انتهاء اليوم الثاني والأخير من جولة الإعادة لانتخابات مجلس النواب للدوائر ال19 الملغاة    تشريعية النواب: 140 ألفا من مستأجري الإيجار القديم تقدموا للحصول على سكن بديل    نائب بوتين: اتفاق روسي أمريكي على أن وقف إطلاق النار المؤقت يطيل أمد الحرب    التشكيل الرسمى لقمة كوت ديفوار ضد الكاميرون فى بطولة كأس أمم أفريقيا    ترامب: محادثات موسكو وكييف تقترب من الحسم واتفاق أمني جاد قريبًا    حكومة بريطانيا في خطر بسبب علاء عبد الفتاح.. أحمد موسى يكشف مفاجأة(فيديو)    بعد وداع كأس مصر، الأهلي يعلن توقيع عقوبة مالية مضاعفة على لاعبي الفريق    درة تنشر صورا من كواليس «علي كلاي» ل رمضان 2026    المستشار إسماعيل زناتي: الدور الأمني والتنظيمي ضَمن للمواطنين الاقتراع بشفافية    الصحة تكشف أبرز خدمات مركز طب الأسنان التخصصي بزهراء مدينة نصر    أشرف الدوكار: نقابة النقل البري تتحول إلى نموذج خدمي واستثماري متكامل    بوليسيتش يرد على أنباء ارتباطه ب سيدني سويني    عبقرية مصر الرياضية بأفكار الوزير الاحترافية    القضاء الإداري يسقِط قرار منع هيفاء وهبي من الغناء في مصر    تفاصيل وفاة مُسن بتوقف عضلة القلب بعد تعرضه لهجوم كلاب ضالة بأحد شوارع بورسعيد    أحفاد الفراعنة فى الشرقية    ضبط القائمين على إدارة مصحة غير مرخصة بالبدرشين    الأزهر للفتوي: ادعاء معرفة الغيب والتنبؤ بالمستقبل ممارسات تخالف صحيح الدين    إيمان عبد العزيز تنتهي من تسجيل أغنية "إبليس" وتستعد لتصويرها في تركيا    «مراكز الموت» في المريوطية.. هروب جماعي يفضح مصحات الإدمان المشبوهة    ترامب يعلن توقف القتال الدائر بين تايلاند وكمبوديا مؤقتا: واشنطن أصبحت الأمم المتحدة الحقيقية    جامعة بنها تراجع منظومة الجودة والسلامة والصحة المهنية لضمان بيئة عمل آمنة    سكرتير مساعد الدقهلية يتفقد المركز التكنولوجي بمدينة دكرنس    تراجع أسواق الخليج وسط تداولات محدودة في موسم العطلات    شوط سلبي أول بين غينيا الاستوائية والسودان في أمم أفريقيا 2025    هذا هو سبب وفاة مطرب المهرجانات دق دق صاحب أغنية إخواتي    نائب محافظ الجيزة يتفقد عددا من المشروعات الخدمية بمركز منشأة القناطر    الاحتلال الإسرائيلي يغلق بوابة "عطارة" وينصب حاجزا قرب قرية "النبي صالح"    نجاح أول عملية قلب مفتوح بمستشفى طنطا العام في الغربية    محافظ الجيزة يشارك في الاجتماع الشهري لمجلس جامعة القاهرة    سقوط عنصرين جنائيين لغسل 100 مليون جنيه من تجارة المخدرات    «اليوم السابع» نصيب الأسد.. تغطية خاصة لاحتفالية جوائز الصحافة المصرية 2025    وزير الإسكان: مخطط شامل لتطوير وسط القاهرة والمنطقة المحيطة بالأهرامات    نقابة المهندسين تحتفي بالمهندس طارق النبراوي وسط نخبة من الشخصيات العامة    إسكان الشيوخ توجه اتهامات للوزارة بشأن ملف التصالح في مخالفات البناء    محمود عاشور حكمًا لل "VAR" بمواجهة مالي وجزر القمر في كأس الأمم الأفريقية    "القاهرة الإخبارية": خلافات عميقة تسبق زيلينسكي إلى واشنطن    هيئة سلامة الغذاء: 6425 رسالة غذائية مصدرة خلال الأسبوع الماضي    وزارة الداخلية تضبط 4 أشخاص جمعوا بطاقات الناخبين    قضية تهز الرأي العام في أمريكا.. أسرة مراهق تتهم الذكاء الاصطناعي بالتورط في وفاته    رسالة من اللواء عادل عزب مسئول ملف الإخوان الأسبق في الأمن الوطني ل عبد الرحيم علي    صاحب الفضيلة الشيخ / سعد الفقي يكتب عن : شخصية العام!    " نحنُ بالانتظار " ..قصيدة لأميرة الشعر العربى أ.د.أحلام الحسن    الجمعية المصرية للمأثورات الشعبية تحتفل بيوبيلها الفضي.. 25 عامًا من العطاء الثقافي وصون التراث    من مخزن المصادرات إلى قفص الاتهام.. المؤبد لعامل جمارك بقليوب    قيادات الأزهر يتفقدون انطلاق اختبارات المرحلة الثالثة والأخيرة للابتعاث العام 2026م    لتخفيف التشنج والإجهاد اليومي، وصفات طبيعية لعلاج آلام الرقبة والكتفين    أبرز مخرجات الابتكار والتطبيقات التكنولوجية خلال عام 2025    أزمة السويحلي الليبي تتصاعد.. ثنائي منتخب مصر للطائرة يلجأ للاتحاد الدولي    دار الإفتاء توضح حكم إخراج الزكاة في صورة بطاطين    بدون حبوب| أطعمة طبيعية تمد جسمك بالمغنيسيوم يوميا    ولادة عسيرة للاستحقاقات الدستورية العراقية قبيل عقد أولى جلسات البرلمان الجديد    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم فى سوهاج    هيئة الرعاية الصحية تستعرض إنجازات التأمين الصحي الشامل بمحافظات إقليم القناة    الناخبون يتوافدون للتصويت بجولة الإعادة في 19 دائرة ب7 محافظات    الزمالك يخشى مفاجآت كأس مصر في اختبار أمام بلدية المحلة    واتكينز بعدما سجل ثنائية في تشيلسي: لم ألعب بأفضل شكل    بعد قضاء مدة العقوبة.. إخلاء سبيل حمو بيكا من قسم شرطة قصر النيل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العقوبات البديلة المقيدة للحرية
نشر في المصريون يوم 19 - 08 - 2017


مقدمة: -
إن العقوبات السالبة للحرية وخصوصا عقوبة السجن هي العقوبات المعمول بها في أغلب دول العالم ، ونجد أن لهذه العقوبة آثار سلبية على الفرد وبالتالي على المجتمع وعلى الدولة ككل وتبين أن هذه العقوبات تعتبر عقوبات تقليدية ولها من الآثار الاجتماعية والاقتصادية والثقافية السلبية مازالت العقوبات السالبة للحرية هي السائدة في العالم، وهو ما تؤكده الإحصاءات المتعلقة بالوسط العقابي، ونظراً للسلبيات المترتبة على هذه العقوبات المتمثلة في تكدس السجون بالمجرمين، وزيادة إنفاق الدولة عليها، إضافة لعدم جدوى الحد من تكرار العودة للجريمة للمساجين لفترات قصيرة، كل ذلك جعل هذه العقوبات قاصرة عمّا تهدف له السياسة العقابية الحديثة.
إن الاتجاهات الحديثة في السياسة العقابية أصبحت تتماشى مع التغيرات الاجتماعية، والاقتصادية، والسياسية السائدة في العالم؛ حيث عمدت كثير من الدول لإلغاء وتطوير بعض العقوبات السالبة للحرية، وخصوصاً ما يتعلق بالمسجونين لمدد قصيرة، واستبدال عقوبة السجن او الحبس إلى عقوبات أخرى، مثل: وقف تنفيذ الحكم، والعقوبات المالية، والتعهد والكفالة، والعمل للمنفعة العامة، وغيرها من العقوبات البديلة الأخرى.
إن العقوبات البديلة لها عدد من الجوانب الإيجابية، فمن ناحية الدولة فإن التوسع في استخدامها يؤدي إلى انخفاض أعداد السجناء في السجون، الأمر الذي سيتيح للدولة القيام بإجراء عملية تأهيل حقيقي للسجناء كما ستتخلص من أعباء المصروفات التي سوف تضطر إلى إنفاقها لمواجهة أعداد السجناء الضخمة.
بالإضافة إلى أن العقوبات غير السالبة للحرية تتيح للمتهم الاستمرار بالقيام بدوره في المجتمع ما يعني أنه سوف يستمر في عمله ويستمر في دفع الضرائب وسيتسمر في الإنفاق على عائلته _إذا كان هو أو هي العائل_ الأمر الذي سيقي الدولة من الأعباء الاجتماعية والاقتصادية للسجن.
فاختيار العقوبات غير السالبة للحرية يعني أيضًا عدم القضاء على المستقبل الوظيفي للمتهم، وهو الأمر الذي عادة ما يدفع السجين السابق إلى ارتكاب جرائم أخرى بسبب ملازمة وصمة السجن في المجتمع. وفى نهاية الأمر السجن ليس هو الاجابة الوحيدة عن كيفية منع الجريمة وتحقيق الردع الاجتماعي.
لان عقوبة السجن تنطوي على العديد من الآثار الاجتماعية، والنفسية، والاقتصادية، على الفرد والأسرة والمجتمع ؛مما دفع بالكثير من دول العالم إلى التوجه لتطبيق العقوبات البديلة عن السجن، وخصوصاً عقوبة العمل للمنفعة العامة، أو ما يسمى في بعض الأدبيات بالعمل لخدمة المجتمع، أو العمل للنفع العام، وخاصة في جرائم الجنح والمخالفات التي تقع لأول مرة، أو من الفئات العمرية الصغيرة؛ إلا أن التوسع في تطبيق هذه العقوبات البديلة لا يعني بأي حال من الأحوال التخلي عن العقوبات الأصلية أن يكون قد أوفى بالالتزامات المالية المحكوم بها عليه وذلك ما لم يكن من المستحيل الوفاء بها.
المبدأ العام في العقوبة هو سلب حرية المحكوم عليه بالسجن لما اقترفه من أفعال مخالفة للقانون. والاستثناء في هذا المبدأ هو العقوبة البديلة التي لا تسلب حرية المحكوم عليه بأكملها وإنما تقيد حريته في ممارسته لأمور حياته دون سلبها كليا. وتتخذ هذه العقوبات أشكالا متعددة سنتناول في هذا البحث ستة منها وهي:
وقف تنفيذ العقوبة المعلق على شرط (الفقرة الأولى) الاختبار القضائي (الفقرة الثانية) الإفراج الشرطي (الفقرة الثالثة) وضع الجاني تحت المراقبة (الفقرة الرابعة) الإقامة الإجبارية (الفقرة الخامسة) العمل لصالح المنفعة العامة (الفقرة السادسة)
الفقرة الأولى: وقف تنفيذ العقوبة المعلق على شرط.
ويقصد بوقف تنفيذ العقوبة المعلق على شرط وقف إدانة المتهم وتعليق تنفيذ العقوبة فور صدور الحكم بها على شرط موقوف خلال فترة من الزمن يحددها القانون،فإذا لم يتحقق الشرط، فإن الحكم بالإدانة يعد كأن لم يكن،أما إذا تحقق فتنفذ العقوبة بأكملها وقد عرف مجموعة من الفقهاء وقف تنفيذ العقوبة على أنها تعليق تنفيذ عقوبة المحكوم بها على شرط موقف خلال مدة يعينها القانون وهذا النظام لا يلغي فكرة الإدانة بل يفترض النطق بالحكم وتحديد العقوبة وفي نفس الوقت عدم تنفيذها إلا إذا تحقق الشرط الموقف خلال مدة الوقف وتعليق تنفيذ العقوبة بهذا المعنى يعد بمثابة إعفاء عن العقوبة الجنائية .
ويتبين من خلال مقارنة التشريعات الجنائية أن غالبيتها تضمنت نظام وقف تنفيذ العقوبة كإجراء احترازي يتوقف على السلطة التقديرية للقاضي ولكنها اختلفت فيما يخص شروط العمل بنظام وقف تنفيذ العقوبة ونوعية الجرائم والعقوبات التي تخضع لهذا النظام ويجب أن تبين في الحكم أسباب إيقاف التنفيذ ويجوز أن تجعل الإيقاف شاملا لأية عقوبة تبعية ولجميع الآثار الجنائية الأخرى المترتبة على الحكم»
الوقف المؤقت لتنفيذ العقوبة
1- -حيث نصت المادة -485-على أنه في حالة إذا كان المحكوم عليها حبلى في الشهر السادس من الحمل جاز تأجيل التنفيذ عليها حتى تضع حملها وتمضي مدة شهرين على الوضع.
2- -كما أفردت المادة 486 عناية بالمتهمين الذين يعانون مرضًا يهدد الحياة حيث نصت على أنه إذا كان المحكوم عليه بعقوبة مقيدة للحرية مصابًا بمرض يهدد بذاته أو بسبب التنفيذ حياته بالخطر جاز حينها تأجيل تنفيذ العقوبة عليه.
3- أن المادة 487 قد أولت اهتمامًا خاصًّا بالحالة النفسية للسجين حيث نصت على أنه إذا أصيب المحكوم عليه بعقوبة مقيدة للحرية بالجنون، وجب تأجيل تنفيذ العقوبة حتى يبرأ، ويجوز للنيابة العامة أن تأمر بوضعه في أحد المحال المعدة للأمراض العقلية، وفي هذه الحالة تستنزل المدة التي يقضيها في هذا المحل من مدة العقوبة المحكوم بها.
4- وفي حالة إذا كان محكومًا على الرجل وزوجته بالحبس مدة لا تزيد على سنة ولو عن جرائم مختلفة ولم يكونا مسجونين من قبل، جاز تأجيل تنفيذ العقوبات على أحدهما حتى يفرج عن الآخر وذلك إذا كانا يكفلان صغيرًا لم يتجاوز خمس عشرة سنة كاملة وكان لهما محل إقامة معروف بمصر وفقًا للمادة 488.
5- وقد وضع القانون ضوابط لعملية تأجيل تنفيذ العقوبة حيث نصت المادة 489 على أن للنيابة العامة في الأحوال التي يجوز فيها تأجيل تنفيذ العقوبة على المحكوم عليه أن تطلب من المحكوم عليه تقديم كفالة بأنه لا يفر من التنفيذ عند زوال سبب التأجيل ويقدر مبلغ الكفالة في الأمر الصادر بالتأجيل. كما أن للنيابة الحق أيضًا في أن تشترط لتأجيل التنفيذ ما تراه من الاحتياطيات الكفيلة بمنع المحكوم عليه من الهرب
الفقرة الثانية: الاختبار القضائي.
أما بخصوص الشكل الثاني الذي تأخذه العقوبة البديلة فهو الاختبار القضائي الذي هو نمط من العقوبة البديلة التي تهدف إلى إصلاح الجاني وإعادة اندماجه في النسيج الاجتماعي بعيدا عن سلب حريته داخل السجن.
وهو كذلك إجراء قضائي تمتنع فيه المحكمة الجنائية إما عن النطق بالحكم أي بفرض عقوبة معينة، أو تمتنع عن تنفيذها بعد النطق بها، وذلك بوضع المحكوم عليه تحت الاختبار القضائي (المراقبة الجنائي) لمدة محددة أو غير محددة وفقا لما تراه وما تصنعه من شروط، وتعهد بها لهيئة مختصة لتشرف على تنفيذها، فإذا أخل الجاني بأي من الشروط المفروضة عليه، فإن المحكمة تحدد عقوبة بموجب حكم يصدر عنها أو تنفذ بحقه العقوبة المحكوم بها، والتي تم تعليقها بموجب الالتزامات المفروضة عليه.
واستنادا إلى تعريف الفقه للاختبار القضائي كبديل للعقوبة السالبة للحرية ،فقد عرفه الفقه الفرنسي بأنه عدم الحكم على المتهم بعقوبة ما، مع تقرير وضعه مدة معينة تحت إشراف ورقابة جهات معينة، فإذا مرت تلك المدة ووفى المحكوم عليه بالالتزامات المفروضة عليه فإن الحكم الصادر بالإدانة يعتبر كأن لم يكن أما إذا أخل المحكوم عليه بهذا الالتزام خلال المدة فإنه يتعين استئناف إجراءات المحاكمة والحكم على المتهم بالعقوبة وعلاوة عما سبق يمكننا اعتبار الاختبار القضائي بأنه نظام يقوم على فكرة مؤداها تغيير مواقف وسلوكيات بعض المجرمين من خلال ما يقدم لهم من مساعدة وإرشاد خارج أسوار السجن.
ويمكننا الاهتداء إلى أن الاختبار القضائي هو مجموعة من الإجراءات تكون على شكل تدابير خاصة منها إلزام المحكوم عليه بعقوبة سالبة للحرية قصيرة المدة، بعدم ارتكابه لأية جريمة خلال فترة معينة تحددها المحكمة في ضوء ظروف المجرم وملابسات الجريمة.
الفقرة الثالثة: الإفراج الشرطي.
ويطلق عليه بعض الفقه (نظام البارول)، ويرجع الفضل في ابتداع فكرة الإفراج الشرطي إلى الفرنسي Booeville De Marsangy الذي كان قاضيا في ذلك الوقت، وقد صدر أول قانون منظم للإفراج الشرطي في فرنسا في 14 غشت 1885 وقد كان الفقيه الفرنسي بونفيل دي مارسياني يعتبر الإفراج الشرطي بمثابة وسيلة إصلاح معنوي وتأهيل اجتماعي، وقد نص المشرع الفرنسي في المادتين 1و6 من القانون المذكور على أنه يجب أن ينشئ في كل مؤسسة عقابية نظاما عقابيا يقوم على الفحص اليومي لسلوك المحكوم عليهم ومدى مواظبتهم على العمل، ويستهدف تهذيب المحكوم عليهم وإعدادهم للإفراج الشرطي.
اما الافراج الشرطي في القانون المصري والذي أفرغ له قانون تنظيم السجون المصري 13 مادة تبدأ من المادة رقم 52 إلى المادة رقم 64، ونظمت المادة 86 من لائحة تنظيم السجون قواعد الإفراج المشروط وآثاره حيث نصت على:
أن يكون المحكوم عليه قد أمضى في السجن ثلثي مدة العقوبة. تم تعديلها بقرار رئيس الجمهورية بقانون رقم 49 لسنة 2014 وكانت قبل التعديل ثلاثة أرباع مدة العقوبة أن يكون سلوكه في السجن يدعو إلى الثقة بتقويم نفسه وألا يكون في الإفراج عنه خطر على الأمن العام. ويمكننا تعريف هذا البديل بأنه إطلاق سراح النزيل من المؤسسة السجنية قبل استكمال مدة حكمه، متى تحققت بعض الشروط وذلك بوضعه تحت إشراف معين بهدف مساعدته على اجتياز ما بقي من مدة الحكم.
ويعني ذلك إطلاق سراح المحكوم عليه قبل انقضاء مدة عقوبته بشرط أن يظل سلوكه قويما، وأن يراعي الالتزامات المفروضة عليه خلال مدة الإفراج، فإذا خالف ذلك خلال هذه المدة ألغي الإفراج وبالتالي يعود إلى المؤسسة العقابية لقضاء المدة المتبقية من العقوبة، أما إذا انتهت مدة الإفراج الشرطي دون ارتكاب المحكوم عليه أية جريمة أو سلوك يبرر إلغاء الإفراج يعتبر وكأنه نفذ كل هذه العقوبة. وقد أعطى القانون لمصلحة السجون السلطة في منح الإفراج المشروط بعد مراجعة الجهات المختصة بالدولة إذا كان المتهم تم اعتباره خطرًا على الأمن العام.
الفقرة الرابعة: وضع الجاني تحت المراقبة (المراقبة الإلكترونية).
تثير المراقبة كنظام بديل للعقوبة السالبة للحرية الكثير من المشكلات القانونية إلى الحد الذي دفع البعض إلى التشكيك بجدواها، على الرغم من ثبوت فاعليتها في الدول التي تأخذ بها كالولايات المتحدة الأمريكية وكندا والسويد وفرنسا التي طبقتها عام 1997 ولعل من أبرز الإشكالات التي يمكن إثارتها في هذا الصدد، أن نظام المراقبة الذي يخضع له المحكوم عليه يصطدم بحريته وحرمة حياته الخاصة، وبالتالي فهذا النظام هو بمثابة تدخل في خصوصيات المحكوم عليه إذا ما نظرنا إلى ذلك من الزاوية الحقوقية.
ويقصد بالمراقبة الإلكترونية إلزام المحكوم عليه بالإقامة في مكان سكناه، أو محل إقامته خلال أوقات محددة ويتم التأكد من ذلك من خلال متابعته عن طريق وضع جهاز إرسال على يده يسمح بتتبع تحركاته أو عن طريق وضع كاميرات تسمح للجهة القائمة على مراقبته بتحديد مكانه.
ولقد أشار المشرع المصري بطريقة غير مباشرة في القانون رقم (145) لسنة 2006 إلى نظام المراقبة، حيث اعتبر على أنه من أهم بدائل الحبس الاحتياطي ألا يبارح المتهم مسكنه أو موطنه وأن يقدم نفسه إلى مقر الشرطة في أوقات محددة وألا يرتاد أماكن معينة. ويتعين على الشخص الموضوع تحت المراقبة الإلكترونية عدم مغادرته بيته أو الغياب عنه أو عن الأماكن المحددة من قبل قاضي تنفيذ العقوبة وذلك خلال المدة التي يحددها هذا القاضي في قراره، كما أن الأشخاص الموضوعين رهن المراقبة يخضعون كذلك لمتابعة مكثفة من قبل الاخصائي الاجتماعي بجهاز الشرطة.
الفقرة الخامسة: الإقامة الإجبارية.
يعتبر تحديد إقامة الجاني أو حظر تردده على مكان معين وسيلة هامة في إصلاح الجاني وتأهيله، والتقليل من احتمال عودته لسلوكه الإجرامي لاسيما إذا كان للبيئة التي نشأ فيها الجاني أو الأماكن التي يتردد عليها، دور فاعل في تكوينه أو زيادة فاعلية سلوكياته وعلاوة عما سبق فالإقامة الإجبارية شأنها شأن باقي العقوبات تعوض العقوبة السجنية بعقوبة تقوم على فرض الإقامة في مكان معين ولمدة معينة محددة قانونا وذلك لأجل صيانة وإصلاح سلوك الجاني كي لا يشكل خطرا على أمن المجتمع واستقراره.
الفقرة السادسة: العمل لمصلحة المجتمع.
عقوبة العمل لصالح المجتمع أو العمل لصالح النفع العام أو المنفعة العامة كما أطلقت عليها مجموعة من التشريعات حول العالم، وهي العقوبة التي تصدرها جهة قضائية مختصة تتمثل في قيام الجاني بعمل يعود بالفائدة على المجتمع تكفيرا عن الخطأ الذي صدر منه دون أن يتقاضى أجرا على ذلك العمل.
بموجب أحكام القانون المصري إما أن يكون العمل للمنفعة العامة عقوبة بديلة للحبس قصير المدة، أو بديلاً للإكراه البدني.
وقد نصت على النوع الأول المادة (18) من قانون العقوبات المصري، والمادة (479) من قانون الإجراءات الجنائية بقولهما: "كل محكوم عليه بالحبس البسيط مدة لا تتجاوز ثلاثة أشهر أن يطلب بدلاً من تنفيذ عقوبة الحبس عليه تشغيله خارج السجن وفقاً لما هو مقرر بالمادة (520) وما بعدها من قانون الإجراءات الجنائية وذلك ما لم ينص الحكم على حرمانه من هذا الخيار
أما الشكل الآخر من العمل للمنفعة العامة فهو كبديل للإكراه البدني باعتباره وسيلة لتحصيل الغرامة التي يمتنع المحكوم عليه عن دفعها، أو يعجز عن دفعها، والمنصوص عليه في المواد (520-523) من قانون الإجراءات الجنائية.
فقد نصت المادة (520) انه " للمحكوم عليه أن يطلب في أي وقت من النيابة العامة قبل صدور الحكم بالإكراه البدني إبداله بعمل يدوي أو صناعي يقوم به. هو طلب التشغيل خارج السجن: حيث تنص المادة -479 من قانون الإجراءات الجنائية: "لكل محكوم عليه بالحبس البسيط لمدة لا تتجاوز ثلاثة أشهر أن يطلب بدلًا من تنفيذ عقوبة الحبس عليه، تشغيله خارج السجن، وذلك ما لم ينص الحكم على حرمانه من هذا الخيار". وفي الجانب الفقهي أن العمل للنفع العام هو إلزام المحكوم عليه بأن يؤدي أعمالا معينة لصالح المجتمع خلال أوقات محددة يعينها الحكم، وذلك لتجنب الحكم عليه بعقوبة الحبس الذي قد يكون قصير المدة في أغلب الأحيان كما تعتبر هذه الوسيلة البديلة عن العقوبة السالبة للحرية إحدى أهم بدائل السجن، فالفوائد المترتبة عنها كثيرة، ومن أهمها إصلاح الجاني وتأهيله من خلال إلزامه بالعمل في المشاريع النافعة مما يبعده عن مساوئ السجن والاختلاط بأرباب السوابق، كما من شأنها إكساب النزيل مهنة شريفة تكون واقيا له ضد البطالة التي يمكن أن تقوده إلى سلوك طريق الجريمة، علاوة على أن قيام الشخص بهذه الخدمة يعود عليه وعلى أسرته وعلى المجتمع بالمنفعة ومن هذا فنظام العمل لصالح المجتمع سيهدف إلى إصلاح الجاني الذي اقترف الجريمة الشيء الذي أخضعه للعقاب من جهة وتحقيق خدمات لصالح المجتمع من جهة أخرى. وبالرغم من أهمية هذه العقوبة إلا أنها تشترط عوامل متعددة لضمان نجاحها ومن أبرزها:
تناسب العمل من حيث نوعه ومدته مع جسامة الجريمة المرتكبة؛ تناسب العمل مع القدرة الجسدية للمحكوم عليه؛ قيام المحكوم عليه بتقديم كفيل يضمن قيامه واستمراريته بهذه الخدمة الاجتماعية؛ أن تتناسب هذه الخدمة ومكانة الشخص-المحكوم عليه بها-الاجتماعية
المطلب الثاني: العقوبات البديلة العينية.
أثبت هذا النوع من العقوبات نجاعتها في الكثير من الدول التي تبنتها كبديل للعقوبة السجنية ويمكن حصر هذه العقوبة في ثلاث أشكال: الغرامة الجنائية (الفقرة الأولى)، المصادرة (الفقرة الثانية) وإصلاح أضرار الجريمة (الفقرة الثالثة).
الفقرة الأولى: الغرامة الجنائية.
وهي تلك الغرامات المالية التي تصدرها جهات مختصة في حق المحكوم عليه على إثر ارتكابه لفعل أو امتناع مناف للأحكام الجنائية والجزائية شريطة أن يكون هذا الفعل أو الامتناع مجرما في القانون استنادا إلى مبدأ «لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص»
وقد أثبت هذا البديل نجاحه في الكثير من التشريعات الحديثة الشيء الذي جعلها تأخذ به كبديل للعقوبة السجنية نظرا لكونها عقوبة ذات جدوى نفعية وإصلاحية واقتصادية في الآن نفسه، بحيث تتمثل الفائدة النفعية في كون الغرامة الجنائية تساهم في تحقيق الردع العام والخاص وكونها تؤدي إلى انتقاص الذمة المالية للمحكوم عليه بها.
وقد اعتمدت جل التشريعات المقارنة على الغرامة المالية كعقوبة رئيسية إلى جانب العقوبة المقيدة للحرية فاتسع مفهومها ودورها تشريعيا وتطبيقيا
أما الفائدة الإصلاحية فتهدف إلى عقاب الجاني على ما اقترفه من أفعال بطريقة حديثة بعيدا عن أسوار السجن وتجنيبه كل مساوئ المؤسسة السجنية والآثار الجانبية التي تخلفها هذه الأخيرة في نفوس نزلائها، في حين نجد المغزى من الغرامة الاقتصادية هو تعويض المجتمع عن الأضرار التي سببها المجرم جراء الفعل الذي قام به، بالإضافة إلى ذلك فهي بمثابة موردا هاما يمكن من خلاله معالجة مجموعة من الظواهر الاجتماعية. ويقصد بالغرامة العينية هي إلزام المحكوم عليه بدفع مبلغ من المال لصالح خزينة الدولة، وفي حالة تخلف المحكوم عليه عن سدادها قد تتحول هذه الغرامة إلى عقوبة سجنية وبالتالي تنحرف عن الهدف الحقيقي المتوخى منها.
الفقرة الثانية: المصادرة.
المصادرة هي إحدى العقوبات المالية التي تتخذ من الذمة المالية في حق المحكوم عليه محلا لها،وهي عبارة عن نزع ملكية المال من صاحبه جبرا عنه وإضافته إلى ملكية الدولة وهي تهدف إلى انتزاع ملكية الأموال التي كانت معدة للاستخدام في ارتكاب جريمة من الجرائم أو تلك التي تحصلت عن ارتكابها وتظهر أهمية هذا البديل في انتقاص تلك الأموال من ذمة الجاني المالية وحرمانه منها لتشكل وسيلة من وسائل الردع التي يتعرض لها الجاني وكذلك الحيلولة دون استخدام تلك الأموال في جرائم أخرى والمصادرة نوعان، مصادرة عامة وأخرى خاصة: المصادرة العامة، بمعنى أن الدولة تضع يدها على أموال الجاني بشكل كلي أو على جزء منها، وقد حظر هذا النوع من المصادرة في عدة تشريعات
المصادرة الخاصة، قد تكون بأموال معينة، إما أن تكون تلك الأموال جسم الجريمة أو أن تكون قد استعملت فيها أو تحصلت منها، وهذا النوع قد أخذت به مجموعة من التشريعات إما في صيغة عقوبة بديلة أو كعقوبة أصلية
الفقرة الثالثة: إصلاح أضرار الجريمة.
إصلاح أضرار الجريمة أو التعويض عن الأضرار التي تخلفها الجريمة، ويتمثل هذا البديل في اقتطاع جزء من الموارد المالية للجاني لجبر الضرر الذي لحق المجني عليه من جراء الجريمة المرتكبة وتعتبر هذه العقوبة إحدى العقوبات العادلة وأكثر البدائل عدالة وإرضاء لجميع مكونات المجتمع لأنها تؤدي إلى حرمان الجاني من المكاسب التي حققها من الجريمة وفي الآن نفسه تعويض المتضرر عن الضرر الذي طاله من خلال الجريمة المرتكبة، كما تعد هذه العقوبة البديلة وسيلة ناجحة لإصلاح الجاني وردعه بما يفرض عليه من التزامات وواجبات وتجنبه مساوئ السجن. وقد أخذت مجموعة من التشريعات بفكرة عقوبة التعويض أو إصلاح أضرار الجريمة.
الخلاصة: -
عند تطبيق العقوبة البديلة اتباع استراتيجية لا تحسب على أنها هينة لينة ولا صارمة متشددة بل وسطية لكي تفي بالغرض المطلوب من معاقبة المجرم. تحديد جهة ما للانتفاع ممن يطبق عليه العقوبة البديلة حتى يتم المراقبة ومعرفة ما ينفذ ومن يستحق الاستمرار ومن يعاد للسجن لأنه غير متجاوب مع النفع العام المراد تطبيقه في هذه الجهة.
أن يكون العمل للمنفعة العامة واحد من عدة خيارات وضعت أمام قاضي الحكم لا الخيار الوحيد وأنه والمعني بتنفيذه بدرجة أكبر قاضي تطبيق العقوبات. بتفعيل برنامج إعادة الإصلاح والتأهيل عن طريق العمل للمنفعة العامة.
بتوعية الرأي العام لتقبل مثل هذه العقوبات البديلة والعمل بالنفع العام بشرح فوائدها وبيان سلبياتها. وضع ضوابط لإجراءات العمل بالنفع العام كعقوبة بديلة عن السجن، وإبراز مدى فاعليتها وتقبلها من المجتمع.
بتضمين تشريع العمل والضمان الاجتماعي قواعد واضحة وصريحة تتعلق بعمل السجناء والعمل للمنفعة العامة بما يعطي دفعة قوية للعمل العقابي ويجعله أكثر فائدة للاقتصاد وللمجتمع، فضلا عن دوره المهم في تحقيق إصلاح وتأهيل وادماج المحكوم عليهم.
بالتنسيق بين أجهزة القضاء والأجهزة الأخرى ذات العلاقة تنسيقاً مكثفاً وإيجاد آليات تضمن نجاح ذلك هذا التطبيق من توفير اللقاءات العلمية، وتنظيم الدورات التدريبية للجميع حسب حاجاتهم. بمراعاة وسائل نجاح البدائل للعمل للمنفعة العامة لتكوين رأي عام لقبولها والتدرج في تطبيقها وإبراز مدى فاعليتها وتقبلها من المجتمع
بإقناع القضاة بجدواها حتى يثقوا فيها كما تراعى فيها الفروق الفردية والاجتماعية والاقتصادية للجاني. بتوفير الأنظمة الجزائية والمراقبة والتقييم لتطبيق البدائل، ونشر التفاصيل الإدارية الخاصة بتطبيقها. بأن تتصف البدائل بالمرونة الكافية ويؤخذ فيها بعين الاعتبار الفروق الفردية والمتغيرات الاجتماعية والاقتصادية.
بأن توفر لقاءات علمية بين مؤسسات العدالة الجنائية (القضاء والشرطة ومؤسسات الخدمة الاجتماعية) لتأكيد وتأمين التوافق والتعاون بين هذه المؤسسات وتنظيم الدورات التدريبية لكافة مستويات العاملين فيها للقيام بالأدوار المناطة بهم في تطبيق العمل للمنفعة العامة كبديل لعقوبة السجن. بأن تولى بدائل العقوبة بالعمل للمنفعة العامة مزيداً من الاهتمام، سواء أكان ذلك على المستوى النظري والعملي من إجراء الأبحاث والدراسات المساعدة على تطبيقها وإيجاد الآليات المناسبة لها.

--
الدكتور عادل عامر
دكتور في الحقوق وخبير في القانون العام
ومدير مركز المصريين للدراسات السياسية والقانونية والاقتصادية والاجتماعية
ومستشار وعضو مجلس الإدارة بالمعهد العربي الأوربي للدراسات السياسية والاستراتيجية بفرنسا


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.