جامعة القاهرة تبدأ استعداداتها لاستقبال مكتب التنسيق الإلكتروني للقبول بالجامعات والمعاهد لعام 2025    جدول امتحانات الصف الأول الثانوي 2025 الترم الثاني محافظة قنا    صور.. نقيب الصحفيين يلتقي وزير المالية في احتفالية مرور 10 سنوات على "تكافل وكرامة"    خطاب: "القومي لحقوق الإنسان" ساهم في حل التحديات بملف الجنسية    ميناء الإسكندرية يستقبل باخرة سياحية قادمة من إيطاليا    وزير التعليم العالى يعلن رؤية الوزارة لإطلاق جيل جديد من الجامعات المتخصصة    سنابل الذهب.. توريد 108 آلاف طن قمح محلى إلى شون وصوامع البحيرة    ارتفاع أسعار المطاعم والفنادق بنسبة 14.2% على أساس سنوي خلال إبريل الماضي.. و4.1% على أساس شهري    توجيهات جديدة من محافظ المنوفية بشأن التصالح على مخالفات البناء    الصحف العالمية: البابا ليو 14 يزور قبر البابا فرانسيس في روما fأول ظهور له خارج الفاتيكان.. ترامب يعترف بإحباطه بشأن عدم وقف حربى أوكرانيا وغزة.. ,إدانات لمنظمة بريطانية زعمت أن حرب غزة ستخفض معدلات السمنة    اعرف ماركة الساعة التي ارتداها بابا الفاتيكان في أول قداس رسمي    القاهرة الإخبارية: ارتفاع ضحايا غارات الاحتلال على غزة منذ الفجر ل16 شهيدا    مرشح حزب سلطة الشعب بكوريا الجنوبية يسجل ترشحه للانتخابات الرئاسية    نائب الرئيس الفلسطينى: مقترح ترامب بترحيل أهل غزة لم يعد قائما    رئيسة بالميراس: مستعدون لمواجهة ميسي في كأس العالم للأندية.. ولن نذهب إلى النزهة بأمريكا    تعليق مثير من نجم آرسنال على الممر الشرفي اليوم للاعبي ليفربول    ممدوح عباس يعلن.. وصول توني بيوليس للقاهرة لدارسة إمكانية التعاون مع الزمالك    سيتى كلوب تضع اللمسات النهائية لإقامة مباراة مصر وغانا بأمم أفريقيا للشباب باستاد السويس    تحرير 36 محضرا لمخابز بلدية تنتج خبزا مخالفا للمواصفات فى البحيرة    القاهرة تُسجل 40 مئوية.. بيان عاجل بشأن حالة الطقس الآن: «ذروة الموجة الحارة»    السجن 5 سنوات لمتهم بقتل شاب بسبب خلافات زوجية بقنا    تبدأ خلال 3 أسابيع.. جدول امتحانات الصف السادس الابتدائي الترم الثاني 2025 بالإسكندرية    انهيار بئر بأحد مزارع المنيا على شخص جارى استخراجه    فنانون يتحدثون عن رحلة عادل إمام فى الوثائقى "الزعيم" قريبًا على "الوثائقية"    القاهرة الإخبارية: الاحتلال الإسرائيلى يواصل قصف الأحياء السكنية فى غزة    تكريم مازن الغرباوي بمهرجان المعهد العالي للفنون المسرحية    لا يهم فهم الآخرين.. المهم أن تعرف نفسك    "المغاوري" يعلن موافقته على قانون تنظيم الفتوى الشرعية    هل يجبُ عليَّ الحجُّ بمجرد استطاعتي أم يجوزُ لي تأجيلُه؟ .. الأزهر للفتوى يجيب    محافظ الدقهلية يحيل مدير مستشفى التأمين الصحي بجديلة ونائبه للتحقيق    ماذا يحدث للشرايين والقلب في ارتفاع الحرارة وطرق الوقاية    مدير تأمين صحى الفيوم يتفقد العيادات الخارجية ويوصى بتسهيل إجراءات المرضى    رئيس الوزراء يشارك في احتفالية "تكافل وكرامة" ويكرم عددا من شركاء النجاح.. صور    محافظ الدقهلية يتفقد مركز دكرنس ويحيل رئيس الوحدة المحلية بدموه للتحقيق    استئناف المحادثات التجارية بين الولايات المتحدة والصين في جنيف    "مصمم على 40 مليون".. شوبير يكشف صدام الأهلي وعلى ربيعة واقتراب الانفصال    الثقافة تختتم الملتقى 21 لشباب المحافظات الحدودية بدمياط ضمن مشروع أهل مصر    النيابة تصرح بدفن جثة طالب أنهى حياته شنقا بسبب سوء معاملة أسرته في أبو النمرس    ضبط 575 سلعة منتهية الصلاحية خلال حملة تموينية ببورسعيد -صور    قوافل الأحوال المدنية تستخرج 7148 بطاقة رقم قومي و25 ألف مستند مميكن    البورصة تعلن فتح باب الترشح لمجلس إداراتها (2025 - 2029)    1500 فلسطيني فقدوا البصر و4000 مهددون بفقدانه جراء حرب غزة    لرغبتها في استمراره في أوربا .. زوجة كوتيسا تعرقل صفقة انضمامه للزمالك    النسوية الإسلامية (وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا): مكانة الأسرة.. فى الإسلام والمجتمع! "125"    ما حكم من نسي الفاتحة أثناء الصلاة وقرأها بعد السورة؟.. أمين الفتوى يجيب    أمين الفتوى يحذر من الحلف بالطلاق: اتقوا الله في النساء    روز اليوسف تنشر فصولًا من «دعاة عصر مبارك» ل«وائل لطفى» عبدالصبور شاهين مثقف تحول إلى تكفيرى من أجل المال "الحلقة 4"    اعتماد تخطيط مشروع حديقة تلال الفسطاط بحى مصر القديمة    تامر عاشور يلتقي جمهوره في حفل غنائي بدبي 16 مايو    صندوق الإسكان: نسعى لإرساء مبادئ الحوكمة وتحقيق التطوير المؤسسي    الصحة: افتتاح 14 قسمًا للعلاج الطبيعي بالوحدات الصحية والمستشفيات    «التضامن» تقر تعديل وتوفيق أوضاع جمعيتين بمحافظة القاهرة    الرئيس الفرنسي: مقترح بوتين بشأن المفاوضات مع كييف خطوة غير كافية    هل للعصر سنة؟.. داعية يفاجئ الجميع    تقرير أمريكي يصدم إسرائيل: ترامب سيعترف بدولة فلسطين خلال أيام    الدوري الفرنسي.. مارسيليا وموناكو يتأهلان إلى دوري أبطال أوروبا    قمصان: زيزو سيكون إضافة كبيرة للأهلي.. الساعي قصر وهذه حقيقة خلاف كولر وأفشة    بالنسبة لهم أكثر من مجرد أكلة.. 5 أبراج تتمتع بمهارات طبخ ممتازة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



(هُوَ) الذِى بِهَوَاها مَا هَوَى!

فى مشهد العشق الوطني، تَحمِلُنا أعْيُن الرؤية على أجنحةِ المِدَادِ إلى مساحات من تأمُل فى مشهد وداعٍ لشهيد غرام، يَسوقه الواجب إلى ساح التضحية، يجود بالروح وفى غمضة عين يحمل صفة (شهيد) قبل اسمه ودعوة بعده (الله يرحمُهْ)، وتَزُفهُ إلى مثواه الأخير (جنازة) هادرة الحضور وساخنة الدموع وواسعة التغطية الإعلامية، فيما يَلُف الحزن أوشحته طبقات على قلوب كل ذوى الشهيد وصحبِّه بحسب درجة قربه منهم، غير أن ريح الوقت سرعان ما تطوى طبقات الحزن وأوشحته لتحيل (الشهيد) إلى سكنٍ فى عمق الذاكرة رُبَّما يتجسد تخليداً فى صورة أو سبيل أو حتى إطلاق اسمه على شارع أو مدرسة، وهكذا تقف قراءة مشهد العاشق الشهيد بين تأكيد على مُؤَكَّدٍ أصلا هو (عِظَم التضحية)، وتوثيق لأوجاع الفراق والرحيل. فى ترجمة العشق الوطني، تُمَثِّل (الشهادة) البيان الصريح لحجم المَحَبَّة، والتجسيد الكامل لعِظَم استيعاب رسالة المحبة، حين يسير إنسانٌ نحو الموتْ قانِعاً أن مواجهته هو أقصر السبل نحو الحياة، هكذا يرسم المِدادُ حالة إنسان مثل الشهيد (مصطفى عبيد) الذى ارتقى أثناء تفكيكه عبوةٍ من أصل ثلاث عبوات ناسفة كانت تستهدف محيط كنيسة (السيدة العذراء وأبو سيفين) الواقعة فى عزبة الهجانة بحى مدينة نصر يوم الخامس من يناير 2019، وبغير انفصال عن حالة الحزن التى يفرضها الخطب، إلا أن تأملًا لازمًا فى خصوصية حالة الشهيد (مصطفى عبيد) ومثله كل العاملين فى ذات مجاله (المفرقعات)، وكل ساهرٍ على ثغرٍ أمنى فى هذا الوطن، يقودنا التأمل فى حالة الشهيد (عبيد) إلى شابٍ يخرجُ من داره كلَ صباحٍ مودِعاً أهله فيما تختلط فى وعيه مشاعر الوداع التى تفرضها المهام اليومية مع مشاعر الأمل النابع من العشم فى وجه الستار أنْ يًسدِّلَ عليه أستار ستره فلا تقف دون أدواته دائرة تفجير مهما يبلغ تعقيدها، إن معايشة هذه المشاعر المختلطة بصفة مُستمرة كفيلة بأن تُحيل صاحبها إلى توتر نفسى يستحيل مرضيًا، أو تُحَوِّلُه إلى عاشقٍ قادر على أن يُترجمَ عشقَهُ أملًا فى غدِ، يكون فيه ساهرا على ثغر الوطن ليأمن الخلق، أو يغدو فيه فداءً ليحيا إنسان وطنه آمِنًا مطمئنًا، ومما لا شك فيه أن أداء نموذج مثل الشهيد (عبيد) يؤكد أن لهوى هذا الوطن فعل السحر فى النفوس، إنه الهوى القادر على استدعاء جيناتٍ قديمة قِدَم الوطن وناسه لتُقَدِم لكل مصرى النموذج لمن قرر أن يُحيل مِهنتَهُ رسالة حياة لوطنة ممهورة بعشق حقيقى لا يشوبه ادعاء.
إن قراءة نموذج العشق الوطنى المتجسد فى الشهيد (عبيد)، لا يمكن فصله عن سياق مسلسل استهداف عام للإنسان وخاص لوطننا باعِثُهُ التطرف وأدواته الإرهاب والإرعاب، وجُنْدُهْ ينتشرون فى بدن الوطن وبين صفوف الناس، وبالتالى إن كانت مصر ترفع شعار الحرب على الإرهاب، فإن الشهيد (عبيد) يُصبح النموذج الأقرب إلى الاستحضار فى إطار توعية كل مصرى بمهمته فى تفكيك قنابل التطرف، ويصير تعميم النموذج اختصارا (هُوَ)، والمقصود كلُ مِصريٍ على ثغره وفى حقله أو منبره، فالقضية ليست (عبوة ناسفة) استطاع الشهيد الراحل أن يُفكك منها اثنتين وانفجرت الثالثة، وإنما خطوط انتاجٍ متكاملة تتطور عبواتها الناسفة بداية من الأفكار ووصولا إلى أن تصبح (قنبلة). ولا تَعمل خطوط إنتاج التطرف منفصلة عن عقيدة مشوهة تبذر التنظيمات جراثيمها فى عقول أصحابها حتى يغدو مُسيرين مسلوبى الإرادة والوعي، وهو ما يجعل قنابل التطرف مسقية ببارود عقَدِّيّ، وأمام هكذا خطر يُصبح كل تطوير فى قدرات وتقنيات تفكيك العبوات الناسفة فعل مواجهة قاصر مالم يواكبه تطوير فى عقيدة و أدوات مواجهة خطوط إنتاج التطرف المؤدية إلى إنتاج (العبوات الناسفة).
قدّم الشهيد (عبيد) روحه برهان محبة فى هوى (مصر) التى لا يعدم هواها عشاقه، وحتى لا نخون هويً الشهيد المقدس، فإن نموذجه يُمكن أن يُبنى عليه تعميم مصرى ذاتى يصيغه سؤال يطرحه كل مصرى على واقعه (ماذا لو كان واجبا يوميًا عليّ أن أفكك قنبلة لأفتدى أسرتى وأهلى ووطني؟)، إن هذا السؤال المثير للتنبُه قادر على تفعيل أدوار كل عضو فى الأسرة الوطنية ليكون الحامى لوطنه من أن تنتشر فيه قنابل التطرف عبر جراثيم الأفكار قبل عبوات الانفجار، كما أن طرح هذا السؤال على ضمائر المفوضين بالإدارة من قبل صاحب السيادة يعصم أصحاب المسئولية من شبهات الاستبداد ويدعم ثبات الإدارة بتفاعل مكونات الوطن مع حربها.
حَمَلَ الشهيد (مصطفى عبيد) هواه رسالة وطنية تترجمها مهنته (الأمن) وحقُه على كل مصرى أن يُصبح (هُوَ) المصرى القادر على أن يُترجم هواه الوطنى فعلاً يعصم الوطن من كل خطر ويحصن إنسانه من أى تهديد، ويؤكِد لأبنائنا أن كل من اعتصم بهوى (بهية) ما هوي.
لمزيد من مقالات عبد الجليل الشرنوبى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.