يتخذ الزوجان قرار الطلاق لكثرة المشكلات واستحالة استمرار الحياة بينهما، دون التفكير فيما قد يعانيه الأطفال من مشكلات، خاصة فيما يتعلق بتنفيذ حكم الرؤية وهو تمكين الأب من رؤية أبنائه مرة واحدة أسبوعيا لمدة ثلاث ساعات. وتحكى م . ق عن معاناة طفلتها التى تبلغ العاشرة من عمرها من رؤية والدها بعد انفصالهما فتقول إن الأب كان يصطحب معه زوجته الثانية وأولادهما، وكانت الطفلة تشعر بالفجوة الكبيرة فى مستوى مظهرها وإخوتها من الأب، خاصة أن النفقة التى يدفعها الأب والتى قررتها المحكمة ضئيلة جدا، مما ولد لديها شعورا بالكراهية الشديدة تجاه إخوتها ووالدها، وبات موعد الرؤية الأسبوعى معاناة للأم من أجل إقناع الطفلة بلقاء والدها. أما س. ر فتقول إن الأب عند لقاء الأم أثناء رؤية طفلهما كان يتعمد توجيه اللوم والاتهامات لها وأنها السبب للحال الذى وصلت له الأسرة من تصدع، رغم أن السبب الرئيسى هو بخله وتقتيره الشديد مما أصاب الطفل بأزمات نفسية وتعرضه لنوبات من الخوف ومعاناته من كوابيس مزعجة فى أثناء النوم. ويحدثنا سامى على سليم المحامى بالاستئناف العالى ومجلس الدولة عن الواقع العملى للمشكلة قائلا إن الرؤية من القوانين التى تحتاج إلى تعديل تشريعى لآثارها السيئة لمعالجة بعض الحالات مثل أنه يجب أن ترتبط بالنفقة حيث لا يجوز للأب أن يرى أبناءه إلا بعد أن يقدم ما يفيد الإنفاق عليهم حيث لا رؤية دون نفقة، خاصة أن دعاوى الرؤية تكون أسرع من دعاوى النفقة فتظل الحاضنة فى المحاكم بغية حصولها على النفقة لأولادها فى حين أن الأب عقب رفعه الدعوى، فى خلال شهرين تقريبا يكون قد حصل على حكم الرؤية، وهنا يجب على الحاضنة أن تنفذ الحكم وإلا يقوم الأب بإسقاط حضانة الأم فتصاب الحاضنة بالحسرة وخيبة الأمل لرؤية الأب أولاده دون الإنفاق عليهم والواقع العملى به العديد من هذه الحالات. ويضيف سامى سليم أنه لابد من فصل حالات الرؤية عن بعضها البعض، فلا يمكن تجميع مجموعة أسر بظروف مختلفة فى نفس المكان وفى نفس الوقت، فقد يحدث فى بعض الأحيان اشتباك وتعد بالضرب والسب والشتم بين الأب والأم وقت تنفيذ حكم الرؤية، وذلك على مرأى ومسمع من باقى الحالات الأخرى فيصاب الأطفال بالإحباط والخوف. كما تقوم الأم أحيانا بإرهاب الصغير وتهديده بالضرب ليمتنع عن التعامل مع الأب وعدم قبول أى هدايا منه، وذلك وقت تنفيذ حكم الرؤية فيصبح الحكم بمنزلة جسد بلا روح مما يفقدها أسمى معانيها من محاولة التقرب العاطفى والنفسى والأدبى بين الأب وأبنائه فيكون تنفيذ الرؤية إسميا فقط دون الوصول إلى غايته. ويجب أن يشمل حكم الرؤية الأجداد والأعمام الأقارب من الدرجة الأولى فالحكم من الناحية العملية ينفذ وفقا لمنطوق الحكم للأب فقط فلا يستطيع الجد أو الجدة أن ترى حفيدها بحجة أن الحكم صادر لمصلحة الأب فقط، فيتنافى الحكم مع صلة الأرحام ولا يستطيع الطفل عندما يكبر أن يتعرف على أقارب والده. ويقول الدكتور محمد السيد عبدالرحمن أستاذ الصحة النفسية بكلية التربية جامعة الزقازيق، إن الأبناء خاصة من هم دون السنوات الثمانى غالبا ما يتعرضون لمأساة نفسية نتيجة شعورهم باستحالة وجودهم داخل أسرة سوية وأنه يعانى أسرة متصدعة تحول دون الاستمتاع بوجوده بين الوالدين لذلك ينبغى عليهما تجنب المشادات الكلامية فى أثناء اللقاء وأن يحرص الأب على تقديم الهدايا المحببة واللعب للأولاد، وأن يكون اللقاء فى مكان جذاب للطفل كالنادى أو الملاهى أو الحديقة حتى يشعر بالحنين للقاء القادم، ويحبذ أن تكون اللقاءات فى مواعيد متقاربة حتى لا يكون الطلاق سببا فى إصابة الطفل بأنماط نفسية سلبية مثل القلق والخوف من الآخرين.