أعتقد أن مسمي الحكم الرشيد يرتبط بمدي قدرة أي نظام للحكم علي التعافي من مرض الحساسية تجاه حق النقد والمساءلة الذي تمارسه الصحافة الرشيدة التي لا تتورط- من قريب أو من بعيد- في خطايا التشكيك والتشهير والمبالغة والتهوين! ومعني ذلك أن الحكم الرشيد يرسخ قواعده في المجتمع ويكتسب مصداقيته أمام العالم بتجنب اللجوء إلي فرض أية قيود علي حرية الرأي وحرية الإبداع والتعددية الفكرية والحريات الدينية, لأن حزمة الحريات مهما تكن مخاطرها ومهما تكن ادعاءات المزايدين عليها باسم المصلحة الوطنية العليا أفضل ألف مرة من المجتمع المغلق الذي يستشري فيه الفساد والانحراف تحت جنح الظلام. أريد أن أقول بوضوح: إن حرية النقد وحرية الإبداع ليست مجرد حقوق يستمتع بها الصحفيون والمثقفون والمبدعون وإنما هي التزامات ضميرية وواجبات وطنية تنطلق من الفهم الصحيح لمعني الحرية ودورها في البناء ضد الهدم وفي التوعية ضد الاعتام. بل إنني أؤكد أن حرية الصحافة هي التي تقوي من ركائز الحكم الرشيد لأنها هي التي تحمي المجتمع من الضلال والبهتان تنمي ملكات الوعي والإدراك التي تساعد علي فرز الغث من السمين في عصر السماوات المفتوحة التي تمتلئ بالكثير من الأخبار والتقارير المفبركة التي تستهدف البلبلة ونشر اليأس وإثارة الفتن! إن الحكم الرشيد هو الذي يؤمن بدور الصحافة في إعادة غرس القيم النبيلة والمبادئ السامية في مواجهة زوابع الداخل وعواصف الخارج علي حد سواء! مصر تستحق أن تكون عنوانا للحكم الرشيد ولديها كل المقومات التي تمكنها من ذلك بشرط أن تصدق النيات وأن تتوافر أركان الثقة بين الصحافة ونظام الحكم علي أرضية مشتركة من الرشد والاستنارة! خير الكلام: أخطاء العقلاء تصنع أسلحة الجهلاء! [email protected] المزيد من أعمدة مرسى عطا الله