أثار التصعيد الأخير الذى شهدته الساحة الهنديةالباكستانية، الكثير من التساؤلات حول الأسباب والدوافع التى تقف وراء هذا الموقف المتشدد من كلا الجانبين ،ويعد التنازع على إقليم كشمير مشكلة لها بعد تاريخى و سببا رئيسيا من أسباب التوتر بين الجارتين النوويتين،ولكن هناك عوامل أخرى كثيرة أسهمت فى تأجيج هذا الخلاف ،مع الاعتراف بأن الحادث الأخير يعد الأعنف منذ عقود. وهذا التحرك له خلفية سياسية ،وأسباب داخلية لعبت دورا فى تصاعد خطاب الهند العدائى ضد باكستان يأتى فى مقدمتها اقتراب موعد الانتخابات العامة فى مايو القادم، وهو ما يدفع رئيس الوزراء الهندى ناريندرا مودى للتهديد المستمر باستخدام القوة حتى تظهر حكومته بشكل قوى وصارم يرضى الناخبين.ولذلك حذر باكستان من «رد قوي» على التفجير،والموقف مماثل فى باكستان فعندما كان رئيس الوزراء الحالى عمران خان فى صفوف المعارضة وأثناء ترشحه للانتخابات طالما انتقد سياسات الحزب الحاكم السابق تجاه كشمير ،واتهم رئيس الوزراء الباكستانى السابق نواز شريف باتخاذ مواقف «لينة» تجاه سياسات الهند إزاء كشمير،وتعهد بأن حزبه فى حالة فوزه سينتهج سياسة أكثر فاعلية لحل الأزمة الكشميرية، ورغم حماس خان وتعهداته فأن عددا كبيرا من مواطنى كشمير يرون أن سياسات حزبه لن تتجاوز «الخطب الحماسية» ولن يتغير شىء على أرض الواقع ،وربما هذا ما يدفع خان الآن إلى اتخاذ موقف حاد وقوى لإسكات الألسنة ولتأكيد أن بلاده قادرة على التصدى للتهديدات الهندية. ولعل هجمات الغارات الجوية المتبادلة من كلا الطرفين خير دليل، فإلى جانب ذلك، لجأت الهند لإجراء آخر لا يقل عنفا تمثل فى تخفيض كميات المياه التى تتدفق عبر أنهارها إلى باكستان. وهى خطوة أعلنتها الهند من خلال تغريدة لوزير النقل الهندى أوضح فيها وقف حصة المياه التى كانت تتدفق إلى باكستان وتحويلها بدلا من ذلك لمناطق فى البنجاب، فى خطوة ستكون نتائجها كارثية لمئات الملايين المعتمدين على نهر السند . كما ألغت نيودلهى امتيازات تجارية لباكستان، وجردتها من وضع «الدولة الأكثر رعاية» وفرضت رسوما بنسبة 200 بالمئة على السلع الواردة من باكستان لتقلص حجم التبادل التجارى الذى يسجل بالكاد مليارى دولار، وتعهدت باستمرار الضغط من أجل الإبقاء على باكستان مدرجة بالقائمة الرمادية لمراقبة تمويل الإرهاب، مما يفرض عليها صعوبة فى الوصول للأسواق الدولية ، ويؤثر سلبيا على التجارة والاستثمارات ويزيد تكاليف الصفقات فى وقت يعانى فيه اقتصادها. ويبدو أن هذه المواقف الحادة اضطرت الجانب الباكستانى للرد بقوة، ولكن هذه المرة على لسان خان الذى قال فى خطاب بثه التلفزيون إن باكستان سترد بكل قوة على التهديدات الشاملة. الأمر الذى دفع البعض للاعتقاد بأن أجواء التصعيد فى هذه الأزمة تبدو مفتوحة على كل الاحتمالات، خاصة بعد أن انتقلت حالة الغضب إلى وسائل التواصل الاجتماعى لتتحول إلى ساحة لدعوات الانتقام والتهديد تجاه المسلمين الكشميريين. هذه الأزمة تذكرنا بتنازع الهندوباكستان حول كشمير ثلاث مرات، و الحروب الهندية-الباكستانية فى عامى 1947 و1965 وحرب كارجل فى عام 1999. حيث ترى الهند أن ولاية جامو وكشمير كلها ملك لها، ومنذ عام 2010 تحكم ما يقارب 43%من المنطقة، بينما تحكم باكستان نحو 37%.