موقع «نيوز لوك» يسلط الضوء على دور إبراهيم العرجاني وأبناء سيناء في دحر الإرهاب    فوز توجيه الصحافة بقنا بالمركز الرابع جمهورياً في "معرض صحف التربية الخاصة"    رئيس جامعة الإسكندرية يشهد الندوة التثقيفية عن الأمن القومي    مصر تستعد لوظائف المستقبل    تتراجع الآن أسعار الذهب اليوم فى السودان وعيار 21 الآن بمستهل تعاملات الأربعاء 8 مايو 2024    اعرف تحديث أسعار الحديد والأسمنت اليوم الأربعاء 8 مايو 2024    عاجل - "بين استقرار وتراجع" تحديث أسعار الدواجن.. بكم الفراخ والبيض اليوم؟    برلماني: الحوار الوطني وضع خريطة استثمارية في مصر للجميع    تراجع سعر السبيكة الذهب اليوم وعيار 21 الآن بمستهل تعاملات الأربعاء 8 مايو 2024    قبل بداية الصيف.. طرق لخفض استهلاك الأجهزة الكهربائية    «الألماني للسياحة»: توقعات بزيادة الليالي السياحية خلال بطولة يورو لكرة القدم يوليو المقبل    تأجيل محاكمة ترامب بقضية احتفاظه بوثائق سرية لأجل غير مسمى    غارات إسرائيلية على عدة بلدات جنوب لبنان    العاهل الأردني: سيطرة إسرائيل على معبر رفح ستفاقم الكارثة الإنسانية في غزة    الأونروا: مصممون على البقاء في غزة رغم الأوضاع الكارثية    أبطال فيديو إنقاذ جرحى مجمع ناصر الطبي تحت نيران الاحتلال يروون تفاصيل الواقعة    كيف صنعت إسرائيل أسطورتها بعد تحطيمها في حرب 73؟.. عزت إبراهيم يوضح    المصري يتمسك بالمشاركة الأفريقية حال اعتماد ترتيب الدور الأول    رئيس إنبي: نحن الأحق بالمشاركة في الكونفدرالية من المصري البورسعيدي    تفاصيل زيادة الحضور الجماهيري بالمباريات المحلية والأفريقية    جريشة: ركلتي جزاء الأهلي ضد الاتحاد صحيحتين    الحديدي: كولر «كلمة السر» في فوز الأهلي برباعية أمام الاتحاد السكندري    آنسات الأهلي يهزم الزمالك في بطولة الجمهورية للكرة الطائرة    هل نقترب من فجر عيد الأضحى في العراق؟ تحليل موعد أول أيام العيد لعام 2024    مصدر أمني يكشف تفاصيل إطلاق النار على رجل أعمال كندي بالإسكندرية    ارتفاع درجات الحرارة.. والأرصاد تحذر من ظاهرة جوية تؤثر على حالة الطقس الساعات المقبلة (تفاصيل)    ضبط تاجر مخدرات ونجله وبحوزتهما 2000 جرام حشيش في قنا    زاهي حواس: عبد الناصر والسادات أهديا قطعًا أثرية إلى بعض الرؤساء حول العالم    الأبراج التي تتوافق مع برج العذراء في الصداقة    ياسمين عبد العزيز: فيلم "الدادة دودي" لما نزل كسر الدنيا    معجبة بتفاصيله.. سلمى الشماع تشيد بمسلسل "الحشاشين"    ياسمين عبدالعزيز تكشف حادثًا خطيرًا تعرضت له لأول مرة.. ما القصة؟    «خيمة رفيدة».. أول مستشفى ميداني في الإسلام    بعد تصريح ياسمين عبد العزيز عن أكياس الرحم.. تعرف على أسبابها وأعراضها    صدمه قطار.. إصابة شخص ونقله للمستشفى بالدقهلية    دار الإفتاء تستطلع اليوم هلال شهر ذى القعدة لعام 1445 هجريًا    الكرخ: نرفض عقوبة صالح جمعة القاسية.. وسلكنا الطرق القانونية لاسترداد حقوقنا    طبيب الأهلي يكشف تفاصيل إصابة الثنائي ربيعة وكوكا    سليمان جودة: بن غفير وسموتريتش طالبا نتنياهو باجتياح رفح ويهددانه بإسقاطه    عزت إبراهيم: الجماعات اليهودية وسعت نفوذها قبل قيام دولة الاحتلال الإسرائيلي    أسامة كمال يشيد بدور الشيخ إبراهيم العرجاني ويترحم على نجله الشهيد وسيم    ياسمين عبد العزيز: النية الكويسة هي اللي بتخلي الشغل ينجح    اليوم.. ذكرى رحيل فارس السينما الفنان أحمد مظهر    اليوم، تطبيق المواعيد الجديدة لتخفيف الأحمال بجميع المحافظات    اليوم.. دار الإفتاء تستطلع هلال شهر ذي القعدة لعام 1445 هجرية    أختار أمي ولا زوجي؟.. أسامة الحديدي: المقارنات تفسد العلاقات    ما هي كفارة اليمين الغموس؟.. دار الإفتاء تكشف    دعاء في جوف الليل: اللهم امنحني من سَعة القلب وإشراق الروح وقوة النفس    انتداب المعمل الجنائي لمعاينة حريق شقة سكنية بالعمرانية    طريقة عمل تشيز كيك البنجر والشوكولاتة في البيت.. خلي أولادك يفرحوا    في يوم الربو العالمي.. هل تشكل الحيوانات الأليفة خطرا على المصابين به؟    الابتزاز الإلكتروني.. جريمة منفرة مجتمعيًا وعقوبتها المؤبد .. بعد تهديد دكتورة جامعية لزميلتها بصورة خاصة.. مطالبات بتغليظ العقوبة    إجازة عيد الأضحى| رسائل تهنئة بمناسبة عيد الأضحى المبارك 2024    القيادة المركزية الأمريكية والمارينز ينضمان إلى قوات خليجية في المناورات العسكرية البحرية "الغضب العارم 24"    الشعب الجمهوري بالشرقية يكرم النماذج المتميزة في صناعة وزراعة البردي    مراقبة الأغذية بالدقهلية تكثف حملاتها بالمرور على 174 منشأة خلال أسبوع    محافظ أسوان: تقديم الرعاية العلاجية ل 1140 مواطنا بنصر النوبة    الجدول الزمني لانتخابات مجالس إدارات وعموميات الصحف القومية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المفكر السياسى الدكتور حسام عيسى:
صرت ناصريا بعد التنحى ! عاش عبد الناصر لأنه النتاج البار للحركة الوطنية المصرية

* امتنع كبار الملاك عن الاستثمار فى الصناعة فلجأ إلى التأميم
* الإصلاح الزراعى كان هدفه العدالة الاجتماعية ودعم حركة التصنيع
* أم كلثوم وعبد الناصر رمزان مصريان سيعمران فى الوجدان المصرى مائة سنة أخرى

استأذنت المفكر والسياسى الدكتور حسام عيسى نائب رئيس الوزراء السابق أن يكون عنوان لقائنا فى الغد (إطلالة على عالم عبد الناصر فى مائة سنة)، وذهبت حسب الموعد، لفت نظرى الارهاق الذى كان باديا على وجهه، فقال إننى لم أنم منذ الثانية صباحا ، فقد كنت أتابع بشغف ما يجرى فى أمريكا حول ساكن البيت الابيض بعد صدور كتاب (نار وغضب داخل بيت ترامب الأبيض) لمؤلفه مايكل وولف، الذى يتضمن أدلة تتهم الرئيس ترامب بعدم الأهلية لقيادة البلاد، لأن لديه وسواسا قهريا وبات يشك فى كل شيء من البشر والمساعدين حتى ملاءة السرير، مما أثار الجدل والنقاشات فى الإعلام الأمريكى حول أحقية الرئيس فى منع صدور الكتاب، ومشروعية المطالبة بتطبيق مواد الدستور الأمريكى التى تجيز الكشف على القوى العقلية للرئيس الأمريكى، كان الدكتور حسام عيسى يتحدث بانبهار غريب ، وحيرة شديدة بين نور الديمقراطية ونارها، بين حلاوة الحوار وسخونة النقاشات التى تطول كل شيء بلا محاذير أو حواجز لدرجة جعلته يتوقع أن هذا الرئيس المثير للجدل لن تشرق عليه الشمس داخل البيت الأبيض، وبين مرارة الديموقراطية التى حملت إلى البيت الأبيض رئيسا (فقد ظله وهيبته) فى الصحافة والإعلام من أول يوم، فكانت هذه بداية مناسبة للانتقال من غرابة الحديث عن رئيس أغنى الديمقراطيات فى العالم يعانى العزلة فى بيته الأبيض منذ اليوم الأول لحكمه وهو الرئيس دونالد ترامب، إلى متعة الحديث عن زعيم مات منذ سبعه وأربعين سنة ومازال حاضرا فى وجدان شعبة وشعوب العالم الطامح الى الحرية والكرامة الانسانية، يرفعون صورته فى كل أزمة ، نال تأييدا شعبيا جارفا بعد هزيمة عسكرية منكرة، وشيع بعد موته فى أكبر جنازة شعبية فى التاريخ، وتمر اليوم مائة سنة على ميلاده، إنه جمال عبد الناصر، وأسأل مضيفى بصفته أحد عشاقه ودراويش مشروعه القيمى والقومى والنهضوى الذى اعترف بأنه صار ناصريا بعد الهزيمة: ماسر بقاء ناصر حتى الآن أيقونة كل طامح للحرية والكرامة رغم أن مشروعه النهضوى لم يكن على وئام مع الديمقراطية والحرية السياسية بمعناها الذى نعرفه اليوم ويعرفونه فى الغرب؟ فكانت إجابته بداية لهذا الحديث الشائق والشائك عن عبدالناصر وزمانه وحلمه وما بقى منه.
أنديرا غاندى تبكى تآثرا فى إستفبال جمال بالهند 1966
يقول الدكتور حسام عيسى : إن سر بقاء عبد الناصر يعود لثلاثة أسباب هامة أولها: إن جمال عبد الناصر هو الابن البار للحركة الوطنية المصرية، منذ أحمد عرابى وبعد الاحتلال البريطانى وحتى خلال الثلاثينيات والأربعينيات ، العدالة الاجتماعية التى طالب بها أحمد حسين فى جماعة مصر الفتاة تبناها جمال عبد الناصر، التأميمات التى أجراها كانت مطلبا ثابتا للحركة الشيوعية المصرية، استعادة قناة السويس لم تكن فقط مطلبا ثابتا فى ضمير كل مصرى لكنها كانت برنامجا أساسيا من برامج حزب صغير قبل ثورة 23 يوليو 1952، فى بداية حياتى كنت أعرف أن ألف باء الوطنية أن تؤمم قناة السويس، لماذا؟ لأن هذا المشروع مات فيه نحو 120 ألف مواطن مصرى فى عمليات حفرها حتى افتتاحها عام 1869م، مولناها وخسرنا كل شيء فيها بسبب ديليسبس، حتى مجانية التعليم سبق ناصر إليها طه حسين حين قال إن التعليم كالماء والهواء صحيح طه حسين طالب بها فى المدارس وجمال أضاف اليها الجامعات لكنها كانت مطلبا أساسيا فى الحركة الوطنية المصرية أيضا ، لا يمكن أنسى مشهد إخوتى قبل حكومة الوفد الأخيرة وهم فى مدرسة الخديوى إسماعيل حين يدخل ناظر المدرسة ويناديهم بالاسم ويطردهم بسبب عدم دفع المصروفات، وعندما ألغى عبدالناصر الرسوم الجامعية أحدث فارقا كبيرا بين ما حققه وبين ما كان سائدا،كما طبق العدالة الاجتماعية عندما أصدر قانون الاصلاح الزراعى، وتحمل اتهامات بعض الملاك بأن ابن موظف البريد (جعل الفلاح يتجرأعلينا) !
أما السبب الثاني: أن عبد الناصر ابن زمانه فلا يجوز أن تحكم عليه لا بالمعايير السابقة عليه ولا بمعايير هذا الزمان فعندما جاء عبد الناصر لم يكن هناك أى زعيم فى أى دولة فى العالم من المكسيك وحتى إندونسيا له نظام حزبى متعدد إلا فى الهند وسيريلانكا، وكان النموذج الخاص بنا فى التنمية هو الاتحاد السوفييتى لأنه انتقل من دولة متخلفة شديدة الرجعية إلى دولة عصرية متقدمة صناعيا فى أقل من عشرين سنة.
أما السبب الثالث: أن النظام الحزبى قد خذلنا فالأحزاب المصرية كانت معظمها تابعة للقصر أو للإنجليز حتى الوفد الحزب الشعبى العظيم لم يحكم إلا سبع سنوات تقريبا خلال الفترة من 1923 حتى 1952، وكان هناك رغبة عارمة أن نسابق الزمن فى التنمية كما أن شعوبنا كانت تعانى فوارق طبقية وكان هناك تعطش إلى العدل الاجتماعى.
إضافة إلى ذلك وهذا هو السبب الرابع كانت مصر دولة محتلة ، فكان لابد أن تجمع الناس حول مشروع التنمية الذى قاده عبد الناصر ، فجاء الاصلاح الزراعى الذى كان له ثلاثة أهداف : الأول، ضرب الاحتكار السياسى لكبار الملاك الزراعيين. والثانى، يعطى الأرض للفلاحين .
ولأن المهمة الأساسية لعبد الناصر كانت التصنيع، ولكى ينجح فى هذا الهدف لابد أن يخلق قوة شرائية فى البلد، فعندما صنع جزمة باتا ب 99 قرشا لم يكن فى مقدور أى فلاح بسيط شراؤها، فكان لابد من العدل الاجتماعى، لخلق قوة شرائية قادرة على خدمة عملية التصنيع ، من هنا كانت قضية التصنيع هى المحور، والهدف الثالث، فعندما حددت الثورة الملكية الزراعية ب 200 فدان كان الهدف دفع كبار الملاك والاقطاعيين لنقل استثماراتهم من الريف إلى الصناعة ، فى المدينة ، وقد شكل المجلس القومى للإنتاج ليضمن لكبار الملاك ربحا سنويا، وفى هذا الصدد مازلت أذكر ما قاله أستاذنا العظيم حسين خلاف وكان رجلا اشتراكيا عظيما حين قال: حرمناها عليهم قاعدة فطلبوها واقفة، والمعنى أى أننا حرمنا عليهم الأرض الزراعية المنبسطة ، فاتجهوا لبناء العمارات، فاستشار عبد الناصر أحد كبار الاقتصاديين العالميين أظنه يوهانسن الادخار العائلى فى مصر كان متركزا فى الشركات الكبرى 90 % من مدخرات البلد فكان لابد أن يدعو هؤلاء الناس للاستثمار فى الصناعة، فاندفعوا للاستثمار فى العقارات فرفع الفائدة تشجيعا لهم إلى 8% فلم يستجيبوا، فاستشار قاضيا عظيما اسمه أحمد فؤاد وعينه رئيسا لبنك مصر، ليتولى الحوار ما بين الرأسمالية الجديدة وبين الدولة المصرية ولكن دون جدوى، فاضطر عبد الناصر للدخول فى عملية التأميم، بدأها فى البداية بتأميم المصالح الانجليزية باعتبارها الدولة المعتدية علينا فى عدوان 1956م، ثم أمم المصالح البلجيكية فنجح فى إدارة الشركات المؤممة نجاحا باهرا مما شجعه على الاستمرار فى عمليات التأميم، وكان هدفه خلق صناعة وطنية تشارك فى عمليات التنمية، وليس مجرد رغبة عارضة فى استغلال أموال أصحاب الصناعات كنوع من الحقد على أصحاب الأموال!
هل التأميم كان امتداد لعمليات التمصير التى بدأ بها طلعت حرب ؟
طلعت حرب لم يقم بعمليات تمصير فقد كان رجلا عظيما وطنيا مخلصا بل أنشأ شركات مصرية، ولم يمصر شركات قائمة لكن التمصير بدأعام 56 عندما أممنا القناة ، فقد وجد أن محصول القطن فى مصر تنفرد باستغلاله البنوك الانجليزية، وعندما بدأنا التأميم حاولوا أن يقلبوا السيطرة الاقتصادية إلى استغلال سياسى لإسقاط نظام عبد الناصر، عندما هجم الانجليز والفرنسيون قام بوضع أموال شركاتهم كلها تحت الحراسة، وهذا إجراء طبيعى لأنهم استخدموا سلطتهم المالية لإسقاط الدولة، فالتأميم هنا كان تمصيرا بنقل الملكية إلى الدولة المصرية،
فقد كان عبد الناصر لديه رؤية شاملة، أولا فى العدل الاجتماعى والثانية فى التصنيع والتمصير والثالثة تتجلى فى نظرته للعالم الخارجى ، فقد كان يحتاج إلى أسلحة، وخاصة بعد عدوان إسرائيل على غزة عام 1955 وانكشاف تخلف تسليح الجيش المصرى ، فاستأنف حوار التسليح مع الأمريكان الذى بدأ منذ عام 1952 لتسليح الجيش، وهم يتلكأون حتى سنة 55 وبعدها انطلق إلى باندونج عام 1955 وكونوا منظمة الحياد الايجابى بمفهوم أننا لسنا مع الشرق ولا مع الغرب ، ولكننا أصحاب إرادة مستقلة ثم تطور المفهوم بعد ذلك إلى عدم الانحياز، فانفتح أمام هذا الشاب قلب العالم وجلس مع نهرو وتيتو وسيكوتورى، وعندما جاء ايزنهاور بسياسة (ملء الفراغ) بمعنى أن يحل محل بريطانيا وفرنسا فى المنطقة رد عليه عبد الناصر: أى فراغ يا أخينا دى بلادنا واحنا مليينها ، وهكذا استطاع عبد الناصر أن يكسب تأييد العرب كلهم لدرجة جعلت مواطنا كويتيا بسيطا يحمل بندقيته بعد العدوان الثلاثى عام 1956ويذهب إلى السفارة الانجليزية و يطلق نارا فى الهواء تعاطفا مع ناصر ومصر!
ثم جاء الدور على مغزى تأميم قناة السويس؟
تأميم قناة السويس كان له مغزى هائل ليس لأننا نكرم أجدادنا الذى ماتوا فى حفرها ولكن لنقول للعالم أن عصر النهب انتهى، وهذا هو سر اختياره لكلمة دليسبس لتكون كلمة السر إذا نطقها فى أثناء خطابه بالمنشية تتحرك القوات والموظفون والخبراء لتحتل مقر الشركة وتبدأ فى إدارة الشركة العالمية للقناة!
البعض يقول إن دليسبس هو صاحب فكرة حفر قناة السويس ولولاه ماحفرت القناة؟
لا ..لا، المشروع قديم من أيام محمد على حينما عرض عليه المشروع فى أربعينيات زمانه رفضه وقال إذا حفرت هذه القناة فستسقط مصر فى أيدى الغرب، وهذا ماحدث بعد الثورة العرابية، وعندما أمم عبد الناصر القناة دخلت مصر معركة قاسية لمقاومة عودة الاحتلال.
تساءل البعض : ولماذا التأميم وكان الامتياز سينتهى بعد أقل من عشر سنوات أى عام 1969م ؟
الدكتور حسام عيسي: استغرب عندما جاء هذا على لسان أديبنا الكبير نجيب محفوظ وهو يعلم أنهم كانوا يحاولون منذ عام 1909مد امتياز قناة السويس 40 سنة أخرى بعد عام 1969فلم يكن واردا إطلاقا استعدادهم الانسحاب من القناة أو إعطاء مصر قناتها بهدوء!
ومشهد تأميم القناة .. كيف تتذكره الآن؟
لاحظت صمته ثم ابتسامته وضحكا وانفعالا ثم رفع قبضتى يديه فى حماس وكأنه قد استحضر اللحظة ويعيشها الآن وقال الدكتور حسام عيسي: أتذكر مشهدين، عندما سمعت جملة عبد الناصر الرائعة (تؤمم الشركة العالمية لقناة السويس وتصبح شركة مساهمة مصرية وتؤول بكل ممتلكاتها إلى الدولة المصرية ) وكنت طالبا جامعيا أسكن فى حى المنيرة وهو حى فقير يقع بين جاردن سيتى الغنى وحى السيدة الشعبى يوجد به شارع المواردى وبه قهوة المواردى التى سمى باسمها الفيلم الشهير، وقبل أن ينتهى عبد الناصر كان المصريون فى الشارع وخرجت كل السيدات من البيوت والبلكونات يزغردن ويعبرن عن الفرح بكل الألوان ، بجلاليب وحفاة وكأنهن يعرفن معنى القرار أحسن منى، وصلت لشارع المواردى ووجدت صاحب القهوة وكان يكسب فى اليوم خمسة قروش أو ستة لكن هذا اليوم عرض المشروبات ببلاش!
أما المشهد الثانى، فهو لحظة عودته إلى القاهرة فى اليوم الثانى أذاع الراديو أن الرئيس سيلقى كلمة فى مجلس الوزراء فمشيت فى ذهنى أن المسافة لن تستغرق ثمانى دقائق استغرقت ساعتين، الآلاف أو الملايين تجمعوا حول مجلس الوزراء هذه الكلمة القصيرة التى رد فيها على استهزاء رئيس فرنسا وقال فيها أما ما قاله رئيس فرنسا ووقاحة رئيس فرنسا أترك فيها الرد لإخواننا الجزائريين، يا سلام أثارت الدنيا وأشعلت الحماس فى الثورة الجزائرية والوجدان العربى من ميدان مصر حتى وصل القصر العينى حمل الناس السيارة فى ساعتين، من لم يعش هذه للحظة ويشعر بمعنى الوطنية فاته نصف عمره فعلا ولهذا يرفع الناس صور عبد الناصر فى كل ملمة أو موقف فارق بدون تردد زعيم يوم أن مات لم يجدوا فى حسابه إلا 528 جنيها فقط، الشعب المصرى وجد جوهره فى هذا الرجل.
ولحظة نجاته من الاغتيال فى المنشية أين كنت وما هو شعورك بها الآن؟
سمعتها من الراديو لكنى أتذكر على الفور موقف والدى الأزهرى حين علمنا أولا أن استخدام الدين فى السياسة يفسد الدين ويفسد السياسة معا وقال لنا ثانيا وقد كان رجلا ديمقراطيا لا يتدخل فى فكرنا الوطنى ومواقفنا السياسية ومن زعماء ثورة 1919 أن جماعة الاخوان المسلمين خارجة عن الإطار الوطنى ، ولى أخان انضما إليها وخرجا من هذه الجماعة بعد 24 ساعة ،لأنهم اكتشفا أن أول شرط للبقاء فى هذه الجماعة هو الطاعة وهو ما لا يحدث داخل البيت الواحد، فتركاها وتركا القرشين صاغ !
تابعت ماقاله الاستاذ وحيد حامد فى مسلسل الجماعة عن انضمام عبد الناصر لجماعة الاخوان وأقسم بالولاء والطاعة كيف ترى هذه المعلومة؟
عبد الناصر طاف على كل الجماعات السياسية من الشيوعية إلى مصر الفتاة إلى جماعة الاخوان فى إطار محاولته للفهم والبحث عن الأفضل لكنه لم ينضم بشكل رسمى، ولم يقتنع حتى الوفد الذى فقد رصيده الشعبى عند ناصر وغيره منذ عام 1942 ، وقبول النحاس للوزارة بمساعدة دبابات الانجليز رغم أنه وعد باقى الأحزاب بعدم قبول الوزارة، وعندما ذهب المعتمد البريطانى اليوم التالى لتهنئة الوفد حمله الوفديون وسيارته على الأعناق، وهذا أصاب الناس بالدهشة لأن هذا الجيل كان هدفه الوحيد إخراج الانجليز من مصر، ومنهم من ظل يرتدى الكرافتة السوداء حدادا على الاحتلال 50 سنة.
ومشهد إعلان الوحدة مع سوريا ألم يكن غريبا؟
فكرة العروبة كانت متغلغلة فى البيوت المصرية عندما ضربت تونس فى بداية الخمسينات قمنا بمظاهرات فى المدارس وعندما اشتعلت الثورة فى الجزائر لم تنقطع المظاهرات والدعوات للتطوع فى صفوف الثورة، فأنت لا تستطيع وحدك أن تقاوم ضغوط الاستعمار والاحتلال ففى هذا التعاطف جزء من الحماية لك أيضا، وهذا التعاطف لا يقل فى أثره عن إنذار بولجانين الشهير بأنه سيضرب العواصم الغربية بالصواريخ لو لم يحدث الانسحاب من قناة السويس عام 1956، وموقف الصين العظيم التى قال زعيمها: إن 500 الف صينى مستعدون للسفر إلى القاهرة للدفاع عن شعبها، هذه المواقف ايقظت الشعوب العربية، صحيح كانت هناك مواقف مثل مكرم عبيد والجامعة العربية ولكنها جامعة حكومات، لكن على المستوى الشعبى فالفضل فى حشده وتجسيده يرجع إلى عبد الناصر
وكنا هانبنى وادى احنا بنينا السد العالى؟
السد قصته هو قصة التحرر الوطنى ، فأول مبرر لتأميم القناة كان تمويل السد العالى، قال له تيتو إنه لن يتوقف الغرور الغربى مالم يتم تأميم القناة، ويوم تم تحويل مجرى النيل لبناء جسم السد بحضور خروتشوف كانت الأفراح تعم كل المحروسة، وقد شارك فى ملحمة بنائه كل المصريين وصدق وعيهم فقد حمى مصر من العطش ومن مجاعة محققة سنوات طويلة وأضاف للرقعة الزراعية مساحات ضخمة، ذهبت الآن للأسف ضحية التوسع السكنى الرهيب، الخدمة الثانية التى قدمها السد هى الصناعة وهى الأهم رغم أنها تم ضربها فى 1967م، لكن ظهر تأثيره فى القاعدة الصناعية الضخمة ، وبعد 1965م دخلنا فى معارك قاسية بعد تنفيذ الخطة الخمسية الأولي
وسد النهضة !
يقول الدكتور حسام عيسى : سد النهضة معركة قديمة منذ أمم عبد الناصر القناة فى الخمسينات بعد رفض تمويل مشروع السد العالى التف الأمريكان لحرمانه من المياه وعملوا مشروع سد على النيل الأبيض فى إثيوبيا لتركيع مصر، فالموضوع قديم وليس وليد اليوم ، فلم ترتكب جريمة فى حق النيل مثل تلك التى ارتكبت بإهمال إثيوبيا منذ عصر السادات وحتى عصر مبارك وحتى اليوم ، السادات بدأ متطوعا بإعلان الحرب على منجستو هيلاماريام ، والحقيقة أن مشاكل مياه النيل لا تحل بالحروب أبدا، لأن مياه النيل كانت مقدسة والعلاقات مزهلة ، والرئيس مبارك نسى الموضوع وصارت مفاوضات النيل سبوبة سفريات للمسئولين بشكل روتينى للحصول على بدل السفر، وليس لحل المشكلة، وكتب نبيل العربى تقريرا للرئيس مبارك معناه أن مياه النيل صارت «برديوم» أى سبوبة للحجصول على بدل السفر، ولابد أن يتولى هذا الملف رئاسة الجمهورية مباشرة، عندما حاول الأثيوبيون العبث أيام عبد الناصر بمياه النيل تم وقف هذا العبث !!
فدائما كانت هناك العصا والجزرة، أما الآن وقد بنى السد بعد أن تركنا أفريقيا وتركنا النيل فى عهد السادات ومبارك ملعبا مفتوحا تلعب فيه أثيوبيا كما تشاء فلا خيار لنا وصارت الكرة فى ملعب «الاستراتيجيين» !
و الخطة الخمسية الأولى هل كانت السبب فى نكسة حرب 1967؟
ضرب مصر كان حاضرا منذ عام 1956 بل منذ القرن التاسع عشر، أعود معك إلى سنة 1842 كان محمد على قد انهزم ووقع معاهدة لندن 1840 لتحجيم وتقليم أظافره فى هذه السنة ارسل بالمرستون رئيس وزراء بريطانيا خطابا إلى القنصل فى مصر يقول فيه علينا فى المستقبل أن نمنع وجود دولة قوية فى هذه المنطقة ، وعلينا أن نفصل بين مشرق هذه الأمة أى فلسطين والشام والجزيرة العربية وبين مغربها وهو مصر بالتحديد وعلينا أن نفصل بينهما بدولة أوروبية ويستحسن أن تكون يهودية، كان هذا منذ 1842، لذلك اندهش من بعض محللى الفضائيات الجاهلة حين قالوا مؤخرا: مالنا ومال فلسطين، وهم لا يعرفون أن إسرائيل وجدت لعزل مصر ولمنع وجود دولة قوية على غرار محمد على وليست ضد فلسطين أساسا، لماذا لأن مصيبة مصر فى موقعها ، كما قال العظيم جمال حمدان ، كانت فى طريق انجلترا الى مستعمراتها فى الهند، فمصر كانت محل صراع وأصبحت لابد أن تبقى ضعيفة فى القرن العشرين لقربها من آبار البترول ٍولا يسمح بدولة قوية أو قائدة فى هذه المنطقة ، لذلك كان لابد من هزيمة هذا المشروع، طبعا بالإضافة إلى أخطاء عسكرية لأن الجيش المصرى سلم لغير أهله لأسباب مفهومة، ولكن غير مبررة ماحصل أن الجيش تحول إلى إدارة سيئة قبل 1967، شاهدت رجال المشير فى باريس وكيف كانوا بلا انضباط ولا التزام وكانوا يجندون الطلبة المبعوثين للعمل ضد عبد الناصر، وكان أبو الفتح والإخوان لهم دور فاعل فى ذلك، وأشياء أخرى أكثر بشاعة منها مثلا أن السفير المصرى فى باريس جاءنى مرة وكنت أدرس الدكتوراه فى باريس وقال تصور أن بومبيدو منتظر فى الأوبرا منذ ساعة والمشير لايزال فى قاعدة مزاج بالفندق، ولم يحل هذه المشكلة وينبهه إلى الخطأ إلا ثروت عكاشة يرحمه الله
ولكن أليس ذلك خطأ يتحمل مسئوليته الرئيس عبد الناصر؟ فكيف سمح باستمرار قائد فى منصب وزير الحربية وهو غير كفء له؟
يا سيدى الفاضل بعد ذلك مباشرة تنحى الرئيس وتحمل المسئولية وبعد عودته بناء على رغبة الشعب أصدر قرارا بعزل المشير فرفض، وأصر على أن يعود كما عاد الرئيس، ثم حشد بعض رجاله من قريته بالصعيد فى فيلته بالجيزة، وحاول التمرد، لولا أن الفريق فوزى طلب من قائد المظلات أن يخرجوا من الفيلا وإلا سيضربها.
ويضيف حسام عيسي: مرة سألت أمين هويدى ماذا حصل فى حرب يونيو؟ فقال الحقيقة ; كان عندنا مشاكل فى الجيش ساعدت على الهزيمة، وعندما جاء عبد المنعم رياض بنى القوات المسلحة وأعاد للجيش هيبته خلال شهور معدودة، وبادر بحرب الاستنزاف فأعاد للجيش ثقته بنفسه وثقة الشعب فى قواته المسلحة .
دكتور أنور عبد الملك فى كتابه الجيش المصرى والديمقراطية قال أن خروج الجماهير بالملايين بعد التنحى تجديد للثقة فى ثورة يوليو فلأول مرة فى التاريخ يخرج الملايين متمسكة بقائدها المهزوم.. كيف تتذكر هذا المشهد؟
أنت تعرف أنه عندما مات جمال عبد الناصر نشرت مجلة (مانثلى ريفيو) مقالا جاء فيه: لم يحدث فى التاريخ منذ جنكيز خان أن خرج هذا العدد من الجماهير لوداع زعيم مهزوم عسكريا لم يحدث، وطالب الغرب بدراسة هذه الظاهرة ومغزى ارتباط شعب بأكمله بزعيم مهزوم لمجرد أنه وقف ضد الغرب ، فالذين خرجوا يوم تنحيه هم الذين خرجوا يوم وفاته فقد كان مشهدا لا أنساه، مشيت يومها وسط بحر من البشر من أبو الريش حتى ميدان رمسيس من الفجر ووجدت جموعا من النساء المتشحات بالسواد وفجأة صرخت سيدة ،وقد رفعت يديها للسماء وهى تصرخ يا حبيبنا لا تسيبنا ، يا جمال يا حبيب الملايين، يومها كتب لاكوتير فى اللوموند قائلا: ومات عبد الناصر مات كما عاش فى أحضان شعبه ، بعد أن خطف الناس النعش، فى شارع رمسيس وحده كان يمشى أكثر من ثلاثة ملايين ، كانوا يمشون فى صمت وجلال وفجأة انفجر الصمت بصيحة سيدة من الدور الثالث تقول آآآآه ياااحبيبى فانفجر الملايين فى البكاء.
من البكاء والحزن إلى الغناء والقوة الناعمة وكيف ترجمت هذه الحالة الاستثنائية فى حياة الوطن ورحت أتذكر معه أغنية أم كلثوم بكلمات عبد الوهاب محمد وألحان رياض السنباطى وهى حق بلادك :
كلنا جندى فى كل مكان / هنا وهناك وف أى مكان / الزراع ويا الصناع / أهل العلم مع الفنان/ زى مالينا حقوق مشروعة / ندى وطننا حقوقة كمان/ قوم بايمان وبروح وضمير/ دوس على كل الصعب / على كل الصعب وسير / يللى بنيت الهرم قبل الزمان بزمان / وبنيت لنا فى عصرنا السد فى أسوان / كمل لمجد الوطن / وابنى كمان وكمان /خللى الأمل بالعمل يصبح وجود ممدود / دانتا مفيش يا بطل فى معدنك انسان
كيف تسمع هذه الأغنية وأمثالها من الروائع الوطنية الآن؟
صمت الدكتور حسام عيسى وقال : ماقلته عن قناة السويس والسد العالى والمشروع النهضوى وحرب 1956لم يقنعنى بحب عبد الناصر، لكننى أصبحت ناصريا بمعنى الكلمة يوم تنحى عبد الناصر بعد الهزيمة!
لماذا؟
لأننى درست التاريخ بوعى منذ طفولتى فى هذه اللحظة قلت فى نفسى هذا الرجل انضرب لأنه يحب مصر، ويعمل من أجلها ولأنه وطنى يريد أن يضع بلاده فى المكانة التى تستحقها ، وسمعته مرة فى خطاب يقول : عندما أصحى من النوم الصبح وأتصفح الصحف الغربية أو أسمع الإذاعات الغربية وأجد الغرب يصفق لى أراجع نفسى، وأقول لنفسى أكيد أنا عملت شيئا غلط امبارح، وحتى الآن الزعيم الذى أجد الغرب مبسوطا منه أقلق من ناحيته ، ومن يدعم الاخوان والجماعات الإرهابية الآن لا يريد لمصر ولهذه المنطقة أى استقرار تنموى أبدا، والمذهل فى عبد الناصر أن القضايا التى طرحها هى قضايانا ، والبديهى أن الحل ليس بالضرورة هو الحل الذى قدمه عبد الناصر، لأن الظرف والزمان اختلفا، المهم فى عمليات البناء أن تطرح على نفسك الأسئلة الصحيحة لكى تجد الاجابات الصحيحة لكن إذا طرحت على نفسك أسئلة خاطئة فلن تجد لها إجابات!
لكن الشاعر العراقى العظيم الجواهرى قال عنه : كنت عظيم المجد والأخطاء؟!
مشروعه كان عظيما ونظامه كان عظيم المجد والأخطاء أيضا ولا يقلل من وطنيته ، وروعة أسئلته ومأساتنا أننا لا نستطيع حتى اليوم أن نطرح نفس الأسئلة ونجيب عليها، وفقا لمقاييس عصرنا وموازينه، فلا يوجد محلا الآن لحركة عدم الانحياز ، لكن لابد لمصر ولا أمل إلا بالعدالة الاجتماعية والعدل ضرورى لكى تبنى مصانع وتخلق قوة شرائية، لا يوجد بلد فى الدنيا بنت بالاستثمار الأجنبى فقط ، كوريا الجنوبية بنت نفسها أولا ثم جاءها الاستثمار الأجنبى بدأت بمشروع بنته الدولة الكورية بالاتفاق مع عدد من رجال الأعمال الوطنيين، الشعب الكورى ارتفع مستوى الحياة فاصبح المواطن قادرا على الشراء، الأسئلة ما زالت هى ولكن لا مجال الآن للقمع ولا لكبت الحريات
أساليب عبد الناصر لا مجال لها الآن، لكن ما ينفعنا هو مشروعه وأسئلته، هناك جانب مهم جدا أنه مات ولديه 528 جنيها فى البنك، وكان مطعمه الأرز والخضار والسلاطة ، هذا الرجل استحق إذن أن تقف الدنيا عندما تغنى أم كلثوم وكل مواطن الزراع ويا الصناع وأهل العلم مع الفنان، كلنا جندى فى كل مكان.. لم يكن بالمصادفة أن ترتبط به أم كلثوم لأنها أحد رموز مصر وكل واحد منهما يجسد مصر بطريقة مختلفة، هى تجسد الفن والرقى والجمال وجمال يجسد الوطنية والأنفة والعزة وسيبقى فى الوجدان المصرى .
الحياة الديموقراطية السليمة تأجلت كثيرا .. كثيرا ..كثيرا.. فى زمن عبد الناصر ..تعليقك !
النظام الذى عمله عبد الناصر ارتكب أخطاء هائلة قى مجال الديموقراطية، لكن لابد أن نقيس عليه بمقاييس عصره فقد كان المثل الأعلى الاتحاد السوفييت كما قلت فى الصناعة وكانت لدينا عقدة من الغرب الاستغلالى والاستعمارى وكل مايأتى منه بما فيها الديموقراطية كان سيء السمعة، فلا يعقل أن يكون نموزجك فى الحكم الديموقراطى أيام عبد الناصر لكن فى مجتمع نصفه من الحفاة والجوعى فى القاهرة وليس فى الريف كما جسدته رواية الحرام تجسيد لهذه الحالة من البؤس كانت المشكلة أن تنقلهم للمستوى الانسانى أولا قبل الديموقراطية فلا يعقل أن يكون نموذجك اليوم فى النظام هو نظام عبد الناصر الذى كانمت الإولوية عنده للعدل الاجتماعى ، فلا شك أنه ارتكب أخطاء هائلة، أما اليوم فلابد بد من الديموقراطية فقد ثبت أن رأس المال الهائل «المفترى» قد استولى على الحياة المصرية كلها فى الأحزاب والبرلمان فلا مفر من الحرية، فمن حق كل مواطن المشاركة فى صنع المستقبل ، الحكومة تعمل ولكن فى إطار التشاور الدائم مع الناس ولا يتم ذلك إلا بالحوار والديموقراطية وفتح الأبواب للمناقشة والأهم منها للمحاسبة أهم ما فى الديموقراطية المحاسبة التى لا تجعل أى شاب فى حاجة إلى مظاهرة للتعبير عن رأيه وغضبه.فمهمة البرلمان الرقابة والتشريع ومهمة الحوار تتكفل بها الديموقراطية وآليات الحوار فى وسائل الإعلام المختلفة!
هل ثورات مصر تلغى بعضها البعض أم أنها ثورة واحدة فى درب الحرية ؟
الثورات لا تلغى بعضها بعضا، فشعار عرابى «متى استعبدتم الناس وقد خلقتهم أمهاتهم أحرارا»، هو نفسه شعار ثورة 1919 اخرجوا من بلادنا و1952 الجلاء التام وعلى الاستعمار أن يحمل عصاه ويرحل من بلادنا، وكان النظام الملكى قد تهالك، والمشروع التنموى توقف، والاستقلال الوطنى والحياة الديموقراطية سقطت منذ قبول الوفد العودة الى الحكم عام 1942م فى حماية السفارة البريطانية ، وهى نفس الأهداف التى أدت إلى قيام الثورة العظيمة فى 25 يناير الحرية والعدالة والكرامة الانسانية ، وعندماوقعت الدولة فى يد الاخوان جاءت ثورة 30 يونيو لتنقذ الدولة من تجار الدين، وتصحح مسار الدولة الحديثة ، و وللأسف كل الثورات أجهضت، فالشعوب تتطور بالحرية والديموقراطية، والقوى الحية فى المجتمع يجب أن تستعيد عافيتها وهيمنتها،
وأخيرا ماذا تبقى من تجربة الرئيس عبد الناصر؟
بقى الحلم وأن نعرف ما الإيجابى فى تجربته وما هو السلبى لابد أن يسمح لنا بنقد التجربة، وفتح الأبواب للمناقشة، عبد الناصر أعطانا الحلم ببناء اقتصادى كبير فى الصناعة والزراعة ونهضة تمس الوجود المادى والروح بوالحلم بدور أوسع للمرأة والشباب ووقف الانتهاكات التى يقودها السلفيون ضد المرأة والكنيسة والأقبطاط، الرئيس السيسى يعطى نموذج جيد فى الانفتاح على الجميع بقى أن تجاريه باقى مؤسسات الدولة من صحافة وإعلام وبرلمان حقيقى يتولى الرقابة والتشريع !


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.