وزير العمل: دمج ذوي الهمم في سوق العمل وتنمية مهارات الشباب تنفيذً لتوجيهات السيسي    رئيس جامعة عين شمس يبحث مع السفير الفرنسي سبل تعزيز التعاون الأكاديمي    مياه الإسكندرية تستقبل وفد الوكالة الألمانية لبحث خطة التكيف مع التغيرات المناخية    منظومة صحية متكاملة لأهالي سيناء ومدن القناة.. إنفوجراف    توقيع مذكرة تفاهم بين وكالتي الفضاء المصرية والإيطالية    «الرقابة المالية» تتيح حضور الجمعية العمومية لصناديق التأمين الخاصة إلكترونيا    الجريدة الرسمية تنشر قراري مجلس الوزراء بشأن إجازة شم النسيم وعيد العمال    جهاز دمياط الجديدة يشن حملة لضبط وصلات مياه الشرب المخالفة    هبوط جماعي لمؤشرات البورصة في ختام تعاملات الثلاثاء    200 يوم من الحرب| إسرائيل تشن أعنف هجوم على غزة.. والاحتلال يحتفل بعيد الفصح    ترامب يحصل على جائزة بقيمة 1.3 مليار دولار من شركات التواصل الاجتماعي    الجامعة العربية تشهد اجتماع لجنة جائزة التميز الإعلام العربي    هاني سعيد: المرحلة المقبلة لا تسمح لبيراميدز بتفريط النقاط    دروجبا: كأس العالم للأندية 2025 فرصة لا مثيل لها ل إفريقيا    التشكيل المتوقع لمباراة الهلال والعين في نصف نهائي دوري أبطال آسيا    وزير الرياضة ومحافظ شمال سيناء يشهدان ختام مهرجان الهجن    المؤبد لعامل وغرامة 100 ألف لاتجاره في الحشيش والترامادول بالقليوبية    وزير العدل: تشكيل لجنة رفيعة المستوى لوضع مشروع قانون ينظم استخدامات الذكاء الاصطناعي    إدارة المنيا التعليمية تعلن استعدادها لامتحانات نهاية العام    إحالة أوارق المتهم بقتل شاب وسرقة مقتنياته في الشرقية للمفتي    أحمد زاهر يكشف طريقة خسارة وزنه 20 كيلو في 3 شهور    تفاصيل احتفالية الأوبرا بمناسبة أعياد تحرير سيناء    فيلم "شقو" يحصد 916 ألف جنيه بدور العرض أمس    الإسكندرية للفيلم القصير يشكل لجنة تحكيم نسائية احتفالا بالدورة العاشرة    رؤية جديدة لتطوير «المتحف المصري» بالتحرير    محافظ أسوان: تكثيف أعمال النظافة والإشغالات وفرق لمتابعة المشروعات الجارية    «الصحة» و«البترول» توقعان اتفاقيتين لتقديم الرعاية الصحية في بورسعيد ومطروح    محافظ المنيا: تنظيم قافلة طبية مجانية في مركز أبو قرقاص غدا    «نجم عربي إفريقي».. الأهلي يقترب من حسم صفقة جديدة (خاص)    محافظ كفر الشيخ ونائبه يتفقدان مشروعات الرصف فى الشوارع | صور    بقرار من الرئيس.. بدء التوقيت الصيفي الجمعة المقبلة بتقديم الساعة 60 دقيقة    الحكومة: إنشاء منظومة تعليمية متكاملة لأهالي سيناء ومدن القناة    بيلجورود الروسية تكشف عدد الق.تلى المدنيين في هجمات أوكرانيا منذ بدء الحرب    دار الإفتاء: شم النسيم عادة مصرية قديمة والاحتفال به مباح شرعًا    هل يحق للزوج التجسس على زوجته لو شك في سلوكها؟.. أمينة الفتوى تجيب    مصرع سائق في حادث تصادم بسوهاج    سيدات سلة الأهلي يواجه مصر للتأمين في الدوري    نستورد 25 مليون علبة.. شعبة الأدوية تكشف تفاصيل أزمة نقص لبن الأطفال    هل مكملات الكالسيوم ضرورية للحامل؟- احذري أضرارها    فرج عامر: الفار تعطل 70 دقيقة في مباراة مازيمبي والأهلي بالكونغو    السفير طلال المطيرى: مصر تمتلك منظومة حقوقية ملهمة وذات تجارب رائدة    اللعبة الاخيرة.. مصرع طفلة سقطت من الطابق الرابع في أكتوبر    «النواب» يبدأ الاستماع لبيان وزير المالية حول الموازنة العامة الجديدة    آخر تطورات الحالة الصحية ل الشناوي، وتفاصيل وعد حسام حسن لحارس الأهلي    خلال الاستعدادات لعرض عسكري.. مقتل 10 أشخاص جراء اصطدام مروحيتين ماليزيتين| فيديو    «مفاجآت مالية».. توقعات برج الدلو في الأسبوع الأخير من أبريل 2024    متحدث وزارة العمل: تعيين 14 ألف شخص من ذوي الهمم منذ بداية 2023    وزير الأوقاف من الرياض: نرفض أي محاولة لتهجير الشعب الفلسطيني وتصفية قضيته    سقوط المتهم بالنصب على الطلاب في دورات تعليمية بسوهاج    "ضربها بمزهرية".. تفاصيل مقتل مسنة على يد سباك بالحدائق    جيش الاحتلال الإسرائيلي يقصف مناطق لحزب الله في جنوب لبنان    قطاع الدراسات العليا بجامعة القناة يعلن مواعيد امتحانات نهاية الفصل الدراسي الثاني    تحذيرات هيئة الأرصاد الجوية من ارتفاع درجات الحرارة ونصائح الوقاية في ظل الأجواء الحارة    رئيس الأركان الإيراني: ندرس كل الاحتمالات والسيناريوهات على المستوى العملياتي    الرئيس السيسى يضع إكليلا من الزهور على النصب التذكارى للجندى المجهول    مستدلاً بالخمر ولحم الخنزير.. علي جمعة: هذا ما تميَّز به المسلمون عن سائر الخلق    الإفتاء: التسامح في الإسلام غير مقيد بزمن أو بأشخاص.. والنبي أول من أرسى مبدأ المواطنة    علي جمعة: منتقدو محتوى برنامج نور الدين بيتقهروا أول ما نواجههم بالنقول    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



(هُوَ) الذِى بِهَوَاها مَا هَوَى!

فى مشهد العشق الوطني، تَحمِلُنا أعْيُن الرؤية على أجنحةِ المِدَادِ إلى مساحات من تأمُل فى مشهد وداعٍ لشهيد غرام، يَسوقه الواجب إلى ساح التضحية، يجود بالروح وفى غمضة عين يحمل صفة (شهيد) قبل اسمه ودعوة بعده (الله يرحمُهْ)، وتَزُفهُ إلى مثواه الأخير (جنازة) هادرة الحضور وساخنة الدموع وواسعة التغطية الإعلامية، فيما يَلُف الحزن أوشحته طبقات على قلوب كل ذوى الشهيد وصحبِّه بحسب درجة قربه منهم، غير أن ريح الوقت سرعان ما تطوى طبقات الحزن وأوشحته لتحيل (الشهيد) إلى سكنٍ فى عمق الذاكرة رُبَّما يتجسد تخليداً فى صورة أو سبيل أو حتى إطلاق اسمه على شارع أو مدرسة، وهكذا تقف قراءة مشهد العاشق الشهيد بين تأكيد على مُؤَكَّدٍ أصلا هو (عِظَم التضحية)، وتوثيق لأوجاع الفراق والرحيل. فى ترجمة العشق الوطني، تُمَثِّل (الشهادة) البيان الصريح لحجم المَحَبَّة، والتجسيد الكامل لعِظَم استيعاب رسالة المحبة، حين يسير إنسانٌ نحو الموتْ قانِعاً أن مواجهته هو أقصر السبل نحو الحياة، هكذا يرسم المِدادُ حالة إنسان مثل الشهيد (مصطفى عبيد) الذى ارتقى أثناء تفكيكه عبوةٍ من أصل ثلاث عبوات ناسفة كانت تستهدف محيط كنيسة (السيدة العذراء وأبو سيفين) الواقعة فى عزبة الهجانة بحى مدينة نصر يوم الخامس من يناير 2019، وبغير انفصال عن حالة الحزن التى يفرضها الخطب، إلا أن تأملًا لازمًا فى خصوصية حالة الشهيد (مصطفى عبيد) ومثله كل العاملين فى ذات مجاله (المفرقعات)، وكل ساهرٍ على ثغرٍ أمنى فى هذا الوطن، يقودنا التأمل فى حالة الشهيد (عبيد) إلى شابٍ يخرجُ من داره كلَ صباحٍ مودِعاً أهله فيما تختلط فى وعيه مشاعر الوداع التى تفرضها المهام اليومية مع مشاعر الأمل النابع من العشم فى وجه الستار أنْ يًسدِّلَ عليه أستار ستره فلا تقف دون أدواته دائرة تفجير مهما يبلغ تعقيدها، إن معايشة هذه المشاعر المختلطة بصفة مُستمرة كفيلة بأن تُحيل صاحبها إلى توتر نفسى يستحيل مرضيًا، أو تُحَوِّلُه إلى عاشقٍ قادر على أن يُترجمَ عشقَهُ أملًا فى غدِ، يكون فيه ساهرا على ثغر الوطن ليأمن الخلق، أو يغدو فيه فداءً ليحيا إنسان وطنه آمِنًا مطمئنًا، ومما لا شك فيه أن أداء نموذج مثل الشهيد (عبيد) يؤكد أن لهوى هذا الوطن فعل السحر فى النفوس، إنه الهوى القادر على استدعاء جيناتٍ قديمة قِدَم الوطن وناسه لتُقَدِم لكل مصرى النموذج لمن قرر أن يُحيل مِهنتَهُ رسالة حياة لوطنة ممهورة بعشق حقيقى لا يشوبه ادعاء.
إن قراءة نموذج العشق الوطنى المتجسد فى الشهيد (عبيد)، لا يمكن فصله عن سياق مسلسل استهداف عام للإنسان وخاص لوطننا باعِثُهُ التطرف وأدواته الإرهاب والإرعاب، وجُنْدُهْ ينتشرون فى بدن الوطن وبين صفوف الناس، وبالتالى إن كانت مصر ترفع شعار الحرب على الإرهاب، فإن الشهيد (عبيد) يُصبح النموذج الأقرب إلى الاستحضار فى إطار توعية كل مصرى بمهمته فى تفكيك قنابل التطرف، ويصير تعميم النموذج اختصارا (هُوَ)، والمقصود كلُ مِصريٍ على ثغره وفى حقله أو منبره، فالقضية ليست (عبوة ناسفة) استطاع الشهيد الراحل أن يُفكك منها اثنتين وانفجرت الثالثة، وإنما خطوط انتاجٍ متكاملة تتطور عبواتها الناسفة بداية من الأفكار ووصولا إلى أن تصبح (قنبلة). ولا تَعمل خطوط إنتاج التطرف منفصلة عن عقيدة مشوهة تبذر التنظيمات جراثيمها فى عقول أصحابها حتى يغدو مُسيرين مسلوبى الإرادة والوعي، وهو ما يجعل قنابل التطرف مسقية ببارود عقَدِّيّ، وأمام هكذا خطر يُصبح كل تطوير فى قدرات وتقنيات تفكيك العبوات الناسفة فعل مواجهة قاصر مالم يواكبه تطوير فى عقيدة و أدوات مواجهة خطوط إنتاج التطرف المؤدية إلى إنتاج (العبوات الناسفة).
قدّم الشهيد (عبيد) روحه برهان محبة فى هوى (مصر) التى لا يعدم هواها عشاقه، وحتى لا نخون هويً الشهيد المقدس، فإن نموذجه يُمكن أن يُبنى عليه تعميم مصرى ذاتى يصيغه سؤال يطرحه كل مصرى على واقعه (ماذا لو كان واجبا يوميًا عليّ أن أفكك قنبلة لأفتدى أسرتى وأهلى ووطني؟)، إن هذا السؤال المثير للتنبُه قادر على تفعيل أدوار كل عضو فى الأسرة الوطنية ليكون الحامى لوطنه من أن تنتشر فيه قنابل التطرف عبر جراثيم الأفكار قبل عبوات الانفجار، كما أن طرح هذا السؤال على ضمائر المفوضين بالإدارة من قبل صاحب السيادة يعصم أصحاب المسئولية من شبهات الاستبداد ويدعم ثبات الإدارة بتفاعل مكونات الوطن مع حربها.
حَمَلَ الشهيد (مصطفى عبيد) هواه رسالة وطنية تترجمها مهنته (الأمن) وحقُه على كل مصرى أن يُصبح (هُوَ) المصرى القادر على أن يُترجم هواه الوطنى فعلاً يعصم الوطن من كل خطر ويحصن إنسانه من أى تهديد، ويؤكِد لأبنائنا أن كل من اعتصم بهوى (بهية) ما هوي.
لمزيد من مقالات عبد الجليل الشرنوبى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.