رئيس جامعة بنها : اعتماد 11 برنامجا أكاديميا من هيئة ضمان جودة التعليم    مُصطفي غريب ضيف آبلة فاهيتا "ليلة فونطاستيك.. السبت    وزارة الأوقاف تعقد (574) ندوة علمية حول "الجوار الصالح مفتاح للسكينة والمودة"    وزيرة التنمية المحلية: تحسين جودة الخدمات بالصعيد باستثمارات 32 مليار جنيه    البترول: تعاون لنقل الممارسات الأسترالية الناجحة في مجال التعدين إلى مصر    مدبولي: مستمرون في إجراءات دخول محافظات المرحلة الثانية منظومة التأمين الصحي    هيئة الفضاء الصينية تشجع شركات الفضاء التجارى على التوسع فى التعاون الدولى    انطلاق مباراة سموحة وغزل المحلة في كأس مصر    أبوريدة: نتمنى التوفيق لجميع المنتخبات.. ووفرنا كل أسباب النجاح    عمومية المقاولون العرب تنتخب مجلس إدارة جديد برئاسة محسن صلاح    أحمد عبد القادر يغيب عن الأهلي 3 أسابيع بسبب شد الخلفية    شبورة ورياح.. الأرصاد تكشف حالة الطقس خلال ال6 أيام المقبلة    4 مسلسلات تستعد للعرض قبل رمضان 2026    الإعلان عن القائمة الطويلة لجائزة الشيخ زايد.. بينهم 7مصريين    رئيس لجنة مراجعة المصحف بالأزهر: دولة التلاوة ثمرة الكتاتيب في القرى    السبكي: الأمن الدوائي والشراكات مع القطاع الخاص عماد الإصلاح الصحي    وزير الصحة يزور أكبر مجمع طبي في أوروبا بإسطنبول    الصحة: فحص أكثر من 4.5 مليون شاب وفتاة ضمن مبادرة فحص المقبلين على الزواج    أسوان تحصد جائزتين بالملتقى الدولى للرعاية الصحية    زهراء المعادي: الموافقة على عرض الشراء الإجباري مرهونة بعدالة السعر المقدم    منظمات حقوقية: مقتل 374 فلسطينيا منهم 136 بهجمات إسرائيلية منذ وقف إطلاق النار    أشرف العشماوي ينافس في جائزة الشيخ زايد للكتاب ب مواليد حديقة الحيوان    روسيا تصدر أحكاما بالسجن مدى الحياة بحق 8 أشخاص بشأن الهجوم على جسر رئيسي في القرم    وصول الطائرة البابويّة إلى مطار أنقرة وبداية الرحلة الرسوليّة الأولى للبابا لاوون ال14 إلى تركيا    اتخاذ الإجراءات القانونية ضد 4 عناصر جنائية لغسل 170 مليون جنيه من تجارة المخدرات    التحقيق مع 5 عناصر جنائية حاولوا غسل 50 مليون جنيه حصيلة النصب على المواطنين    إصابة شخص في انفجار أنبوبة غاز بقرية ترسا بالفيوم    قرارات جديدة من وزير التربية والتعليم | تفاصيل    وزير الشباب والرياضة يستقبل سفير دولة قطر لبحث التعاون المشترك    الفنانة الإسبانية ماكارينا ريكويردا تشارك في مهرجان مصر الدولي لمسرح الطفل والعرائس    الهلال الأحمر المصري يرسل القافلة ال82 إلى غزة محملة ب260 ألف سلة غذائية و50 ألف بطانية    مقتل أكثر من 30 وفقدان 14 آخرين بسبب الأمطار الغزيرة والانهيارات الأرضية في سريلانكا    بسبب الإهمال.. استعباد مدير ووكيلي مدرسة في قنا    السعودية: 4.8% من سكان المملكة أكبر من 60 عاما    وزير الري يعرض المسودة النهائية لهيكلة روابط مستخدمي المياه    قبل موتها المفاجئ.. المذيعة هبة زياد تكشف تعرضها للتهديد والابتزاز    عشرات القتلى و279 مفقودًا في حريق الأبراج العملاقة ب هونغ كونغ    محامي رمضان صبحي: التواصل معه صعب بسبب القضية الأخرى.. وحالة بوجبا مختلفة    انقلاب سيارة نقل ثقيل على طريق الإسكندرية الصحراوي دون إصابات    بسبب تعاطيهم الحشيش.. إنهاء خدمة 9 من العاملين أثناء أدائهم للعمل الحكومي    روز اليوسف على شاشة الوثائقية قريبًا    الجيوشي: الحكم بعودة التعليم المفتوح بشهادته الأكاديمية خاص بالجامعات الحكومية فقط    "إسرائيل ليست على طريق السلام مع سوريا".. كاتس يشير إلى خطة جاهزة في اجتماع سري    حقيقة فسخ بيراميدز تعاقده مع رمضان صبحي بسبب المنشطات    محافظ الجيزة يعتمد تعديل المخطط التفصيلى لمنطقة السوق بمركز ومدينة العياط    طقس الخميس.. انخفاض فى درجات الحرارة وشبورة كثيفة صباحا    وزير الانتاج الحربي يتابع سير العمل بشركة حلوان للصناعات غير الحديدية    مواعيد مباريات اليوم الخميس 27 نوفمبر 2025    جولة إعادة مشتعلة بين كبار المرشحين واحتفالات تجتاح القرى والمراكز    الأحزاب ترصد مؤشرات الحصر العددى: تقدم لافت للمستقلين ومرشحو المعارضة ينافسون بقوة فى عدة دوائر    انطلاق امتحانات شهر نوفمبر لطلاب صفوف النقل    عمر خيرت يوجه رسالة للجمهور بعد تعافيه من أزمته الصحية.. تعرف عليها    عصام عطية يكتب: «دولة التلاوة».. صوت الخشوع    مواقيت الصلاه اليوم الخميس 27نوفمبر 2025 فى المنيا.....اعرف مواعيد صلاتك    ضعف المناعة: أسبابه وتأثيراته وكيفية التعامل معه بطرق فعّالة    موعد أذان وصلاة الفجر اليوم الخميس 27نوفمبر2025.. ودعاء يستحب ترديده بعد ختم الصلاه.    خالد الجندي: ثلاثة أرباع من في القبور بسبب الحسد    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 26-10-2025 في محافظة الأقصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المزيج القومى الجديد الذى أنتجته ثورة 1919
نشر في الأهرام اليومي يوم 07 - 03 - 2019

اختلف المصريون على كل شيء فى تاريخهم الحديث عدا ثورة 1919، التى نحتفل بذكراها المئوية هذا الشهر. اختلفنا على تقييم ثورة عرابي، وما إذا كانت ثورة وطنية، أم هوجة قادها ضباط مندفعون قليلو الخبرة، تسببت رعونتهم فى وقوع البلاد تحت الاحتلال. اختلفنا على ثورة يوليو، وما إذا كانت أهم إنجاز تحررى وتنموى فى تاريخنا، أم انقلاب عسكرى أجهض فرص التطور الديمقراطي، وأدخل البلاد فى مغامرات خارجية وأيديولوجية مكلفة. حدثت ثورة عرابى فى ظل انقسامات عميقة فى أوساط نخبة المجتمع المصري، وقبل نضوج عقيدة القومية المصرية. حدثت ثورة يوليو بعد أن كان الانقسام والصراع قد ضرب النخبة والأمة، أيديولوجيا وطبقيا. أما ثورة 1919 فقد حدثت بالضبط فى لحظة توحد النخبة والأمة وتبلور وعى الأمة القومي، فاستحقت عن جدارة وصف الثورة القومية.
لثورة عرابى وزملائه الضباط أسباب كثيرة، من أهمها التمييز الذى عانى منه الضباط القادمون من صفوف الفلاحين فى علاقتهم بالضباط ذوى الأصول الألبانية والتركية. كان الصراع القومى العرقى أحد أسباب ثورة عرابي، وكان الانقسام فى صفوف النخبة أحد أسباب فشل هذه الثورة. على العكس من ذلك فإنه بحلول عام 1919 كانت النخبة المصرية قد تمصرت بشكل كامل، ولم يعد الانقسام العرقى القومى فى صفوفها يمثل سوى ذكرى لماض بعيد بلا دلالات سياسية.
شهد عبد الرحمن الرافعى مؤرخ القومية المصرية فى تأريخه لثورة 1919 بفضل حسين رشدى باشا وعدلى باشا يكن على الثورة. كان حسين رشدى رئيسا للحكومة، وكان عدلى يكن وكيلا للجمعية التشريعية ووزيرا، وترجع أصول الاثنين إلى الأسر العثمانية التى أتت إلى مصر مع محمد على باشا، وكان عدلى يكن حفيدا لابن أخت محمد على باشا الكبير، غير أن الأصول الألبانية للرجلين لم تمنعهما من العمل على إنجاح ثورة تطالب باستقلال مصر بعد أن تشربت النخب الألبانية والتركية بالهوية والثقافة المصرية. لقد أدت سنوات الاحتلال البريطانى إلى إضعاف الصلة بين مصر والدولة العثمانية، وضعفت بالتالى صلة النخبة العثمانية فى مصر بالخزان البشرى والثقافى فى الأناضول والبلقان، ولم يبق أمام هذه النخبة سوى أن تتمصر بشكل كامل، وهو ما أسهم فى تعزيز صفوف النخبة المصرية التى قادت ثورة 1919.
وصلت ثورة 1919 إلى الريف، وكان لهذا التطور أثر حاسم فى تعزيز أثرها، وهو ما لاحظه عبد الرحمن الرافعى عند مقارنة ما حدث فى سنة 1919 بما لاقته دعوة الحزب الوطنى ومصطفى كامل التى كانت لا يظهر صداها إلا فى دائرة ضيقة من الشباب، وفريق من المثقفين والأعيان, على عكس ما حدث فى ثورة 1919 التى التحقت بها كل طبقات الأمة، بما فى ذلك الفلاحون، فى وقت لم يكن أحد يتوقع أن الفلاح الساذج، البعيد بفطرته عن غمار السياسة وعواصفها، يندمج فيها إلى درجة الثورة وخلع قضبان السكك الحديدية، وقطع المواصلات، وبذل الروح فداء للوطن، على وصف الرافعي.
كان امتداد أعمال الاحتجاج فى ثورة 1919 إلى الريف المصرى من أكبر مفاجآت الثورة، ومن أهم دلائل طابعها القومى الشامل؛ حيث التحق بالثورة النخبة من ملاك الأراضى الزراعية الكبار والمتوسطين، كما لعبت الطبقة الوسطى المتعلمة من مدرسين ومحامين وبعض الموظفين المنتشرين فى المدن والبلدات الإقليمية دورا رئيسيا فيها، الأمر الذى وفر الرابطة الضرورية بين أهل الحضر وأهل الريف، وبين القيادة القومية التحررية ذات التوجهات التحديثية والريف التقليدى المحافظ. لقد أخرجت هذه الوحدة الريف من عزلته، ودمجته فى تيار الوعى القومى العام، وهى المهمة التى لم ينجح فى تحقيقها الزعيم مصطفى كامل ذو الخلفية المدينية، وغير المعروف له صلات تربطه بالريف المصري، على عكس زعماء الوفد الثلاثة الأوائل الذين أتوا من خلفية ريفية صريحة. فقد ولد سعد زغلول فى قرية إبيانة بمديرية الغربية، لعمدة القرية الميسور؛ ومثله عبد العزيز فهمى الذى ولد فى كفر المصيلحة بالمنوفية لأحد ملاك الأرض المتوسطين الموسرين؛ أما على شعراوى فهو ابن حسن شعراوى عمدة المطاهرة فى محافظة المنيا، وأمه هى أخت لمحمد باشا سلطان ذى الخلفية البدوية وأحد أكبر أعيان صعيد مصر منذ عهد الخديو توفيق.
لقد تعززت وحدة نخبة ثورة 1919 أيضا عندما نجحت فى التغلب على الانقسامين الدينى والسياسى اللذين شقا صفوفها خلال العقد السابق على الثورة. كان الانجليز يسعون لفصل الأقباط عن المسلمين، ولوصم الوطنيين المصريين بالتطرف الديني، وكان اغتيال رئيس الوزراء بطرس غالى فى عام 1910 على يد أحد الوطنيين قد تسبب فى تأجيج المخاوف. وفى عام 1919 كان ضم بعض من أبرز أعيان الأقباط للوفد، ومن بينهم سينوت حنا وجورج خياط وواصف غالي، خطوة ضرورية لتأكيد الصفة القومية لحركة المطالبة بالاستقلال، فكانت هذه هى المرة الأولى التى يشترك فيها مسلمون وأقباط فى هيئة سياسية واحدة.
أما سياسيا فقد انقسمت النخبة المصرية طوال العقد السابق على الثورة بين مؤيدين لحزب الأمة القومى المعتدل ذى التوجهات الليبرالية، وأنصار حزب مصطفى كامل الوطنى المتشدد ذى التوجهات المحافظة. بدأت أحداث الثورة عندما طلب ثلاثة من أعضاء الجمعية التشريعية بالسماح لهم بعرض قضية مصر على مؤتمر السلام الذى عٌقد عقب انتهاء الحرب العالمية الأولى. جاء الزعماء الثلاثة، سعد زغلول وعبد العزيز فهمى وعلى شعراوي، من صفوف حزب الأمة، وكان ضم الجناح الآخر للحركة الوطنية المصرية ضروريا لتعزيز الصفة التمثيلية للوفد؛ فتم ضم اثنين من أعضاء الحزب الوطنى هما محمد على علوبة وعبد اللطيف المكباتي؛ وفى مرحلة لاحقة تم توسيع الوفد مرة جيدة ليضم المزيد من الأسماء المحسوبة على الحزب الوطني، كان أهمهم مصطفى النحاس الذى خلف سعد زغلول فى قيادة الوفد، ليتجاوز بذلك الوفد جذوره القديمة الموروثة من حزب الأمة، وليؤسس عقيدة قومية جديدة امتزجت فيها ليبرالية حزب الأمة بتشدد الحزب الوطني.
لمزيد من مقالات د. جمال عبد الجواد


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.