رأس رجل. شابة ونصف نائمة. طرف كتفها مكتنزة وعارية. خرجت فى الظلام تفتح الباب. منحها ورقة مالية خرفشت فى كفها. انطلق دعاؤها فى غمغمة روتينية تشوبها آثار نعاس. أشعل ولاعته فومض اللهب على الكتف العارية. عندما وضعت المفتاح فى الثقب أسرع يغلق شعلة الولاعة. تحرك تجاهها فى الظلام. اقترابه فجّر كل إمكانياتها فى شهقة شرخت بئر السلم وصعدت تلف جميع الأدوار إلى سطح العمارة. خمشت بأظافرها ما توصلت إليه من وجهه. دفعته بكتفها فترنح فى فراغ أسود. كورت الورقة المالية وقذفت بها تجاهه وأطلقت صرخات متتالية مثل نعيق أسطول بواخر ميناء. أضيئت شراعات زجاجية فى أبواب شقق كثيرة كان أصحابها نيامًا..!
الحجرة المغلقة
أنجباه وقد تجاوزا سن الشباب ليعيش طفولته وحيدًا فى جو الشيخوخة والمرض والتذمر وعدم الانسجام. وعندما أصبح شابًا وجد نفسه حبيسًا بين طفلين تكسوهما التجاعيد. أنانية الكهولة لا يستطيع الابن ردعها أو عصيانها. يسفهان آراءه لأنه صغير بلا تجارب. يتفاخران عليه وكأن شيخوختهما امتياز فهى زاخرة بمواقف الحياة والنظرات الصائبة. يحكم حولهما الغطاء ويحمل إليهما صوانى الطعام وزجاجات الدواء ويصطحب إليهما الأطباء وصبى الصيدلية لقياس الضغط وإعطاء الحقن وتوصيل أنبوبة الأكسجين.. فوق الفراش يعقدان محاكماته اليومية. لماذا لم تسمع النداء؟ تأخرت علينا. واجب عليك. لا تقل لهما أفٍ. ربيناك صغيرًا. حق الآباء على الأبناء. أمك أمك أمك ثم أمك. الجنة تحت الأقدام الوارمة. دهان الروماتيزم. حزام الوسط. طاقم الأسنان. النظارة والقطرة والقربة الساخنة وسفوف الملين واللزقة وقرص تحت اللسان وقبل الأكل وبعد الأكل ووسط الأكل وقبل النوم وشيل المخدة وحط المخدة واعدل المخدة وهات لى مخدة صغيرة تحت الورك الشمال.. اطفى النور ولع النور دخمس النور خد النور ناحية أمك. الدنيا حر الدنيا برد الدنيا زمتة الدنيا لا تساوى جناح بعوضة. افتح التليفزيون غير المحطة هات لى المصحف المرتل أبوك بيشخر أمك شايلة طاجن ستها.. صدرى يا ابنى نفسى يا ابنى كتفى يا ابنى عينى يا ابنى كبدى يا ابنى روحى يا ابنى.. فكر ألف مرة فى أن يهرب.. يهاجر.. يتبدد.. يتزوج ويرحل بعيدًا ولكن لمن يترك من لا قوة لهما..
فى أواخر أيامهما ازدادا سخطًا على الحياة وتشبثا بها. لا شىء يرضيهما. الدواء مغشوش لا يجلب الشفاء. الدكتور قلبه حجر لا يرد على التليفونات. المسلوق يسد النفس.. و..ذهبت أمه وبقى فى خدمة أبيه إلى أن غادر هو الآخر.. ليلة صافح آخر المشيعين وجد نفسه بين الجدران وحده. استيقظ يرهف السمع. الوهم كاد يصبح حقيقة. سعال والده. أصداء أنين أمه. حاول تذكر أولى واجباته اليومية فى تنظيم حجرتهما.. ولكن.. هل هناك من يهمه أن يعيد تنظيمها. شعور تلميذ يهرب من الذهاب إلى المدرسة ليمضى فى الطرقات حرًا طليقًا.. قبل أن يتراجع أسرع وأغلق على السرير العتيق الباب بالمفتاح وطوّح به بعيدًا من النافذة.. مع الوقت تلاشت الأصوات وطويت الصفحات وطالت فروع الياسمينة فى الحديقة لتغطى زهراتها البيضاء نافذة الحجرة المغلقة من الخارج.. عاش فى بقية الحجرات التى يدخلها الهواء والشمس!
الفاتحة للمرحوم
لم أدرك أن أيامى سرقت منى إلا وأنا على مشارف الخمسين.. تزوجته فى السن التى تُبهْرَ فيها المراهقة بالرجولة الكاملة. كان يكبرنى بأكثر من سنوات عمرى. ذهب إلى مولاه بعدما أنجبت له ثلاثا أصبحوا أطول منى وذهب كل منهم إلى عشه البعيد.. زمان عندما سقط كفه على ذهول وجهى فى أول زواجنا لعلمه بأنى استقبلت ابن خالتى فى غيبته ظللت حبيسة الدار لا أفتح إلا شراعة الباب لأقول للزائر إن الأستاذ غير موجود.. المفاتيح التى كانت جميعها فى قبضته تركها لى ورحل. مرحلة انعدام الوزن. لم أصدق أنه لا محظورات وأنى أستطيع عبور الباب بلا إذن والعودة متى أشاء. انتشيت بالحرية وكانت الأرض العطشى لم ترتو كلية عندما وجدته فى طريقى. شاب جاء ميلاده بعدى. الحياة بجانبه انطلاق ولهو ومرح. وافقت على الزواج وأجبرت الأبناء على الوضع الجديد وضغطت عمرى وجاريت سرعة حركته. قمت بتنفيذ جميع بنود حيوية برامجه. اليوم رحلة وغدا حفل وحتى الفجر سهرة حافلة. أدمنت أن أعود شابة. أشد جلدًا ترهل وأحقن فراغات تهدّلت وأقص من هنا وأخيط من هنا، وأذوب فى لهيب الأجهزة، وتَسْلُخ وجهى أقنعة المستحضرات، وألهث فوق عجلة التخسيس، وأقطع النفس فى بخار حمامات الساونا، وينهد حيلى تحت قبضات المساج، وأُخرِس جوع الريجيم وأبتلع الأقراص ومثبطات الشهية وأدبس معدتى وأبتلع البالون ويغدو مؤشر الميزان سيفا مسلطا على أعصابى.. تعبت.. أمنيتى استراحة من المشدات.. من الشباب.. من العمر المزيف.. من الواجهة المصقولة دومًا. أن أرحم بشرتى من طبقات الأصباغ. أنزع كعبًا يقلّص أوردة السيقان. أغلق جفونًا طبيعية سقطت رموشها على المياه البيضاء. أخلع ضروسى التركيب خارج فكى وجمجمتى. أسبح فى اتساع جلباب وليتهدل الصدر كما يحلو لهيكله المحطم. يحزم المنديل جبهتى ويسد القطن سمعى. أدش بصلة غليظة أتناولها مع صحن أغمس فيه بأصابعى. أمكث فى حمامى على راحة راحتى. أتثاءب بملء حنجرتى. أعوم فى سريرى وحدى. أقرأ الفاتحة للمرحوم.. البطلة يداعبها الاعتزال!
حمامة بيضاء
بنت المأذون ساكنة القلب منذ الطفولة.. ساعة العصارى يصعدان معًا إلى السطوح ليراقبا سرب الحمام العائد إلى برجه من جولاته فوق الحقول، ويغرقان فى الضحك على الحمامة البيضاء صاحبة الذيل الرعاش التى تكون كعادتها قد جلبت معها عدة ذكور جدد جاءت خلفها أسرى شرك جاذبيتها الطائرة. منقار الحمامة الوردى يزدرد الماء من شفتى بنت المأذون وتقفز لتحط على كتفه تمد جسور الغرام.
سافر فى الغربة يحوّش مهرها وعاد ليجد الحبيبة قد طارت.. المأذون والدها قرأ فاتحتها على عريس مقتدر من بلد قريب دفع فيها شىء وشويات.. لمح قوامها من بعيد فى طريقها لبيت خياطة بلدهم.. من قضبان النافذة راقبها تتثنى بدلال أمام المرآة وأصابع الخياطة تضبط حول غصن البان السمهرى ثوبًا لامعًا. الخائنة بالها آخر روقان ووجهها يزغرد بفرحة وجسدها الريان يتمايل فى الثوب الجديد.. أسرع بخطواته لداره يخطف البندقية وتجاه برج الحمام سدد الطلقة.. الحمامة البيضاء صاحبة الذيل الرعاش ومضت كنجم فى السماء القاتمة. ارتفعت كالقذيفة وهبطت على مهل ودارت دورتين فى الهواء ثم سقطت بدوى تحت أقدامه على الأرض كقالب طوب!
الرمال المتحركة
فك اشتباك جفنيه ومسح عدسة عقله واقترب لمرحلة حضور الوعى.. حاجز كالجبل يحجب عنه النور فلا يبدو سوى شعاع أفقى تحت الشراعة. جارته تلك التى أصبحت عروسه. جريمة استسلام فى وضح النهار. دوائر شعرها كالحة متداخلة فى نسيج بفتة المخدة. بشرتها ليس لها لون. مع الزرقة المنتشرة تحت طبقة الجلد لا يستطيع حتى أن يقول خمرية. منطقة الكوع فى ذراعيها غائرة تضاريسها وغير مفهومة. تلال وهضاب وسفوح ووديان متداخلة وصدر ضخم بفتحة مصيدة تخنق الفأر داخلها.. أصابعه بحثت عن سجائره ليشعل واحدة. حركة يده جعلتها تتململ. فتحت عينيها. جاحظة مسلطة لا ترمش كعيون تمثال. بصوت مثقل بالنعاس سألته عن الساعة. لم يرد. عادت أنفاسها منتظمة. ضغط جمرة السيجارة فى منتصفها يكتم شعلتها. ذبابة انتشت للنور القادم. قفزت من بين عناقيد زميلاتها من فوق سلك النور. توقفت فى الهواء ترف بجناحيها تجفف التصاقهما. هبطت وسط دائرة ضوء صغيرة فوق مربع بارز ترفعه خياطات اللحاف الساتان القادم مع الجهاز.. عاودت الطيران لتلف وتزن حول وجهه. أزاحها مرة ثانية وثالثة وألف. استغرق فى مراقبتها تزحف على صدره. عندما رفّت فجأة فى مخططها المقيت لتخبط وجهه هشها بانتفاضة غاضبة استمع فيها لاصطكاك عظم يده. طارت وحطت على فتحة صدرها.. التصقت بالخط الفاصل اللامع من العرق. جلجلت الأساور الذهبية فى يدها وهى تشد طرف الغطاء. تعرت أقدامه. فتح درجًا بجواره. ابتلع قرص أسبرين بلا ماء. التصقت المرارة على جدار حلقه وكأنه لوفة حمام لم تستخدم من قبل.. تمدد محدقًا فى اللاشىء. السكون أقلق نوم من بجواره. تململت. فتحت عيون الكوبرا. عادت تسأله عن الساعة. لم يرد. اعتدلت تستأنف راحة نومها. حركتها شدت جزءًا جديدًا من اللحاف. الجذب كان طوليًا هذه المرة مما أتاح له أن يرى جسده مقسومًا نصفين. نصف من الساتان الأحمر المبطن والآخر من الكستور المقلم بساق منفصلة آخرها صباع بُنصر معوج يعلوه كاللو داكن مزمن.. فجأة اعتدلت واستدارت إليه. فتحت عينيها. أقبلت عليه. فتحة صدرها الجريئة فوهة واسعة بلا شاطئ... الرمال المتحركة تسحب فريستها..!
لمزيد من مقالات سناء البيسى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.