لا تستحى دويلة قطر من ممارسة السياسة على طريقة الهواة وتغليفها بتصرفات صبيانية تقوم على الكيد والتربص والتشويه عن غير وعي. فقد سارت دويلة (الحمدين) على النهج نفسه فى تعاملها الرسمى والإعلامى مع الزيارة التاريخية التى قام بها بابا الفاتيكان لأبوظبى الأسبوع الماضى برفقة فضيلة شيخ الأزهر لتعميق قيم التسامح والحوار بين الأديان، فى إطار إعلان الإمارات عام 2019 (عاما للتسامح) تسعى من خلاله إلى جعل الإمارة الخليجية عاصمة عالمية للتسامح. ربما يتسق رد الفعل القطرى تجاه الزيارة وأهدافها السامية مع النهج الذى تلتزم به وسائل الإعلام التابعة للدوحة فى التحريض الدينى والترويج للفكر المتطرف منذ منتصف التسعينيات، لكن أن يصل الأمر إلى انتهاج خطاب مزدوج لا يستند إلى أسس وعقيدة سياسية ثابتة، فذلك دليل على التردى والمراهقة السياسية. فالتحريض ضد زيارة البابا للإمارات جاء من نظام دأب على التمسح برداء التسامح الدينى حيث قام بعض أقطابه بزيارات لبابا الفاتيكان لطلب تدخله لإنهاء المقاطعة العربية لقطر، ومنها زيارة شهيرة لوالدة حاكم قطر عام 2016.لكن يظل هذا التناقض مبررا من نظام يؤوى قيادات وشيوخ الإرهاب، ويجند إمكاناته لخدمة أهدافهم المعادية للسلام، فيوجه أسهمه السامة إلى بلاد تستضيف شيخ الأزهر وبابا الفاتيكان بغية نشر خطاب دينى معتدل، وتجسير العلاقة بين المراجع الدينية الكبري. من الصعب تصور الموقف القطرى بأنه يندرج فحسب فى إطار الخلافات السياسية مع الإمارات، فالدوحة دأبت على السير نحو حافة الهاوية فى علاقاتها مع جيرانها، فمنذ أن ارتدت ثوب التمرد مع تولى الشيخ حمد عام 1995 وهى تضع طموحاتها السياسية الجامحة التى لاتركن لتاريخ ثورى أو نفوذ إقليمي، فوق أى اعتبار حتى ولو كان الحفاظ على وحدة محيطها الخليجى أو إقليمها العربي. وقد سلكت مسلك نيرون فشرعت فى استمالة قوى خارجية كانت دوما تنتظر الفرصة بحثا عن موطئ قدم فى الجزيرة العربية لتضع المنطقة بأسرها على فوهة بركان قابل للانفجار. [email protected] [email protected] لمزيد من مقالات شريف عابدين