يصف الفرنسيون «المصرفي» الشاب إيمانويل ماكرون ب «الرئيس الاستثنائي»، وهو وصف دقيق ومعبر بكل المقاييس، إذ ينطبق على الرجل على كل الأصعدة، سواء على المستوى المحلي، أو على مستوى علاقاته بأوروبا والعالم، وربما على صعيد تعامله مع القضايا الدولية الرئيسية، وعلى رأسها الحرب ضد التطرف والإرهاب. فمحليا، ماكرون هو الرئيس الأصغر فى تاريخ فرنسا - 39 عاما - وجاء إلى قصر الإليزيه بعد أصعب انتخابات فى تاريخ بلاده، صنعت صعوبتها حالة الاستقطاب الحادة بين اليمين واليسار، بل بين أقصى اليمين وأقصى اليسار، وكذلك الحرب على الإرهاب، وحالة الطواريء. أوروبيا، يأتى ماكرون إلى الإليزيه بعد دعم قوى وعلنى غير مسبوق من جيران فرنسا الأوروبيين، وهو يحمل فى جعبته خطة إصلاح وهيكلة واسعة للاتحاد الأوروبي، وآمالا عريضة لتضميد الجرح الغائر الذى تركه الخروج البريطانى فى جسد القارة البيضاء. وعالميا، يتولى ماكرون أيضا منصب الرئاسة فى بلاده على غير هوى الرئيس المثير للجدل الجالس فى البيت الأبيض فى واشنطن، بعد أن استبق دونالد ترامب الانتخابات الفرنسية فى جولتها الأولى يوم 23 أبريل الماضى بإعلان تأييده الصريح لمرشحة اليمين المتطرف مارين لوبان، قبل أن يحاول تخفيف موقفه تجاهه مرتين، الأولى قبل الجولة الثانية فى 7 مايو، والثانية بعد فوز ماكرون وتوليه رسميا مهام منصبه فى 14 مايو. أما ما يدعو للتفاؤل فيما يتعلق بمستقبل العلاقات المصرية الفرنسية فى ظل رئاسة ماكرون، فهو أن الخطوة الأولى لهذا الرجل كانت فى الاتجاه الصحيح تماما، إذ كانت جولته الخارجية الثانية بعد ألمانيا إلى مالي، حيث أحد معاقل الحرب على الإرهاب، وهى بالطبع أول زيارة له إلى القارة الأفريقية، وهناك، كانت تصريحات ماكرون واضحة وحازمة، وتضمنت تعهده بأن تحارب فرنسا الإرهاب بكل قوة وصرامة فى غرب القارة الأفريقية وفى منطقة شمال القارة، بحكم أن تلك المنطقة هى مصدر الخطر الحقيقى على بلاده، فيما يخص قضيتى الإرهاب والهجرة تحديدا. كما لا ننسى أن أول تصريح خرج من ماكرون أمام متحف اللوفر وسط أنصاره بعد إعلان فوزه بالانتخابات تضمن تعهدا واضحا من الرئيس الفرنسى الجديد بأن تكون فرنسا فى عهده «فى طليعة الحرب العالمية ضد الإرهاب». وبالتأكيد، سيكون التعاون الفرنسى فى عهد ماكرون مع دول شمال أفريقيا، وعلى رأسها مصر، من أبرز عناصر هذه الحرب على الإرهاب والتطرف، خاصة لما تتميز به العلاقات المصرية الفرنسية من قوة وتناغم وتفاهم لا يتراجع أو يتزعزع باختلاف رؤساء الإليزيه، وفى مختلف المجالات، سواء كان ذلك سياسيا، أوعسكريا، أو أمنيا، أو اقتصاديا، أو ثقافيا، أو سياحيا. وفى هذا الملف، محاولة من «الأهرام» لاستطلاع آفاق التعاون المستقبلى بين مصر وفرنسا بعد قدوم ماكرون «الاستثنائي» إلى السلطة، مع الوضع فى الاعتبار أن الرئيس الشاب يستعد هذه الأيام لترسيخ أركان حكمه مبكرا، عبر السعى إلى سيطرة حزبه «إلى الأمام» En Marche على أغلبية مقاعد الجمعية الوطنية «البرلمان» فى الانتخابات التشريعية المرتقبة من 11 إلى 18 يونيو المقبل. .. فماذا فى جعبة ماكرون؟