أنا شاب اقترب من سن الثلاثين تخرجت في احدي الكليات العملية وعملت في وظيفة لا بأس بها وقد امضيت سنوات دراستي في الجامعة منكبا علي دروسي ولم تشغلني أي فتاة, حيث كان شغلي الشاغل ان اتخرج فاعمل لتخفيف العبء عن اسرتي.. وقد التحقت بعدة دورات تدريبية لصقل خبراتي, ومنذ عامين لفتت نظري فتاة في احدي هذه الدورات بهدوئها وجمالها الطبيعي, لكن لم اجرؤ علي الاقتراب منها والحديث معها واكتفيت بالنظر اليها, وكان يكفيني ان أراها يوميا لكي يطمئن قلبي, وانتهت الدورة.. ولم أعد أراها لكنها عاشت في خيالي, ثم قابلتها في مكان عام فاسرعت اليها وذكرتها بأيام الدورة وألمحت لها عن اعجابي بشخصيتها وطلبت منها ان يكون لنا لقاء آخر تتاح لي فيه الفرصة للحديث معها في امر مهم.. فوافقت.. وكان واضحا أنني أريد الزواج منها وفهمت هي ذلك فبادرتني بالحديث عن نفسها وبأنها مطلقة ولديها ولد.. والحقيقة ان المفاجأة أذهلتني فتسمرت مكاني للحظات وظهرت علي ملامحي الدهشة ثم أبديت لها عدم اهتمامي بتجربتها السابقة, وان كنت لم استوعب الموقف حتي تلك اللحظة ولم اتصور ابدا ان ارتبط بمن سبق لها الارتباط, وتبادلنا ارقام التليفونات ووجدتني اهاتفها وابلغها برغبتي في الزواج منها واستمرت الاتصالات بيننا. وجاءني عقد عمل في احدي الدول العربية واتفقت معها علي ان اسافر واعود بعد عام لإتمام زواجنا.. وفاتحت اهلي فيما نويته فرفضوا تماما بدعوي ان لها ابنا من مطلقها, وان المتاعب التي سأعيش فيها اذا تزوجنا ستكون شديدة ولن اقوي علي تحملها وسوف تضطرب حياتي كلها. وهاج كثيرون ضدي من ابناء العائلة واسمعوني كلاما عن اننا من بيت محافظ ولنا سمعتنا ووضعنا وانه لم تحدث حالة طلاق واحدة في العائلة ولم افلح في اقناع والدتي وأخي واخوالي وجدي حيث ان والدي متوفي. انني اعيش حالة تعب نفسي كبيرة وهي ايضا وانا متأكد من انها تبادلني الشعور نفسه, وقد اشترط علي والدها ان اقنع اهلي اولا قبل الزواج من ابنته لأنه لن يرضي ان يزوج ابنته لمن لايرغبها اهله.. ولقد مرت أسابيع حتي الآن وانا محبط وتائه وفقدت قدرتي علي التركيز حتي في عملي وحياتي. ولاحظت أمي ما انا فيه فرشحت لي ابنة احد معارفنا التي تتوافر فيها الصفات التي يتمناها أي شاب ولكني رفضت واصررت علي الزواج ممن احببتها فهي لم ترتكب إثما, وإنما دفعتها الظروف التي وجدت نفسها فيها الي طلب الطلاق, حيث ان مطلقها ضعيف الشخصية وتتدخل امه في كل صغيرة وكبيرة في حياته وكذلك اخوته, اما هي فمسلوبة الارادة تماما. كل ما اريده هو ان يفهمني اهلي ويقدروا موقفي حتي اتزوج منها برضاء الجميع, اما ابنها الذي يعتبرونه العقبة الكؤود فسوف يأخذه والده بناء علي اتفاق معه.. فهل تري بادرة امل في ان يلين الموقف المتحجر لأسرتي ممن احببتها ولا اري في الدنيا غيرها, فأنا حائر ولا ادري ماذا افعل؟ {{ وأقول لكاتب هذه الرسالة: الواضح أنك احببت هذه السيدة, وشعرت بالطمأنينة في علاقتك بها, وهي تبادلك المشاعر نفسها, وحين يتحاب اثنان فإنهما يسعدان بتبادل المنح والعطاء, فيعطي المحب حبيبه افكاره, وحياته وجسمه, وكل ما يملك, ويشعر بالمنح وحلاوته بل ويخاطر بكل شئ من أجل محبوبه, وهنا يكمن مفهوم السعادة الحقيقية. وكل رجل خالص القلب والعزيمة يحترم زوجته ويرعاها, ويترفق بها ويحنو عليها, ولا يصدق كل ما يتم ادعاؤه عليها, ويكون دائما كالميزان الحساس لعلاقة أسرته بها, فما أكثر الزيجات التي تفشل بسبب تدخل الأهل حين تكون للأم رؤية مغايرة لما تراه الزوجة, فهذا هو سبب الشجار الذي لا ينتهي بين الزوجات والحموات, والعاقل دائما هو الذي يذيب الفجوة بين أمه وزوجته ويقرب المسافات بين أفكارهما, وحتما سوف يصلان معا إلي نقطة التقاء تدفع سفينة الحياة إلي السير بأمان. إنني ألمس بين سطور رسالتك تمسكك الكبير بمن ارتاح إليها قلبك, وأطالبك بألا تيأس, وأن تسعي إلي انتزاع موافقة أهلك عليها, فالسبب الذي وقع عليها الطلاق من أجله لا ذنب لها فيه, فلقد وجدت أن الحياة مستحيلة مع زوجها السابق لتعنت أهله ضدها. وكم من سيدات فشلن في زيجتهن الأولي ثم اقمن بيوتا ناجحة وعشن حياة مستقرة مع أزواج آخرين عرفوا لهن قدرهن. إنني أري أن هذه السيدة التي قدر لها الطلاق بعد شهور من زواجها سوف تكون حريصة علي نجاح زيجتها هذه المرة, فلا توجد امرأة تسعي إلي تخريب بيتها بنفسها, كما أن فترة التعارف بينكما والتي امتدت إلي عامين كاملين قد اتاحت لك فرصة كافية لكي تدرس شخصيتها, وتعرف مدي التوافق الذي يجمعكما, وبالتالي فلا مبرر لقلق أسرتك من ارتباطك بها. أرجو أن تعيد النظر في قصتك في ضوء هذه الحقائق التي يجب أن تعيها أسرتك, وأسأل الله لك التوفيق, وهو وحده المستعان.