أعتقد أن الغالبية من المصريين يشعرون هذه الأيام بشىء من الفخار والقوة والمنعة وهم يرون هذا الحضور الطاغى لبلدهم فى مسارات السياسة الخارجية وهذه العودة الحيوية لبلدهم فى المشهد الافريقى والاقليمى والأوروبى بامتياز. حيث افتقدنا هذا المشهد لسنوات طويلة قبل ثورة 30 يونيو وكنا تكئة للتندر وأحيانا للشفقة، حيث كان حديث الخارج قبل الداخل عن تآكل وتراجع وتباعد الدور والحضور المصرى فى المنطقة وغياب قوة التأثير، الأمر الذى أتاح لدول ودويلات صغيرات فى المنطقة القفز فوق ظهر المصريين ثم المكايدة لنا لتوجيه القبضات لنا لكتابة شهادة الوفاة للدور المصرى وإقامة قرابين الدفن وتسجيل عبارة مر يوما من هنا واختفى إلى الأبد. ولكن اليوم المعادلة تغيرت ودبت الحياة والحيوية وصارت ديناميكية الحركة والفعل أحد أبرز خصائص وحيوية هذا الدور المصرى العائد بقوة حاليا ليعيد توازن القوة إلى الاقليم ويرسم بعقلية قيادة استثنائية مصرية حاليا وصاحبة أفكار مبتكرة وضع الخطى والفعل والقول المصرى الفصل فى قضايا المنطقة ويشع اطلالته على كل جوانب العقل والحركة ويضبط حركة إيقاع الاقليم ليس فى المنطقة العربية فقط بل يمتد أفقه ومساره إلى افريقيا ثم إلى دول الاتحاد الأوروبى ليلهم عقول وقلوب قادته ليدعوهم إلى الحضور المرتقب إلى شرم الشيخ خلال الاسبوع القادم. وربما كانت أمارات الفخر والاعتزاز والثقة لدى المواطن المصرى عندما ينظر إلى نفسه وإلى وطنه فى المرآة ليطوقه شعور بالغبطة عندما شاهد وراقب حجم النجاح للرئيس السيسى ومصر فى القمة الافريقية الاسبوع الماضى فى أديس أبابا فى إثيوبيا عندما تولت بلاده زمام القيادة والرئاسة للاتحاد الافريقى لمدة عام كامل وحفاوة ورهانات الاختيار من زعماء وقيادات القارة الافريقية، واتساع رقعة الأحلام والتوقعات التى تغازلهم بإحداث الانتعاشة ولو نسبيا فى مسيرة التنمية والاصلاح والتكامل ونقل تجارب النجاح المصرى الداخلى خلال السنوات الأربع إلى دولهم وقاراتهم بجانب صوت رئيس مصرى يتمتع ويتحلى بالشجاعة والاقدام وامتلاك الرؤية لمخاطبة العالم والحديث إليهم لحثهم على نقل شراكتهم السياسية والاقتصادية والتنموية مع دول القارة الافريقية. ولم تمض الساعات بعد انتهاء القمة الافريقية إلا وكان صاحب الهمة وصانع النجاح لهذا الوطن مصر الرئيس السيسى فى قلب الملتقى الدولى للسياسات الخارجية والأمن فى ميونيخ أكبر ملتقى دولى فى العالم بعد الأممالمتحدة. حيث شارك فيه هذه المرة أكثر من 700 شخصية دولية ممثلة فى رؤساء للدول والحكومات ووزراء الخارجية والدفاع والأمن وخبراء وصناع السياسة الدولية بجميع أفكارهم ورؤاهم ومدارسهم الفكرية السياسية ناهيك عن رؤساء ومديرى الشركات الاقتصادية والاستثمارية الدولية العابرة للقارة لينقل السيسى نجاحات بلاده وخلاصات تجربته البناءة فى إعادة بناء وصنع النجاح الاقتصادى والتنموى والأمنى، وتحقيق مسارات الأمن والأمان والاستقرار فى توقيت قياسى لم يتجاوز أربع سنوات ونصف السنة ليبلغ الجميع فى ميونيخ أن المستحيل قد أصبح ممكنا وواقعا فى مصر بفعل امتلاك القيادة والشعب الرؤية والارادة، حيث مجمل الأنشطة والحضور المصرى فى مؤتمر ميونيخ لا تعد ولا تحصى من حيث استعادة الدور والمكانة لمصر وشعبها. ناهيك عن لقاءات البحث عن الشراكات الصناعية والتجارية والاستثمارية وتحقيق عوائدها وأثمانها التنموية لمصلحة الاقتصاد المصرى فى الأيام المقبلة لنقل تجاربها وإقامة مشروعاتها الاستثمارية فى مصر، وكذلك البلدان الافريقية باعتبار أن الاقتصاد والمناخ السياسى والاقتصادى المصرى أصبح أكبر اقتصاديات الاقليم الجاذبة للاستثمار وفرص النجاح بشهادتى الصندوق والبنك الدوليين ولا يفوت المصرى ديمومة شعوره بالنجاح والثقة المتناهية فى رئيسه ووطنه وهو يستكمل النظر أمام مرآة الوطن ولسان حاله يسارعه ماذا كنا.. وكيف أصبحنا؟ خاصة وهو يرى زعماء 28 دولة أوروبية يمثلون قادة الاتحاد الأوروبى يتقاطرون مع الزعماء والقادة العرب ويشدون الرحال إلى شرم الشيخ يومى الأحد والاثنين فى الاسبوع المقبل لعقد أول قمة عربية أوروبية بناء على مبادرة مصرية خالصة وافق عليها القادة العرب فى قمتهم فى البحر الميت بالاردن فى مارس من العام قبل الماضى، خاصة أن هناك ملفات كثيرة تحتاج إلى أن تفتح ويعاد النظر فى بحثها وتخرج من دائرة المسكوت عنها. حيث تمحورت الرؤية والنظرة المصرية فى طلب عقد هذه القمة المشتركة، ضرورة توفير غطاء وشبكة أمان أوروبية للجانب المصرى فى معاركه الحالية والقادمة، سواء فيما يتعلق بمحاربة الارهاب وعدم الاكتفاء الأوروبى بإغلاق الحدود والمعابر باتجاه منع الارهابيين من الوصول إلى أراضيهم، بل لابد أن تكون لهم مشاركة فعالة مع العواصم العربية فى توفير الآليات المشتركة فى هزيمة داعش والقاعدة وأخواتها من العصابات الارهابية، ناهيك عن رغبة مصر فى استغلال هذا الحضور الأوروبى فى شرم الشيخ لتوفير حاضنة دولية أيضا لتأمين الموقف الفلسطينى والعربى بشأن صفقة القرن وإجراءات الرئيس ترامب ضد الفلسطينيين وتغيير المعادلة لمصلحة الحق الفلسطينى ورفض ضغوط الرئيس الأمريكى وتعنت وممارسات نيتانياهو لنسف التسوية الفلسطينية، وهذه ستكون مهمة مصر والرئيس السيسى فى هذه القمة. لأجل كل هذا تعود مصر اليوم لتكون رقما صعبا وأصيلا فى المعادلة الاقليمية ولاعبا حيويا وديناميكيا فى المنطقة بعد أن ودعت مع السيسى حالة الانكفاء على الداخل والانغلاق على الذات، حيث صور الحضور والحيوية للدور المصرى فى كل بقعة فى الاقليم ومع أوروبا وأمريكا وروسيا تتحدث عن نفسها. لمزيد من مقالات أشرف العشرى