نعم.. سيدى الرئيس.. شكراً، فقد انتهى الدرس الذى أخذناه عمرنا كله «نظرى». نعم.. سيدى الرئيس لتحوله إلى «عملى»، وهنا أتحدث عن جيلى وأجيال من بعدى، حتى جاء ولدى. نعم.. سيدى الرئيس نحن الجيل الصاعد الذى عاش حياته فى «الهابط»! الجيل الذى امتلأ وجدانه بأحلام الوطنية والقومية والبناء والجهاد والطوبة الفضة وأختها الدهب!! الجيل الذى امتلأت مقرراته المدرسية بالتربية الوطنية، وأحيانا القومية، وعندما خرج لم يجد إلا وطنا مقطعا وقومية منهارة وعروبة فى «الباى باى». وفى طريق البناء بالطوبة الدهب أو حتى الفضة.. فُتح المزاد!. نعم.. سيدى الرئيس نحن جيل نكسة الطفولة فى الستينيات، وعبور المراهقة فى السبعينيات، وسلام سلام ومع انفتاح فوق جدران من ورق الديمقراطية على الحرية، وبعض من ديكور المهلبية الغربية، لم نجد الطريق لنساهم، واكتفينا بالصمت الرهيب، فلا وقت للحلم أو البحث عن الحلم أو التحقق مما حفظناه، ولا ذاكرناه من مقررات الاشتراكية والبناء واليد التى تعمل والأخرى التى تحمل السلاح. سيدى الرئيس.. من أين كان يأتى الوقت وقد إنفتحنا بولادنا على المدارس الأمريكية والبريطانية، ولا ننس الإسلامية، ومنها إلى الفرنسية، وطبعا الألمانية، وغزو ثقافى من كل فج عميق، وسباق محموم على لقمة العيش السداح مداح، التى ابتلعت الزمن وفرمت العمر. ضاعت الأحلام، وضعفت الأيادى، فلا عادت تبنى ولا عادت تقوى على شىء، فلا وقت لا للحلم ولا للبناء، ولا حتى لتذكر دروس التربية الوطنية الستينية ولا قومية السبعينيات المهدرة، ولا الصمت الرهيب الذى عشناه أمام غزاة الفكر والوجدان والضمير، فأصبح كل شىء مباحا وفى المزاد متاحا. وأصبح هذا هو حال جيلنا كله! أو هذا ما ظننته حتى رأيتك ومن معك لأفاجأ أن هناك جزءا أصيلا من هذا الجيل حمل فى ضميره حلم الطفولة، الجيل الصاعد، ثم عبر بالوطن خطا أقوى من خط بارليف، خط الدمار الشامل لمعتقداتنا ووطنيتنا ومصريتنا وتربيتنا، ووجداننا!! تطبق الدرس وتعيد إحياء الجيل الذى صعد من قبل بالأناشيد الوطنية والشعارات وبالكلام وتحوله إلى واقع! بعد أن فهم وحفظ وراجع وامتحن، وها هو يطبقه معك فى الشارع وعلى أرض الواقع. سيدى الرئيس.. لا أملك إلا أن أقول لك.. شكراً. لمزيد من مقالات دينا ريان