" أوضاعنا مستقرة وبنيتنا الاقتصادية متينة " قائلها الرئيس مرسي في أستقباله وفدا هو الأكبر في تاريخ العلاقات المصرية الأمريكية من رجال الأعمال الأمريكيين برئاسة نائب وزير الخارجية ومساعد الرئيس ونائب مستشار الأمن القومي لشئون الاقتصاد والسفيرة الأمريكية بالقاهرة ويضم 117رجل أعمال أمريكي يمثلون أكثر من 50 من كبريات الشركات الأمريكية، والذين نقلوا تحيات الرئيس أوباما ودعمه مصر في مرحلة التحول الديمقراطي والمجهودات التي تبذل في سبيل تحقيق استقرار اقتصادي وعلي دعم الرئيس المصري من الحزبين الرئيسيين في أمريكا خاصة في جهود التحول الديمقراطي ، وأكد رجال الأعمال الأمريكيين ثقتهم في العوائد الاقتصادية والاستثمار في مصر بمختلف القطاعات ، وأن اللقاء يعتبر رسالة للمجتمع الدولي بأن مصر قادمة وقادرة علي استيعاب استثمارات ضخمة لشركات متعددة الجنسيات . وأذا نظرنا إلي توقيت الزيارة للقاهرة وما تحمله من العديد من دلالات المغزى والمعنى أهمها الاستثمارات الأمريكية في مصر والعلاقات التجارية والاقتصادية والديون الأمريكية المستحقة على مصر، ثم الملف الأكثر سخونة منذ فترة وهو المعونة الأمريكية لمصر ، حيث يقدر حجم الاستثمارات الأجنبية المباشرة في مصر بنحو 14 مليار دولار حسب تقديرات النشرة الاقتصادية للبنك المركزي المصري عن شهر يوليو 2012 فقد بلغ تدفق الاستثمارات الأمريكية لمصر خلال العام الحالي نحو 1.7 مليار دولار ، بينما بلغت هذه الاستثمارات في الربع الرابع نحو 428 مليون دولار ، إذا تعتبر من أكبرالدول المستثمرة في مصر، وتأتي معظم هذه الاستثمارات في مجال استخراج النفط، وهي بطبيعتها استثمارات كثيفة رأس المال ، ولا يشعر المواطن المصري بشكل عام بأثر مباشر لهذه الاستثمارات في واقع حياته ، ويقدر حجم التبادل التجاري بين مصر وأمريكا بنحو 9.6 مليار دولار حسب بيانات التقرير السنوي للبنك المركزي المصري مؤخرا، وتمثل الواردات المصرية من أمريكا 6 مليار دولار، بينما تقدر الصادرات المصرية لأمريكا بنحو 3.6 مليار دولار لنفس العام، وبذلك يحقق الميزان التجاري بين البلدين فائضًا قدره نحو 2.4 مليار دولار. وتبلغ نسبة التبادل التجارى بين البلدين 12.3 % من إجمالي التبادل التجاري لمصر في نفس العام والمقدر بنحو 77.8 مليار دولار ، وتعد أمريكا من أكبر موردي القمح لمصر، وإن كان الاتحاد الأوروبي يحتل المرتبة الأولى كشريك تجاري لمصر على صعيد التكتلات الإقليمية ، وبلغت الديون الأمريكية المستحقة على مصر في 30 يونيو العام الماضي نحو 3.1 مليار دولار أمريكي، وبما يعادل نسبة 9 % من إجمالي الديون الخارجية لمصر في ذلك التاريخ، والبالغ نحو 34 مليار دولار، وتأتي أمريكا ضمن أكبر أربع دول دائنة لمصر وهي ( اليابان، ألمانيا، أمريكا، فرنسا) ، وبعد الثورة أعلنت الإدارة الأمريكية أنها سوف تسقط مليار دولار من ديونها على مصر، كأحد صور الدعم الأمريكي للاقتصاد المصري، على أن تتم مبادلة هذه الديون بمشروعات تنموية محلية بمصر ، وإن كان هذا الوعد الأمريكي لم يدخل حيز التنفيذ حتى الآن، بحجة غياب السلطات المدنية المسئولة في مصر ، ولكن بعد وجود مؤسسة الرئاسة وتوليها زمام الأمور فمن المتوقع أن يدرج هذا الموضوع على جدول أعمال زيارة الوفد الأمريكي مع الحكومة المصرية ، ويعد ملف المعونة الأمريكية لمصر التي تبلغ نحو 1.25 مليار دولار سنويًا، منها معونة عسكرية تقدر بنحو مليار دولار، و250 مليون دولار كمعونة اقتصادية من الملفات المتجددة كل عام، حيث يثار حولها جدل من قبل بعض السياسيين في أمريكا ومطالبة مصر ببعض الأمور التي يعتبرها المصريون شأنًا داخليًا، وكان آخرها قضية المنظمات الأمريكية التي تعمل في مجال حقوق الإنسان بالأراضي المصرية دون الحصول على التراخيص اللازمة من حكومة مصر، التي قامت بدورها بغلق هذه المنظمات وهو ما عرف اعلاميا باسم قضية التمويل الاجنبى. إذا من الصعوبة بمكان تصور أن تكون زيارة الوفد الاقتصادي الامريكى للقاهرة لها أبعادها الاقتصادية المحضة دون أن يصاحبها أهداف سياسية، بل يمكننا القول بأنها زيارة سياسية بالدرجة الأولى وإن ألبست ثوبًا اقتصاديًا ، وأعتقد أن توقيت الزيارة محاولة من إدارة اوباما لإعادة جذب دفة السياسة الخارجية المصرية بعد زيارة الرئيس محمد مرسى إلى الصين وإيران أولا فى بادرة رآها الكثير من الخبراء أنها محاولة للابتعاد عن المدارالأمريكى ، وثانيا تعزيزصورة اوباما فى الشرق الأوسط لاسيما أنه يخوض منافسة شرسة مع المرشح الجمهورى رومنى فى انتخابات الرئاسة الأمريكية المقرر إجراؤها فى نوفمبر المقبل، بالإضافة إلي تغيير صورة أمريكا السابقة لدى الشارع المصري بعد ثورة 25 يناير لأنها لم تمانع مشروع التوريث ومساندة المخلوع حتي اللحظات الأخيرة وسكوتها عن ضياع الحياة السياسية والديمقراطية وحقوق الإنسان للمصريين . وربما يكون السبب الحقيقي هو الخوف الحقيقي من اتجاه مصر إلي انحاء المعمورة والقوي الجديدة التي تنتظر إنطلاق المارد المصري للتعاون الحقيقي دون هيمانة ، وخروجها من العباءة الأمريكية المتغطي بها عريان وضياع الطوق المكبل لإنطلاق مصر نحو النهضة وفتح أسواق بديلة قائمة علي الشراكة وليست التابعية والمرابحة وليست المشروطة والعدالة وليست المكبلة والإكتفاء وليس الاحتكار حتي للأنفاس ، ولعل القدر قريبا يظهر سبب الهرولة الأمريكية وماذا نحن فاعلون للخروج من عباءة تحتاج تطريزا من جديد. المزيد من مقالات محمد مصطفى حافظ