لعبة الانتخابات تقبل تغيير القواعد لبلوغ الهدف بأى شكل أو وسيلة، ومايحدث الآن فى المشهد الإسرائيلى من «حرب تحالفات» بين الأحزاب السياسية خير برهان على أن كتلة اليمين بقيادة رئيس الوزراء بنيامين نيتانياهو دخلت فى أصعب «اختبار وجود» أمام طموحات الأحزاب المنافسة والفوز ب «فرصة» السلطة. ولم يعد كافيا أن يعتمد نيتانياهو على جهوده الفردية فى الاحتفاظ بالسلطة وبدأ يسعى لتدعيم مركزه ب «أوراق سياسية» أخرى، فى مقابل سيناريوهات الوسط للالتفاف حول رؤية موحدة تضمن التفوق والانتصار على اليمين المتطرف وكتابة عهد جديد فى تل أبيب .. واستطاع رئيس الوزراء بزعامة «الليكود» المتطرف أن يحظى بثقة الناخب الإسرائيلى طوال رئاسته لحكومة الصقور بأنه أفضل وجه لحماية الأمن القومى على ضوء متانة العلاقة مع الولاياتالمتحدةالأمريكية فى عهد الرئيس الحالى دونالد ترامب والتى تتوج يوما بعد يوم بتصفية القضية الفلسطينية وامتلاك مفاتيح القدسالمحتلة تحت إطار «خطة العمل الشاملة المشتركة»، وصولا إلى الضربات فى سوريا، وممارسة الضغوط على واشنطن لترويض طهران وحرمانها من الامتيازات النووية .. وكلها عوامل كفيلة بعدم التفكير فى استبدال القيادة الحالية بأخرى قد تتعثر فى مهام المواجهة الساخنة ضد إيران وحماس وحزب الله مقارنة بأسلوب نيتانياهو المحترف. وبعد أن يئس التيار المعادى لنيتانياهو من استخدام السياسة الخارجية منفذا لضرب اليمين وتهديد أسهمه الشعبية، لجأ إلى حشد أسلحة الإعلام والقضاء للتأثيرعلى رصيد نيتانياهو قبل الانتخابات المرتقبة، وحول هذا الهدف التقت مصالح كل من رئيس الأركان الأسبق، ورئيس حزب «الحصانة لإسرائيل» بينى جانتس ورئيس حزب «هناك مستقبل» يائير لابيد، حيث قررا التحالف ضد اليمين فى قائمة موحدة تحت اسم «أزرق أبيض»، وعقدا صفقة سياسية للإطاحة بنيتانياهو وعصابته من الحكم تركز على توزيع 30 مقعدًا فى القائمة على نحو يعطى «الحصانة لإسرائيل» برئاسة جانتس 12 مقعدًا، ويحصل لابيد على 13، بينما نصيب حزب «تيلم» برئاسة موشيه يعالون 4 مقاعد فقط، والمكان الأخير يذهب إلى رئيس أركان الجيش الأسبق، جابى إشكنازي. ومن تفاصيل الصفقة، أنه فى حالة تشكيل الحكومة يتولى جانتس رئاسة الحكومة فى منتصف المدة «عامان ونصف»، على أن يتولى لابيد فى نفس الفترة الأولى منصب وزير الخارجية، وفى الفترة الثانية يتولى لابيد رئاسة الحكومة، بعد أن يستقيل جانتس من الكنيست، ثم يعود كعضو ويتولى حقيبة الخارجية، ويربح «يعالون» منصب وزير الدفاع . وخلال حملته، وصف تحالف «جانتس - لابيد» نيتانياهو بأنه «مستبد بالسلطة وفاسد بشكل إجرامى». وهكذا يجهز كل جناح فريقه لمعركة «الكنيست» تمهيدا لكرسى الحكومة، وإن كان معسكر «أزرق- أبيض» يواجه صعوبات مستمرة أمام التيار اليمينى المتطرف نتيجة الانقسام السياسى الذى يعانى منه دائما فى الجولات السابقة، فضلا عن رهانه أحيانا على الأحزاب الإسرائيلية العربية رغم عجزها عن تشكيل ائتلافات أو عدم رغبتها فى ذلك، فى حين أن كفة صقور اليمين لاتزال محتفظة بثقلها ووزنها لدى رجل الشارع فى تل أبيب لاعتبارات خاصة بالانتصارات الخارجية والتوسع فى الشرق الأوسط، حتى ولو كان صاحب هذه الإنجازات «ليس فوق مستوى الشبهات!.»