الإعلام.. الرقم الصعب! أصبح الإعلام أهم أرقام المعادلة السياسية في أي وطن بل إن بعض المحللين يعتبرونه الرقم الصعب في معادلة القوة الشاملة حيث لم تعد الطلقة الأولي في أي معركة قصفا بالمدافع أو هجوما بالطائرات, وإنما أصبحت الأولوية للكلمة والصورة عبر مواسير البث التي باتت أكثر طولا وأشد متانة من مواسير المدافع المصنوعة من الصلب والفولاذ. وربما لهذا السبب ولأسباب أخري عديدة أصبح الإعلام شأنا عاما يقع في صدارة اهتمامات المجتمع بأسره لأن الإعلام بمفهومه الصحيح ملك للمواطنين جميعا يؤثر فيهم ويتأثر بهم, ولاشك في أنه كلما كان المجتمع واعيا وناضجا ومتقدما كان الإعلام كذلك والعكس فكلاهما- الإعلام والمجتمع- مرآة لبعضهما البعض! والإعلام الذي أتحدث عنه ليس هو المعني الحرفي لكلمة الإعلام الذي يعني التوجيه والنصح والإرشاد في قوالب نمطية محدودة, وإنما أتحدث عن حرية الرأي وحرية الكلمة وحرية الإبداع وحرية الاجتهاد وحرية النقد وحرية الاستجواب وحرية المساءلة وحرية الاستيضاح بعيدا عن أي نوع من أنواع الرقابة التي تحجر علي الأقلام أو تكمم الأفواه أو تشل حركة الكاميرات في أيدي المصورين! أتكلم عن إعلام تحت أضواء من الاستنارة التي تحارب الإعتام, والموضوعية التي لا تضع قيدا علي الكلمة سوي ضمير الكاتب والتزامه المهني والأخلاقي ومراعاته للقيم والتقاليد والأعراف, واحترامه للثوابت الدينية والوطنية والإنسانية. وإذا كان من بين علامات النهضة والتقدم في ساحة الإعلام أن مصر تشهد هذه الأيام مهرجانا لإنشاء عشرات الصروح الإعلامية الجديدة المرئية والمسموعة والمقروءة إلا أن الأهم من ذلك كله أن هذه الإضافات لا ينبغي أن تكون مجرد زيادة كمية للتباهي والتفاخر, وإنما يجب أن تصبح زيادة نوعية تعزز من مكانة الدور الريادي لمصر وانفتاحها علي محيطها العربي. وأي حديث عن التغيير والإصلاح وتصحيح المسار يظل مجرد كلام في الهواء مالم يستند إلي منظومة إعلامية مستنيرة ومتحررة ومهما يقال عن مخاطر الانفلات الإعلامي الذي نشكو منه جميعا هذه الأيام فإنه أقل ضررا وأقل خطرا من سياسات التقييد والحظر والتعتيم!
خير الكلام: تموت الأسماك إذا أجبرت علي ترك بحورها! ه[email protected]