إيه حكاية الهند؟ رحلة عمل أم سياحة؟ هكذا سألنى متهكما المسئول الأمنى عن دخولنا لمنطقة المطار مع حقائبنا وجوازاتنا وتذاكر سفرنا، وقد سبقتنى صديقة فى مجموعة السياحة تصادف أنها صحفية مثلى، وتلقت نفس السوال!! وبنفس الأسلوب التهكمى جاوبناه: رحلة عمل! ونظرنا لبعضنا البعض وانفجرنا فى الضحك، لأنه السؤال نفسه الذى واجهناه فى القاهرة من الأهل والأصدقاء. تارة أرد.. رايح أجيب الفيل من ديله وارجع أقول ما لقتلوش ديل. وتارة أخرى.. أقول أشمعني؟ وكأننى أطلق نكتة. خصوصا منذ أن تم احتجازى فى سفارة الهند دونا عن مجموعة الأصدقاء المسافرين معى من الأطباء والمهندسين ورجال الأعمال والسبب؟ لأننى صحفية!. ولأن الصحفيين يبدو أنهم أصبحوا فى مكانة القلب والحميمية، ومرغوب فيهم من كل البلاد! فقد أصبح لهم معاملة خاصة، خصوصا فى سفارة الهند التى طلبت منى ضرورة إجراء مقابلة خاصة مع السفير والموافقة الشخصية منه لسفرى إلى الهند; لأننى صحفية، حتى ولو كانت رحلتى بغرض السياحة! ولأننى والحمد لله لا أتقن الكذب، فقد أكدت من خلال مقابلتى مع القنصل ونائب السفير أننى لا أكتب فى السياسة، ولدى كتاباتى الخاصة بأدب الرحلات، إلا إذا اعتبرنا الكتابة عن أحوال البلاد والعباد سياسة، ويبدو أنه اقتنع بما قلته، والحمد لله إنه اقتنع; لأننى ومن كثرة الأسئلة والاستفهام والاستغراب والاستنكار وكم التعليقات الساخرة بأننى مللت من ركوب الجمال، وأتشوق لركوب الأفيال، قد بدأت أتشبث مثل الطفل الذى يريد الذهاب للملاهى أو لحديقة الحيوان، وقد حدث، فما أن خرجت من مطار نيودلهى حتى وجدتنى أركب الهوا ولا أرى الأفيال التى تمنيت ركوبها ما أن تطأ قدماى أرض الهند، مثل باسبارتو بطل قصة حول العالم فى 80 يوما. وبدلا من الأفيال التى ظننت أنها ستتهادى فى الشوارع تحمل المهراجا مثل الأفلام وجدت جموع وحشود ومظاهرة من التكاتك تملأ شوارع المدينة، الغريب أنها كلها وعقبال عندنا كانت مرخصة! نعم.. مثل سيارات الأجرة والميكروباصات فى حالة مساواة تامة، تحمل أرقامها من الأمام والوراء، تكاد تحجب الرؤية عن قائدها الكبير الراشد، الذى وبالتأكيد يحمل رخصة قيادة توك توك، ويحاسب محاسبة السائقين المسئولين، ويتبع قوانين المرور، فلا تجد توك توك منهم يكسر إشارة، أو يخرج عن آداب المرور إذا كان لها آداب فى بعض المناطق العشوائية مثلنا تماما. لكن الغريب والذى استوقفنى لأول وهلة، واستمر اندهاشى وانبهارى هو احترامهم للحيوانات! كل الحيوانات طبعا البقرة على رأسهم، فيا ويله يا سواد ليله من يقتل بقرة، فمصيره طبعا السجن عشرة أعوام، لكن أن تقف العربات والتكاتك وكل وسائل النقل إذا رغب «قرد» أو مجموعة قرود فى عبور الشارع، فهذا ما جعلنى أرفع القبعة وأسير فى سلام وأعبر الطريق مثله براحتي! وما أن فعلت هذا.. كدت أذهب ضحية لسلامة النية فى عبور الطريق، لأن التوك توك هناك وغيره لا يؤمن الطريق إلا للقرود، فهو شيء مقدس بل وحياة الحيوان كلها. لمزيد من مقالات دينا ريان