العلاقات المصرية الفرنسية تاريخية وراسخة.. وتأتى زيارة الرئيس إيمانويل ماكرون اليوم القاهرة لتضيف بعدا آخر إلى رصيد هذه العلاقات الممتدة فى جميع المجالات.. ما بين القاهرةوباريس «شراكة إستراتيجية».. فمصر هى البلد الأكبر والأكثر استقرارا وقوة إقليمية لها كلمتها ومواقفها تجاه جميع قضايا وملفات منطقة الشرق الأوسط.. وترى فرنسا فى مصر حليفا إستراتيجيا وضروريا وركيزة للاستقرار فى المنطقتين العربية والإفريقية.. وتجيء الزيارة فى وقت بالغ الدقة، حيث تستعد مصر لرئاسة الاتحاد الإفريقي، فى الوقت الذى ترتبط فيه باريس بعلاقات متشعبة مع كثير من دول القارة ولها مصالح كبرى فى القارة.. مما يعنى أن التنسيق بين القاهرةوباريس فى الملف الإفريقى يحتل أولوية على أجندة العلاقات بين البلدين.. وترى فرنسا أن مصر بوابة المنطقة وإفريقيا.. ويحتل الملف الاقتصادى مرتبة مهمة على أجندة زيارة الرئيس الفرنسى مصر، حيث سيتم توقيع نحو 30 اتفاقية.. فى قطاعات النقل والطاقة المتجددة والصحة والأغذية والزراعة.. ويصطحب الرئيس ماكرون 50 من رؤساء الشركات الفرنسية الكبرى.. ما يجب تأكيده أن العلاقات المصرية الفرنسية تنمو بشكل متسارع منذ عام 2013 وحتى الآن، حيث وقفت فرنسا داعمة ومساندة لمصر فى حربها ضد الإرهاب، وكان لها دور بارز فى تعزيز القدرات العسكرية الجوية والبحرية المصرية. الاستثمارات الفرنسية فى مصر تحتل مرتبة متقدمة على صعيد الاستثمارات الأوروبية فى مصر حيث تتخطى 5 مليارات دولار، وهناك ما يربو على 160 شركة فرنسية تعمل فى مصر، ويبلغ حجم التبادل التجارى بين البلدين 2.5 مليار دولار.. ملف الهجرة غير المشروعة يشغل بال الاتحاد الأوروبى ويشكل عامل ضغط أيضا على صانع القرار الفرنسي.. وهناك تعاون وثيق بين البلدين فى مجال المعلومات والملف الأمنى للتصدى لهذه الظاهرة.. وتنظر باريس بعين الإعجاب والتقدير للدور المصرى فى وقف محاولات الهجرة غير المشروعة.. فعلى مدى عامين لم يخرج من المياه الإقليمية المصرية مركب واحد لمهاجرين غير شرعيين.. ولا شك فى أن المباحثات بين الزعيمين المصرى والفرنسى تتطرق لهذا الملف، فى ظل وجود تصورات مصرية وخطط لمكافحة هذه الظاهرة لا تقتصر على الجانب الأمني، فهناك برامج توعية وتدريب وتعاون اقتصادى يمكن من خلاله علاج هذه الظاهرة فى القارة الإفريقية. بُعد آخر لزيارة الرئيس ماكرون، هو قضايا المنطقة «المتفجرة»، فالأوضاع فى ليبيا تشغل الجانب الفرنسي، وأيضا الموقف فى سوريا.. وهناك توافق مصرى - فرنسى على أن الجيش الليبى هو صمام الأمان للخروج من الأزمة الليبية فى إطار حل سياسى تشارك فيه جميع الأطراف.. وهناك رؤية مشتركة أيضا تجاه ضرورة الحل السياسى فى سوريا، بما يحفظ وحدة أراضيها ويضمن مشاركة جميع الفرقاء السوريين. زيارة الرئيس ماكرون القاهرة تؤرخ لمرحلة جديدة من العلاقات بين البلدين، وستتجاوز فاعلياتها العلاقات الثنائية لتصيغ رؤية إستراتيجية مشتركة للتفاعل مع قضايا المنطقة العربية والقارة الإفريقية. لمزيد من مقالات رأى الأهرام