العقاب فى القانون الجنائى يهدف دائما لحماية المجتمع وقيمه وثوابته، وكذلك حماية الانسان وأمواله وممتلكاته، ولكن دائما ما يثارتساؤل لدى الرأى العام خاصة في القضايا التى تثير اهتمامات الموطنين، لماذا استعملت المحكمة الرأفة مع المتهم ؟ أولماذا صعدت بالعقوبة الى حدها الاقصى، فضلا عن إيقاف تنفيذ العقوبة لمتهم أو الاعفاء منها، ومالفرق بين الاعفاء والايقاف ؟ كل هذه التساؤلات يجيب عنها المستشار مصطفى الكومى رئيس محكمة الجنايات وأمن الدولة العليا، بقوله: تهدف فلسفة العقاب فى تنفيذ العقوبات الصادرة فى المواد الجنائية «الغرامة –الحبس – السجن – الاعدام» الى تحقيق فكرة الردع الخاص والردع العام، فالردع الخاص يزجر الجانى وإيلامه لما اقترفت يداه من إثم وجرم فى حق غيره، والردع العام بمثابة تحذير وتنبيه للآخرين من مخالفة القانون؛ والعقوبة المحكوم بها على الجانى، تنقسم الى عقوبات أصلية ترد على مال الجانى– كالغرامة – أو ترد على حريته – كالحبس والسجن – أو ترد على جسده كعقوبة الاعدام – فضلا عن العقوبات التبعية التى على حقوق الجانى نفسه بحرمانه من المزايا وعدم التحلى بالرتب والنياشين والشهادة أمام المحاكم ، والعزل من الوظائف الاميرية، والوضع تحت مراقبة الشرطة، فضلا عن مصادرة الاموال والممتلكات الخاصة. الرأفة لمصلحة اجتماعية ويضيف المستشار مصطفى الكومى: قد يكون هناك من الملابسات والظروف الشخصية المتعلقة بالجانى ، ما يبرر للقاضى جواز أستعمال الرأفة مع الجانى، تحقيقا لمصلجة اجتماعية أفضل كاصلاح حال المحكوم عليه ، تمهيدا لتهذيب سلوكه وعدم عودته مستقبلا لارتكاب الجرائم، فعندئذ يجوز تخفيف العقوبة، وتبديلها والنزول بها عن الحد المنصوص عليه قانونا الى درجة أو درجتين أدنى وأخف اعمالا لنص المادة -17- عقوبات؛ وإذا رأت المحكمة من سن الجانى أواخلاقه أو ماضيه أو ظروف وملابسات ارتكاب الجريمة ، ما يبعث على الاعتقاد بأنه لن يعود الى مخالفة القانون، وسوف يقلع عن أفعال الجريمة، جاز لها فى الجنايات والجنح عند الحكم بالحبس مدة لا تزيد على سنة أن تأمر بايقاف تنفيذ العقوبة؛ المقيدة للحرية، كما يجوز لها أن تجعل الايقاق شاملا لأي عقوبة تبعية، ولجميع الآثار المترتبة على الحكم عملا بنص المادة -55- من ذات القانون، ويكون وقف التنفيذ لمدة ثلاث سنوات تبدأ من اليوم الذى يصبح فيه الحكم نهائيا، واذا صدر ضد المحكوم عليه خلال تلك الفترة حكم بالحبس أو تبين سبق صدور حكم ضده بالحبس، جاز الغاء وقف تنفيذ العقوبة التزاما بنص المادة – 56- من القانون الاخير؛ ويؤكد رئيس محكمة أمن الدولة العليا، أن وقف تنفيذ العقوبة المحكوم بها ، انما يعنى العقوبات الجنائية بالمعنى الحقيقى، دون غيرها من الجزاءات الاخرى التى لا تعتبر عقوبات بحتة فى عرف القانون حتى لو كان فيها معنى العقوبة، مثل – الرد- الرسوم –الغرامات – وغيرها من العقوبات، فلا يوقف تنفيذها، كما يجوز طلب ايقاف التنفيذ مؤقتا بطريق الاشكال فى التنفيذ متى كان هناك خطأ فى شخصية المحكوم عليه. وقف تنفيذ العقوبة ويوضح المستشار الكومى الفرق بين وقف تنفيذ العقوبة والاعفاء منها، بقوله : يختلف وقف تنفيذ العقوبة عن الاعفاء منها الذى قد يكون عند الحكم أو بعد صدوره ، فالاعتبارات تتعلق بمكافحة الفساد والحث على الابلاغ عنه، ففى جرائم الاعتداء على المال العام – الرشوة –الاختلاس- والاستيلاء وغيرها، اذا ما اعترف المتهم بالجريمة وابلغ عن مرتكبيها وأرشد عنهم يتم اعفاء الجانى من العقاب عند النطق بالحكم؛ كما انه تحقيقا لمصالح اجتماعية أو لمبررات واعتبارات انسانية أوامنية وغيرها، فانه لولى الامر أن يصدر أمرا أو قرارا باعفاء الجانى من العقوبة والافراج عنه، أو اسقاط بعض العقوبة المحكوم عليه بها أو ابدالها بعقوبة أخف منها عملا بنص المادة – 74- عقوبات، كما أنه حرصا من المشرع على إذكاء قيم التسامح والتصالح بين عناصر المجتمع فقد نص فى قانون العقوبات وبعض القوانين الخاصة على انقضاء الدعوى العمومية اذا حدث تصالح بين الخصوم فى قضايا الضرب والنصب وخيانة الامانة والضرائب والشيكات وغيرها، وعندئذ يكون حكم القاضى بانقضاء الدعوى بالتصالح دون القضاء بالعقوبات المقررة قانونا.