بنيامين نيتانياهو أم بيني جانتس، من منهما سيكون رئيس الوزراء المقبل؟ سؤال مطروح قبل انتخابات الكنيست المقررة اليوم الثلاثاء. وعلي الرغم من أن استطلاعات الرأي الأخيرة ترجح كفة تحالف «أبيض أزرق»، يمين الوسط، بزعامة جانتس علي كفة حزب «الليكود» بزعامة نيتانياهو، فإنه لا يمكن الارتكان إلي هذه الاستطلاعات سوي «كاسترشاد»، لأنه لا يمكن اعتبارها المعيار الأساسي لتوقع نتائج هذه الانتخابات. وشهدت تل أبيب موسما انتخابيا طويلا اعتمد علي المؤامرت والهجمات الشخصية وقرصنة هواتف المرشحين وتسريبات فاضحة، واستخدام لملف الفساد ضد نيتانياهو، إلا أن كل هذا «لا يهم»، فالمهم الوعود الانتخابية التي يقدمها كل حزب من الأحزاب ال 39، التي يعتبر أبرزها الليكود وأزرق أبيض أو «كاحول لافان». وبالنسبة لحزب الليكود، الذي دخل في تحالفات سياسية مع أحزاب اليمين المتطرف مثل «البيت اليهودي» و«عظمة يهودية»، المصنف كحزب إرهابي داخل إسرائيل والولاياتالمتحدة وأوروبا، إلي جانب حزبي شاس الديني ويهدويت هتوراة «يهودية التوراة»، لم يقدم أجندة سياسية للحزب منذ 2009، فزعيم الحزب يعتمد علي إنجازاته الاقتصادية والسياسية بالنسبة للإسرائيليين، سواء الانتعاش الاقتصادي خلال السنوات العشر الماضية بفضل اتباع سياسات السوق الحرة، إلي جانب تجنيب تل أبيب خطر قنابل إيران والتهديد بمحوها من الخريطة وكبح جماح طهران عبر قيام الولاياتالمتحدة بالانسحاب من الاتفاق النووي وفرض عقوبات خانقة علي نظام آيات الله، بالإضافة إلي اعتراف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأمريكية إليها، وصمت واشنطن علي التوسع في بناء المستوطنات وخنق الإدارة للسلطة الفلسطينية بكل الطرق عبر وقف التمويل الأمريكي لها وللمنظمات التي تساعد الفلسطينيين، مثل الأونروا واليونيسكو والأمم المتحدة، وأخيرا الاعتراف بالسيادة الإسرائيلية علي الجولان السورية المحتلة. وبعد أن كان نيتانياهو يعلن أنه يرغب في قيام دولة فلسطينية في 2009، سعي بكل قوته إلي إجهاض أي محاولة في هذا الاتجاه، حيث قال «لن تقوم دولة فلسطينية» وإن الانقسام الفلسطيني يصب في مصلحة إسرائيل، ولن يتم إخلاء المستوطنات، وإنه سوف يفرض السيادة الإسرائيلية علي الضفة الغربية ويضمن «قدسا موحدة»، وهذه هي شروطه لإطلاق محادثات سلام مع الفلسطينيين، أو الموافقة علي ما يسمي إعلاميا صفقة القرن. وهكذا سعي نيتانياهو بكل قوته إلي مغازلة اليمين المتطرف بسياسات شعبوية عبر فرض قانون يهودية الدولة، والتباهي بصداقته مع الرئيسين الأمريكي والروسي وبماحققه من إنجازات، ورفض حل الدولتين، وتوسيع بؤر الاستيطان، واستخدام نغمة الاستقرار والأمان بفضل وجوده. ودخل نيتانياهو هذا السباق الانتخابي، وهو مطارد بشبح السجن، حيث أعلن المدعي العام الإسرائيلي أفيخاي ماندلبليت، أنه سيوجه اتهامات بالتزوير وخيانة الثقة لرئيس الوزراء الإسرائيلي في ثلاث قضايا، إلي جانب اتهامه بالرشوة ربما في يوليو المقبل. وتمكن «أزرق أبيض» أو ما يعرف بتحالف الجنرالات، والذي تشكل في فبراير الماضي من ألوان علم إسرائيل، من سرقة الأضواء من الليكود. وقرر جانتس، رئيس الأركان السابق، وزعيم حزب «مناعة إسرائيل»، التحالف مع حزبي «تيلم» بزعامة موشيه يعالون وزير الدفاع السابق، و«هناك مستقبل» بزعامة المذيع ووزير المالية السابق يائير لابيد. وقدم التحالف مانيفستو سياسيا يقدم نفس أفكار نيتانياهو من قدس موحدة واستمرار السيادة الإسرائيلية حتي وادي الأردن. ويأتي في المركز الثالث حزب اليمين الجديد، الذي يقدم نفسه كبديل لليكود بزعامة كل من وزير التعليم نفتالي بينيت، ووزيرة العدل آيليت شاكيد، اللذين اتهما نيتانياهو بالتهويل من أجل كسب أصوات اليمين، حيث كرر رئيس الوزراء الإسرائيلي مرارا جملة «حكم اليمين في خطر». أما حزب العمل اليساري بزعامة آفي جاباي، فيتجه إلي أن يكون الخاسر الأكبر في هذه الانتخابات، فالحزب الذي رأس حكومات إسرائيل لأكثر من 30 عاما، يتجه إلي الحصول علي ما بين 8 و 10 مقاعد. ومن المتوقع أن تحصل أحزاب «إسرائيل بيتنا» بزعامة أفيجدور ليبرمان وزير الدفاع السابق، و«كلنا» بزعامة وزير المالية موشيه كاحلون، علي نحو 3 مقاعد لكل منهما. أما القائمة العربية فتشهد انقساما، وسط دعوات لمقاطعة الانتخابات من قبل عرب 48، حيث انقسمت إلي قائمتين منفصلتين، الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة (حداش)، وحزب التجمع الوطني الديمقراطي بزعامة أيمن عودة وأحمد الطيبي، ومن المتوقع أن يفوز بسبعة أو ثمانية مقاعد، والقائمة العربية الموحدة-التجمع الوطني الديمقراطي بزعامة عباس منصور، ومتوقع أن يفوز بنحو 4 مقاعد. وفي ظل هذا التنافس بين كل هذه الأحزاب، إلا أن الأمر محسوم بالنسبة لمن يسميه الإسرائيليون بالملك بيبي، فهو الأقدر علي تولي الولاية الخامسة، ليصبح أطول من حكم إسرائيل بعد ديفيد بن جوريون، فهو يتولي منصبه منذ 2009، كما أنه ترأس الحكومة في الفترة بين 1996 و1998. الناخب الإسرائيلي يريد الاستقرار سواء السياسي أو الاقتصادي وأمان المستوطنات، ولا يهمه فساد نيتانياهو، فلم يعد وجود لمظاهرات السبت التي تطالب باستقالة رئيس الوزراء، ولا يهم هذا الناخب السلام مع الفلسطينيين بل يهمه السيادة الإسرائيلية. وأيا كان الفائز الليكود أو أزرق أبيض، وأيا كان من سيشكل الحكومة، نيتانياهو أم جانتس، فالواقع الجديد سيكون واحدا، نكبة جديدة للقضية الفلسطينية.