«الأخوة الإنسانية» هو شعار أضخم مؤتمر عالمى سوف يعقد على أرض الإمارات حيث يضم كبار القيادات الدينية والشخصيات الفكرية من مختلف دول العالم ويأتى على رأسهم فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف وقداسة البابا فرنسيس بابا الكنيسة الكاثوليكية وذلك خلال الفترة ما بين الثالث والخامس من فبراير القادم. وتجسد هذه الزيارة التاريخية المشتركة للقطبين الدينيين الكبيرين الى أبوظبي الدور الرائد الذى تلعبه دولة الامارات كعاصمة عالمية للتسامح حيث اتخذت منهجا منذ عقود عنوانه «التقريب بين الشعوب والتلاقى فيما بينهم». ويدعو المؤتمر العالمى «للأخوة الإنسانية» إلى التعقل والحكمة فى التعامل بين البشر باختلاف أعراقهم وجنسياتهم ومعتقداتهم ترسيخا لمفهوم المواطنة والتعايش المشترك. كما يناقش أفضل السبل لإرساء ثقافة السلم بديلا للعنف والنزاعات العقائدية والطائفية والعرقية، ومكافحة ثقافة الكراهية والتعصب الدينى الذى يهدد العديد من المجتمعات بسبب انتشار فكر الإقصاء والانعزال بديلاً للتعايش والحوار. ويبحث لقاء «الأخوة الإنسانية» تفعيل أواصرالتعاون والصداقة بين الشرق والغرب لتحقيق السلام العالمى وتفعيل دور المؤسسات الدينية والتربوية فى تعزيز ثقافة الأخوة والمحبة فى المجتمع من خلال حملات التوعية. وتعد هذه الزيارة الأولى للبابا إلى الخليج كما أنها المرة الأولى التى تتزامن فيها زيارة بابوية لأى دولة فى العالم مع زيارة أخرى لرمز دينى كبير بحجم ومكانة شيخ الأزهر، تلبية لدعوة الشيخ محمد بن زايد ولى عهد أبوظبى نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة. ووصفت وسائل الإعلام العربية والعالمية هذه الزيارة بأنها تشكل دافعا حقيقيا للحوار المسيحى الإسلامى حيث تظهر الأهمية الكبرى التى يوليها كل من الإمام الأكبر والبابا فرانسيس للحوار بين الأديان والحفاظ على السلام بين شعوب العالم. ومن المقرر أن يقوم البابا بإحياء قداس فى مدينة زايد الرياضية صباح يوم الخامس من فبراير بمشاركة أكثر من 135 ألف شخص من المقيمين فى دولة الإمارات ومن خارجها كما سيزور بصحبة فضيلة الإمام الأكبر جامع الشيخ زايد الكبير، وسيلتقى بأعضاء مجلس حكماء المسلمين الذى يرأسه شيخ الأزهر. فاللقاء بين هذين الرمزين الدينيين يترك آثاره الإيجابية المباشرة على الصعيد الشعبى والجماهيرى كما يخلق حالة من الطمأنينة فى وقت تتعرض فيه المجتمعات العربية لأعنف وأشرس استهداف من قبل التيارات المتطرفة التى تهدد الأمن والسلم العالمي. كما يجسد أيضا هذا اللقاء المرتقب رسالة محبة حقيقية ودعوة للتلاقى والتعايش السلمى بين جميع الشعوب فى مختلف بقاع الأرض. وتمتلك دولة الإمارات تاريخاً عريقاً فى التعايش بين الأديان وحرية ممارسة الشعائر الدينية فقد تأسست أول كنيسة كاثوليكية فى أبوظبى عام 1965 كما يوجد بدولة الإمارات 76 كنيسة ودار عبادة للديانات والعقائد المختلفة. ومما لا شك فيه أن دولة الإمارات التى تحتضن على أراضيها هذا الحدث التاريخى تلعب دورا رائدا فى ترسيخ قيم السماحة والتعايش السلمى بإستقبالها قطبين لهما ثقلهما على المستويين الدينى والسياسى خاصة فى هذه المرحلة الاستثنائية الدقيقة التى تمر بها المنطقة، مما يؤكد رغبتها القوية فى العمل على مواجهة خطاب الكراهية الذى يتبناه عدد من التيارات المتطرفة بمختلف أشكالها وانتماءاتها. وتعتبر دولة الإمارات مكانا مميزا لينطلق منه لقاء «الأخوة الإنسانية» نظرا لوجود أكثر من 200 جنسية تعيش على أرضها من مختلف الأديان والأعراق والطوائف والمذاهب تقيم جميعا تحت مظلة واحدة من القوانين والأعراف والتقاليد التى تسمح بالتعايش السلمى والتسامح والانفتاح على الآخر. سبقت الإمارات الدول العربية فى إنشاء وزارة خاصة للتسامح ورعايتها لأهم المنتديات والملتقيات التى تدعو إلى إعلاء روح التسامح والحوار بين جميع الأديان والمذاهب مثل حلف الفضول العالمى الذى يضم جميع الأديان، ومنتدى تعزيز السلم فى المجتمعات المسلمة وغيرها من المبادرات التى أسهمت فى تشكيل خط دفاع حصين فى وجه التيارات والأفكار المتطرفة بجميع اشكالها. ولهذه الزيارة المشتركة أيضا أهمية خاصة فهى تأتى متزامنة مع مبادرة الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس دولة الإمارات بإعلان عام 2019 عاماً للتسامح ويشير ذلك إلى دورها فى تشجيع الاستقرار والازدهار فى المنطقة.