خلال متابعتى جهود الرئيس عبدالفتاح السيسى قبل وفور توليه رئاسة الاتحاد الإفريقى فى العاصمة الإثيوبية أديس أبابا يوم الأحد الماضى، لاحظت أن خطته للنهوض بالقارة الإفريقية تقوم على ثلاثة محاور: الأول - تهيئة المناخ لعملية التنمية المستديمة، وذلك من خلال توفير الأمن والقضاء على بؤر التوتر والصراعات، وإيجاد حلول سلمية وسريعة تراعى مصالح جميع الأطراف، والتأكيد للجميع أن الصراعات لن تجلب سوى المزيد من المآسى، وأن الحروب الأهلية وعمليات النزوح القسرى لها أضرارها الجسيمة، كما أنها تترك ندوبا يصعب محوها فى حياة الأطفال والنساء وكل الضحايا الذين تدوسهم الصراعات. ولا يمكن أن تقوم التنمية إلا بتوفير الاستقرار القائم على الرضا والوعى بأهمية السلام والأمان لكل الأفراد والشعوب.. ويحتل هذا المحور أهمية خاصة فى خطط الرئيس السيسى التنموية للقارة الإفريقية، فقد أنهكت تلك الصراعات الكثير من دول القارة، ولم تقتصر أضرارها على مناطق الصراع فقط، بل انتقلت لتصبح عبئا على دول الجوار المستقبلة للاجئين والنازحين. المحور الثانى - العمل على تفعيل الدور الدولى فى دفع التنمية الإفريقية عبر إجراء حوار يستند إلى أن العلاج الاستباقى لمشكلات القارة سيوفر الكثير على العالم ويحول إفريقيا إلى منجم لثراء وتقدم العالم، وليس إلى ساحة للحروب والنزاعات ومصدر أفواج الهجرات غير المشروعة إلى القارة الأوروبية، وهو ما يستنفد الجهود الدولية فى علاج أمراض مزمنة، دفعت أثمانها القارة الإفريقية، مثلما دفعت ثمنا باهظا لفترات الاستعمار الأوروبى الذى استنزف ثرواتها وتركها تشقى فى الفقر والجهل والمرض. وحان الوقت لإزاحة كل المآسى التاريخية التى مازالت تترك بصماتها على شعوب القارة، وأن تتضافر الجهود الدولية من أجل مساعدتها لإنجاز مشاريعها التنموية، وفقا لأولويات شعوب القارة وليس مصالح المستثمرين أو الممولين، وهو ما يمكن أن يحقق نتائج سريعة ومبهرة لإنجاز المحور الثالث للنهوض بالقارة وهو التنمية المستديمة عبر مشروعات متكاملة فى الزراعة والصناعة وتوفير الطاقة واستثمار الموارد الهائلة للقارة سواء فى المواد الخام أو الأراضى الخصبة أو أهم مواردها وهو الشباب القادر على العمل ومضاعفة الإنتاج والارتقاء بمجتمعه، إذا ما توافرت له فرصة عمل حقيقية بأجر مناسب، الذى يمكنه أن يحقق المعجزات لنفسه ولشعبه ووطنه. إنها فرصة ذهبية للقارة الإفريقية باستثمار العلاقات القوية والمتنوعة للرئيس السيسى مع مختلف البلدان المتقدمة بداية من الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبى ودول الخليج، وحتى الصين وروسيا، وجميعها قادر على الاستثمار فى القارة الإفريقية إذا ما توافر فيها الأمن والسلام والاستقرار. إن تلك البلدان والتجمعات الاقتصادية جميعها يرى فى إفريقيا إمكانات هائلة وفرصا استثمارية واعدة، ومع ذلك فإن الكثير منها يتم هدره بسبب قلة الاستثمارات والمخاوف من الصراعات والحروب الأهلية والقبلية التى كانت ولا تزال تشكل عقبة كبيرة تعرقل مشروعات التنمية فى القارة، وزاد منها التدخلات الخارجية التى لم تراع مصالح شعوب القارة، بل لم تهتم إلا بتحقيق مكاسب آنية وسريعة دون النظر إلى الآثار الجانبية المدمرة لبنية القارة ونسيجها الوطني. إن دور الرئيس السيسى والتقدير الدولى له سيكونان أهم الدوافع لمشروعات التنمية فى القارة، بالإضافة إلى النجاح المشهود له فى إصلاح الاقتصاد المصرى الذى كان يعانى اختلالات حادة مزمنة. إن الرئيس السيسى تمكن من تحقيق معجزة اقتصادية بعلاجه أوجه الخلل فى الاقتصاد المصرى خلال سنوات قليلة، وهو ما أكده صندوق النقد والبنك الدوليان ومختلف المؤسسات المالية والاقتصادية الدولية، بحيث أصبحت مصر واحدة من أهم الاقتصادات الواعدة والجاذبة فى غضون سنوات قليلة بعد أن توافرت لديها بنية أساسية قوية ومتطورة، بالإضافة إلى توفير الأمن والاستقرار رغم ما مرت به دول المنطقة وإفريقيا من أزمات وصراعات داخلية أو حروب مع الجماعات الإرهابية التى تغلغلت إلى وسط القارة، ولم تقتصر على شمالها ونجحت مصر فى نزع أشواكها وسمومها واستأصلتها من أهم وأخطر معاقلها وألحقت بها خسائر جسيمة، لذا ستستفيد القارة الإفريقية من الخبرة المصرية فى تحقيق الأمن والسلام والاستقرار والقضاء على الإرهاب وتوجيه طاقة وجهود الشعوب الإفريقية نحو البناء والتقدم. إن أهم ما يميز محاور خطة الرئيس للنهوض بالقارة هو تكاملها وقدرتها على التحول إلى واقع ملموس، بفضل تضافر جهود قادة القارة وإيمانهم بتحقيق التكامل الاقتصادى بين دولها، ومنح الأولوية للمشروعات التكاملية، وذلك من خلال تحسين شبكة الطرق بها والقفز بمعدلات التجارة البينية التى توفر على الدول الكثير من أعباء الحاجة إلى العملات الأجنبية، وتحسن من قيمة عملاتها المحلية وتوفر الاحتياجات الأساسية بأيدى المنتجين فى القارة وتبادل الخبرات وتكامل المسارات بين قطاعات الإنتاج والطاقة والخدمات بما يحقق التنمية المستديمة، التى تحافظ على البيئة وتدفع مستوى الوعى ولا تستنزف الموارد الطبيعية بل تعمل على إدارتها بطريقة رشيدة تقلل من الهدر وتحافظ على استمراريتها. تنظر القارة الإفريقية لعام 2019 بتفاؤل كبير مع رئاسة مصر الاتحاد الإفريقى.. وقد دشن الرئيس السيسى فترة توليه رئاسة الاتحاد باتفاق بين مصر والسودان وإثيوبيا لزيادة التعاون الاقتصادى والعمل المشترك من أجل احتواء الأزمات وتحسين الاستفادة من مياه النيل، ليستمر نهر الخير والنماء شريانا حيويا يربط مصر بمحيطها الإفريقى عبر علاقات من المودة والصداقة والتعاون لتحقيق نهضة شاملة ومستديمة لتلك الشعوب. لمزيد من مقالات بقلم علاء ثابت