وزير قطاع الأعمال العام: عودة منتجات «النصر للسيارات» للميني باص المصري بنسبة مكون محلي 70%    رغم التأكيد أنه لن يغادر بلاده، دولة تعلن استعدادها لمنح اللجوء السياسي للرئيس الفنزويلي    بعد حادث حاويات قطار طوخ، مواعيد قطارات «القاهرة – الإسكندرية» اليوم الثلاثاء 16 ديسمبر 2025    جولة صباحية حول حالة الطقس وتحذيرات الأرصاد وحقيقة تعطيل الدراسة.. فيديو    3 ظواهر جوية تضرب المحافظات.. الأرصاد تكشف حالة الطقس اليوم الثلاثاء    قاتل النساء الصامت.. RSV الخطر الذي يهدد حياة الرضع    حورية فرغلي: لسه بعاني من سحر أسود وبتكلم مع ربنا كتير    محمد القس: أحمد السقا أجدع فنان.. ونفسي اشتغل مع منى زكي    جلال برجس: الرواية أقوى من الخطاب المباشر وتصل حيث تعجز السياسة    حورية فرغلي: بقضي وقتي مع الحيوانات ومبقتش بثق في حد    وكيل صحة الغربية يعلن افتتاح وحدة التصلب المتعدد والسكتة الدماغية بمستشفى طنطا العام    وفاة شخص وإصابة شقيقه في مشاجرة بالغربية    تأجيل محاكمة 9 متهمين بخلية المطرية    ترامب يعلن مادة الفينتانيل المخدرة «سلاح دمار شامل»    مباراة ال 8 أهداف.. بورنموث يفرض تعادلا مثيرا على مانشستر يونايتد    لإجراء الصيانة.. انقطاع التيار الكهربائي عن 21 قرية في كفر الشيخ    أيامى فى المدينة الجامعية: عن الاغتراب وشبح الخوف!    45 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات على خط «طنطا - دمياط».. الثلاثاء 16 ديسمبر    توسك: التنازلات الإقليمية لأوكرانيا شرط أمريكي لاتفاق السلام    لقاح الإنفلونزا.. درع الوقاية للفئات الأكثر عرضة لمضاعفات الشتاء    إنقاذ قلب مريض بدسوق العام.. تركيب دعامتين دوائيتين ينهي معاناة 67 عامًا من ضيق الشرايين    ثماني دول أوروبية تناقش تعزيز الدفاعات على الحدود مع روسيا    «المؤشر العالمي للفتوى» يناقش دور الإفتاء في مواجهة السيولة الأخلاقية وتعزيز الأمن الفكري    العربية لحقوق الإنسان والمفوضية تدشنان حوارا إقليميا لإنشاء شبكة خبراء عرب    5 أعشاب تخلصك من احتباس السوائل بالجسم    تحطم زجاج سيارة ملاكي إثر انهيار شرفة عقار في الإسكندرية    مقتل شاب وإصابة شقيقه فى مشاجرة بالغربية    الكونغو: سجن زعيم المتمردين السابق لومبالا 30 عامًا لارتكابه فظائع    محافظ القليوبية ومدير الأمن يتابعان حادث تساقط حاويات من قطار بضائع بطوخ    نهائي كأس العرب 2025.. موعد مباراة المغرب ضد الأردن والقنوات الناقلة    كأس العرب، حارس مرمى منتخب الأردن بعد إقصاء السعودية لسالم الدوسري: التواضع مطلوب    التموين تواصل افتتاح أسواق اليوم الواحد بالقاهرة.. سوق جديد بالمرج لتوفير السلع    منذر رياحنة يوقّع ختام «كرامة» ببصمته... قيادة تحكيمية أعادت الاعتبار للسينما الإنسانية    إبراهيم المعلم: الثقافة بمصر تشهد حالة من المد والجزر.. ولم أتحول إلى رقيب ذاتي في النشر    نقيب أطباء الأسنان يحذر من زيادة أعداد الخريجين: المسجلون بالنقابة 115 ألفا    مصرع طفلين وإصابة 4 أشخاص على الأقل فى انفجار بمبنى سكنى فى فرنسا    شيخ الأزهر يهنئ ملك البحرين باليوم الوطني ال54 ويشيد بنموذجها في التعايش والحوار    فتش عن الإمارات .. حملة لليمينيين تهاجم رئيس وزراء كندا لرفضه تصنيف الإخوان كمنظمة إرهابية    لجنة فنية للتأكد من السلامة الإنشائية للعقارات بموقع حادث سقوط حاويات فارغة من على قطار بطوخ    منتدى «السياحة والآثار» وTripAdvisor يناقشان اتجاهات السياحة العالمية ويبرزان تنوّع التجربة السياحية المصرية    في جولة ليلية.. محافظ الغربية يتفقد رصف شارع سيدي محمد ومشروعات الصرف بسمنود    محافظ الجيزة يتابع تنفيذ تعديلات مرورية بشارع العروبة بالطالبية لتيسير الحركة المرورية    العمل: طفرة في طلب العمالة المصرية بالخارج وإجراءات حماية من الشركات الوهمية    الثلاثاء إعادة 55 دائرة فى «ثانية نواب» |139 مقرًا انتخابيًا بالسفارات فى 117 دولة.. وتصويت الداخل غدًا    حضور ثقافي وفني بارز في عزاء الناشر محمد هاشم بمسجد عمر مكرم    غزل المحلة يطلب ضم ناصر منسى من الزمالك فى يناير    السعودية تودع كأس العرب دون الحفاظ على شباك نظيفة    حسام البدرى: من الوارد تواجد أفشة مع أهلى طرابلس.. والعميد يحظى بدعم كبير    الأهلى يوافق على عرض إشتوريل برايا البرتغالى لضم محمد هيثم    الأمر سيصعب على برشلونة؟ مدرب جوادلاخارا: عشب ملعبنا ليس الأفضل    هل الزيادة في الشراء بالتقسيط تُعد فائدة ربوية؟.. "الإفتاء" تُجيب    الإدارية العليا ترفض الطعون المقدمة في بطلان الدوائر الانتخابية في قنا    اللمسة «الخبيثة» | «لا للتحرش.. بيئة مدرسية آمنة» حملات توعية بالإسكندرية    كيف أرشد الإسلام لأهمية اختيار الصديق؟ الأزهر للفتوي يوضح    وزير التعليم: تطوير شامل للمناهج من رياض الأطفال حتى الصف الثاني الثانوي    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 15-12-2025 في محافظة قنا    الأزهر يدين الهجوم الإرهابي الذي استهدف تجمعًا لأستراليين يهود ويؤكد رفضه الكامل لاستهداف المدنيين    حُسن الخاتمة.. مفتش تموين يلقى ربه ساجدًا في صلاة العشاء بالإسماعيلية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عيش وملح ودم

حين تقرر أن تغضب للدماء المغدورة، فتذكر أن المستهدف هو أن تغضب، ليكون الغضب حطب نيران تطهو الأفكار فتحيلها قنابل تسهم في اتساع دوائر النار. وحين تتسع دوائر النار يكون قطار الإرهاب قد بدأ يتحرك صوب محطات الفزع، حيث الأوطان أثرٌ بعد عين، والمواطنون الذين كانوا إخوة، قد استحالوا فِرَقاً، يقتل بعضهم بعضاً، والشرق الأوسط القديم يصير شرق أوسط جديداً يباركه النظام العالمي وفوضاه الخلاقه!.
وحين تقرر أن تتألم وجعاً لمشاهد الدماء التي روت صحراء المنيا ليلة وقفة (رمضان)، فتذكر أن الوجع دليل عافية من إدمان مشاهد الدماء المسفوحة بفعل نصال وحوش العالم الجديد، الذين يتبادلون الأدوار على أعتاب انتظاره، فريق يجز الرقاب أو يفجر الرءوس، وفريق يُسَوِق المشاهد، لفريق يستنكر ويشجب، وفريق يوصينا بضبط النفس حتى تنتهي ساعات المخاض وعندها يولد (العالم الجديد) حيث حدود جديدة وأنظمة وليدة وتحالفات فريدة.
وحين تفزع لمناظر الجثامين المرمية في صحراء طريق دير الأنبا (صموائيل) فتصرخ (بأي ذنب قتلت؟)، عليك أن تراجع نفسك قبل استخدام النص، حتى لا يصدمك مدعي تدين قائلاً (كيف تسقط النص القرآني على غير المسلمين؟)، وحتى لا يهاجمك مدعي عَلْمَنَة وتَحَضُر صارخاً (إن النصوص التي تتساءل عن ذريعة القتل هي نفسها التي تسوغ القتل؟)، وحتى لا ينقسم متابعوك في فضاء التواصل الاجتماعي إلى فريقين يتبادلان الصدام والاتهام ما بين مُدَّعٍ لتدين ومُدَّعٍ لتحضر، وكلاهما لا يعنيه حادث أو دماء أو أرواح غادرتنا، قدر ما يعنيه عدد ال (Comment Share-Like)!
وحين تقرر أن تتفكر في حادث زوار دير الأنبا (صموائيل)، فعليك أن تثبت للدنيا أنك تمتلك من مفاتح الحكمة ما لم يملكه غيرك أو يسبقك إليه بشر، وبالتالي كن الخبير الأمني والمحلل الاستراتيجي والمتخصص في شئون الإرهاب والمهتم بقضايا الأقليات والحائز على كأس العالم في العدو وراء الحقائق والاستخواذ على الوثائق، وانشر مقاطع حصرية لشهادات الأطفال الفَزِعَة، ولسقطات الأمهات الثكلى، ولانفعالات القلوب المكلومة، وحبذا لو كانت صورتك السلفي في خلفيتها أحد النعوش، أو جموع من الوجوه التي تصرخ وتستغيث، إن هكذا تفكر في الحادث بالتأكيد سيضمن لمنتجه أن يبيع ولإنتاجك أن ينتشر ولا تشغل بالاً بوطن مستهدف أو بفوضى تنتقل جراثيمها عبر أداءاتك المختلفة، المهم أنك ستكون حاضراً في مشهد الخبراء الإخصائيين والمتفردين!.
وحين تقرر أن تكون شريكاً في مشهد القتل، فكل ما عليك فعله أن تجعل صورة بروفايلك (مرسي أردوغان تميم رابعة سيفين ومصحف مكملين أسامه بن لادن أبو بكر البغدادي علم داعش محمد كمال حسن البنا ضد الانقلاب)، أو أبدع في اختياراتك وابدأ التنظير (النصارى عزلوا الرئيس الشرعي الكنيسة شاركت في الانقلاب إنها لعنة الدماء التي ستصيب الجميع ذهل أنقذتكم الطوارئ ..) وهكذا سيرتدي شيطانك ثوب الواعظ المؤمن صاحب القضية، وسيحيلك التنظيم إلى قاتل مستنعج قادر على أن يشارك في جرم القاتل بتهيئة أجواء الدماء، وتجييش مشاعر الكراهية الحيوانية، وتعميم ثقافة الاستحمار انتحاراً!
وحين تقرر أن تكون مخَطِطًا للقتل، فعليك أن تكون قياديًا في تنظيم يختزل الإسلام (مشروعاً)، أو إعلاميًا يرفع الإسلام راية (سبوبة)، أو سياسيًا يهرب من وطنه ليجوب العالم لاعناً الوطن وأهله لأنهم لم يسمحوا له بأن يبلغ حلم تمكينه ويصبح من سدنة (الخلافة) بما لا يخالف شرع الله، وفي الحالات جميعاً ستعلن أنك سلمي الوسائل والمشروع وإن كنت تؤمن بأن (الجهاد سبيلك والموت في سبيل الله أسمى أمانيك) وسيؤمن على تصريحك مجلس العموم البريطاني ومعه الكونجرس الأمريكاني، لكنهم لن يفوتهم كلما اجتث إرهابك مصريين مسيحيين في الطريق إلى دير أو داخل كنيسة أن ينكسوا أعلامهم حداداً على ضحايا الإرهاب الأسود ويطالبوا بتهجير المسيحيين أو حمايتهم دولياً.
وحين تقرر أن تكون مصرياً، فعليك أن تعيد النظر في كل مكونات مشهد الواقع، لتكتشف أن هذا الوطن القديم الذي تنتمي إليه، إنما استمد قِدَمَه من دماء عتقت عروق الارتباط به، فتعاقبت الهويات على أجياله مكونة منمنمات الإنسان المصري، العارف لربه فرعونياً ورومانياً ويونانياً ومسيحياً وإسلامياً سنياً فشيعياً ثم سنياً، إنها هوية وطن يحيلها الإيمان طاقة حضارة وعلم حضور على خريطة الإنسانية.
وإذا ما تقرر أن نكون مصريين، فعلينا البحث عن ذلك الإنسان الذي كناه، حيث إنه الوحيد القادر على مواجهة الوحش الذي يستهدف النظام العالمي أن نكونه، والإنسان المصري القديم يمتلك مقدساً في وعيه مؤهلاً لأن يكون في الوعي العام قَسَمْ عنوانه (العيش والملح)، وجامعه (المودة) رحماً يربط المصريين ببعضهم حين يتحلقون حول (طبلية الوطن) يأكلون مُرَّهُ شهداً ما دام عهد (العيش والملح) باقيا، وهذا هو المستهدف الذي يصوب نحوه كل العدا سهامهم، فليست القضية استهداف المسيحي المصري أو المسلم، وإنما إسقاط الوطن بعد نقض عهد (العيش والملح).
نزف للخلد شهداء الغدر، على الثغور في سيناء أو بساحات الرباط، وعلى أعتاب الكنائس أو أبواب المساجد، تسيل دماؤهم الزكية لتخبز عيشاً وطنياً مقدساً يحيل طعام المواطنة عهد صمود، يلزم الرعاة بحسن الإعداد والرعاية، ويحتم على الرعية اليقين بوطن، به نكون لا بغيره، وإن فرطنا يكون بغيرنا.
لمزيد من مقالات عبد الجليل الشرنوبى;


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.